السبت 27/أبريل/2024

الصندوق القومي الفلسطيني.. بين الهيمنة والفساد

الصندوق القومي الفلسطيني.. بين الهيمنة والفساد

السؤال عن دور وسلامة مؤسسة الصندوق القومي الفلسطيني تجربة أمّارة بالشك، فلا رقيب ولا حسيب على مئات ملايين الدولارات أين استقر بها المقام!

يعد الصندوق القومي الفلسطيني الدائرة المالية والإدارية والرقابية لمنظمة التحرير الفلسطينية، تأسس عام 1964 مع تأسيس المنظمة، ويتألف مجلس إدارته من 15 عضوًا كحد أدنى، و20 عضوًا كحد أقصى، تعينهم اللجنة التنفيذية.

منذ سنوات طوال لم يفكّ أحدٌ تروس أحجية الصندوق القومي الفلسطيني الذي باتت أمواله في زاوية معتمة تهيمن عليها رئاسة السلطة الفلسطينية.

انتقاد الجبهة الشعبية حول حرمانها من مال الصندوق القومي لأكثر من ثلاث سنوات ليس صيحة استفاقة؛ فقد بات السؤال عن سياسة العمل في الصندوق الهارب من عدالة الرقابة دون مجيب.

يترأس الصندوق القومي الفلسطيني الآن رمزي خوري، وهو كادر سياسي من حركة فتح أدار سابقاً مكتب الرئيس عرفات، وجرى تعيينه مديرا للصندوق عام 2005م.

رغم ما قيل عن ضعف وفساد الصندوق القومي إلا أن تأسيس السلطة الفلسطينية بعد أوسلوعام 1994، رافقه تعقيدات تمويلية وإدارية وتنفيذية عطلت أعمال مجلس إدارة الصندوق؛ ما انعكس ذلك على الصندوق أداءً وتمويلاً، وسط تداخل العمل بين الحكومة ودوائر المنظمة.

دعم وطني

تعيش مؤسسة الصندوق القومي تناقضاً قطبياً فالهدف من إقامته كان دعم فصائل العمل الوطني الفلسطيني وأسر الشهداء والأسرى والجرحى حتى انحرف به المسار ليصبح سيفاً مسلّطاً ومسيّساً على رقبة من يخالف رئاسة السلطة.

ونصّت المادة 26 من الميثاق الوطني الفلسطيني على مسؤولية مُنظّمة التَّحرير الفلسطينيّة عن نضال ومقاومة الشعب حتى التحرير وتقرير المصير، وحدد النظام الأساسي للمنظمة في المادتين 24 و25 دور الصندوق القومي وعمله، باعتباره المسؤول عن موارد المنظمة وتنميتها وتمويل أجهزتها.

وتهيمن رئاسة السلطة الفلسطينية ممثلة برئيسها محمود عباس على قرارات الصندوق الذي لا يقدم تقريره المالي والإداري أمام المجلس الوطني الفلسطيني كل عامين حسب القانون.

ويؤكد طلال أبو ظريفة، عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية، أن الصندوق القومي تشكّل في بدايته بقرار من المجلس الوطني الفلسطيني على أن ينتخب رئيسه من شخصية مستقلة، ويخضع لرقابة ومحاسبة المجلس الوطني.

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “من قديم هناك عائدات من تبرعات وخصومات من أبناء شعبنا الفلسطيني في جاليات الخارج تضاف للصندوق لتأمين عمل فصائل فلسطينية حتى لا تكون خاضعة لطرف خارجي بمعنى الاعتماد على الذات”.

وكان جميل مزهر، عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية، رفض حرمان جبهته من أموال المنظمة، لسنوات موضحاً: “لا يحق لأيٍّ كان أن يمنع عن الجبهة حقوقها، فهي فصيل أساسي ورئيس، ومؤسس في منظمة التحرير الفلسطينية والصندوق القومي”.

وأصدرت الجبهة الشعبية والديمقراطية لتحرير فلسطين وحزب الشعب الفلسطيني قبل أيام بياناً مشتركاً، انتقدت فيه وقف الصندوق القومي التابع للمنظمة صرف مخصصاتها المالية منذ أربعة أشهر.

وتتقاضى أسر الشهداء والجرحى والأسرى الفلسطينيين مخصصات مالية من الصندوق القومي الفلسطيني، لكنّ التحوّل في مسار منظمة التحرير الفلسطينية السياسي بعد اتفاق أوسلو وحالات الفساد قبل عملية التسوية تدحرجت ليصبح الصندوق مؤسسة مبهمة المعالم والأداء.

مرّ الصندوق القومي بعدة انتكاسات أهمها عدم شفافية ماله أين يذهب، وفي الأعوام الستة الأخيرة زاد تأثير رئاسة السلطة الفلسطينية عليه ليصبح ورقة تأثير بيدها على فصائل فلسطينية أولها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

ويقول فايز أبو شمالة -المحلل السياسي-: إن الهدف الأساسي من وجود الصندوق القومي الفلسطيني كان دعم مقاومة الشعب في مرحلة التحرر، وتعزيز صمود أسر الجرحى والشهداء والأسرى أمام عدوان الاحتلال.

ويتابع لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “في السنوات الأخيرة تحوّل من داعم للمقاومة إلى صندوق تحت إمرة من ليس لهم علاقة بمواجهة الاحتلال، وتحت تصرّف من يتبنى التنسيق الأمني، فخرج عن مغزاه الحقيقي”.

مال وفساد

الوصفة الناجعة للتأثير على مواقف أي جهة فلسطينية تبدأ بالضغط من نافذة التمويل، وقد جرى ذلك مراراً من رئاسة السلطة الفلسطينية على قادة وكوادر سياسية خالفت السلطة في كثير من مواقفها خلال إخفاق عملية التسوية.

بين الكسب غير المشروع والفساد المالي والإداري قفزت للسطح كثير من الأسماء خلال عمر السلطة الفلسطينية التي أذابت جوهر عمل منظمة التحرير في أتونها.

وكان “خالد سلام”، مستشار الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ومدير صندوق الاستثمار في منظمة التحرير الفلسطينية حتى عام 2005، وقد اتهم في أيار 2012 بالفساد وبنهب ملايين الدولارات، ما دعا السلطة الفلسطينية لإصدار مذكرة اعتقال دولية في حقه.

تحمل رئاسة السلطة عصا غليظة تلوّح بها أمام أي مخالف لمواقفها السياسية رغم تواصل الانقسام وانسداد أفق التسوية مراكمةً مزيداً من الفشل والهيمنة على القرار.

ويرى طلال أبو ظريفة، عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية،  أن رئاسة السلطة باتت تستخدم المال العام للتأثير على مواقف قوى فلسطينية في الشأن الداخلي والسياسي.

ويتابع: “انتقاد ما يجرى في الصندوق القومي ليس من أجل صرف مستحقات فقط؛ بل الهدف تصويب مسار مؤسسات وطنية فلسطينية حتى لا تخضع للهيمنة والمراسيم الفردية”. 

قديماً نجح الصندوق القومي في مساندة الانتفاضة عام 1987 داخل الأراضي المحتلة من خلال رعاية أسر الشهداء والجرحى بالتعاون مع مؤسسات فلسطينية في دول الجوار.

ويربط فايز أبو شمالة، المحلل السياسي، بين نمو الفساد المالي والإداري في أي مؤسسة سياسية مع أدائها السياسي، مشيراً أن ما يجرى في الصندوق القومي للمنظمة مرتبط بفشل السلطة الفلسطينية السياسي.

وبما أن إدارة الصندوق القومي بتفاصيلها كاملة هي الجهة الرقابية الفعلية على العمل والأداء فسيبقى الصندوق القومي مخزن أسرار رئاسة السلطة الفلسطينية إلى حين إصلاح المؤسسات الوطنية وعلى رأسها المجلس الوطني الفلسطيني.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

شهيدان باشتباك مع الاحتلال غربي جنين

شهيدان باشتباك مع الاحتلال غربي جنين

جنين - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد شابان وأصيب آخران، فجر اليوم السبت، برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، قرب حاجز "سالم" العسكري غربي مدينة جنين،...