الإثنين 29/أبريل/2024

من مخيم اليرموك في دمشق إلى ليون الفرنسية.. قصص لجوء فلسطينية

من مخيم اليرموك في دمشق إلى ليون الفرنسية.. قصص لجوء فلسطينية

في مدينة ليون الفرنسية، حطت اللاجئة الفلسطينية سماح أبو سويد رحالها أخيرا، بعد رحلة طويلة، هربا من المعارك التي كانت تدور آنذاك، في مخيم اليرموك، جنوبي العاصمة السورية دمشق، بحثا عن أمان لروحها وعائلتها.

تسترجع “سماح” في حديثها لـ”قدس برس”، ذكرياتها في حي الجاعونة بمخيم اليرموك، وتقول: “كنا نعيش حياة هانئة هادئة، وكان زوجي يعمل في شركة سيارات، ورزقني الله بطفلين، إلا أن أحدهما أصيب بإعاقة نتيجة خطأ طبي”.

وتضيف: “مع بداية الأحداث في اليرموك، ووصول المعارك إلى أطراف المخيم عام 2012، بدأ الناس ينزحون إلى ضواحي دمشق، حاولنا التشبث في مخيمنا حتى آخر رمق، على أمل أن يتم تحييده، حتى جاء اليوم الذي غير كل شيء في حياتنا وقراراتنا”.

وتتابع: “لن أنسى ذلك اليوم، عندما سقطت قذيفة على حيينا، وأصيب أخي (علاء) بجراح بالغة، وعندما تجمهر الناس لإنقاذه، سقطت قذيفة أخرى واستشهد إثرها 29 فلسطينيا من جيراننا وأصدقائنا”.

“في تلك اللحظة المفصلية، قررت سماح وزوجها الرحيل خارج البلاد، وتحديدا نحو مخيم عين الحلوة في لبنان، حيث يقيم هناك أقارب لزوجها”، وفق حديثها لـ”قدس برس”.

تضيف: “تمكنت من إقناع زوجي بالسفر إلى أوروبا لعلاج ابننا المعاق، وهربا من ضنك وصعوبات الحياة في مخيم عين الحلوة، وبعد نقاشات ومداولات، استقر الرأي على أن أسافر مع أولادي إلى مصر بالطائرة، عبر مطار دمشق، إذ كانت الأجواء مفتوحة آنذاك بين البلدين، ومنها ننتقل إلى إيطاليا عبر البحر”.

المعاناة في مصر

استقلت “سماح” وطفليها حافلة مع ثلاثين شخصا متوجهين إلى أحد الموانئ في مصر، حيث كانت تنتظرهم الباخرة التي ستقلهم إلى إيطاليا، إلا أن الشرطة المصرية اعتقلت كل من الحافلة.

تقول “سماح”: “اقتادونا إلى معسكر يضم المهاجرين من عدة جنسيات، وتجاوزت فترة الاحتجاز 9 أشهر، كانت صعبة جدا، إذ كانوا يهددوني بالترحيل إلى سوريا، وأنا أبكي وأتوسل إليهم”.

ولا تنسى “سماح” مساهمة أهل صعيد مصر، في تخفيف معاناة اللاجئين، مشيرة إلى أنهم “كانوا يجلبون الطعام، وبكميات كبيرة، ويقدمون أي مساعدة نحتاجها”.

بداية جديدة

وأضافت بعد فترة، التقيت السيدة “غيداء بندقجي”، وهي مسؤولة في المفوضية العامة للاجئين، “ووعدتني أن تعمل على ترحيلي إلى بلد لا أحلم به”، وفق قولها.

تتابع “سماح” حديثها: “عندما أخبروني بأنهم سيرسلوني إلى فرنسا، بدأت اشعر بإنسانيتي، كما لم أشعر بها من قبل، فقد عينوا لي طبيبا مرافقا من أجل ابني المعاق، وأرسلوا له سريرا خاصا، ورافقني الطبيب طيلة الرحلة من القاهرة وحتى باريس”.

“بعد أسبوع، حصلت سماح على أوراق الإقامة، إلا أن أمرا آخر كان يشغلها، وهو لم شملها بزوجها “وليد” المقيم في لبنان، والذي استطاع أخيرا، وبعد 4 أشهر من السفر إلى عائلته، بمساعدة طبيب فرنسي”، وفق قولها.

رزق “وليد” و”سماح”، بثلاثة أبناء في مدينة ليون، يدرسون اليوم في المدارس الفرنسية، ويؤكد الأب أنه “يحرص على تعليم أبنائه اللغة العربية والقرآن الكريم، وسرد حكايات مخيم اليرموك وذكرياته في حارة الجاعونة”، وفق ما أفاد “لـ”قدس برس”.

ويؤكد “وليد”: “بدأنا بالتأقلم في حياتنا الجديدة في ليون، وهناك شوارع في المدينة شديدة الشبه بشوارع دمشق ببساطتها وهدوئها، وكلما فاض الحنين، خرجنا لنتمشى في هذه الطرقات”.

أين يتوزع الفلسطينيون في فرنسا؟

في حديثها لـ”قدس برس” توضح الناشطة الفلسطينية فاطمة جابر، أن عدد الفلسطينيين القادمين من سوريا إلى فرنسا هو الأقل، مقارنة بأعدادهم في بقية دول الاتحاد الأوروبي، مشيرة إلى أنهم لا يتجاوزون 15 إلى 20 ألف فقط.

ونوهت إلى أن “أغلب العائلات التي اختارت فرنسا، كان بسبب اللغة التي تلقوها في المدارس السورية، إذ كان الطالب يختار بين اللغة الفرنسية والإنجليزية”.

وأشارت إلى أن الفلسطينيين يتوزعون بفرنسا في مدن مرسيليا وتولوز وبوردو، وبالنسبة لطلاب الجامعة فهم يقيمون في باريس.

وذكرت أن السلطات الفرنسية تحاول توطين القادمين الجدد في الأرياف، لتخفيف الضغط على المدن.

واختتمت: “معظم الفلسطينيين في فرنسا على اختلاف توجهاتهم، يحرصون على المشاركة في المناسبات الوطنية الفلسطينية”.  

ويعدّ “اليرموك” من أكبر المخيمات الفلسطينية في سورية، ويقع على بعد ثمانية كيلومترات جنوب مركز العاصمة دمشق، غير أنه تعرض للتدمير؛ ما أدى إلى تهجير أبنائه كافة، باستثناء عدد محدود.

وتقدر مساحة المخيم بنحو كيلومترين مربعين، ويكتسب أهمية إستراتيجية من خلال موقعه الجغرافي، حيث يحده شمالا حيَّا الميدان والشاغور، ومن الشرق يشرف على امتداده حي التضامن، ومن الجنوب الحجر الأسود، وحي القدم غربا.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات