الجمعة 03/مايو/2024

غارقة في وحل التطبيع.. البحرين رابع دولة عربية تقيم علاقات مع الاحتلال

غارقة في وحل التطبيع.. البحرين رابع دولة عربية تقيم علاقات مع الاحتلال

المحظور عربيًّا والمرفوض شعبيًّا، أضحى قابلاً للتطويع في زمن التطبيع العربي مع “إسرائيل” في عهد ضعف السياسة العربية في المشهد الإقليمي الذي أقحم الشاذّ لقاطرة المواقف التاريخية.

وتُعدُّ البحرين رابع دولة عربية تقيم علاقات دبلوماسية كاملة مع “إسرائيل” بعد مصر والأردن والإمارات العربية؛ الأمر الذي يشكل اختراقاً سلبيًّا جديداً للموقف العربي التاريخي من القضية الفلسطينية.

والتقى السفير البحريني لدى “تل أبيب” خالد الجلاهمة قبل يومين وزير الخارجية الإسرائيلي “يائير لبيد “، وفي ذات اليوم أعلنت “إسرائيل” تعيين أول سفير لها بالمنامة بعد تطبيع العلاقات بين الدولتين عام 2020م.

وسلم الجلاهمة نسخة من أوراق اعتماده إلى وزير الخارجية الإسرائيلي حسب البروتوكول المعمول به، بينما أعلنت  “إسرائيل”  تعيين أول سفير لدى البحرين، وفقا حسب تصريح للحكومة الإسرائيلية باللغة العربية على موقع “تويتر”.

وفي ضوء تراجع دور مصر السياسي في الإقليم، وغياب كل من العراق وسوريا، برز دور دول وممالك عربية صغيرة في صياغة المشهد الإقليمي عقب ثورات الربيع العربي 2011م، الأمر الذي تستفيد منه “إسرائيل” حليفة الولايات المتحدة الأولى في المنطقة.

تقارب مع “إسرائيل”

يكتمل نصاب الجوقة السياسية في ملف التطبيع العربي خطوة تلو أخرى مع اختراق المواقف العربية التي سجلت تاريخيًّا موقفاً رافضاً لشرعية الاحتلال، موقفاً رفضت الحكومات وأيدته الشعوب العربية.

وكانت المنامة وقعت مع “إسرائيل” اتفاق التطبيع عام 2020م، بعد مباحثات أجراها وفد إسرائيلي وأميركي مشترك، بينما استضافت المنامة مؤتمراً للسلام الاقتصادي يونيو 2019 برعاية أمريكية لتشجيع الاستثمار في الأراضي الفلسطينية كأحد مخرجات “صفقة القرن”.

ورغم أن أبجديات العلاقات الدولية تنص على، “لا عداء دائم ولا سلام دائم، ولكن هناك مصالح دائمة” إلا أن الموقف السياسي العربي من قضية فلسطين شكل محطة ثابتة في تاريخ الصراع مع “إسرائيل” منذ النكبة.

ويؤكد طلال عوكل، المحلل السياسي، أن إقامة البحرين علاقات دبلوماسية كاملة مع “إسرائيل” يُعدُّ متابعة لبدايات خاطئة حين بدأت البحرين عملية تطبيع واسعة مع “إسرائيل”.

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “البحرين دولة غير مؤثرة على المستوى السياسي الإقليمي، وما يجري انهيار للقيم العربية التي تخترقها إسرائيل من خلال نجاحها في تطبيع العلاقات مع دول عربية”.

وتسمح إقامة علاقات دبلوماسية كاملة  بين دولتين تبادل للسفراء وإبرام اتفاقيات اقتصادية وسياسية وعسكرية وأمنية، وهو في مشهد التطبيع يخدم “إسرائيل” على طريق تشريع وجودها ككيان محتل أكثر من أي دولة عربية. 

ويلفت تيسير محيسن، المحلل السياسي، إلى خطورة الوتيرة المتسارعة في تقدم العلاقات السياسية بين دول عربية و”إسرائيل” تشارك فيها الآن البحرين بعد الإمارات العربية المتحدة.

ويتابع لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “لا يوجد مصلحة عربية في علاقات دبلوماسية كاملة بين البحرين وإسرائيل، بل هو شكل تعاون وانفتاح شامل وكامل بين دولة عربية وإسرائيل يمكنهما من صياغة أشكال عديدة من الاتفاقيات”.

الجنوح العربي لعدد من دول الخليج نحو “إسرائيل” جرى في السنوات الأخيرة تناغماً مع ما تسوقه “إسرائيل” والولايات المتحدة الأمريكية حول خطر الدور الإيراني في الإقليم، وخشية أنظمة عربية من غياب الدعم الأمريكي لها أسوةً بتخلي أمريكا عن نظام الرئيس المصري الراحل حسني مبارك عام 2011م.

ذرائع قديمة

لم يكن التطبيع العربي مع “إسرائيل” وليد لحظة عابرة فقد أخفت دولاً عربية علاقات سياسية واقتصادية غير مباشرة مع “إسرائيل” وشرعت دول عربية من دول الطوق في إقامة علاقات دبلوماسية بعد سنوات من الصراع. 

وعقدت منظمة التحرير الفلسطينية اتفاق “أوسلو” مع “إسرائيل” خلال إطلاق عملية التسوية عام 1993م بعد أن سبقتها مصر بتوقيع اتفاق “كامب ديفيد” 1978م، ولاحقاً اتفاق وادي عربا مع الأردن عام 1994م.

ويبدى المحلل عوكل استغرابه من موقف البحرين كدولة تتمتع بتنوع طائفي، وشهدت انتفاضات واحتجاجات عديدة في الربيع العربي، متسائلاً عن جدوى إقامة علاقات دبلوماسية مع “إسرائيل” طلباً للدعم أو حماية ممرات النفط.

وشهدت عواصم عربية لدول أقامت اتفاقيات تطبيع وعلاقات دبلوماسية مع “إسرائيل” خلال العامين الماضيين مثل المغرب والسودان والبحرين والإمارات، احتجاجات شعبية رافضة لتشريع وجود “إسرائيل”.

وظهرت أنظمة وحكومات عربية مضت في قطار التطبيع بعيدة عن مواقف شعوبها ومؤسساتها التي دعمت القضية الفلسطينية منذ وقوع نكبة فلسطين عام 1948م.

وتتذرع أنظمة عربية باستمرار الانقسام الفلسطيني، وغياب وحدة الموقف الفلسطيني، كنافذة تبرير لنسج علاقات مع “إسرائيل” التي تحرص الولايات المتحدة الأمريكية على تسييدها قوية وآمنة في الشرق الأوسط.

ويرى المحلل عوكل، أن موقف البحرين الجديد،يعبر عن حالة تبعية لا تراعي المصلحة الوطنية والبعد القومي، بينما سجلت السلطة الفلسطينية والفصائل الفلسطينية موقفاً رافضاً افتقد لآليات عمل.

ويتابع: “الرفض الفلسطيني سلطة وفصائل رفض التطبيع دون ردود فعل مناسبة سياسيًّا، والمطلوب تعطيل المسا دون قطع العلاقات مع أي دولة مطبعة لأن العرب أمة واحدة مصيرهم وأمنهم مشترك”.

تشريع الوجود الإسرائيلي في عواصم خليجية يوفر نقطة انطلاق للعمل الأمني الإسرائيلي ضد إيران التي دأبت حكومات “إسرائيل” طوال عقدين ترويج خطرها على الخليج العربي.

وينتقد المحلل محيسن إبرام منظمة التحرير الفلسطينية لاتفاق “أوسلو” الذي تجاوز البعد الوطني الفلسطيني وموقف شعب فلسطين الأصيل وهي تعترف بدولة “إسرائيل” دون إجماع شعبي ووطني.

وحصلت “إسرائيل” على اعتراف فلسطيني بوجودها دون أن تعترف أو تفي بأي من حقوق وثوابت الفلسطينيين التي أيدتها كثير من قرارات الشرعية الدولية.

ويضيف محيسن: “استفادت إسرائيل من اعتراف السلطة، وفككت مكونات الموقف الفلسطيني لتصل إلى مرحلة تطبيع وإقامة علاقات علنية مع دول عربية، وهذا إنجاز استراتيجي لإسرائيل تخطى كل المواقف العربية التاريخية”.

ما يجري الآن بين البحرين و”إسرائيل” تعجز السلطة عن ممارسة اللوم فيه، فقد شكل اعترافها المسبق بشرعية وجود “إسرائيل” تربةً حاضنة لميلاد تطبيع عربي الآن مع “إسرائيل”.

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

عدنان البرش.. الطبيب الإنسان

عدنان البرش.. الطبيب الإنسان

غزة – المركز الفلسطيني للإعلاملم يترك الدكتور عدنان البرش (50 عامًا) مكانه ومهمته في إنقاذ جرحى حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية بغزة، حتى اعتقاله...