الجمعة 03/مايو/2024

عصام الأشقر.. القائد المجهول

عصام الأشقر.. القائد المجهول

بعد رحلة حافلة بالعلم والجهاد والتضحيات، رحل القائد العالم عصام الأشقر متأثرًا بإصابته بفيروس كورونا.

وتوفي القيادي في حركة حماس البروفيسور الفيزيائي عصام الأشقر -من مدينة نابلس- الجمعة، متأثرًا بإصابته بفيروس كورونا، بعد معاناة مع المرض لـ 6 أشهر.

وفي بيانٍ لها، نعت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” القائد عصام الأشقر “أبو مجاهد”، الذي وصفته بأنه أحد قادتها، مستذكرة حياة حافلة بالعطاء والعلم والجهاد والدعوة إلى الله، والعمل التنظيمي الذي بقي الدكتور عصام أحد رواده حتى رحيله.

وأكدت أنه بقي عنوانا للعالم المجاهد الذي عمل من أجل فلسطين في حله وترحاله، وفي غربته وداخل الوطن.

المسيرة العلمية
في قرية صيدا بطولركم، ولد عصام راشد حسن الأشقر عام 1958، وأنهي دراسة الثانوية في عتيل-طولكرم عام 1977، وحصل على درجة البكالوريوس في الفيزياء من جامعة اليرموك –اربد الأردن في عام 1980، وله ستة من الأبناء، (خمسة ذكور وبنت واحدة).

حصل درجة الماجستير في الفيزياء من الجامعة الأردنية في عام 1982م كما حصل على منحة مساعد بحث وتدريس من الجامعة الأردنية، وعُين في قسم الفيزياء في العام نفسه.

حصل على درجة الدكتوراه في الفيزياء من جامعة اهايو- من ولاية اهايو من امريكا عام 1990م، وقد حصل من منحة بحث وتدريس طول مدة دراسة الدكتوراة.

وعمل في قسم الفيزياء في جامعة النجاح ابتداءً من 1990م عضوَ هيئة تدريس، وشغل رئيس قسم الفيزياء من 2000-2001م . وحصل د. عصام علي منحة بقيمة 20000 دولار لشراء أجهزة بحثية من اتحاد الجامعات العربية عام 1999م.

وقد حاز على رتبة أستاذ مشارك عام 1998م وأشرف على العديد من طلبة الماجستير والدكتوراه، وحصل على رتبة أستاذ عام 2005.

تمكن الأشقر خلال مسيرته الأكاديمية من نشر 136 بحثاً علمياً محكمًا في مجلات علمية عالمية في الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وبريطانيا، وعمل محكِّما للعديد من المجلات العلمية.

صدر له عدد من الكتب منها كتاب “دعاء المسلم” باللغة الإنجليزية عام 1989، وكتابان حول منهاج تعليم الفيزياء للمستوى الأول والمستوى الثاني لطلبة الفيزياء في جامعة النجاح عام 1995، وكتاب الفيزياء الرياضية المخصص لطلبة مستوى الماجستير في الجامعات الفلسطينية.

مسيرة المقاومة والجهاد
المسيرة العلمية المميزة للراحل، لم تمنعه أو تعُقه عن الانخراط في الهم الوطني ومسيرة الجهاد؛ فقد تأثر الأشقر وتبنى الفكر الإسلامي في سنوات شبابه المبكر، ونشط دعويًّا واجتماعيًّا خلال دراسته للدكتوراه، لينضم للحركة الإسلامية، ومع انطلاق حركة حماس انطوى تحت صفوفها، وكان أحد أبرز مثقفيها وقياداتها.

اعتقله الاحتلال أول مرة عام 1998، تعرض خلالها للتحقيق ثم أفرج عنه بعد شهر، واعتقل مرة أخرى عام 2006 إثر فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية ليقضي في الاعتقال الإداري عامين كاملين.

ثم اعتقل مجددًا عام 2009 إداريًّا عامًا ونصفًا، وأصيب خلاله بحالة اختناق أثناء احتجازه في إحدى الزنازين الضيقة كاد يفقد حياته فيها، وتبين أنه يعاني من ارتفاع في ضغط الدم.

كما اعتقل إداريًّا عام 2016 وقضى عامًا ونصفًا أغلبها في مستشفى سجن الرملة، حيث أصيب بجلطة فقد إثرها الإحساس بيده ورجله اليمنى، ورفض الخضوع لأي عمليات جراحية نتيجة استمرار اعتقاله.

واعتقل الأشقر لدى أجهزة أمن السلطة لأيام، واستدعيت زوجته للتحقيق، وكان وضعه الصحي عاملًا رئيسًا في الإفراج عنه.

ومنع الاحتلال الأشقر من السفر منذ عام 1996 حتى وفاته، ما أثر على مسيرته العلمية.

المساومة على الإبعاد
وخلال مقابلة سابقة، قالت زوجته لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: إن سلطات الاحتلال أقدمت على اعتقاله رغم علمها المسبق بوضعه الصحي الذي لا يحتمل ظروف السجون، ودون مراعاة لسنه ومكانته الأكاديمية والعلمية.

وأشارت إلى أنه عانى من عدة أمراض ومشاكل صحية لازمته سنوات، وكان لسجون الاحتلال دور أساسي في إصابته بها، ومن أهم تلك الأمراض ضغط الدم المرتفع، الذي يصل في بعض الأحيان إلى (260/150)، ويؤثر على الأجهزة الدموية لشبكية العينين لديه، ما أدى إلى تدنٍّ ملموس في الرؤية وهُدد بفقدانه لبصره في أحد اعتقالاته.

وعقب الإفراج عنه من اعتقاله الثاني كشف الأشقر أن الاحتلال ساومه على القبول بالإبعاد من فلسطين مقابل الإفراج عنه.

وأوضح في حينه أن “المحكمة الصهيونية العليا” عرضت عليه الإبعاد لثلاث أو خمس سنوات، وتعهدوا له بتوفير كل أجواء الراحة والعمل والمسكن المناسب في دولة يختارها، وعندما أبلغهم رفضه للفكرة من أساسها، انتقموا منه باستمرار تمديد اعتقاله الإداري.

قياديّ صلب

وعدد عضو المكتب السياسي لحركة حماس القيادي حسام بدران، مناقب ومحاسن القيادي الأشقر، قائلاً: “يتحدث الناس عادة عن الجندي المجهول، ووالله أنت مثال القائد المجهول، بحيث لم تكن شخصا معروفا للعامة، ولعلك لم تحضر كثيرا في الإعلام”.

وأَضاف بدران: “لكني أشهد بأنك أحد القيادات الصلبة والمتينة والعميقة في حركتنا المباركة”.

وتابع: “عرفته في بدايات التسعينيات حيث عملنا معا في تولي المسؤولية والإشراف على عمل الكتلة الإسلامية في جامعة النجاح، حيث كانت مرحلة إعادة التأسيس والبناء بعد انقطاع لسنوات أثناء الانتفاضة الأولى، ثم عملنا معا في قيادة الحركة في شمال الضفة”.

وأكد بقوله: “لقد رأيت فيه ميزات ومواصفات قلّ أن تجدها في رجل واحد”.

وذكر بدران أن “أبو مجاهد، المبدع في تخصصه، المميز في علمه، الخلوق اللين بين إخوانه، الصلب القوي في إيمانه والمتمسك بقضيته، والأمين على ثوابته، المليء بالمقاومة فكرا ومنهجا”.

وأردف: “هو المحبّ بشدة وإخلاص لكل المقاومين، فكان يحترمهم ويقدرهم وبعضهم في جيل أولاده، ودخل السجن فكان نعم الرجل الصابر الهادئ رغم أمراضه الكثيرة وآلامه المتعددة، ويحفظ سر دعوته مهما كانت الابتلاءات”.

ووصف بدران القيادي الأشقر: “كان يحب الأقوياء الصامدين، ولا يقبل لمن يضعف أن يتولى المسؤولية من جديد، لأنه يرى المصلحة العامة مقدمة على العواطف والمشاعر، فظل على العهد حتى آخر أيامه لم يغير ولم يبدل”.

العالم المجاهد

وقال الأسير المحرر والأكاديمي في جامعة النجاح الوطنية غسان ذوقان: “العالم الصامت التقي النقي المجاهد، الأخ الحبيب والزميل الرائع والجار الطيب، الذي مثّل النموذج الأروع في البذل والعطاء بصمت بعيدا عن كل الأضواء وعن مغريات الدنيا”.

وأضاف ذوقان: “لم تمنعه مكانته العلمية المرموقة عن بذل كل ما يستطيع لخدمة دينه ووطنه، ولم تثنه عتمات السجون يوما ما عن مواصلة المسير في ركب التضحية والفداء. إنه الحبيب والأسير المحرر وأحد رواد الرعيل الأول من العاملين في جامعة النجاح الوطنية”.

في حين قال الصحفي أحمد البيتاوي: “إذا سألتم عن الطيبة والتواضع والإخلاص وبشاشة الوجه والعمل بصمت والهدوء والفهم والوعي ورجاحة العقل وسعة العلم الشرعي والدنيوي والروحانية العالية والثقة بالله، فذلكم بروفيسور الفيزياء د. عصام الأشقر”.

تاريخ حافل

بدوره قال المرشح عن قائمة القدس موعدنا والناطق باسمها علاء حميدان: “تاريخ حافل بالعلم والعمل والإخلاص والنقاء والتفاني ودماثة الخلق، تشهد به نابلس، وأروقة جامعة النجاح الوطنية، حُقّ للعيون أن تبكيك حبيبنا وأستاذنا دكتور عصام الأشقر، أيها الشهيد الراحل إلى رحمة الله تعالى”.

وقالت النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني منى منصور: إن فلسطين فقدت اليوم عالما فذا ومجاهدا كبيرا بفقدان البروفيسور عصام الأشقر، والذي عرف عنه العمل بإخلاص وصمت.

وأشارت منصور إلى أن كل من عرف البروفيسور الأشقر من أكاديميين وطلبة ومواطنين وجيران وزملاء وأصدقاء وعلماء يشهدون له بصلاحه وجده واجتهاده والتضحية والعمل النقي الخفي.

رجل بألف

وقال النائب فتحي القرعاوي: “بكل الحزن والأسى نحتسب عند الله عز وجل الأخ الفاضل والأسير المحرر البروفيسور عصام الأشقر الذي لقي وجه ربه راضيا مرضيا بإذن الله بعد صراع طويل مع المريض، وإنا إذ نعزي أهله وذويه وأبناء الدعوة الإسلامية بهذا المصاب الجلل لنسأل الله عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته”.

وقال القيادي في حماس وصفي قبها: “لقد اجتمعت آلام القيد وآلام الجسد على دكتورنا الغالي، وسجون الاحتلال وقسوتها ومرارة القيود وآلامها كانت كفيلة بأن تتدهور صحة البروفيسور الأشقر وتتفاقم الأمراض المزمنة التي كانت تحاصر جسده بآلام مستمرة وخطيرة”.

وأضاف قبها: “حق لنا ولدعوتنا ولفلسطيننا أن نرفع الرأس عالياً فخراً وتيهاً بهذه القامة الإسلامية والوطنية والأكاديمية المميزة، عرفته رجلاً، وراحلة من رواحل الدعوة. كم أسرني حبه وتواضعه، هذا الرجل بألف رجل، هذا الرجل ونعم الرجل”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

عدنان البرش.. الطبيب الإنسان

عدنان البرش.. الطبيب الإنسان

غزة – المركز الفلسطيني للإعلاملم يترك الدكتور عدنان البرش (50 عامًا) مكانه ومهمته في إنقاذ جرحى حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية بغزة، حتى اعتقاله...