الإثنين 29/أبريل/2024

مشهد غزة.. الاحتلال يفقد الردع ويخشى فقدان السيطرة

مشهد غزة.. الاحتلال يفقد الردع ويخشى فقدان السيطرة

غزة هي الصداع النصفي الذي ينال من كل حكومة إسرائيلية تقع بين معضلة خيارات العمل غير الحاسمة وبورصة المزايدات الحزبية التي تشتعل هذه المرة أكثر على يد اليمين المتطرف.

ما يكرره الإعلام الإسرائيلي عن عدوان مايو/أيار الماضي من زاوية اتخاذ العظات، أو تضرر قوة الردع ومستقبل تحسنها، يتصل مباشرة بحكومة نفتالي بينيت التي أقصت رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو وفريق يمينه المتشدد بصعوبة لموقع المعارضة.

وفق قاعدة، “يبقى الحال على ما هو عليه”، تعرضت غزة لعدوان 4 مرات من عام 2008-2021م إضافة لجولات تصعيد ساخنة اهتم الاحتلال فيها بإطالة أمد انقسام الفلسطينيين ورفع فاتورة الدمار والضحايا.

وكانت صحيفة “معاريف” تحدثت أمس أن العدوان الأخير لم يكن كافياً لجلب الهدوء، وأن غزة ستواصل تحدي الجيش والحكومة، وأن الجيش بدأ  في استيعاب ذلك.

حدود غزة مضطربة مؤخراً، وقابلة للاشتعال، أكثر لكن ثمّة ملفات أهم إسرائيليًّا وأولها “إيران” تؤجل الانفجار خرج بها “بينيت” للقاء الرئيس الأمريكي “بايدن” الذي يولي صراع الاحتلال والفلسطينيين اهتماماً محدوداً.

حكومة ومعارضة
التجاذبات الحزبية واضحة بامتياز عن الحديث عن ملف غزة منذ انتهاء العدوان ورحيل “نتنياهو” عن قمرة القيادة التي مكث فيها أكثر من 13 عاماً، وهي فترة طويلة تاريخيًّا لم يسبق إليها أحد.

عقب كل جولة تصعيد أو عدوان، تحرر المؤسسة العسكرية والسياسية عن تقييمها لما جرى بالتقسيط، وتتناوب على إلقاء اللوم والمسؤولية في ملف غزة.

وكان عدوان الاحتلال على حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة شرارة عدوان أسفرت فيه الهجمات الصاروخية الإسرائيلية عن استشهاد 232 مدنيا فلسطينيا، منهم 65 طفلا، و39 سيدة، و17 مسنًّا، وتعرضت فيه الأراضي المحتلة خاصة عسقلان لرد عنيف من المقاومة الفلسطينية.

ويؤكد محمد مصلح الخبير في الشؤون الإسرائيلية، أن الإعلام الإسرائيلي الذي يسيطر اليمين على جزء كبير منه، يعكس مشهد الصراع داخل الدولة بين الحكومة والمعارضة.

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “إعلام اليمين يبرز التناقضات في ظل حكومة بينيت في سجال معارضة وحكومة، ويشير أن الأمور بغزة بعد عدوان مايو لم تحسم”.

أهم ما قيل عن عدوان مايو الماضي كان على لسان “أفيغدور ليبرمان” الوزير الحالي في حكومة “بينيت” أنها معركة خاسرة دون أهداف، ومرتبطة بشخص “نتنياهو” فقط.

ويرى اللواء يوسف شرقاوي الخبير العسكري، أن بحثاً معمقاً جرى عقب عدوان مايو تستر فيه الاحتلال على إخفاقاته بعد أن ردت المقاومة بقوة ودقة لأهداف استراتيجية تحولت معها مدينة عسقلان لمدينة أشباح مدمرة.

ويتابع لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “فشلت إسرائيل في تصفية مترو أنفاق المقاومة واستدراجها في مناورة شمال غزة، واستخدام 60-160 طائرة لم توقف الصواريخ، وبقيت غزة حالة معقدة”.

آفاق تصعيد
منذ عدوان تموز 2006م في لبنان، والجدل مشتعل عن ترميم قوة الردع بعد تغييرات جوهرية واضطرارية في “نظرية الأمن الإسرائيلية” القديمة التي قامت على نقل المعركة لأرض الخصم؛ لكنها تلقت قذائف في قلب الكيان.

القول إن الجيش الإسرائيلي يستعد لتصعيد وشيك بغزة لإعادة ترميم قوة الردع محل اختبار غير مضمون النتائج بعد تكرار الإخفاق الميداني والأمني للجيش والأمن الإسرائيلي.

ويشير الخبير مصلح، أن حكومة الاحتلال لم تحقق إنجازات في ملف الردع،  وأنها لا تميل حاليًّا لشن حرب، وأن حقيقة الأمر أن القيادة الإسرائيلية تحاول تهميش ملف غزة وترحيل أزماتها.

ولا يزال “بينيت” رئيس حكومة الاحتلال في زيارة لأمريكا التقى فيها الرئيس جو بايدن دون طرح ملف غزة، مع اهتمام مشترك بينهما في ملف إيران النووي.

وتتقاطع أطراف عربية مع أهداف الكيان في محاولة تفريغ إنجاز المقاومة في عدوان مايو الماضي. لذا فهم يغرقون غزة في مزيد من الأزمات، ويرفعون كلفة الخسارة اليومية لحياتها الاقتصادية والاجتماعية.

ويشير الخبير شرقاوي، أن الاحتلال شكل 19 لجنة لتقييم مخرجات عدوان مايو الماضي،وأن أي جولة عدوان بغزة مرتبطة بجبهة جنوب لبنان عن قرب وإيران عن بعد.

ويتابع: “إسرائيل غير قادرة على حسم ملف غزة أو جنوب لبنان، ولن تضرب إيران إلا بإضعافهما، وإذا ضربت طهران ممكن تتغير المعادلة بغزة”.

منذ أسبوع تشهد حدود غزة احتجاجات شعبية تحاول سلطات الاحتلال امتصاص مآلاتها بغارات ليلية، واتباع أسلوب النيران المقيدة والمحسوبة لنزع فتيل انفجار قصير يخمد حيناً ويشتعل حيناً آخر.

ويميل الاحتلال لاتباع أسلوب غير مكلف للتعامل مع معضلة غزة التي تراوح بين الهدوء الحذر والتصعيد الوشيك بين ليلة وضحاها.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات