الجمعة 26/أبريل/2024

عيد الأضحى في مخيم شاتيلا ..الحرارة مرتفعة والكهرباء مقطوعة

عيد الأضحى في مخيم شاتيلا ..الحرارة مرتفعة والكهرباء مقطوعة

لا يزال مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين، الواقع جنوب مدينة بيروت، عنوانًا للصمود والمقاومة، بعد أن كان سابقًا، مقرًّا لقيادة الثورة الفلسطينية، وبقي صامدا في وجه التحديات التي ألمّت به.

هذا المخيم الذي يسكنه حوالي عشرة آلاف نسمة، يعيشون في ظروف صعبة، وبسبب قربه من العاصمة بيروت، أقامت قيادة الثورة فيه وبالتحديد في “الفاكهاني”؛ ليتحول المخيم إلى رمز من رموز الثورة، فصمد أبناؤه وواجهوا القصف الإسرائيلي، واعتداءات الميليشيات التي حاربت الفلسطينيين، حتى ارتكب فيه الاحتلال مجزرة صبرا وشاتيلا عام 1982، وراح ضحيتَها المئات.

اليوم، تحول المخيم إلى مكان غير صالح للعيش البشري؛ بسبب كثافة المنازل التي اضطر الفلسطينيون لإقامتها عموديا بسبب عدم القدرة على التمدد الأفقي؛ نظرا لمساحة المخيم المحدودة والضيقة، والتي تنحصر في مربعٍ ضلعه أقل من 250 مترا مربعا.

حال المخيم يختلف عن الأحياء المجاورة له؛ فالشمس لا تدخله، والتهوية مفقودة، والرطوبة خانقة، والأزقة مظلمة في منتصف النهار، وحين تدخل المخيم ظهرًا من الجهة الشمالية، تكون الحرارة مرتفعة جدا، في صيف تموز/يوليو اللاهب، والتيار الكهربائي مقطوعًا، ومولدات الكهرباء الخاصة متوقفة عن العمل بسبب عدم توفر الوقود في الأسواق؛ ما حوّل منازل المخيم إلى أفران مع انعدام التهوية وانطفاء الكهرباء.

عندما تجلس مع شباب من المخيم وتحادثهم، فالنقاش يدور عن فقدان الدواء، والارتفاع الهائل في أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية.

لا مظاهر للعيد
لا مظاهر لعيد الأضحى في المخيم، فقط مجموعة من الأطفال يتجولون على دراجات نارية في مجموعات بصحبة الأغاني.

كيف يعيش الناس؟ تساؤل يجيبك شباب من أبناء المخيم، ظلوا يعيشون فيه رغم الظروف الصعبة، بالقول: “أهالي المخيم يساعدون بعضهم، هناك من يوفر الدواء، وهناك من يتبرع بالغذاء، وآخرون يصلهم دعم من أقاربهم من الخارج، وهناك من يوزع الطعام الساخن والخبز”.

وعندما تنظر حولك، تجد شبابًا وشابات، قد تطوعوا خلال أيام العيد لتوفير لحوم الأضاحي للأهالي، وعندما تسأل مستفسرا: هل استفاد كل الأهالي؟ يأتيك الجواب: “نعم، في اليوم الأول والثاني تم تأمين لحوم من عدد من المؤسسات والأهالي، أما اليوم وغدا فنواصل تزويد المخيم باللحوم”.

ومع ارتفاع أسعار اللحوم في لبنان ارتفاعًا كبيرًا، ووصول سعر الكيلو منه إلى 200 ألف ليرة لبنانية، وهو ما يعادل ثلث الحد الأدنى للأجور، بعد أن كان الكيلو يباع بـ 20 ألف ليرة، ما يجعل قدرة اللاجئين على شراء اللحم أو حلويات العيد منعدمة.

تستفسر من محدثيك: “لاحظت وجود عائلات سورية تتسلم مساعدات من المخيم؟”.

يجيبون: “نعم، نحن نعطي الجميع ولا نفرق؛ نسلم الفلسطيني كما اللبناني الذي يقيم في المخيم، كما السوري”.

المخيم صامد ويقاتل

يقولون: “لا ننسى فلسطين”، ويسألونك عن القدس والأقصى وغزة والضفة، ويستفسرون عن الحوارات الفلسطينية، ويتحدثون إليك: “في يوم معركة سيف القدس لم ينم المخيم، كان خلية نحل تتظاهر من أجل فلسطين والمقاومة”.

في المخيم، تبقى المخاوف من الوضع الأمني قائمة؛ بسبب التوتر في لبنان، وشباب المخيم وأهله يدركون ذلك، “لكن لا مكان للفتنة”.

تسير مع الشباب في المخيم، الكل يتعامل مع الكل، ابن “حماس” يسلم على ابن “فتح”، ويشربان القهوة، ويتبادلان التهاني بالعيد، ومبادرات أهالي المخيم ومؤسساته لا تتوقف من أجل التخفيف عن الناس. تخرج من المخيم وأنت مرتاح لوجود شباب وفاعليات واعية ملتزمة، تعمل من أجل الإنسان والقضية.

في المخيم، لا تنجرّ الأجيال إلى الفتن، ولا تسقط في الأوحال الداخلية، تتواصل مع الناس والأهالي، وعينهم على المشروع الكبير: “التحرير والعودة”.

ويبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان حاليا نحو 192 ألفا (174422 لاجئا فلسطينيا في لبنان و17706 لاجئين فلسطينيين من سوريا)، يعيشون في 12 مخيما تواجه إقصاءً من المجتمع الذي يعدّهم أجانب ويستبعدهم من التمتع بمعظم الحقوق المدنية والاجتماعية والاقتصادية.

ويمنع الفلسطينيون في لبنان من تملك العقارات والعمل في أكثر من ثلاثين مهنة بما فيها جميع المهن الحرّة.

و”شاتيلا”، مخيم دائم للاجئين الفلسطينين، أسسته وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين عام 1949 بهدف إيواء المئات من اللاجئين الذين تدفقوا إليه من قرى عمقا، ومجد الكروم، والياجور في شمال فلسطين بعد عام 1948.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات