الجمعة 26/أبريل/2024

لماذا تأجلت اجتماعات الحوار الفلسطيني في القاهرة؟

لماذا تأجلت اجتماعات الحوار الفلسطيني في القاهرة؟

عقب انتهاء كل جولة عسكرية تخوضها المقاومة الفلسطينية مع الاحتلال “الإسرائيلي”، تبدأ أخرى لا تختلف كثيرا عنها من حيث فرض معادلات جديدة وتوازنات إقليمية تحاول “تل أبيب” الالتفاف عليها، وحصرها في منطق اللامعقول سياسيا وإستراتيجيا.

وعقب أحد عشر يوما من إدارة المقاومة لمعركة “سيف القدس”، ضربت فيها عمق “إسرائيل” سياسيا وميدانيا وحتى استخباراتيا، وسجلت نقاطًا حاسمة في كيفية الصراع مع المحتل، اتجهت أعين الفلسطينيين مرة أخرى صوب القاهرة التي ترعى كعادتها مفاوضات ما بعد وقف العدوان، وسط مشهد فلسطيني محلي وإقليمي معقد، بيد أن تأجيل حوار القاهرة بين الفصائل الفلسطينية مؤخرا، فتح الباب أمام تساؤلات عن المغزى من ذلك؟

اختلاف الأجندات

في هذا السياق، يرى الكاتب الفلسطيني ساري عرابي أن اختلاف الأجندات والأولويات بين السلطة الفلسطينية وحركة المقاومة الإسلامية “حماس” تحديدا، كانت سببا رئيسًا في إعلان مصر تأجيل حوار الفصائل، مضيفا: “تريد السلطة استثمار الجولة الأخيرة لمصلحتها وتجديد شرعيتها وترسيخ مكانتها عبر بوابة إعادة الإعمار وتشكيل حكومة وطنية، في حين حماس ترفض كل ذلك على أساس أن المعركة تجاوزت الحديث في التفاصيل الصغيرة مع السلطة، والأساس هو إعادة بناء منظمة التحرير”.

وأشار الباحث عرابي في حديثه مع” قدس برس”، إلى أن كل الاحتمالات مفتوحة بالنسبة لما قبل معركة “سيف القدس”؛ لسببين أولهما: إدراك السلطة بقدرة “حماس” على الفوز في أي نتائج انتخابات في الأشهر القليلة المقبلة، وهو ما أشارت إليه استطلاعات الرأي الأخيرة.

والسبب الثاني -من وجهة نظر عرابي- يكمن في إصرار”حماس” على أن تكون العودة للمفاوضات وحوارات القاهرة وفقا لإحياء منظمة التحرير، مستدركا: “إذا لم يكن هناك أي تقدم سياسي فيما يتعلق خصوصا بملف الإعمار، ستجد نفسها الحركة مضطرة للحديث في القضايا الحياتية اليومية مثل الرواتب ودخول مواد البناء”.

إصلاح المنظمة أم حكومة وحدة

بدوره، يقرأ المحلل السياسي إياد جبر، تأجيل الحوار الوطني في القاهرة من منظورين؛ الأول يتعلق بما قبل العدوان الأخير وطبيعة العلاقات المصرية مع السلطة الفلسطينية، وإلغاء الانتخابات التشريعية، حيث كانت “بضغط من مصر وبعض الأطراف الدولية”، وهو ما ولد فجوة في العلاقات لفترة بينهما، مضيفا: “مصر والإمارات كانتا قد أعطت الضوء الأخضر للقيادي المفصول من الحركة محمد دحلان، للدخول إلى الانتخابات للتخلص من عباس بأي شكل”.

وأشار جبر في حديث لـ” قدس برس” إلى أن عباس، كان يحاول تشكيل حكومة وحدة وطنية قبل “سيف القدس”؛ كنوع من الهروب من الاتهامات التي وجهتها له الإدارة المصرية بعد إلغائها، مستدركا: “حاولت مصر مؤخرا أن تستدعي الأطراف الفلسطينية للبناء على ما تم الاتفاق عليه، بيد أن إصرار عباس وتجاهله لإصلاح المنظمة كان سببا في تأجيل الحوار”.

أما المنظور الثاني، يتمثل في “حماس” التي لم تعد تطلب فقط حكومة وحدة وطنية والنظر إلى الأمور الحياتية في غزة، وإنما إصلاح منظمة التحرير من الداخل وتجديد الشرعيات والمجالس الفلسطينية، قائلا: “السلطة لم تراع انفتاح حماس والمقاومة إقليميا وفرضها معادلات جديدة بعد المعركة الأخيرة”.

وفي معرض ردّ الباحثين على سؤال: ما السيناريو المتوقع في حال تم العودة مجددا إلى القاهرة؟، أجاب عرابي: “لا أعتقد أن السلطة ستقبل بأي شكل من الأشكال إعادة منظمة التحرير الفلسطينية، ودخول حركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي” بنسب ثقيلة، موضحا في الوقت نفسه أن الطرف المصري والسلطة وحتى المنظومة العربية والإقليمية غير معنية بانفتاح نسبي على المقاومة و”حماس”.

وتابع: “لم يحصل أي تحول إستراتيجي في المنطقة يقبل بوجود حماس في النظام السياسي، وفي حال عادت الحوارات من جديد فإننها ستكون بروتوكولية جزئية متعلقة بإعادة إعمار غزة، إلا في حال قبلت الحركة وتنازلت بالعودة إلى مربع الانتخابات وما قبل سيف القدس”.

في حين كانت إجابة جبر: “إن السلطة اليوم تمر بنفس الظروف السياسية المعقدة التي تعيشها منذ مدّة، وهي بحاجة إلى تجديد شرعيتها وهياكلها الداخلية ومؤسساتها، وبالتالي فإن عدم وصول القطاع إلى مرحلة إنهاء الحصار، سيضطر طرفي الانقسام لتقديم تنازلات أو التراجع عن بعضها؛ لأجل الوصول إلى حل شامل لكل فلسطين”.

ويتفق الباحثان في رؤيتهما لتعاطي الفصائل الفلسطينية، لاسيما “حماس”، مع الطرف المصري، من أكثر من زاوية؛ الأولى تكمن في إدراك طبيعة الموقف المصري وانحيازاته وسياساته الإستراتيجية صوب “إسرائيل” وأمريكا، وهو ما يعني علاقة إستراتيجية يبنى عليها عاما بعد عام، إلى جانب تحقيق اختراق إقليمي على مستوى العلاقات الأمنية والقومية مع الإدارة المصرية.

ووفقا لتحولات دراماتيكية في المنطقة مؤخرا لاسيما مع الإدارة الأمريكية الجديدة، فإن مصر تنظر إلى قطاع غزة اليوم كنوع من الاستثمار لمصلحة عودة دورها الإقليمي واستعادة مكانتها الحيوية في المنطقة، وهو ما يعني -من وجهة نظر الباحثيْن- الانفتاح أكثر على المقاومة الفلسطينية مع وعي الأخيرة بأهمية المرحلة الحالية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

إصابة بن غفير بحادث سير

إصابة بن غفير بحادث سير

القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام أصيب وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير، اليوم الجمعة، إثر تعرضه لحادث سير....