الثلاثاء 21/مايو/2024

المقاومة تقود معركة إعلامية وإسرائيل لا تملك قراراً

المقاومة تقود معركة إعلامية وإسرائيل لا تملك قراراً

لم يكن الحال قبل اندلاع معركة “سيف القدس” كما هو عليه بعدها أو في أثنائها، فحجم الرسائل التي أمطرت بها الكيان الصهيوني منذ بدء العدوان على قطاع غزة كان غير مسبوق بقوته وحجمه، وكان أبرزها الرسائل العسكرية والسياسية التي جسدتها المقاومة بصواريخها التي رسمت من خلالها خريطة فلسطين التاريخية بمدنها وقراها كافة.

ورغم جهوزيتها العالية لخوض غمار المعركة، لم تكن المقاومة الفلسطينية تنوي الدخول في معركة ممتدة من هذا النوع العالي من التحدي، وما كانت تسعى إليه إيصال رسالة للاحتلال أنّ التلاعب بمقدرات ومقدسات الشعب الفلسطيني، لن يمر مرور الكرام، وأن اللعب بالنار سيحرق كل شيء.

وهو ما أكّد عليه رئيس حركة حماس بغزة يحيى السنوار، الذي قال: “ما كان نريده فقط هو إيصال رسالة للاحتلال ومستوطنيه، أن كفاكم لعباً بالنار، وما حصل لم يكن المعركة الحقيقية التي نريد، بل كان مجرد بروفة تدريبية لقدرات المقاومة” حسب وصفه.

وبحسب محللين ومراقبين لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” فإنّ المقاومة لم تدّخر جهداً في تفويت لحظة من لحظات المعركة التي حملت رسائل في كل الاتجاه إلا وأوصلتها، فالرسائل تضمنت سياسيًّا، عسكريًّا، أمنيًّا، حتى استطاعت المقاومة بتلك الرسائل المبهرة للصديق قبل العدو أن تربك المشهد السياسي في الكيان الصهيوني، وخلقت بذلك نزاعاً سياسيًّا غير مسبوق بين أقطاب الحكومة والأحزاب داخل الكيان.

معركة مستمرة

منذ انقشاع غبار العدوان الصهيوني عن قطاع، غزة ظلّت المقاومة الفلسطينية متمسكة بما تملكه من أوراق قوة تسيء به وجه الاحتلال وقادته يوماً بعد يوم، ولم يكن أول تلك الرسائل ظهور رئيس حماس بغزة يحيى السنوار بعد اليوم الأول لوقف العدوان متجولاً وسط شوارع مدينة غزة، متحدياً “إسرائيل” باغتياله.

ولم يكن آخرها الظهور العلني الأول للرجل الثاني في قيادة القسام مروان عيسى، وإعلانه عن أسرار جديدة حول الجنود الصهاينة لدى حركة حماس في غزة، وهي رسالة زادت حالة النزاع والتشتت بين الأقطاب الصهيونية المتناقضة.

وبذلك نجحت حركة حماس -وفق المراقبين- في تحريك المياه الراكدة المتعلقة بقضية الأسرى، وما خرجت به حماس من رسائل استهدفت قضية حساسة لدى الاحتلال وهي المتعلقة بجنوده الأسرى، وهو ما عدّته حكومة الاحتلال تلاعبا بالمشاعر العاطفية لذوي الجنود الأسرى وعموم الجمهور الصهيوني.

اللعب على التناقضات

الخبير في الشأن الصهيوني ناجي البطة، أكد أنّ أوراق القوة الكثيرة التي تملكها المقاومة الفلسطينية تجعلها تجيد اللعب على التناقضات وعلى كل الأوتار بكل أريحية وسلاسة، “وهو ما أحدث فعلاً ما يمكن أن نسميه زلزالاً سياسيا داخل الكيان الصهيوني، قد يؤدي إلى تحولات دراماتيكية داخل الكيان ليس أقلها مرحلة الاغتيالات السياسية”.

وقال البطة لمراسلنا إنّ ما أخرجته كتائب القسام في برنامج “ما خفي أعظم” أمس، كان يجب أن يخرج قبل أربع سنوات، “ولكن أما وأنه خرج، فقد أحدث اهتزازات كبيرة داخل المجتمع الصهيوني على كافة الأصعدة” وفق قوله.

وبات الكيان الصهيوني منذ انتهاء العدوان الأخير على قطاع غزة يقف على رمال متحركة لا يستطيع من خلالها أن يتحرك بأي اتجاه كان، بعد أن كان هو من يملك قوة القرار قبل أن تصله جملة الرسائل التي أرسلتها المقاومة وأصابته بصدمة غير متوقعة، وقد نجحت المقاومة بتقسيم المجتمع الصهيوني.

استخدام ذكي

“استخدمت المقاومة الفلسطينية الخطاب الإعلامي المقاوم كأحد وسائل الحرب وإيلام العدو وقد نجحت في ذلك بذكاء كبير جداً” هذا ما ذهب إليه أستاذ العلوم السياسية هاني البسوس، مبيناً أنّ المقاومة عملت وفق خطة عمل إعلامية ممنهجة لم تقل إيلاماً للعدو الصهيوني عن المعركة العسكرية.

وأوضح البسوس لمراسلنا أنّ المرحلة الأولى للخطاب المقاومة هو التهديد الصريح الذي جاء على لسان قائد أركان المقاومة محمد الضيف، وأُطلق عليه في حينه اسم “التحذير الأخير”، ورغم أنّ الاحتلال يدرك ماذا يعني هذا التصريح من شخصية كالضيف، إلا أنّ الاحتلال وقطعان مستوطنيه لم يأخذوا الأمر على محمل الجد ومضوا في عربدتهم.

وكان السنوار قد صرح في لقاءاته مع الإعلاميين، أنّ الضيف وأبو عبيدة قالوا إذا أردنا أنّ نهدد ونحذر فلابد أن يكون هناك تنفيذ، وهو ما لم يتوقعه الصديق قبل العدو.

ومع اللحظة الأولى لاعتداءات الصهاينة في ذكرى احتلال القدس في 28 رمضان لم تتردد المقاومة الفلسطينية تقودها كتائب القسام بإطلاق أول رشقة صاروخية صوبتها تجاه القدس المحتلة، حتى شتت في لحظات جمع المستوطنين والصهاينة الذين تجمعوا لاقتحام الأقصى.

وقال المحلل السياسي، إنّ “الخطاب الإعلامي كان جزءًا لا يتجزأ من المعركة العسكرية التي خاضتها المقاومة، وكان تستخدم كل الأدوات بذكاء وفعالية عالية تؤتي تأثيرها”.

عمل دءوب

وأوضح، أنّ المرحلة الثانية التي استخدمت المقاومة الفلسطينية فيها الإعلام كجزء من الحرب، هو تصويرها لعمليات القصف سواء قصف الصواريخ على المدن والبلدات المحتلة، أو البري من خلال تصوير عمليات الكورنيت وغيرها، وهي ما أضعفت رواية الاحتلال وادعاءاته وكذب روايته بالتصدي للمقاومة الفلسطينية.

ويعتقد أستاذ العلوم السياسية، أنّ هناك إدارة حقيقية للمواجهة الإعلامية التي كانت تديرها حماس وفصائل المقاومة من غزة وخارجه، وبالتالي نجحت المقاومة أن توصل رسائل أن المقاومة قادرة على قصف دولة الاحتلال في الوقت المناسب والمكان المناسب دون أدنى تردد.

النجاح بالدمج

وبين البسوس، أنّ رسائل الإعلام لم تتوقف حتى اللحظة من المقاومة الفلسطينية التي تساهم يوماً بعد يوم في إيلام العدو الصهيوني بشك أكبر، وتتسبب في ترسيخ هزيمته، من خلال الزخم الإعلامي الذي صاحب خطاب الانتصار للسنوار من جهة وهنية من جهة أخرى، ولدرجة الوعي والإدارة الكبيرة للمعركة من وسائل الإعلام التي تصنف في إطار العمل المقاوم.

ونجحت المقاومة الفلسطينية في الدمج بين العمل العسكري والسياسي والإعلامي -وفق المحلل البسوس-، وقد استطاعت أن ترسم صورة للمواطن الفلسطيني والحاضنة العربية والإسلامية وللمجتمع الدولي عما تقوم به قوات الاحتلال من اعتداءات ضد الشعب الفلسطيني، وكيف أن لها الحق في الرد على تلك الاعتداءات، وقد سخرت كل ما لديها من إمكانيات من أجل هذه الصورة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات