الثلاثاء 30/أبريل/2024

غزة تحت المجهر الأمني.. الجيش لا يُقهر يتخبّط ويفشل!

غزة تحت المجهر الأمني.. الجيش لا يُقهر يتخبّط ويفشل!

ثمة معركة هادئة ومستمرة في غزة لا يسمع فيها صوت إطلاق نار بين جيش الاحتلال وفصائل المقاومة فوق أرض غزة المحاصرة.

قبل أيام أعلن الاحتلال عن تأسيس وحدة استخبارات جديدة، مهمتها مقتصرة على متابعة ورصد قطاع غزة، تركز على جمع وتحليل المعلومات الاستخباراتية كافة وبدقة عن المقاومة وخصوصًا في مناطق التماس.

ويعد العمل الاستخباري الدائم الركن الشديد الذي تلجأ له الكيانات والمؤسسات العسكرية قبل اتخاذ أي قرار لاستخدام “القوة الصلبة” الأدوات القتالية في أي معركة أو عدوان.

ويعيش سكان قطاع غزة دائما تحت مجهر الاحتلال الأمني الذي يسخّر فيه وسائله التكنولوجية والأمنية المتطورة كافة لمراقبة ورصد الحدود البرية والبحرية، ومتابعة أنشطة المقاومة، والتنصّت على أجهزة الاتصالات.

ولم يعد سرّاً أن وحدتي 8200 و9900 الاستخباريتين اللتين شارك قادتهما في احتفال تأسيس وحدة استخبارات غزة الجديدة تمارس مهمة التجسس على غزة وفلسطين المحتلة بكاملها وربما دول الجوار أيضاً.

جيش أعمى

رغم فارق القوة التدميرية بين المقاومة بغزة والاحتلال، إلا أن سلوكه العسكري المتخبّط ونيرانه الغزيرة التي صبها فوق رؤوس المدنيين بغزة في عدوان 2014م كشف عن آلة قتالية عمياء عانت من ضعف استخباري.

النظرية الأمنية الإسرائيلية التي رافقت نشأة الكيان ووضع ركائزها “بن غوريون” أبرز مؤسسي الكيان الصهيوني والتي نقلت المعركة لأرض الخصم في الداخل والمحيط العربي لم تعد مجدية بالكامل يوم بدأت القذائف تسقط على كبرى مدن “إسرائيل”.

يؤكد د. إبراهيم حبيب، الخبير في الشأن الأمني، أن الاحتلال يشعر بتعاظم قدرات المقاومة في غزة التي نجحت في استخدام عدة أساليب أربكت حساباته الأمنية والعسكرية لذا يكثف من عمله الاستخباري والإلكتروني إلى جانب وحدتي 8200 و9900.

ويضيف الخبير حبيب: “حرب السايبر مهمة في المعركة الحالية ومستقبلاً مع الاحتلال، الوحدة الاستخبارية الجديدة عملها تطوير قدرات الجيش لمتابعة ورصد عمل وقدرات المقاومة وأعضائها لمعرفة أي خطر متوقع في مواجهة قادمة”.

وكان “يوسف شابيرا” مراقب عام الكيان الإسرائيلي وجه نقداً لاذعاً لأداء المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية في أجزاء سمح بنشر جزء منها عقب انتهاء عدوان 2014م لضعفه في مواجهة عمليات وأنفاق المقاومة.

ويرى رامي أبو زبيدة، الباحث في الشأن العسكري، أن الاحتلال يكثف من مراقبة غزة لإدراكه أنها تشكل خطرا أمنيًّا ووجوديًّا في ظل تنامي قدرات المقاومة الأمنية والعسكرية خاصةً في ملفات ركّز عليها مؤخراً تتعلق بوحدات نخبة المقاومة وعمله في بحر وأجواء غزة.

ويتابع لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “هناك صعوبة لدى الاحتلال في استكمال جمع معلومات استخبارية، لذا هو يزيد من جهده ويؤسس وحدة جديدة إلى جوار وحدات قديمة فاعلة حتى يسهل عليه تقدير الموقف الأمني لغزة”.

ويحاول الاحتلال النفاذ لغزة بطرق أمنية عديدة، فهو خارج فضاء التجسس والتجنيد يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي وطائرات وروبوتات واتصالات مباشرة مع سكان قطاع غزة دوماً للحصول على معلومات يراكمها في ملفات المتابعة والمراقبة.

لماذا الآن؟

هذا هو الهدوء الخداع الذي يحاول فيه الاحتلال وسط انشغاله بملفات التطبيع، مغازلة المجتمع الدولي والإدارة الأمريكية الجديدة أنه مع دفع تسوية عبثية مع الفلسطينيين، بينما يطلق النار على كل من يقترب من أرضه الزراعية قرب الحدود.

التوقيت المعلن عن تكثيف العمل الأمني مادةً صحفية قد تتلاشى سحابتها بعد أيام، لكن سكان قطاع غزة النائمين تحت طنين طائرات الاستطلاع يعلمون أن الاحتلال يراقبهم ليل نهار.

ويشير د. إبراهيم حبيب، أن المعركة الاستخبارية هي الأهم، وأن من يمتلك المعلومة يمتلك مفتاح النصر، ويستطيع استثمار قدراته العسكرية لخدمة أهدافه في كل مرحلة.

ورغم أن الاحتلال أعلن أن تركيز وحدته الاستخبارية الجديدة على نقاط التماس والحدود وأعضاء المقاومة، إلا أنه مستمر في استهداف الأمن الاجتماعي بواسطة نشر الإشاعات وتأليب سكان غزة على مقاومتها وهو ما فشل فيه منذ عقدين.

وفي ظل الهدوء النسبي، وعدم التزام الاحتلال باتفاق وقف إطلاق النار عقب عدوان 2014م يعاني المزارعون قرب الحدود من إطلاق نار يومي يعيق عملهم ويكبدهم خسائر مسافة وصلت 500 متر غرب الحدود.

ويقول أبو زبيدة، إن التركيز على نقاط التماس والحدود، مرده أنها ساحة الاشتباك المباشر والمواجهة مع جنود الاحتلال الذين يتخوفون من المواجهة، لذا ينشطون لإحباط عمل المقاومة استعداداً لأي تصعيد مستقبلي.

وفشل الاحتلال في العامين الماضيين في تنفيذ مهمات أمنية داخل قطاع غزة عندما كشفت كتائب القسام وحدة “سيرت متكال” واشتبكت معها شرق خان يونس بينما كشفت المقاومة أجهزة تنصت زرعها عملاؤه في عدة مناطق بقطاع غزة.

تكثيف الاحتلال لعمله الأمني بغزة من جميع المنافذ والوسائل، يكشف عن ضعف حقيقي في المعلومة، وهو ما دفعه مراراً للمخاطرة بجنود وضباط اقتربوا ودخلوا غزة، لكنهم فشلوا في إتمام مهماتهم الأمنية ليصبح الجيش الذي لا يقهر؛ يقهر ويفشل أيضاً.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات