الجمعة 03/مايو/2024

القضاء الإسرائيلي.. أحكام بصبغة عنصرية لتغطية جرائم جيش الاحتلال

القضاء الإسرائيلي.. أحكام بصبغة عنصرية لتغطية جرائم جيش الاحتلال

ما بين التبرئة التامة والأحكام المخففة، تتنوع قرارات المحاكم الإسرائيلية عندما يعرض أمامها قضية متعلقة باعتداءات وجرائم جنود الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين؛ في واحدة من أبرز صور العنصرية في العصر الحديث.

أحدث الأحكام ذات الصبغة العنصرية الإسرائيلية صدر قبل أيام عن المحكمة العسكرية “الإسرائيلية” في اللد، بحق ضابط إسرائيلي أدين بقتل الصياد نواف أحمد العطار (23 عاماً) من سكان بيت لاهيا في محافظة شمال غزة، بعيار ناري في البطن أثناء ممارسته مهنة الصيد بتاريخ 14/11/2018م على شاطئ قطاع غزة.

وتضمن منطوق الحكم المذكور -وفق بيان لمركز الميزان لحقوق الإنسان الذي تابع القضية- عقوبة السجن الفعلي مع العمل العسكري (45 يوما) في ظروف يحددها مسؤول مصلحة التأهيل (ضابط الشرطة العسكرية)، وعقوبة السجن مع وقف التنفيذ مدة تتراوح بين شهرين وحتى سنتين في حال اقترف المتهم مخالفة من المخالفات التي أُدين بها، أو مخالفة على أساس استخدام غير قانوني للسلاح، وتخفيض رتبته إلى جندي.

ويبدو الحكم مثيرا للسخرية، إذا ما قورن بالأحكام الصادرة بحق الفلسطينيين، إذ تصدر أحكام بالسجن لمدد تزيد على 3 سنوات لمجرد إلقاء حجر تجاه القوات الإسرائيلية أو المستوطنين دون وقوع إصابات.

حكم مخفف
وجاء الحكم؛ إثر شكوى جنائية تقدم بها مركز الميزان لحقوق الإنسان إلى المدعي العام العسكري الإسرائيلي بتاريخ 27/11/2018م مدعمة بالأدلة الثبوتية والشهود العيان، وباشرت الشرطة العسكرية “الإسرائيلية” التحقيق في الحادث بتاريخ 7/4/2019م واستدعت شقيق الضحية بتاريخ 13/5/2020م إلى حاجز بيت حانون “إيرز” للإدلاء بشهادته.

ووصف مركز الميزان، ما صدر عن المحكمة العسكرية “الإسرائيلية” بأنّه حكم مخفف بحق المتهم، حيث عدّ الحكم جريمة القتل مخالفة، منبها إلى أن ذلك لا يتناسب مع خطورة الجُرم الواقع، وكذلك حجب تاريخ بدء تنفيذ العقوبة عن الوكيل وعائلة الضحية.

ورأى أنّ القضاء الإسرائيلي ماضٍ في محاولات تحصين الجنود “الإسرائيليين” من المساءلة والمُحاسبة المناسبة، وعدم إنصاف الضحايا وجبر أضرارهم.

وأشار مركز الميزان إلى أنّ استمرار قوات الاحتلال في استهداف المدنيين يُشكل انتهاكاً جسيماً لجوهر الحماية التي وفرها القانون الدولي للأفراد دون تمييز، كما تنطوي الأحكام القضائية لدولة الاحتلال وتوجهها نحو تخفيف العقوبة عن مرتكبي انتهاكات واضحة، على دليل إضافي على فشلها كمنظومة في الوفاء بالمعايير الدولية لاستقلال القضاء.

حصانة كاملة
الحكم المخفف ليس جديدا في سياسة القضاء الإسرائيلي؛ فقد أقرّ المدعي العام العسكري “الإسرائيلي” شارون أوفيك بوجود قرار بمنح الحصانة الكاملة للجنود الإسرائيليين، وأنه لا توجد “صلاحية للمحكمة الجنائية الدولية للنظر في محاكمتهم”.

وزعم المسؤول الإسرائيلي أن “إسرائيل دولة قانون لديها جهاز قضائي مستقل وقوي، وأنه لا يوجد سبب بأن تكون عملياتها خاضعة لفحص المحكمة الجنائية الدولية”، مشيراً إلى أن “الجندي الذي يواجه الخطر ويعمل على حماية نفسه أو من هو مسؤول عن حمايته، يحظى بالدعم الكامل ولن يتعرض للمساءلة”.

حماية أمريكية
عبد الله أبو عيد، أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية في جامعة بيت لحم، يؤكد أن القضاء الإسرائيلي يغطي على جرائم الجنود الإسرائيليين، ويعمل على حمايتهم وتحصينهم، كما أنّ “إسرائيل” دولة متنمرة ومحمية من أمريكا بالذات خاصة مع حكم ترمب وجبن الدول الأوروبية عن قول الحقيقة واقتصار مواقفها على الاستنكار والكلام فقط.

وأضاف أبو عيد لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أن ضعف الواقع العربي والفلسطيني خلق حالة من اختلال توازن القوى لمصلحة “إسرائيل”، وبالتالي هي تتلاعب وتفعل ما تشاء بلا حسيب ولا رقيب.

وأوضح أنّ “إسرائيل” لديها لوبيات تحميها في قلب الدول الأوروبية، وتتقن فن التلاعب بالقانون الدولي، ويزداد ذلك بسبب ضعفنا وتشتتنا وعدم امتلاكنا لمعظم عناصر القوة.

وأشار إلى أنّ الفلسطينيين ينقصهم جداً حسن استثمار التحالفات الدولية، وإدارة النضال، واستخدام القانون الدولي، في حين “إسرائيل” تجيدها وتضع تنظيما جيدا لهذا الأمر.

وإثر أحكام مماثلة لجنود إسرائيليين قتلة، أكد راجي الصوراني، مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، أن الجهاز القضائي الإسرائيلي يشكل غطاء قانونيا لما يمارسه جنود الاحتلال وقادتـه من جرائم منهجية ومنظمة ضد المدنيين الفلسطينيين على مدار عشرات السنوات.

وبحسب الخبراء الفلسطينيين؛ فإن عقد المحاكمات الإسرائيلية وأحكامها الشكلية ليست إلّا “محاولة للالتفاف على مبدأ الولاية التكاملية للقضاء الدولي، من خلال فتح تحقيقات وإجراء مُحاكمات صورية تسعى إلى وقف اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، على اعتبار أن ميثاق روما المُنشئ لها لا يُجيز محاكمة الشخص عن ذات الجريمة مرتين بموجب المادة (20)”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

عدنان البرش.. الطبيب الإنسان

عدنان البرش.. الطبيب الإنسان

غزة – المركز الفلسطيني للإعلاملم يترك الدكتور عدنان البرش (50 عامًا) مكانه ومهمته في إنقاذ جرحى حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية بغزة، حتى اعتقاله...