الثلاثاء 21/مايو/2024

ضم غور الأردن.. إلغاء لآخر الحدود الفلسطينية مع دولة عربية

ضم غور الأردن.. إلغاء لآخر الحدود الفلسطينية مع دولة عربية

صفقة القرن هي عنوان المرحلة الحالية لفرض واقعٍ يخدم مصلحة الدولة المزعومة “إسرائيل”، بغض النظر عن مصالح الفلسطينيين؛ في تهديد واضح لأمن المنطقة.

التهديدات جاءت متسلسلة من إعلان القدس عاصمة “دولة إسرائيل”، إلى الاعتداءات المتكررة على المسجد الأقصى والمرابطين وإعلان يهودية الدولة، وليس آخرها إعلان الزعمات الإسرائيلية لضم الأغوار الأردنية إلى أراضيها وقطع أي صلة عربية مع فلسطين.

وأصبح التهديد قائمًا على الفلسطينيين، إضافة إلى تهديد استقرار الأردن، الداعم للقضية قيادة وشعبًا عندما أعلن ملك الأردن عبد الله الثاني عن اللاءات الثلاث “لا للتوطين، لا للوطن البديل، والقدس خط أحمر”، في مارس/آذار 2019.

أهداف “ألون”

ومع فوز نتنياهو بات ضم الأغوار أمرًا واقعًا بفاصل زمني قليل، وتعليقًا على هذا بين وليد عبد الحي، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة اليرموك الأردنية لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“، أن موضوع الأغوار وارد في مشروع “يغآل ألون” في تموز 1967 بعد انتهاء حرب حزيران، وأن الكيان الإسرائيلي يبني فكرته الأساسيه على الرغبة في السيطرة على الأغوار نتيجة وجود فاصل طبيعي وهو نهر الأردن الذي يعيق أي تطور عسكري مستقبلي.

ويهدف مشروع “ألون” إلى تحقيق ثلاثة أهداف مركزية؛ إقامة حدود أمنية لإسرائيل بينها وبين الأردن، ووقف سيطرة “إسرائيل” على شريحة سكانية عربية، وذلك للحفاظ على صبغة يهودية وديمقراطية للدولة، إضافة إلى تحقيق “الحق التاريخي” للشعب الإسرائيلي في “أرض- إسرائيل”.

وأضاف عبد الحي أن رئيس الأركان الإسرائيلي السابق غادي إيزنكوت أصدر كتابًا قبل أشهر عدّة يبين فيه أن العمق الإستراتيجي لدولة “إسرائيل” ضيق جدًّا؛ حيث إن حدودها من الشمال إلى الجنوب تبلغ 137 كم ومن الشرق إلى الغرب 14 كم، وهذا -من وجهة نظر الكاتب- لا يوفر عمقًا إستراتيجيًّا كافيًا للدولة، ويجب أن تتوسع ولو بالقليل عن طريق ضم الأغوار.

أهداف اقتصادية

ويعد الغور سلة الغذاء الفلسطيني، وهو مصدر لتصنيع الخضار والفواكة والسيطرة عليه يعني فقدان جزء من الاقتصاد الفلسطيني، فضلا عن تهجير سكانها الأصليين. 

وبالنظر إلى هذه النقطة أفصح عبد الحي: “هناك توجهات  لمبادرة يابانية للمساهمة في عملية السلام وتحسين وضع الفلسطينيين اقتصاديًّا التي أطلقتها تحت عنوان (كوريدور السلام والأمل) بالتعاون بين الأردن واليابان و”إسرائيل” والسلطة الفلسطينية، بموجبها توفر مساعدات غذائية وعينية للاجئين الفلسطينيين، إضافة إلى جلب الفلسطينيين إلى الجهة الشرقية من الأغوار وإخضاع المنطقة إلى زراعة على أسس تكنولوجية حديثة وتصدير المنتجات إلى الأسواق الخليجية”.

ويشكل غور الأردن ما مساحته 28% من مساحة الضفة الغربية وتعدّ منطقة (ج) حسب تقسيمات اتفاقية أوسلو، وهي جزء من 61% من مساحة منطقة (ج) الموزعة في الضفة الغربية، أي أنها خاضغة للسيطرة الأمنية والإدارية إلى الجانب الإسرائيلي. 

وأفاد عبد الحي بأن ضم الأغوار يعني عزل فلسطين كدولة عن آخر حدود عربية بعد فصلها عن الجولان وباعتبار غزة مفصولة عن مصر والمياه الإقليمية هي الأخرى تحت سيطرة “إسرائيل”، وبالتالي الكيان الفلسطيني المقترح ليس له معابر تربطه مع دول عربية ولا مخارج بحرية ولا جوية، والميناء المقترح في صفقة القرن سيكون تحت السيطرة الإسرائيلية.

ويعدّ ضم الأغوار متناقضًا مع اتفاقية أوسلو واتفاقية وادي عربه وغيرها من الاتفاقيات الموقعة بين دول عربية مجاورة لـ”إسرائيل”، وبيّن عبد الحي أن ضم الأغوار يتعارض مع كل الاتفاقيات، وأهمها تعارضها مع قرار 242، وهو الأوسع والأشمل للعلاقة العربية الإسرائيلية الذي يعدّ أن أراضي 1967 والجولان وسيناء أراض محتلة.

وأضاف عبد الحي أن صفقة القرن ومن ضمنها ضم الأغوار ينتهك حقوق اللاجئيين الفلسطينيين، كما يعترف بقانونية المستوطنات، وهذا يعد خرقًا صارخًا للقوانين الدولية.

توجهات نحو التطبيع

ويشكل الإعلام الأداة المحركة للقضايا الجوهرية إلا أن غياب الإعلام عن تسليط الضوء لضم الأغوار وغيرها من قضايا كصفقة القرن من دول تملك إثارة وتحريك الشارع العربي يأتي نتيجة سعي الدول للتطبيع مع “إسرائيل”، وعلل عبد الحي ذلك بأن إثارة مثل هذه القضايا سيؤثر على توجهات الدول المطبعة، فمن غير المعقول إثارة قضايا تعطل توجهاتهم المتجهة للاعتراف التدريجي بدولة “إسرائيل” وإجبار الفلسطينيين على القبول بالمشاريع المقترحة.

الأردن الأكثر تضررًا بعد الفلسطينيين إلا أن المتابع للتحركات الأردنية يجدها خجلة لا تحقق ما ينشده مواطنوها، وعلق عبد الحي: “الأردن وحده لا يستطيع فعل شيء سوى التعبير عن رفضه بالشجب والاستنكار؛ خصوصًا وأنه محاط بمنطقة ملتهبة ومشتعلة، وأن صفقة القرن وغيرها بحاجة إلى موقف عربي موحد”.

كما أكد النائب الأردني سعود أبو محفوظ لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أن ما يجرى حاليًّا مخطط له إعلاميًّا منذ زمن، وأن ما يخفى أعظم، مرجعًا هذا التحليل إلى تصريحات ليست ببعيدة من دولة الاحتلال المتفاخرة بسعيها للتطبيع مع الدول العربية، وأنها تسعى للتطبيع مع آخر دولتين عربيتين لم تطبّعا، وتسعى جاهدة لكسبهما.

ويصل عدد السكان الفلسطنيين في غور الأردن إلى ما يقارب 65 ألف فلسطيني مقابل 11 ألف إسرائيلي، وهنا بين أبو محفوظ أن الاحتلال سيطر على الأغوار سيطرة حقيقية وفعلية منذ عام 1967، وهي ما تشكل ثلث الضفة الغربية وضمها يلغي حدود دولة فلسطين مع دول عربية، وأن سكان الأغوار سيتم ترحيلهم إلى الأردن تطبيقًا لسياسة التوطين.

كما أن سيطرة “إسرائيل” على البحر الميت البالغ طوله 37 كم مع الأردن واستغلال ثرواتها يؤثر تاثيرًا على الاقتصاد الأردني وإعلان نتنياهو ضم الأغوار جزء من برنامجه الانتخابي، وبعد فوزه أصبح يلوح بتطبيق القرار. وعلق أبو محفوظ قائلاً: “ما يزيد إغراء نتنياهو لإعلان ضم الأغوار هو ضحالة وضعف الموقف العربي للتصدي لدولة الاحتلال وانخراطه في العمل معها”.

التمسك باللاءات الثلاث

الملك عبد الله الثاني أعلن قبل مدّة عن اللاءات الثلاث، التي لاقت التفافاً شعبيًّا وبرلمانيًّا، وتأسّف أبو محفوظ لما وصفه “بالدور الهشّ” للنواب في مسألة ضم الأغوار، وأن ما يقوم به البرلمان حاليًّا هو تخريجات بعيدة عن أي قرارات جديه إزاء القضايا الجوهرية كصفقة الغاز، ولا يلبي إرادة الشعب الأردني الرافض لجميع سياسات التطبيع.

وكان من ضمن اللاءات الثلاث التي أعلنها الملك عبد الله الثاني؛ التمسك بالوصاية الهاشمية رغم الضغوطات التي يتعرض لها الأردن للتنازل عن حق الوصاية، وهنا أكد أبو محفوظ: “لن نقبل أي وصاية أخرى على المقدسات الإسلامية غير الوصاية الهاشمية، بالرغم من ضعف الموقف إلا أنه لا يمكن التنازل عنها، ومتمسكون بالدور الهاشمي فيها”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات