الثلاثاء 21/مايو/2024

ضم المثلث لـدولة فلسطينية.. أهداف إسرائيل الخفية!

ضم المثلث لـدولة فلسطينية.. أهداف إسرائيل الخفية!

المثلث الفلسطيني، اسم لمنطقة في تقع شمالي فلسطين المحتلة عام 1948م، تردد اسمها كثيرًا وبكثافة عقب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب عن صفقته لتصفية القضية الفلسطينية، وإمكانية ضم تلك المنطقة إلى دولة فلسطينية التي تشبه “الجبنة السويسرية”.

المنطقة تقع في شمالي فلسطين المحتلة، وإعلان إمكانية ضمها لدولة فلسطينية مستقبلية يُثير كثيرًا من الأسئلة حول الأهداف المرسومة، والغايات المرجوة.

نتنياهو من ألحّ!

وألمحت تقارير صدرت عن وسائل إعلام إسرائيلية أن نتنياهو هو من ألحّ على أن تتضمّن خطّة “صفقة القرن” ضم منطقة المثلث إلى الدولة الفلسطينية.

يقول الكاتب الفلسطيني أنطوان شلحت: إن التقارير استنتجت أن الغاية الأساس من ذلك مغازلة رئيس حزب إسرائيل بيتنا، أفيغدور ليبرمان، الذي لا ينفك يدفع قدماً بهذا الضم؛ حيث إن الاستطلاعات تؤكد أن الأخير سيظل “بيضة القبان” في الانتخابات المقبلة.

قمع تطلعات فلسطينيي 48 ومعضلة الديموغرافيا
هذا الاستنتاج -يقول شلحت- لا ينفي أن لنتنياهو ذاته رؤية مبلورة حيال الفلسطينيين في مناطق 1948 حتى قبل أن يصبح رئيساً للحكومة للمرة الثانية منذ عام 2009، وتنطلق رؤيته من ضرورة إنجاز هدفين؛ قمع التطلعات السياسية لفلسطينيي 1948، وإحباط ما يعدّه “تهديدا ديمغرافيا للدولة اليهودية”، يشكله هؤلاء الفلسطينيون الآن وفي المستقبل.

وبسط نتنياهو رؤيته حيال الهدف الثاني في خطابه في الدورة الثالثة لمؤتمر هرتسليا عن ميزان المناعة والأمن القومي الإسرائيلي، عام 2003، عندما كان وزيراً للمال في حكومة أريئيل شارون، لكنها لم تحظَ بصدى كبير في ذلك الوقت.

ومن شأن التدقيق فيها الآن -وفق الكاتب أنطوان شلحت- أن يوضح المقاربة التي يتم تطبيقها من حكومته.

ومما جاء في الخطاب: “إننا نواجه مشكلة ديمغرافية أيضاً، لكنها غير متركزة في عرب فلسطين، وإنما في عرب إسرائيل. لا توجد لدينا أي نيّة للسيطرة على السكان الفلسطينيين، ولذا لن تكون المشكلة الديمغرافية قائمة هناك، عندما ينتقل هؤلاء السكان إلى السيادة الفلسطينية، وقد حدّدنا، في وثيقة الاستقلال، أننا نقيم دولة يهودية وديمقراطية؛ دولة يهودية أولاً وقبل أي شيء، وبعد ذلك ديمقراطية”.

يضيف نتنياهو: “وكي لا تلغي الديمقراطية الطابع اليهودي للدولة، يجب ضمان أغلبية يهودية. مسألة العلاقة بين الأغلبية اليهودية والأقلية العربية هي قبل أي شيء مزدوجة، مسألة نسيج العلاقات والقدرة على دمج هذه الأقلية في حياة الدولة وفي الاقتصاد والمجتمع من جهة أولى، ومسألة العدد من جهة أخرى”.

يكمل نتنياهو تصريحاته القديمة: “وإذا ما اندمج السكان العرب اندماجًا رائعًا (في الدولة) ووصل عددهم إلى 35% أو 40% من مجمل عدد سكان الدولة، عندها ستصبح الدولة اليهودية ملغاة، وتتحول إلى دولة ثنائية القومية. ولو بقيت نسبتهم كما هي عليه الآن، أي نحو 20% أو حتى أصبحت أقل، لكن العلاقات بقيت متسمة بالصرامة والتحدّي والعنف وما إلى ذلك، فإنه في هذه الحالة أيضاً سيتم مس ادّعائنا بشأن النسيج الديمقراطي. ولذا نحن بحاجة إلى انتهاج سياسة توازن بين هذين الأمرين. وقبل أي شيء، علينا أن نضمن أغلبية يهودية في دولة إسرائيل!”.

وبخصوص قمع التطلعات السياسية للمجتمع الفلسطيني في مناطق 1948، فالقرائن أكثر من أن تُحصى، وفق ما قال شلحت.

وسبق لرئيس تحرير صحيفة هآرتس، ألوف بن، أن أشار إلى أنّ الطاقات التي استثمرتها حكومة نتنياهو الثانية (2009 – 2013) لتحقيق هذه الغاية أكبر برأيه من الطاقات التي استثمرتها في الدفع بالعملية السياسية، أو في إحباط التهديد النووي الإيراني، على جبهات متعدّدة، ويتم التعبير عنها من خلال مبادرات سنّ قوانين وإجراء تغييراتٍ في جهاز التربية والتعليم، ونشاطات رمزية وخطوات دبلوماسية، تهدف إلى تحصين هوية “إسرائيل” اليهودية.

دولة قومية يهودية

وفوق هذا كله، هناك مطلب نتنياهو من الفلسطينيين أن يعترفوا بإسرائيل بأنها “الدولة القومية للشعب اليهودي”، والتي تبدو له حصنا أمام أي مطالب مستقبلية بشأن إدارة ذاتية عربية في النقب والجليل.

وفي مقابل قمع طموحات المواطنين العرب السياسية يطرح نتنياهو على فلسطينيي 48 سلاماً اقتصادياً داخلياً، كما قال شلحت، وهو يفعل ذلك كونه يعرف أن دولة الاحتلال ستواجه صعوبة في النمو الاقتصادي في المستقبل، إذا لم ينخرط هؤلاء الفلسطينيون في قوة العمل، طبعاً على أساس الرابطة بالدولة، لا بالوطـن.

القضية من جديد
وفي السياق نفسه يقول الكاتب سليمان أبو إرشيد: مرة أخرى تداهمنا “قضيتنا الفلسطينية” لتحتل جدول أعمالنا السياسي وتخيم على تفاصيل برامجنا اليومية، بعد أن اعتقدنا -نحن الفلسطينيين داخل الخط الأخضر- أنها أدارت ظهرها لنا وأدرنا ظهرنا لها وبات بإمكان أحزابنا في الكنيست وخارجها، قصر اهتمامها على شؤون البيئة والصرف الصحي وقضايا العنف والجريمة والبطالة والفقر وغيرها من المسائل المدنية، بعد تحررها من عبء القضايا السياسية الكبرى المرتبطة بالبعد الوطني.

يضيف الكاتب أبو إرشيد أنه مخطئ من يعتقد أن علاقتنا بخطة ترمب التصفوية، تقتصر على موضوع الترانسفير الذي تقترحه لمنطقة المثلث.

يشير إلى أن هناك من يسعى لتعزيز هذا الاعتقاد ويوعز غانتس (خصم نتياهو زعيم أزرق أبيض)، أن الإعراب عن معارضته لهذه الجزئية كافٍ لاسترضاء الفلسطينيين داخل الخط الأخضر وأحزابهم، وضمان التوصية على تفويضه بتشكيل الحكومة القادمة.

جوهر الوجود الفلسطيني
يؤكد الكاتب الفلسطيني أن هؤلاء يجهلون الانقلاب الذي أحدثه الإعلان عن صفقة ترمب، وملامستها للعصب الحساس المتعلق بجوهر الوجود الفلسطيني المطلق، والذي تشكل قضية تبادل المثلث أحد تفصيلاته الصغيرة، بالضبط مثلما شكل التنازل عن المثلث لـ”إسرائيل” في اتفاقيات رودوس عام 1949 جزئية صغيرة من الكارثة الكبيرة التي تمثلت بضياع فلسطين.

يقول أبو إرشيد: إن الخطة تستهدف القضاء على الحلم الفلسطيني بما يحمله من رمزية تلامس الوجود الفلسطيني أينما كان.

ويتابع: في كل مرة نحاول الإفلات من قبضة “القضية” والانغماس في الهم اليومي تحاصرنا من جديد.

يكمل: “هكذا كان بعد إدارة الظهر لنا في أوسلو الذي عدّنا “عرب إسرائيل”، فجاءت الانتفاضة الثانية لتفجر الغضب الفلسطيني على طول مساحة الوطن ويسقط الشهداء في أم الفحم والناصرة وسخنين وغيرها من تجمعات الداخل الفلسطيني، وهذا ما كان في الانتفاضة الأولى التي امتدت حجارتها إلى مناطق الجليل والمثلث والنقب، وهذا كان شأننا أيضا في مرحلة الكفاح المسلح، حيث لا يزال بعض أسرى تلك المدّة يرزحون في غياهب السجون، بعد أن رفضت “إسرائيل” الاعتراف بهم بموجب اتفاقيات أوسلو لأنهم يحملون الهوية الإسرائيلية”.

ويوضح أن هناك من يريد أن يلغي هذا الدور ويسعى إلى دمجنا في اللعبة السياسية الإسرائيلية لترجيح كفة معسكر صهيوني على آخر صهيوني أقل تشددا.

وهو منطق يتقاطع مع توجه السلطة الفلسطينية التي لا ترى من السياسة الإسرائيلية أبعد من مصلحتها في استئناف المفاوضات واستمرارها حتى لو كانت دون طائل كما جرى خلال العشرين سنة الأخيرة.

يؤكد أنه منطق يسعى إلى ربط مصيرنا بـ”إسرائيل”، ولعب دور وظيفي في سياستها يقتصر على ترجيح كفة السيئ على الأسوأ في ملعبها السياسي ضمن أي معادلة.

ومن المفارقة أن تلتقي تلك الرغبة من قيادة السلطة الفلسطينية في التعامل معنا كورقة انتخابية إسرائيلية، مع توجه بعض قيادات الداخل المنسلخة عن بعدها الفلسطيني وتسعى للاندماج إسرائيليا، كما يقول الكاتب ارشيد.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات