الخميس 09/مايو/2024

بنى منظومةً أمنية راسخة.. 11 عامًا على استشهاد سعيد صيام

بنى منظومةً أمنية راسخة.. 11 عامًا على استشهاد سعيد صيام

الخامس عشر من يناير عام 2009 كان يومًا غير عاديّ، إبان العدوان الإسرائيلي على غزة، حيث نجحت “إسرائيل” باغتيال وزير الداخلية والقيادي البارز بحركة حماس سعيد صيام في محاولة لضرب منظومة الأمن بغزة في ظروف الحرب القاسية.

وشكّلت عملية اغتيال وزير الداخلية واحدة من الجرائم الدموية التي ارتكبتها سلطات الاحتلال بغزة إبان العدوان، التي أملت من خلالها اختراق الحالة الأمنية التي نجح الشهيد بفضل حزمه وحكمته في بنائها، ليرتد أملها خيبة بعد ذلك بفعل زرع القائد الذي أينع منظومة أمنية مؤسسية ليست قادرة على الثبات فقط بل والتطور وتلقين الضربات للعدو.

لا يزال سكان غزة يتذكرون تفاصيل ذلك المساء عندما قصفت قوات الاحتلال أحد المنازل في حي اليرموك بغزة ليتبين بعد قليل من الوقت أنها جريمة اغتيال ارتقى خلالها صيام مع عدد من أفراد أسرته، ليكون استشهاده رسالة لا تقبل الشك حول انصهاره في عمله الميداني لتأمين الجبهة الداخلية وحماية ظهر المقاومة.

سيرة الشهيد

مضى الشهيد وبقيت سيرته العطرة وعطاؤه في سنوات الأمن العجاف نبراساً وتحدياً لمن بعده ولسان حالهم “أتعبت من بعدك يا أبا مصعب”.

ولد أبو مصعب في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة عام 1959م، لعائلة تنحدر من قرية الجورة قرب عسقلان في جنوب فلسطين، وهو متزوج، وله ستة أبناء؛ ولدان وأربع بنات.

تخرج عام 1980 في دار المعلمين برام الله وحصل على دبلوم تدريس العلوم والرياضيات، وأكمل دراسته الجامعية في جامعة القدس المفتوحة وتخرج فيها سنة 2000، وحصل على بكالوريوس التربية الإسلامية.

عمل مدرسًا في مدارس وكالة الغوث الدولية بغزة من العام 1980 حتى نهاية العام 2003؛ حيث ترك العمل بسبب مضايقات إدارة الوكالة على خلفية انتمائه السياسي لحركة حماس.

عمل خطيبًا وإمامًا متطوعًا في مسجد اليرموك بغزة، وواعظًا وخطيبًا في العديد من مساجد قطاع غزة.

شارك في لجان الإصلاح التي شكلها الشيخ الشهيد الشيخ أحمد ياسين، لحل النزاعات بين الناس وذلك منذ مطلع الانتفاضة الأولى، وتولى العديد من المواقع منها تمثيل حركة “حماس” في لجنة المتابعة العليا للقوى الوطنية والإسلامية، وعضوية القيادة السياسية لحركة “حماس” بقطاع غزة، ومسؤول دائرة العلاقات الخارجية في الحركة.

اعتقل الشيخ سعيد صيام أربع مرات من الاحتلال خلال الأعوام (1989-1990-1991-1992)، وكان من المبعدين إلى مرج الزهور بجنوب لبنان لمدة عام 1992.

توليه الوزارة 

انتخب عضوًا للمجلس التشريعي عن قائمة حركة حماس في دائرة غزة في الانتخابات الأخيرة، والتي حصل فيها على أعلى أصوات الناخبين على مستوى الأراضي الفلسطينية.

وكُلِّف أولَ وزير داخلية من حركة حماس في الحكومة العاشرة ليجد نفسه في تحدٍّ مع أجهزة أمنية لها عقيدة أمنية منحرفة تمارس الفلتان والفوضى، فكان قراره الحازم بتشكيل القوة التنفيذية في أذار (مارس) 2006 من أفراد المقاومة وفي النواة الصلبة منهم كتائب القسام، لتبدأ أول انتشارها بعد ذلك بشهرين وتبدأ معها المهمة التي بدت مستحيلة في البداية، ولكنها سرعان ما تحققت بفعل تضحيات جسام.

لم يكن أحد يتوقع أن “القوة التنفيذية” التي شكلها وزير الداخلية الفلسطيني الشهيد سعيد صيام عام 2006 من عدة مئات من الأفراد، ستتحول إلى جيش نظامي كبير.

حياة حافلة بالعطاء

تستذكر زوجة الشهيد أم مصعب كيف كانت حياة زوجها حافلة ومرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالمجتمع، فخلال عمله معلمًا كان يحتك بشريحة كبرى من الطلبة؛ ما كثف من مضايقات جيش الاحتلال له آنذاك.

تقول الزوجة الصابرة: “عندما تسلَّم منصب وزارة الداخلية في الحكومة العاشرة ازدادت همومه وأحماله، ولعل هذه المرحلة كانت الأكثر صعوبةً في حياته، والتي استدعاه وضعها الأمني والإداري والمالي آنذاك لتشكيل قوة داعمة للأجهزة الأمنية، وهي (القوة التنفيذية)، والتي لاقت هجومًا شرسًا من الآخرين، وروجوا عنها الشائعات لإضعافها وإسقاط الحكومة، وخاصةً وزارة الداخلية، ومن ثَمَّ جاءت مرحلة الحسم العسكري، ثَمَّ كان صيف 2007م الأكثر أمنًا وأمانًا في قطاع غزة؛ حيث استطاع بحمد الله أن يكون ذلك الرجل الحديدي الذي قاد تلك المرحلة بنجاح”.

الهدوء المحير

هدوء أبو مصعب وسمته الذي حيّر أعداءه وخصومه، هو أكثر ما ميز الشهيد القائد كما يقول نجله مصعب: “كان والدي صاحب شخصية هادئة، ولا يتكلم كثيرًا”.

أما معالم علاقة هذا القائد بأسرته؛ فيقول عنها مصعب: “كان والدي رحيمًا، وكان يهتم كثيرًا بإيقاظنا لصلاة الفجر كل يوم، فكان كلما نادى علينا إلى الصلاة كنا نؤجل ونقول له اتركنا دقيقتين، وهكذا فكان عندما يعود من صلاة الفجر ويجدنا نائمين يقوم ببل يديه ويبدأ في وضع قطرات الماء على جباهنا، فكان رحمه الله يحرص على تربيتنا تربية إسلامية”.

ويضيف مصعب: “والدي كان يعطينا حقنا أنا وشقيقي الذي استشهد معه (محمد) وأخواتي الأربع، ولم يكن يقصر معنا بتاتًا فيؤدي واجباته المنزلية على الرغم من ضغط الوقت الذي كان يعيش فيه”.

وأشار إلى أن والده في غمرة الحرب طلب من والدته جواز السفر الخاص به، فقالت له: “ما بك يا أبا مصعب؟ وهل تريد أن تسافر؟”، فرد عليها مبتسمًا: لا يا أم مصعب، وإنما أريد أن يكون هذا الجواز معي حتى تتعرفوا على جثماني عند استشهادي، وكأنه كان يعرف أنه سيرحل إلى العلا”.

طلب الشهادة فنالها

ما تزال كلمات الشهيد صيام الأخيرة قبيل لحظات استشهاده تسطع شاهدة على سيرة عطرة تقدمت صفوف الجهاد والمقاومة وهو يوصي أبناء شعبه وقيادة وزارة الداخلية من بعده: “تقوى الله هي مفتاح النصر وسبيلنا في مواجهة العدوان.. ولن أختبئ في الجحور، لأنني مقاوم قبل كل شيء، وسأحمي ظهر المقاومة.. ولن أترك أهل غزة لوحدهم، فما سيعانونه سأعانيه معهم”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

هل أوقفت واشنطن تزويد إسرائيل بالأسلحة؟

هل أوقفت واشنطن تزويد إسرائيل بالأسلحة؟

غزة - المركز الفلسطيني للإعلام بتصريح علني لافت، خرج الرئيس الأمريكي جو بايدن الراعي الأول لحرب الاحتلال الدامية على قطاع غزة، يعلن فيه أن بلاده لن...