الأحد 19/مايو/2024

هل انتهى الرد الإيراني ..؟

ناصر ناصر

من المرجح أن الرد الإيراني العسكري والرسمي والعالمي على اغتيال قاسم سليماني والموجه من إيران كدولة للولايات المتحدة الأمريكية مباشرةً قد انتهى، بإطلاق 12 صاروخاً أمس ضد قواعد أمريكية عسكرية في العراق.  

أما الرد الإيراني العسكري غير المباشر فلم ينته بعد، هل يمكن القول أنه لم يبدأ؟ فـ فيلق القدس المختص بنشاط إيران الإقليمي وحلفاء إيران في المنطقة قد يصعّدون من هجماتهم على أهداف أمريكا وحلفائها كإسرائيل والإمارات وقد ينجحون في خوض حرب استنزاف طويلة تهدف إلى إخراج الأمريكان من المنطقة أو تحسين الشروط الإيرانية التفاوضية حول اتفاق دولي معها. 

أما الرد الإيراني السياسي والإعلامي فسيستمر في التصاعد، كما أن تصعيد إيران في خطواتها في الملف النووي هو جزء لا يتجزأ من ردها على مقتل سليماني. هذه هي خلاصة الموقف في أعقاب الخطوة الأمريكية الجريئة في عدوانها وغير المتوقعة حتى من قبل جنرالات البنتاغون والذين تفاجؤوا من استبعاد ترامب لكل الخيارات (المعتدلة)، للرد على الهجمات الإيرانية ضد أهداف أمريكية في العراق وتحديدا ضد السفارة الأمريكية فيها، واختياره بالرد الأصعب والأكثر تطرفاً وهو اغتيال الشخصية الثانية في أهميتها في إيران وهي الجنرال قاسم سليماني، وذلك بالقرب من بغداد في الساعات الأولى من فجر الجمعة 3/1/2020م. 

يمكن أن تلخص أمريكا الموقف حتى اليوم بنجاحٍ معين، فقد قتلت من تعتبره العدو الأول لأمريكا وإسرائيل في المنطقة، ووجهت بهذا ضربة قوية بجهود إيران لتعزيز نفوذها في الشرق الأوسط، واستطاعت استيعاب الرد بدون أي إصابات في صفوف جنودها، أما إيران فيمكنها القول بأنها تجرأت على ما لم يتجرأ عليه دولة قبلها وهي توجيه ضربة عسكرية مباشرة ومعلنة ضد رموز الهيبة الأمريكية في المنطقة وهي القواعد العسكرية فيها. مما لا شك فيه بأن الرد الإيراني كان محسوباً وبرغماتياً ويتوافق مع الحسابات العميقة لمصالح إيران الداخلية والخارجية ولموازين القوى المختلة بصورة كبيرة لصالح الخصم الأمريكي، وفي المقابل فإن رد إيران لا يتوافق بتاتاً مع خطابها الساحق والماحق الذي أعقب عملية الاغتيال، والذي يمكن فهمه كجزء من الثقافة العربية والإسلامية السائدة والتي تهوى في غالبيتها الخطابات والشعارات النارية ، وإن تكرر وتأكد أنها لا تناسب الواقع. 

وفي هذه الأثناء لا تبدو أمريكا -وإن مؤقتا- كمن ينسحب من الشرق الأوسط وتبدو إسرائيل كالمستفيد الأكبر من التطورات الأخيرة، وما يمكنه أن يقلب الموازين هو تدفيع أمريكا وإسرائيل ثمناً واضحاً ومناسباً لسياساتهما العدوانية في المنطقة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات