الأحد 19/مايو/2024

2019.. عام غابت فيه الحريات العامة بالضفة

2019.. عام غابت فيه الحريات العامة بالضفة

منتصف ديسمبر 2019م، أسدل رئيس الوزراء محمد اشتية الستار على عام قضى منه 8 أشهر في عمله الحكومي رئيسا للحكومة، وختم عامه الأول بتصريح صحفي قال فيه إن “حرية التعبير عن الرأي مكفولة لكافة المواطنين، وأنه لم يتم اعتقال أي مواطن على خلفية الانتماء السياسي أو رأيه”.

ذاك التصريح قاله أيضاً في مطلع ترأسه الحكومة، لكن الوقائع الميدانية تخالف ذلك، فالمواطن الفلسطيني في محافظات ومدن ومخيمات وأحياء الضفة الغربية، أضحى ينطبق عليه المثل العربي الشهير: “نسمع جعجعة ولا نرى طحيناً”.

ويرى مراقبون وحقوقيون في الضفة الغربية أن عام 2019 اختلف كثيراً عن عامه السابق، إذ شهد تصاعداً حاداً في انتهاك الحريات العامة للمواطنين الفلسطينيين.

وبلغت في الأشهر الثلاثة الأخيرة (سبتمبر، أكتوبر، نوفمبر) عدد الانتهاكات نحو 900 انتهاك، رصدتها لجنة أهالي المعتقلين السياسيين في الضفة الغربية، تنوعت ما بين حالات اعتقال واستدعاء واحتجاز، ومداهمة لمنازل وأماكن عمل، وحالات تنسيق أمني بين أجهزة السلطة والاحتلال لتنفيذ اعتقال مواطنين.

تصاعد الاعتقال والتعذيب 
ومنذ مطلع عام 2019 برز المحامي مهند كراجة في متابعة انتهاكات السلطة الفلسطينية المتتالية، والتي لم تتوقف طيلة أيام السنة، إذ برز فيها تعذيب أجهزة السلطة بشكل أساسي للمعتقلين السياسيين، وفق ادعاءات وشهادات المعتقلين التي وصلت للمحامي كراجة ودونت في محاضر رسمية.

ووفق حديث الحقوقي كراجة لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” والذي يدير فريق “محامون من أجل العدالة”، فقد أكد توثيق محامي الفريق لادعاءات وشهادات تعذيب تعرض لها المعتقلون في سجون السلطة، ووثقت في محاضر النيابة العامة، كان منها آلاء البشير ومؤمن نزال.

وقال كراجة: “عام 2019 شهد اعتقالاً لأحداث (أطفال وصغار السن) بسبب نشاطهم السياسي”، مؤكداً أن كثيراً من الاعتقالات تتابع بشكل خاص، ولا تنشر عبر الإعلام نظراً لخوف عائلات المعتقلين السياسيين وبعض مصالح ذويهم في السلطة.

وأوضح أن فريق “محامون من أجل العدالة” رغم متابعته الدقيقة لملف انتهاكات السلطة في الضفة الغربية إلا أنه لا يتجاوز 10% من حقيقة الانتهاكات المتنوعة والمختلفة والمتتالية.

انتهاك حقوق الإنسان

واستعرض المحامي في حديثه لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أبرز انتهاكات حقوق الانسان في الضفة الغربية والتي شهدت تصاعداً حادًّا خلال 2019م ومنها: الاعتقالات السياسية والتعسفية، منع المحامين من ممارسة عملهم أمام المحاكم بالترافع عن موكليهم ومنعهم من زيارتهم، أو الحصول على توكيل معتقلين سياسيين.

وأكمل: “لم تنفذ أجهزة أمن السلطة قرارات قضائية بالإفراج عن معتقلين، وأبقت اعتقالاهم بتهم مختلفة، وارتفاع نسبة المعتقلين على ذمة المحافظ بشكل واسع وكبير، وزيادة في نسبة اعتقال واستمرار محاكمة النساء والفتيات مثل سهى جبارة وآلاء البشير، واعتقال طلبة الجامعات وأسرى محررين، ومنعهم من ممارسة عملهم النقابي الجامعي”.

ووفق كراجة فقد زادت حدة التعدي على حرية الرأي والتعبير في الضفة الغربية متمثلة بقرار حجب عشرات المواقع الإلكترونية الكبير على عاملين في الحقل الإعلامي والصحفي، واعتقال عدد منهم ونشطاء في مكافحة الفساد.

واستنكر المحامي بشدة في حديثه لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” الأحداث الخطيرة السابقة، والتي توجت في التعدي على حرية القضاء والقضاة الفلسطينيين، عبر عقد مجالس تأديبية لعدد منهم ومساءلتهم على خلفية آرائهم على مواقع التواصل الاجتماعي.

وشهد عام 2019 ارتفاعا بشكل كبير في ملاحقة أجهزة السلطة لكل من يعارضها في الرأي ومنهم عناصر حزب التحرير وحركة حماس والجهاد الإسلامي، ونشطاء من الجبهة الشعبية وحركة فتح بتهمة الولاء للنائب محمد دحلان.

وأشار كراجة، إلى وجود درجة كبيرة من الخوف تحوم في بيت ومجالس عائلات المعتقلين السياسيين، تمنعهم من العمل مع فريق “محامون من أجل العدالة” والتوجه لمحامين خاصين، بهدف عدم التأثير على مصالحهم التي تهددهم بها السلطة الفلسطينية، وعدم حديثهم عبر وسائل الإعلام.

عدم التزام بالاتفاقيات الدولية
وأوضح المحامي كراجة، أن السلطة الفلسطينية لم تلتزم بشكل فعلي بما ألزمت به نفسها من خلال الانضمام إلى اتفاقيات دولية تعنى بحقوق الإنسان، وحرية الرأي والتعبير والنشاط النقابي وحرية الإعلام ونشاطات سلمية.

وقال المحامي: “المفروض على السلطة الالتزام بهذه الاتفاقيات، وهي ملزمة بها، وهناك ضوابط وعقوبات بحقها وبحق منتهكيها من عناصرها، إذا تقدم أي شخص متضرر منها، بشكوى إلى المؤسسات الدولية المحتضنة لهذه الاتفاقيات البالغ عددها 16 اتفاقية”.

وأوضح الحقوقي كراجة، أن إجراء الانتخابات الفلسطينية وإنهاء الانقسام الفلسطيني بالاعتماد على هذه الآلية المتمثلة بالاعتقالات السياسية أمر مستحيل  تحقيقه، قائلاً: “إذا استمرت المناكفة السياسية بمزيد من الاعتقالات غير القانونية في الضفة الغربية وانتهاكات حقوق الإنسان؛ فإن الانتخابات وإن حدثت لن تكون حقيقية”.

وتمنى المحامي على السلطة الفلسطينية الالتزام فقط بالقوانين الفلسطينية والاتفاقيات التي انضمت إليها المتعلقة بحقوق الإنسان، والتي ترعى حرية الرأي والتعبير “حتى لا يتم التوجه لمحاكمة أفراد في السلطة وأجهزتها الأمنية انتهكوا حقوق الإنسان أمام المحاكم الدولية”.

وقال: “نحن كفلسطينيين، الأولوية لدينا هي محاكمة قادة الاحتلال الإسرائيلي وأعوانه أمام المحاكم الدولية”.

“الحريات ليست للكل”
وفي تقييم رئيس الحريات العامة في الضفة الغربية خليل عساف لعام 2019، وواقع الحريات العامة فيه، أوضح أنه “لم تتغير الوقائع على الأرض عن سابقها من الأعوام”، مؤكداً أن الحريات لـ”ناس اه وناس لا”.

وقال عساف في حديث لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “الحريات ليست لكل المواطنين في الضفة، ولا نستطيع القول وجود نصف حريات، والمطلوب وجود حريات عامة في الرأي والتعبير والعمل السياسي والنقابي”.

واستنكر تمييز السلطة الفلسطينية الجمهور بين مسموح له في حرية الرأي والتعبير والعمل السياسي وبين عكس ذلك بالمنع أو العقاب على شبهة القيام بنشاط معارض للجهة الحاكمة.

وأشار إلى أن الواقع في الضفة الغربية يؤكد وجود طبقات المواطنين بين أولى وثانية وثالثة، معقباً بالقول: “هذا خطير جدًّا جدًّا، وعلى السلطة أن تنفذ الحريات العامة للجميع، عامة وشاملة وكاملة، وتطبيق سيادة قانون على كل المواطنين الفلسطينيين”.

وشدد على عدم صحة الاعتداء على المواطن الفلسطيني باسم القانون، مشيراً إلى أهمية أن تكون الكلمة الأولى والأخيرة للقضاء الفلسطيني الذي أضعفته السلطة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات