عاجل

الأحد 26/مايو/2024

أبو حسنة.. أقدم مربي النحل بغزة يعود بـالمركز إلى بلدته بشيت

أبو حسنة.. أقدم مربي النحل بغزة يعود بـالمركز إلى بلدته بشيت

نقر الذاكرة يعيد الحاج عبد الفتاح علي أبو حسنة (96 عاماً) إلى 72 عاماً من نكبة فلسطين عاش فيها تاريخ بلدته بشيّت وحكايا الهجرة وجرائم الاحتلال قبل أن يستقر به المقام لاجئاً في قطاع غزة.

يسترجع أبو حسنة ذكريات بشيت التي سكنها (18) ألف مواطن وهي تتوسط قرى فلسطين المحتلة قضاء مدينة الرملة قبل أن تتعرض القرية لمعركة بطولية شهيرة بين المقاومة الشعبية من السكان وعصابات الاحتلال.

وكانت معركة بلدة بشيت من أبرز معارك النكبة في أيار عام 1948 بين الفلسطينيين والاحتلال وجهاً لوجه استشهد فيها العشرات من الفلسطينيين، وقدموا تضحيات كبيرة قبل أن تصل الجيوش العربية قادمةً من مدينة أسدود المحتلة لنصرتهم.

يعدّ أبو حسنة من أكبر معمري بلدة بشيّت المحتلة وأقدم مربي النحل اللاجئين في قطاع غزة على الإطلاق، وله خبرة عميقة مع خلايا النحل التي لازمها حتى فقد بصره مؤخراً.

 


null

شهداء البلدة

حنين الحاج أبو علي إلى فلسطين المحتلة ترسمه تجاعيد وجهه العميقة التي تغري كل من عرفه أن يسأله عن ذكريات النكبة وأيام الحياة الجميلة بين بساتين بشيت وخلايا النحل التي نقلها معه في رحلة اللجوء الممتدة.

ويضيف في حديث لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “عملت في بداية حياتي بنّاء في عهد الانتداب البريطاني، وكنّا نربي النحل، هاجرنا يوم 11 أيار إلى بلدة يبنا بعد بدء معركة بلدتنا من منتصف الليل حتى الصباح، وقاومت وبيدي بندقية ألمانية انتصرنا يومها على الاحتلال”.

تزوج أبو حسنة بعد نكبة عام 1948 وأنجب عشرة أبناء استشهد أحدهم في اليوم الأول من حرب غزة 2008، وله أكثر من 100 حفيد على قيد الحياة.

ويتابع: “انتظرنا الجيش العربي ونحن في بلدة يبنا ثم تركناها وانتقلنا إلى أسدود حتى وصلت قوات مصرية رحلت بعد أيام، وبعدها هاجرت مع أسرتي إلى قطاع غزة ثم سكنت مخيم البريج ولاحقاً مخيم النصيرات”.

تردد أبو حسنة على منزله في بلدة بشيت المحتلة بعد الهجرة سنوات طويلة فوجد أسرة يهودية تسكن في المنزل؛ ما أصابه بحزن شديد.

ورغم أن أبو حسنة تعلّم حتى الصف الرابع الابتدائي في فلسطين المحتلة إلا أنه يحفظ القرآن الكريم وجملاً من اللغة الإنجليزية والبولونية وأبياتاً من الشعر وأناشيد وطنية.

وعلى غير موعد ينتقل أبو حسنة للحديث باللغة البولونية التي تعلّمها من خلال العمل مع مهاجرين أيام الانتداب البريطاني قدموا من بولونيا بعد الحرب العالمية الثانية فيردد بعض العبارات ويترجمها قائلاً: “ما سمعته معناه كيف حالك؟ أنا بخير وهذه الأعداد بالترتيب من 1-20”.

ويردد أبياتاً من شعر أبو فراس الحمداني: “ناحت مطوقة ببـاب الطـاق فجرت سوابق دمعي المهـراق، كانت تغرد بالأراك وربما كانت تغرد في فروع الساق، فرمى الفراق بها العراق فأصبحت بعد الأراك تنوح في الأسواق، فجعت بأفرخها فأسيل دمعها إن الدموع تبوح بالمشتاق، تعس الفراق، وبث حبل وتينه وسقاه من سم الوساد ساقي، ماذا أراد بقصده قمرية لم تدر ما بغداد في الآفاق، بي مثل بك يا حمامة فاسألي من فك أسـرك أن يحل وثاقي”.

حنين الوطن

أكثر ما يذكره أبو حسنة هو بيته، وزراعة الأرض، ومحبة الجيران، وعلاقات الناس الاجتماعية الوثيقة بين الأقارب والجيران، والتي يفتقدها كثيراً هذه الأيام.

ويبدي أبو حسنة إعجابه بحكمة مختار بلدة بشيت الذي تصدى لمحاولات الانتداب البريطاني التحايل على ملاّك الأرض حين أخفى حدود الأراضي الموثقة، ودعا المزارعين لفلاحة الأرض على المشاع لتجاوز إجراءات الانتداب في معرفة حدود الأملاك وطرد من يحاول شراء الأراضي من جواسيس الانتداب.

وعاصر أبو حسنة حروب وعدوانات الاحتلال، مشدداً أن عقدة الاحتلال الآن هي من مقاومة قطاع غزة؛ فهي تمثل شوكةً في حلق الاحتلال.

وينتقل أبو حسنة فجأة لتلاوة القرآن الكريم مفضلاً القراءة من سورة الكهف؛ حيث دأب على تلاوة القرآن فجر كل يوم قبل بزوغ الفجر من عشرات السنين.

نحل فلسطين

في منزله القريب من وادي غزة، والذي أسسه فوق قطعة أرض واسعة تزدان بأشجار الزيتون والحمضيات لا تزال خلايا النحل تتوسط المكان، فهي جزء من حياته وبرنامجه اليومي.

يتجوّل بين صناديق النحل الخشبية مشدداً أن العسل الذي يقطفه في موسم الربيع أفضل من عسل سبتمبر الجاري لما يمتاز من خصوبة الرحيق ورحيق الزهور المتنوعة.

ويتابع لـ”المركز“: “مارست مهنة البناء في قطاع غزة، ثم واصلت تربية خلايا النحل من سبعة عقود حتى سنوات قريبة. النحل أفضل شيء تربيه لأنه يمنحك الرزق من الطبيعة، وتربية النحل في فلسطين المحتلة أفضل لأن الزهور أكثر وأفضل”.

لا يزال أبو حسنة يذكر بلدته بشيت ويحنّ إلى ترابها بتأوهات صوفية يطلقها كلما جاءت على خاطره كيف ترك أرضه وأشجاره وخلايا النحل التي صادقها منذ كان طفلاً.

ويضيف: “كل شيء كان جميلاً ونحن نربي النحل الذي يطير في البساتين ويرعى من زهور كثيرة في طبيعة البلدة. كنا نضع العسل عند القطاف في قوارير الفخّار، ويأتي التجار من مدن اللّد والرملة ويشترونه من قريتنا فيسحبونه من القوارير ويأخذون أقراص الشمع بدل أجرة السحب”.

ويذكر أحد مواقف الاحتلال معه في قطاع غزة خلال تربية النحل يوم جاء جنود الاحتلال وهاجموا بيته فتعثّر أحد الجنود بخلايا النحل فانقلبت الخلايا وهاجم نحل الخلايا الجنود قبل أن يفرّوا من المكان.

ويحفظ أبو حسنة عبارات قديمة يعدّها ناموساً للتعامل مع الاحتلال حين يقول: “لا نرى عن بلادنا بديلاً. الدول التي تدعي الديمقراطية سبب نكبتنا، سننتقم في الوقت المناسب. من لا وطن له عدوٌّ لأصحاب الأوطان”.

 

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

المواصلات.. عنوان آخر لأزمة طاحنة في غزة

المواصلات.. عنوان آخر لأزمة طاحنة في غزة

غزة - المركز الفلسطيني للإعلام بعد قرابة 8 أشهر من حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على قطاع غزة، تحولت عربات الكارو التي تجرها الحمير إلى وسيلة...