الأحد 19/مايو/2024

موجات التصعيد والهدوء في غزة إلى أين؟

موجات التصعيد والهدوء في غزة إلى أين؟

يظل قطاع غزة نقطة اشتعال متكررة في الصراع، ويسود الهدوء النسبي في القطاع ومحيطه في أعقاب التصعيد الميداني الليلة الماضية، ما أسفر عن استشهاد أحد عناصر القسام وإصابة جندي إسرائيلي.

واستهدف جيش الاحتلال خلال الأيام الماضية، العديد من المواقع التابعة للمقاومة الفلسطينية بغزة، وأدى عدوانه لموقع رصد للمقاومة أمس وسط قطاع غزة، إلى استشهاد محمود النباهين أحد عناصر كتائب الشهيد عز الدين القسام، وذلك بعيد إعلان الاحتلال عن إصابة جندي بنيران قناص من غزة.

وحملت فصائل المقاومة الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية عن عواقب العدوان العسكري على غزة، وما نتج عنه من استشهاد محمود النباهين أحد عناصر كتائب القسام.

وقالت الفصائل في بيان لها، اليوم الأربعاء (24-1): “لن نتخلى عن حقنا في الدفاع عن شعبنا، والأيام بيننا سجال”.

أزمة نتنياهو

المختص في الشأن الإسرائيلي أيمن الرفاتي قال إن نتنياهو يعيش أزمة في الفترة الحالية تتمثل في حساسية الوضع الداخلي في “دولة الاحتلال” خاصة في فترة الانتخابات، ويرى أن الضغط في أي جبهة من الجبهات سيؤثر عليه بأي شكل سلبي.

وأوضح في تصريح خاص لـ”المركز الفلسطيني للإعلام”، أن نتنياهو بات يرى أن أي حادثة ستحدث في الجبهة الشمالية أو الجنوبية يجب أن يكون عليها رد قوي، كما أنه (نتنياهو) يرى أن هذه الفترة قد يستغلها خصومه لتشويه صورته، وبالتالي هو يذهب خلال الفترة الحالية لمحاولة إبعاد الضغط المفروض عليه من خلال توجيه البوصلة تجاه الوضع الأمني سواء في الشمال أو قطاع غزة.

وبخصوص التصعيد الذي جرى أمس على حدود القطاع، فيعتقد الرفاتي أن نتنياهو يدرك جيدًا أن مثل هذه الأفعال قد تجر غزة إلى عملية واسعة سيكون ضررها عليه أكثر من قضية إدخال الأموال إلى قطاع غزة.

ولفت إلى أن نتنياهو يدرك أنه أمام خيارين صعبين، الخيار الأول يتمثل في السماح بالاستمرار في حالة الهدوء بغزة عبر إدخال التحسينات والأموال القطرية، أما الخيار الثاني فيتمثل بخوض حرب عسكرية على قطاع غزة، والتي يدرك أن فرصة نجاحه فيها ستكون ضئيلة خلال الفترة المقبلة.

تصعيد أم هدوء؟

وبخصوص الخيارات التي قد تنتظر قطاع غزة، أوضح الرفاتي أن غزة قد تكون أمام جولة تصعيد خلال الأيام المقبلة، وستحاول المقاومة تثبيت قواعد الاشتباك، والتأكيد على أن من يراهن بإمكانية استخدام قطاع غزة سيكون فاشلاً وسيؤثر على مستقبله السياسي.

وقال إن هناك سيناريو يتمثل بحالة من الهدوء من خلال استمرار إدخال التحسينات الاقتصادية والمنحة القطرية لقطاع غزة بما يضمن حالة الهدوء، وبما يخفف الضغط على نتنياهو وبما يساعد في إبعاد صورة قطاع غزة عن الصورة في فترة الانتخابات باعتبارها المعضلة الأكبر والأبرز.

وقال ماجد الزبدة الكاتب والمحلل السياسي إن “دولة الاحتلال” تعيش هذه الفترة مرحلة انتخابات برلمانية، وعادة ما تستخدم الأحزاب الصهيونية الدماء الفلسطينية كرافعة انتخابية بهدف الحصول على دعم الناخب الصهيوني.

وأوضح الزبدة في تصريح لمراسلنا، أن نتنياهو ينتمي إلى اليمين المتطرف، ويسعى أمام الناخب الصهيوني إلى التأكيد على عدائه للشعب الفلسطيني وغزة على وجه الخصوص، وبعد قضايا الفساد يسعى للهروب للأمام باتجاه غزة كي ينال تأييد المجتمع الصهيوني ويُبعد عنه شبح الاتهام بالفساد في الفترة التي تسبق الانتخابات البرلمانية على أقل تقدير.

وأضاف: “جيش الاحتلال يسعى إلى فرض قواعد اشتباك جديدة مع غزة، خاصة مع تسلم أفيف كوخافي مهامه كرئيس لأركان جيش الاحتلال”.

وحول السيناريوهات التي تواجه غزة، ذكر الزبدة عدة سيناريوهات، أولها أن تكظم فصائل المقاومة غيظها وتصمت على تصعيد الاحتلال منعًا لانزلاق الأحداث نحو مواجهة مفتوحة مع جيش الاحتلال، وبالتالي تناشد وتنتظر الوسطاء للضغط على الاحتلال وإلزامه باتفاقية التهدئة، وهذا سيناريو مستبعد وفق وجه نظره.

أما السيناريو الثاني فهو أن تسعى فصائل المقاومة لفرض رؤيتها وشروطها على الاحتلال من خلال الضغط الشعبي على جيش الاحتلال قرب السلك الزائل، مع عودة الاحتكاك العنيف وأدوات المواجهة الخشنة، مثل: إشعال الإطارات، واختراق الأسلاك الحدودية، واستخدام البلالين الطائرة وغيرها من الأدوات، وهو الخيار الأقرب للمنطق وفق قوله، لافتًا إلى أنه يحمل مخاطر الوصول إلى مواجهة عسكرية محدودة مع جيش الاحتلال.

أما السيناريو الثالث فهو انفجار غزة عسكريًّا وشعبيًّا باتجاه “دولة الاحتلال” وانزلاق الأمور إلى مواجهة عسكرية مفتوحة قد يصعب السيطرة عليها دون تدخل أطراف إقليمية ودولية وهو خيار محتمل، وفق قوله.

من جهته، قال أحمد أبو زهري الباحث في الشؤون السياسية والقانونية، إن الوضع في غزة على حافة كارثة إنسانية، تنذر بانفجار قادم في وجه الاحتلال الإسرائيلي، فزيادة الضغوط على غزة، وتنصل الاحتلال من التزاماته حول حالة الهدوء، يدفع قوى المقاومة لبحث خياراتها في هذا الاتجاه.

وأوضح أن تكرار الخروقات والانتهاكات الإسرائيلية، وتصاعد حجم الاستهداف بين الآونة والأخرى تجاه المواطنين في قطاع غزة، ومنع تحويل أموال المنحة القطرية، واستمرار التهديدات من المستويات الإسرائيلية المختلفة تجاه قطاع غزة نحو إمكانية شن عدوان جديد، تأتى في سياق سعى القادة الإسرائيليين لتسجيل نقاط جديدة في رصيدهم أمام الجمهور الإسرائيلي في الانتخابات القادمة.

استعراض الاحتلال 

وأكد أبو زهري أن هناك حالة سباق نحو الاستعراض في ساحة غزة والسعي لتحقيق أي نصر على حساب دماء الفلسطينيين، مشيرًا إلى أن الاحتلال الإسرائيلي لا زال يحاول استفزاز المقاومة لجرها لموجة تصعيد بمفهوم حرب تستمر لأيام أو ساعات. 

وطالب قوى المقاومة في غزة الاستعداد والبقاء في حالة تنسيق وتشاور وتفويت الفرصة على العدو، وعدم انفراد فصيل ببدء التصعيد أو المواجهة، وأن يتم التعامل مع التهديدات وفق نظرة شمولية غير مجتزئة تتطلع للأحداث بشكل استراتيجي، وتراعي تعقيدات الواقع والمعطيات المتوفرة. 

وأضاف: “على المقاومة أن تضع في حسبانها حساسية الظرف على أن يكون العمل وقرار المواجهة في إطار جامع من خلال الغرفة المشتركة للمقاومة”.

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات