السبت 27/أبريل/2024

المحرر أسامة هلال.. حكاية أسر عمرها 14 عاما تخللها مائة بوسطة

المحرر أسامة هلال.. حكاية أسر عمرها 14 عاما تخللها مائة بوسطة

14 عاما قضاها في سجون الاحتلال، لم تفتّ في عضده، بل زادته علمًا وفكرًا. صحيح أن الموت غيّب كثيرًا من أحبائه، إلا أن الحياة وشغفها لم تخمَد في روح الأسير القسامي المحرر أسامة هلال.

كان يوم اعتقال الأسير المحرر أسامة إبراهيم هلال عبد الفتاح (38 عاماً) من نابلس مشهودا، ففي 5 تشرين الأول 2004م، تعرض المطارد لأكثر من شهر آنذاك، لملاحقة مكثفة، حتى تمكن الاحتلال من اعتقاله بعد نصب كمين له قرب مدينته.

وبعد خضوعه لتحقيقٍ قاسٍ استمر شهرين، أصدرت محكمة الاحتلال بحقه حكماً مدته 14 عاماً، بتهمة انتمائه ونشاطه في كتائب القسام، وتنفيذه عمليات عسكرية ضد أهداف للاحتلال.

ويصف “أسامة” متاهة التنقلات بأقسى محطات الأسر سواء كانت للسجون أو المحاكم والمشافي، “إذ انتقل من سجن الرملة إلى جلبوع، ومكث فيه 3 سنوات، ثم إلى سجن هشارون سنة، وتبع ذلك إلى سجني ريمون والنقب، ثم إلى سجن عوفر وبعدها للنقب ثم إلى تفحة وريمون، وأخيرا حطت الرحال به إلى سجن النقب الصحراوي، ومكث فيه غالبية اعتقاله، وهي 9 سنوات تقريبا”.

ويقدر “أسامة” في حديثه لمراسلنا، عدد مرات تنقله بالبوسطة بنحو (100)، كان يتخللها عذاب يفوق قسوة التحقيق والزنزانة، إذ تستمر ما بين 3 إلى 7 أيام، كما يتذكر أبرز محطات الأسرى، ومشاركته بإضراب 2012، والذي وتحققت فيه إنجازات مهمّة، أبرزها إخراج الأسرى المعزولين.

و”البوسطة” من الخارج تبدو حديثة وجميلة اللون، لكنها من الداخل مقسمة إلى ثلاثة أقسام، قسم لعناصر وحدة النحشون المجهزون بعتادهم وكلابهم البوليسية، وقسم لأكثر من 20 أسيراً، وقسم ثالث فيه زنازين يوضع فيه الأسرى وهم مقيدون بأيديهم وأرجلهم.

ويصف الكاتب والباحث المختص بشؤون الأسرى ثامر سباعنة، في بيان تصريح صحفي، البوسطة أنها قبور متنقلة يذوق فيها الأسرى أشد العذاب، ويمنعون من الشراب أو قضاء الحاجة، ويجلسون على مقاعد حديدية كل أسير بجانب الآخر، وهم مقيدون بعضهم ببعض من أيديهم وأرجلهم.

ويمنع الأسرى جميعاً من الحديث أو حتى حمل المصحف الشريف، ويتناولون وجباتهم وهم مقيدون، وتغلق جميع نوافذ البوسطة ما يجعلها كريهة الرائحة، وهي مجهزة بكاميرات مراقبة، في حين تدخل مياه الأمطار من سقفها في أيام الشتاء.

أما زيارات الأهل، فيقول المحرر أسامة: “لقد اقتصرت على والدتي، وتخللها مرات معدودة لشقيقاتي”، في حين لم يتمكن من لقاء أحد أشقائه طوال اعتقاله، وفي عدة سنوات حرمت والدته من زيارته، تحت مبرر “عدم وجود صلة قرابة”!

أما أسعد اللحظات التي لم تتوقف الدموع لحظتها، فكانت ليلة الإفراج عنه، حيث أقيم له حفل وداع غلبت عليها المشاعر الجياشة لأقرانه، الذين عاش معهم طيلة سنوات الاعتقال، لكنه يستدرك قائلا: “فرحتي ما زالت  ناقصة لأن إخوتي ما زالوا خلف قضبان الأسر يعيشون الحرمان من الحقوق والحرية، ولن تكتمل فرحتي إلا بإطلاق سراحهم”.

والمحرر “أسامة” أصغر أفراد أسرته؛ حيث توفي والده قبل أسره بمدّة، كما توفيت اثنتان من خالاته أثناء الاعتقال، فيما تزوجت شقيقاته وشقيقه وأنجبوا أطفالا لم يشاهدهم.
 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات