عاجل

الثلاثاء 21/مايو/2024

الإرباك الليلي يكسر حاجز الخوف ويشعل الاستنفار الدائم

الإرباك الليلي يكسر حاجز الخوف ويشعل الاستنفار الدائم

كرات اللهب تتكاثر على حدود قطاع غزة بعد أن يرخى الليل عباءته ويشهد الشريط المحاذي للسلك الفاصل أصواتاً تصمّ الآذان رفضاً لاستمرار حصار غزة الذي دمّر طبقات الحياة اليومية.

بدأت ظاهرة الإرباك الليلي التي أطلقها عشرات الشبان الغاضبين بمظهر احتجاج غير معتاد على حدود مخيم البريج، أشعلوا فيها الإطارات، وأطلقوا الصافرات، واقتربوا من السلك الفاصل قبل أن تنتقل الظاهرة وتتطور بأدوات متجددة إلى حدود قطاع غزة كافة.


null

وتجسّد ظاهرة الإرباك الليلي وسيلة إزعاج جديدة لجيش الاحتلال تخطت حدود احتجاجات مسيرة العودة في وضح النهار، فقد كسرت حاجز الصمت، وجددت الحركة ليلاً في نقاط حرم الجيش المزارعين والمواطنين من زيارتها نهاراً.

اضطراب متواصل
الساعة البيولوجية لدوريات الاحتلال على حدود غزة اضطربت بالكامل، فما يجري تخطى حدود الاتساع وتجاوز نطاق التوقع، حين كسر آلاف الشبان حاجز الصمت، وخاطبوا الجيش بأسلوب قوته في بساطة أدواته.

ويقول أبو عبادة أحد الشبان المشاركين في الليلة الأولى من “الإرباك الليلي” إنهم بدأوا الظاهرة بإشعال الإطارات وإطلاق الصافرات والأناشيد في مكبرات الصوت، ثم تطوّر الأمر لإطلاق أضواء الليزر وقصّ السلك الفاصل.


null

بعيد المغرب تتفق مجموعة من المشاركين على نقطة تماس متغير بواسطة مجموعة لهم على موقع (فيسبوك أو واتسآب)، ثم يتوجهون دفعةً واحدة وهم يهتفون ضد حصار الاحتلال، ويطلقون الألعاب النارية والصافرات المزعجة التي اشتكى منها سكان مستوطنات غلاف غزة.

ويضيف أبو عبادة: “بعد إطلاق الألعاب النارية والأصوات المزعجة، نحاول الاقتراب من السلك، ونبدأ بضرب مزيد من الألعاب وإشعال عدة إطارات للتمويه، فيما يتولى آخرون قصّ السلك”.


null

ويرجح المشاركون أن الجنود لا يتمركزون في ثكنات الحدود، بل ينصبون الكمائن الليلية في الأحراش خلف السلك الفاصل، وقد أدى الإرباك حسب آراء المشاركين لاستنفار الجيش على طول السلك والحركة بموازاة المتظاهرين.

ويقول (أبو أسامة) وهو مشارك دائم، إن ردة فعل الجيش في الليلة الأولى كانت غاضبة، وقد استعدى آليات، وأطلق النار، مما دفع المتظاهرين لتشغيل مكبرات صوت بأصوات مزعجة طوال الليل.

ويتابع: “تعرضنا للرصاص، وصواريخ طائرات الاستطلاع، وقنابل ضوئية لكشف حراكنا، ونغيير أماكننا باستمرار، ونستفيد من وجود بعض السواتر الترابية وأكثر ما أزعجهم أطلاق الألعاب النارية عندما نواجه السلك الفاصل مباشرة”.


null

ليلة الجمعة
مساء الجمعة الماضية واصل حشد المتظاهرين احتجاجه في نقطة للمرة الأولى تشهد حالة تماس بين جنود الاحتلال وآلاف المواطنين قرب الحفّار الكبير وآليات بناء الجدار الخرساني جنوب موقع (الكاميرا) الشهير على حدود قرية جحر الديك.

واعتاد المتظاهرون مغادرة نقاط التماس مع أذان المغرب كل جمعة؛ لكن الجمعة الماضية تناوب الآلاف على مواصلة الاحتجاج، واستخدام الألعاب النارية وإشعال الإطارات وأضواء الليزر في نقاط تماس جديدة.


null

ويؤكد اللواء يوسف شرقاوي الخبير في الشئون العسكرية أن (الإرباك الليلي) كسر حاجز الخوف، وزاد من استنفار جيش الاحتلال الذي اعتاد إطلاق النار على أي شبح يشكّ بحركته قرب السلك الفاصل.

أصعب أنواع القتال للجيوش حسب خبرة شرقاوي، هو القتال في الليل، وقد شكل النموذج الجديد للإزعاج مفاجأة من الممكن الاستفادة منها في إزعاج الاحتلال بالضفة المحتلة، مستذكراً فعلا مشابها، استخدام إشعال النيران زمن احتجاج الهنود على المحتل البريطاني.

ويحاول المشاركون في (الإرباك الليلي) التنويع بين نقاط التماس في كل ليلة والحركة بشكل غير منطقي، لمفاجأة الجيش الذي يراقبهم ويطلق النار وصواريخ طائرات الاستطلاع عليهم.


null

ويقرأ رامي أبو زبيدة الباحث في الشأن العسكري ظاهرة (الإرباك الليلي) بأنها إبداع جديد من المقاومة الشعبية تستخدم إشعال الإطارات وإطلاق الأصوات وتسلل الشبان للسلك الفاصل.

ويضيف: “هذا الشكل على بساطته، يربك منظومة الأمن، ويظهر عجز الجيش بعد أن تدرّجت الاحتجاجات من البالونات والطائرات الورقية إلى الإرباك الليلي الذي ينذر باقتحام الدشم العسكرية”.

ويلخّص أبو زبيدة الأسلوب الجديد، بأنه طريقة خداع تخلق ثغرات وتشوّش على دوريات الاحتلال التي تعجز أن تفرق بين الحركة الاعتيادية والاستثنائية على الحدود، مما يوفر للمتظاهرين عنصر المفاجأة عند اختيار نقاط التماس.


null

ويتابع: “مؤخراً بدأ الاحتلال يواصل بناء جداره الحدودي ليلاً، وهذا النشاط يزيد إرباكه، ويوفر فرصة لشن هجمات تضليلية، ويقوّي موقف المتظاهرين من جهة المباغتة، وهو أسلوب مبتكر تكيفت فيه غزة مع الجغرافيا الخاصة بها”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات