الثلاثاء 21/مايو/2024

الطريق إلى الداخل المحتل.. لقمة عيش مغموسة بالدم

الطريق إلى الداخل المحتل.. لقمة عيش مغموسة بالدم

كان لزاما على المواطن “أمجد أبو راس” أن يسير لأكثر من سبعة كيلومترات دون أن يلتفت وصديقه للخلف، ظانًّا أن جنديا من حرس الحدود الصهيوني ما زال خلفه، بعد أن اجتاز ثغرة في أسلاك جدار الفصل العنصري قرب عزون عتمة في قلقيلية شمال الضفة الغربية.

وما إن التفت “أبو راس” خلفه بين الأحراش ولم يجد أحدا استلقى أرضا، وأخذ نفسا عميقا وقسطا من الراحة، ليكمل مشواره لمدينة حيفا في فلسطين المحتلة عام 1948، بعد أن كاد أن يقع في كمين لحرس حدود الاحتلال، الذين اعتقلوا العشرات من العمال الذين كانوا برفقته.

وبات مشهد اعتقال العمال بالعشرات بين الأشجار والجبال مشهدا معتادا، بينما آخرون يتم تقديم الإسعاف لهم نتيجة الكسور والرضوض التي لحقت بهم في المناطق الحدودية بين الضفة وأراضي 48، “في رحلة باتت مغمسة بالدم، بحثا عن فرصة عمل”، مثلما يقول العامل منير حمران، لمراسلنا.

ويستطرد “حمران” في وصف الرحلة التي تبدأ في ساعات الفجر الأولى بين شبكات تهريب العمال، وتكلف نحو 100 دولار، قائلا: “أحيانا نسير تحت أزيز الرصاص للوصول لمكان العمال والمبيت على الأقل لشهر قبل العودة، لأن مثل هذه الرحلة المرعبة لا يمكن أن يتحملها الإنسان يوميا”.

واقع مرير

ويقول الناشط النقابي خليل محاريق، عضو الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، إن الواقع المرير في الضفة بات لا يطاق، فغالبية هؤلاء الشباب ممن يغامرون بحياتهم، بحثا عن لقمة العيش في الداخل هم من خريجي الجامعات وبمعدلات عالية، ولكنهم دون واسطة للتوظيف، أو إن آباءهم ليسوا مسؤولين كبار، فانضموا للطبقة العاملة حتى يتمكنوا من العيش بكرامة”.

ويضاف إلى ذلك، وفق محارق، “ضآلة فرص العمل في الضفة الغربية، وإن توفرت، فإن صاحب العمل يتجبر بالعامل، إذ لا يتجاوز الراتب 1400 شيكل”.

ويضيف: “سماسرة التصاريح يبتزون العمال، بأسعارها الباهظة، فالتصريح يتراوح ثمنه بين 1800-2000 شيقل، بينما تصاريح العمل التي يسيطر عليها السماسرة، فتتراوح ما بين 2500 و2800 لذلك يفضل العمال عبور الأسلاك الشائكة رغم خطورتها”.

وانتقد محاريق الاتحادات العمالية، واتهمها بأنها تسمي نفسها بهذا الاسم شكلا غير مكترثة بما يحدث لهؤلاء العمال، وتكتفي بالإدانة وغير ذلك الكثير.

ما المطلوب؟

ويرى الخبير التنموي مازن علاونة في حديثه “لمراسلنا“، أن الواقع الذي يفرضه الاحتلال والاتفاقات الاقتصادية المكبلة لشعبنا، أكبر من أن تسهم في إيجاد بيئة تنموية اقتصادية حقيقية، ما يجعل العمل في أراضي 48 حالة لا مجال للانفكاك عنها.

ولكنه استدرك أنه ورغم ذلك، فإن الافتقار إلى السياسات الاقتصادية الحكومية السليمة يفاقم مشكلة البطالة لدى الشباب، “فمثلا غياب السياسات الزراعية السليمة، وعدم وجود صندوق لتقديم القروض الاستثمارية للشباب الرياديين، وعدم تأهيل الشباب في مجالات أعمال جديدة وغير تقليدية وفتح تخصصات لها بفلسطين، كلها سياسات تعزز الأفق المسدود”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات