الثلاثاء 21/مايو/2024

متعة الشماتة

حيدر المصدر

كم أنا شامت. نعم، تعتريني مشاعر شماته لا حدود لها، وأنا أرى ملايين الدولارات تتبخر في حملة دعائية كتب لها الفشل. شماتتي كبيرة بوزارة الشؤون الإستراتيجية، تلك المتخصصة في مواجهة أنشطة حركة المقاطعة BDS. تمتد شماتتي أيضاً لتطال وزارتي الثقافة والرياضة، وهما تسجلان فشلاً مشهوداً في إقناع الأرجنتين التخلي عن إنسانيتها إستجابةً لأحقاد بشرية سوداء. مقدار الشماتة الأكبر يتجه نحو نتنياهو، وحالة البؤس التي تعتريه، وهو يرى منظومته الدعائية تتهاوى شيئاً فشيئاً.

لقد دأبت إسرائيل خلال السنوات القليلة الماضية على تطوير أنشطتها الناعمة، لاسيما توظيف الرياضة، في رسم لوحة دعائية، تستجيب لدعوات تحسين صورتها عالمياً، بعد أن تشوهت لإراقتها دماء الأبرياء. فهي، حتى وقت قريب نسبياً، ظلت مشغولة بأمنها العسكري، ولم تولي مبدأ الظهور العام إهتماماً كافياً. لكن، ولأجل أن تنأى بنفسها عن القضايا السياسية الحساسة، وجدت في الرياضة سلعة رائجة، ومصدر محتمل لتلوين جلدها؛ وكيف لا، وهي وسيلة مثالية لنقل رسائل ترويجية إلى جمهور عالمي يعشق كرة القدم.

بالنسبة لإسرائيل، إستضافة منتخب كبير كالأرجنتين، له فوائد جمة، فهو يسمح بظهور إيجابي على المسرح الشعبي العالمي، خاصة في وقت تتصاعد فيه أرقام ضحايا إرهابها في غزة. فالحدث، على بساطته، ما هو إلا محاولة ساذجة لعكس الإتجاه، والتهرب عن تقديم إجابات لأسئلة محورية، تتناول حقوق شعب هجر من دياره، ويُفرض عليه حصار خانق، لم يشهد التاريخ الحديث له مثيلاً. وعلى إعتبار أنها تحاول الإستفادة من تجربة جنوب إفريقيا خلال استضافتها لنسخة كأس العالم التاسعة عشر، إلا أنها تناست حقيقة خلاص الأخيرة من وصمة “الأبرتهايد”، فيما تقبع هي تحت نقض متصاعد، لا لسياستها العنصرية فحسب، بل لنازيتها، لو صح لنا التشبيه.

إسرائيل، التي لم تهنئ بفوز متسابقتها في منافسة Euro-Vision الموسيقية، لن يُسمح لها ترويج نفسها كساحة للديمقراطية والتنوع، في الوقت الذي يعاني فيه شعبنا الفلسطيني من عنصريتها وساديتها. لابد من كشف وجهها الحقيقي، عبر تكثيف جهودنا الإعلامية، وإقامة صلات مستدامة مع كل الحركات العالمية التي تنشط ضدها، ما يسمح لنا بتجاوز عُقد الدبلوماسية التقليدية، نحو تلك الشعبية المؤثرة، التي لا تخضع لأحكام الضبط المركزي، إلا في حدود التنسيق وبناء التناغم.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات