الثلاثاء 21/مايو/2024

صغار معركة جنين يكبرون

صغار معركة جنين يكبرون

يستذكر ياسين سويطات من مخيم جنين شمال الضفة الغربية هذه الأيام ذكرى معركة مخيم جنين شمال الضفة الغربية التي عايشها طفلا في نيسان عام 2002 فهو شقيق استشهادي وشهيد، فيما هدم منزل ذويه بالمعركة.

ذكريات معركة المخيم لديه تمر ذكراها هذه الأيام، لتعيد تذكيره بحق العودة والإصرار عليها وفاء لدماء الشهداء.

ولا يغيب عن ذهن ياسين والذي كان عمره عشر سنوات حين بدأت المعركة إرهاصات بدء المعركة عقب عملية استشهادية في حيفا،  أوقعت (20) قتيلا صهيونيا، وما هي إلا لحظات حتى بدأت سماعات المساجد في مخيم جنين تنعي الاستشهادي شادي الطوباسي ابن مخيم جنين تلاها الاستعدادات للاجتياح.

وتعود الذاكرة بياسين في حديثه لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام”، إلى بدايات المعركة في الثالث من نيسان، ويقول: “غادر أخي نضال البيت قبل عملية الاقتحام بيوم واحد، وبدأ الاجتياح وحصار من جميع الاتجاهات والمحاور، دخلت الدبابات والطيران، انقطع التيار الكهربائي والماء والاتصالات عن المخيم، كنا قد خزنا (20) قنينة ماء لقضاء حاجات البيت.

امتلأت أسطح منازل المخيم بالقناصة، وانتشر الجيش ببعض الأحياء بالمخيم، ومع اقتراب غروب شمس اليوم الرابع اقتحم الجيش منزل الجيران، ومنه دخلوا لبيتنا من خلال أحد الشبابيك.

ويستذكر ياسين “بدأ الجيش بتفتيش المنزل بعدما علموا بأن شقيقي يوسف منفذ عملية الخضيرة الاستشهادية في العام 2001، ونبشوا أغراض يوسف الشخصية لمصادرتها وإتلافها، وكتبوا على المنزل من الخارج بالعبرية أن البيت سيهدم”.

ولا ينسى ياسين استفزاز وتهديد جنود الاحتلال حينها لوالده حين قال له أحد الجنود، إنني سأقتل ابنك مشيرا بيده إلى شقيقي عمران؛ لأن ابنك يوسف قتل أقاربنا بالجيش بعملية التفجير في الخضيرة، وبعد طلب والدي رؤية الضابط المسئول، أرغم الضابط الجنود على ترك شقيقي عمران والخروج من المنزل.

صمود تحت النار
 ويستذكر يوسف تلقيه خبر استشهاد شقيقه نضال في المعركة “بعد خروج الجيش من المنزل التزمنا البيت بعد إصرار والدي على البقاء في المخيم ولو كلف الأمر الموت في منزلنا، وبعد أربعة أيام من الحصار داخل المنزل، ومع دخول اليوم الثامن للمعركة وعدم القدرة حتى على الخروج للبحث عن طعام وماء، تمكنت من الوصول إلى بقالة في حي السمران، وقبل دخولي للشراء، أوقفني شاب وسألني عن شقيقي نضال فأجبته “نضال خرج من المخيم إلى إحدى القرى،  فأخبرني بأن نضال قد استشهد، حينها عدت للمنزل بسرعة دون شراء أي شيء، وأخبرت والدي بأن نضال استشهد، فرد علي والدي “يا ريتنا متنا من الجوع ولا أسمعتني هذا الخبر”.

“بدأنا عملية البحث عن نضال أنا وشقيقي عمران-  يضيف يوسف –  حتى وصلنا إلى خبر بأن جثمانه موجود في منزل خالد السعدي إلى جانب ستة جثامين لرفاقه في منطقة الساحة، وبالفعل وصل عمران للمنزل، وهناك تعرف على جثمان شقيقي نضال.

وما هي إلا ساعة حتى عاد عمران إلى البيت وهو يبكي ويقول لأمي نضال راح ……شاهدت جثمانه وهو يرتدي الخوذة العسكرية وجعبته العسكرية، وما جعلنا نتعرف عليه أكثر وجود شامة في يده اليسرى”؛ يضيف يوسف.

يقول ياسين “دخلت الغرفة فشاهدت خمسة جثامين للشهداء منهم شقيقي نضال، وعرفت منهم مصطفى الشلبي، ومحمد طالب، ونزار مطاحن، جدران الغرفة مليئة بالدماء، وجثمان شهيد آخر ملقى على مدخل المنزل، وتبين أن المنزل تعرض لصاروخ طائرة أباتشي، وفي الغرفة الأخرى جثامين لشهداء آخرين”.

ولا ينسى ياسين يوم الخامس عشر من نيسان حين بدأ جيش الاحتلال بالانسحاب من المخيم، فيما بدأ أهالي المخيم بالبحث عن أبنائهم وعن طعام يأكلوه بعد انقطاع دام 15 يوما.

(16) عاما على معركة مخيم جنين، كبُر ياسين وترعرع بين أهله وتزوج ورزق بطفلتين وطفل أسماه نضال تيمنا بأخيه الشهيد ..فيما  لا يجد صورة له ولإخوته وهم أطفال؛ حيث ردمت الذكريات المادية تحت الأنقاض.

ويؤكد يوسف بأن رسالة معركة المخيم تبقى خالدة، وهي أن المقاومة مستمرة حتى تحقيق العودة، وأن الكبار يموتون ولكن الصغار لا ينسون.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات