الثلاثاء 21/مايو/2024

علي الحاج.. ضحية جديدة لإجرام الاحتلال على حدود غزة

علي الحاج.. ضحية جديدة لإجرام الاحتلال على حدود غزة

“أرسل رسالة للجندي الإسرائيلي الذي دمّر ساقي وأخبره، مصيرك تقع، ولن تنجو من العقاب، وحسبنا الله ونعم الوكيل”، من فوق سرير المستشفى ردد الجريح علي الحاج هذه الكلمات مودّعاً الأيام الأخيرة لاحتفاظه بساقه اليسرى.

وكان الشاب علي أحمد الحاج (27عاماً)، من مخيم البريج وسط قطاع غزة، أصيب برصاصتين متفجرتين من  قنّاص جيش الاحتلال خلال تجمّع عشرات الشبّان للمشاركة في الاحتجاج السلمي الأسبوعي الحدودي.

ويتعرّض المشاركون في الاحتجاجات السلمية على حدود البريج بشكل أسبوعي لإطلاق النار والغاز المسيّل للدموع، ما أوقع العشرات منهم منذ مطلع انتفاضة القدس في أكتوبر 2015، بين مصاب وشهيد.
 
مراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” تتبع قصة الحاج  منذ إصابته وتلقيه العلاج في المستشفى،  وحتى إجراء العملية الجراحية التي سجلت جريمة جديدة لجنود الاحتلال.

ساق واحدة
طوال أسبوعين تدهورت حالة الجريح الحاج، وقد بدأت الحكاية بتدمير الرصاص المتفجّر لكامل مفصل ركبته اليسرى، ووقوع نزيف حاد انتهى بتلف طرفه الأيسر وبتره.
 
في مستشفى الشفاء يرقد الحاج في قسم الجراحة برفقة شقيقه خضر وإبراهيم، وقد اكتفى الأطباء بتضميد جراح ساقه اليسرى بعد غرز قضبان البلاتين وتمريض الجرح بانتظار مصيرها المرتقب بعد أيام.
 
اعتاد علي التوجه للحدود كل جمعة وفي المناسبات الوطنية الخاصّة، وقد أصيب قبل شهرين بشظايا في ذراعه بجراح طفيفة، لكن قنّاصة الاحتلال دمّروا ركبته قبل أيام بالكامل.
 
يجاهد للتعبير عمّا جرى، ولا زالت آثار الدماء التي نزفها بكثرة من لحظة إصابته عالقة بين أظافره ويقول: “أشعلنا الإطارات و تجمعنا قرب تل أم حسنية، وجاء القنّاص الأسمر، ولما صار على بعد عشرة أمتار شتمنا وقال: “سنقتلكم ..سنبيدكم –ثم أطلق رصاصتين علي وسقطت”.

نزف علي بغزارة وقد كان برفقته شقيقه حامد الذي صرخ مع شبان آخرين على عربة الإسعاف، وأقلوه لمستشفى الأقصى، لكن النزف الشديد اضطر الأطباء لنقله لمستشفى الشفاء.
 
ويقول خضر شقيق على: “علي اعتاد الذهاب للحدود وكثيراً ما نصحناه، لكنه كان يردد لا أستطيع رؤية جرائم الاحتلال في الأقصى وبحق الاطفال ولا أشارك”.
 
نقل الأطباء تسع وحدات دم للجريح الحاج، أجروا له عملية في شرايين ساقه المصابة، ونقلوا شريان من ساقه السليمة لإنقاذ اليسرى، واكتفوا بالانتظار في مستشفى الشفاء دون قدرة أهله على نقله للعلاج في الخارج.
 
رصاص الموت
لا يخترق رواية خضر سوى قدوم ممرض قسم الجراحة الذي جاء للاطمئنان على عدم نفاد المحلول المعلّق فوق سرير علي، وقد تفقّد ساقيه كاشفاً عن جسد الجريح نصف العاري.

يواصل خضر قائلاً: “نحن الآن في مرحلة حرجة، والأطباء يعملون على إعادة سريان الدم من جديد في ساقه، وإلا سيضطروا لبترها من فوق المفصل، ونحن لا نريد وقوع ذلك”.

ويعرف الجريح شخصية القنّاص ويصفه بأنه أسمر البشرة يتنقل ومشيته غير طبيعية؛ حيث يتناقل المحتجون على الحدود أنه مصاب بنيران المقاومة في حرب عام 2014، وأنه يشتم بشكل متكرر، ويحاول الانتقام.

ويقول راصد ميداني لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“، إن القنّاص الإسرائيلي يتبع وحدات المظليين، وإنه يعمل في واقع الاحتلال على السلك الفاصل منذ عدة شهور، وقد أصبح معروفاً للمقاومة وعشرات الشبّان المحتجين.
 
ويضيف: القنّاص أسمر البشرة ومتوسط الطول ويتحدث العربية بطلاقة، وقد أصاب عدة شبان بالرصاص الحي والمتفجر في الأسابيع الماضية، قبل أيام انتقل من العمل على حدود غزة، ولم نعد نراه، فكما نعلم كل 6 شهور تتنقل فرق الجيش بين المناطق الحدودية لكامل فلسطين”.
 
 بتر الساق
وطوال ثلاث ساعات ونصف عكّف أربعة أطباء في عملية جراحية لبتر ساق الجريح علي الحاج، الذي استيقظ بعد ساعة ونصف من انتهاء العملية، لكنه هذه المرة بساق ونصف.

ويقول خضر شقيق الجريح علي الذي لازمه في المستشفى من يوم إصابته، إن جراحه كانت تتدهور، وقد تبدّل لون الدماء التي لم تسر في عروقه إلى الأزرق الغامق، حتى أخبره الطبيب أن الشرايين والعضلة والأعصاب ماتت بالكامل، وبتروها من فوق مفصل الركبة.
 
وحين تسلّم إبراهيم شقيق علي الآخر الذي تناوب مع خضر على رعايته في المستشفى الساق المبتورة؛ تجرّأ وتفحّصها قبل الدفن فشاهد اللون الأسود والتعفّن قد اخترق عمقها في مكان تعدّى مشرط الطبيب، فتأكد من تلفها بالكامل كما علم لاحقاً.
 
 ويقول أحمد الحاج إن الجريح علي مرّ بظروف نفسية حرجة في الساعات الأولى من بتر قدمه، وتساءل كثيراً عمّا جرى له في حجرة العمليات، وقد حاول مع أشقاء علي أن يقنعوه أن الأطباء أنقذوا حياته خشية تمدد المشكلة لبقية جسده.
 
ويضيف: “استأت كثيراً مما جرى له، فقد وضعوا الساق المبتورة في كيس بجانب السرير، ولما استيقظ علي كان في حالة هستيرية، ويردد وين قدمي؟! وين قدمي؟؟ وحاولنا نهوّن عليه ونقول له ما جرى لكنه كان يردد إنه لا زال يشعر بساقه ولم يصدق أنها بترت”.
 
وكانت أسرة الحاج قد عاشت ظروفاً نفسية صعبة في الأسبوعين الماضيين وهي ترى ساق ابنها تتلف وقد احتبست الدماء في قدمه وساقه، ما شكل معضلة رجحت الوصول للخيار الأصعب.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات