الأربعاء 22/مايو/2024

الشجاعية.. بوابة غزة الشرقية النابضة بالتاريخ والمقاومة

الشجاعية.. بوابة غزة الشرقية النابضة بالتاريخ والمقاومة

حي الشجاعية هو مفتاح غزة الشرقي وأكبر أحياء قطاع غزة، ويمثل خاصرتها الشرقية وحصنها المتقدم في مواجهة الاحتلال الصهيوني الذي يتوارى خلف خطها الزائل.

تعود جذور هذا الحي إلى العصور القديمة في ظل المعارك التي دارت رحاها بين الأيوبيين والصليبيين سنة 637 هجري/ 1239 ميلادي حيث حظي بتلك التسمية نسبة إلى البطل الكردي شجاع الدين عثمان الكردي، حيث انتصر المسلمون في تلك المعركة بعد معركة حطين.

تاريخ الشجاعية

تمتعت مدينة غزة في العصر المملوكي وبخاصة طيلة القرن الثامن الهجري “الرابع عشر الميلادي” بازدهار عمراني وتقدم تجاري فائق، حتى أطلق عليها “المملكة الغزية” و”غزة المحروسة”، وأبدع “خليل الظاهري” عندما وصفها “بدهليز الملك”.

ويفيد المؤرخ الفلسطيني سليم المبيض، أنّ الانتعاش الاقتصادي كان قد طال “حي الشجاعية” فاتسع فيها العمران، وأقيمت فيها المساجد والجوامع والحمامات والمدارس، حتى كاد هذا الحي أن يشكل مدينة مستقلة عن المدينة الأم غزة.

احتضن حي الشجاعية التاريخ الأعرق والأكبر لمدينة غزة وآثارها، حيث يحتوي على العديد من المساجد والمقابر والهياكل القديمة، وينقسم الحي إلى قسمين: الجنوبي ويعرف بمنطقة “التركمان” بمساحة 4016 دونماً، والشمالي ويعرف بمنطقة “اجديدة” بمساحة 4958 دونم.

ويسكن في حي الشجاعية أكثر من 150 ألف نسمة، فهو متقدم عن الأحياء الأخرى المجاورة مثل حي الدرج والتفاح والزيتون؛ مما جعله في نهاية المطاف أكبر أحياء مدينة غزة.

معالم الشجاعية

يحظى حي الشجاعية بأكبر سوق في غزة يسمى “سوق الجمعة” ويقع في داخل الحي من المدينة القديمة، والذي يقام فقط يوم الجمعة، والذي غالباً ما يرتاده تجار الأغنام والأبقار (الحلال) وهو أشهر أسواق غزة.

من أهم معالم هذا الحي الكبير جامع “أحمد بن عثمان”، أو ما يسميه أهل المدينة بالجامع الكبير متربعاً في قلب الحي السكني والتجاري، وبهذا الجامع قبر “يلخجا” من مماليك السلطان “الظاهر برقوق” وأصبح نائباً لمدينة غـزة عام 849 هجري، وتوفي سنة 850 هجري ودفن بالجامع، ومن آثار هذا الحي الجميلة “جامع المحكمة” وقد كان به مدرسة لها أهميتها -كما جاء على نقش أعلى عتب بابه الشمالي المغلق.


null

ومن مساجده مسجد “الهواشي”، مسجد “السيدة رقية “، “مسجد علي ابن مروان” على شارع صلاح الدين، و”مسجد الإصلاح”، و”طارق ابن زياد “، وجامع “القزمري”، ومسجد الدارقطني”، و”ذو النورين”، و”السيد علي” وكان بهذا الجامع حمام الشجاعية، وقد اندثر.


null

وتقع إلى الشرق من الحي مقبرة “التونسي”، أو مقبرة “التفليسي”، كما يوجد في أحد مقابر الحي قبر يقال إنه لشمشون الجبار الشهير.

ويتمتع حي الشجاعية بتلةٍ مرتفعة تميزه عن باقي أحياء القطاع تسمى بـ”تلة المنطار” حيث تقع أقصى شرق الحي؛ حيث ترتفع بنحو 90 متراً عن مستوى سطح البحر بحسب المؤرخ الفلسطيني سليم المبيض.

وتعدّ المنطقة الأعلى في القطاع، والتي جعلت من التلة كموقع استراتيجي عسكري ومفتاح لمدينة غزة، كانت تعسكر عليه الجنود منذ نابليون بونابرت، حيث قتل فيها الآلاف من جنود الحلفاء في الحرب العالمية الأولى أمام تصدي القوات العثمانية، دفنوا جميعاً في “مقبرة الحرب العالمية الأولى” في غزة.


null

واللافت أن “تل المنطار” حظي بهذه المكانة في المدينة، وأصبح موضعاً ومركزاً “لموسم”؛ فقد أصبحت له ذاتيته المستقلة عن مدينة غزة الفوقية التي هدم الصليبيون سورها إبان الحروب الصليبية.

ويغلب على ساكني حي الشجاعية الالتزام الديني، والترابط الأسرى، وأدَّى العمل العشائري والعائلي، لكثير من العائلات في الحي لتشكيل لجان إصلاح لحل المشاكل بين العائلات على امتداد قطاع غزة.

حيث يُعرف حي الشجاعية بأنّه حي كبرى العشائر المعروفة في قطاع غزة، أبزرها حلس وجندية وحسنين والجعبري وقريقع والمغني وحجاج، وغيرها العشرات من العوائل الكبيرة.

تاريخه المقاوم

قبيل اندلاع الانتفاضة الأولى، كان حي الشجاعية ساحة مواجهة مسلحة بين المقاومة الفلسطينية والجيش الصهيوني، وكان صاحب النصيب الأكبر من الهجمات الصهيونية المتكررة حتى هذا اليوم.

وأكثر ما يميز حي الشجاعية احتضانه للفصائل الفلسطينية كافة، وكونه معقلا لانطلاقتها، إذ شهد البدايات الأولى لمنظمة التحرير الفلسطينية، ومعظم الحركات الوطنية والإسلامية.

وينتمي أبرز قادة المقاومة إلى حي الشجاعية؛ حيث كان يسكنه قائد أركان المقاومة الشهيد أحمد الجعبري، كما سكنت فيه خنساء فلسطين الراحلة أم نضال فرحات، كما ينتمي إليه الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي رمضان شلح.


null

سجّل حي الشجاعية المفتاح الشرقي لمدينة غزة، أشرس المعارك بين المقاومين والجنود الصهاينة خلال المعارك الضارية التي شنتها “إسرائيل” على القطاع خلال ثلاث حروبٍ متتالية.

وقد ألقى الطيران الحربي الصهيوني خلال العدوان الأخير كثافة ناريّة غير مسبوقة تسبّبت في وقوع مئات الضحايا الفلسطينيين، ردّاً على الخسائر الصهيونية بين الجنود، وأسر أحد الجنود خلال معركة “العصف المأكول” في صيف 2014.

ربما يكون يوم الأحد 20 يوليو 2014 هو أعظم وأبشع مجزرة ارتكبت بحق الحي وأهله، حيث تعرض الحي لقصف عشوائي من المدافع الصهيوني بلا سابق إنذار، الأمر الذي أدى إلى ارتقاء أكثر من 70 شهيدا وجرح المئات من المدنيين.

في حين يشتهر الحي بأنّه حي المقاومة الأبرز في قطاع غزة، حيث لا يكاد تعرف بيت دون أن يكون فيه شهيد أو جريح أو أسير. 


null

null

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات