الثلاثاء 21/مايو/2024

لقاء الفرصة الأخيرة ومتطلبات القطاع الخاص

د. ماهر تيسير الطباع

تتوجه أنظار كافة أبناء الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج إلى قطاع غزة لمتابعة لقاء الفرصة الأخيرة لتحقيق المصالحة الفلسطينية وإنهاء عقد من الانقسام الفلسطيني، والذي يعتبر الحقبة السوداء في تاريخ القضية الفلسطينية؛ لما خلفه من آثار سلبية على الاقتصاد الفلسطيني والحياة الاجتماعية وكافة مناحي الحياة خصوصا في قطاع غزة، ويأمل مواطنو قطاع غزة بأن يكون عام 2017 هو عام الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام الفلسطيني للأبد وعودة اللحمة الوطنية لشطري الوطن.

كما يأمل الغزيون بوقف نزيف الخسائر المادية المباشرة وغير المباشرة للانقسام الفلسطيني وما تبعه من حصار وحروب، والتي تجاوزت 15 مليار دولار خلال تلك الفترة.

ومن أبرز الملفات التي تتطلب معالجة سريعة وعاجلة أزمة الكهرباء الطاحنة التي يعاني منها قطاع غزة، والتي كبدت الاقتصاد الفلسطيني خسائر فادحة هددت ما تبقى من القطاعات الاقتصادية، وتسببت في ضعف إنتاجيتها، هذا بالإضافة إلى استنزاف موارد الموطنين المعدومة في إيجاد حلول بديلة للكهرباء، حيث دفع المواطنون ثمن بدائل الكهرباء الباهظة من قوتهم اليومي بما يزيد عن مليار ونصف دولار، وهذا المبلغ يكفي لإنشاء ست محطات توليد طاقة شمسية تنتج ما يزيد عن 1000 ميجاواط، وهي ضعف احتياج قطاع غزة للطاقة.

وكما يجب على الحكومة وضع آلية سريعة وعاجلة لفتح معبر رفح بشكل دائم لتمكين المواطنين من السفر للخارج للعلاج والدراسة والتجارة؛ حيث إن 99% من سكان قطاع غزة لا يستطيعون المرور عبر معبر بيت حانون وفقا للإجراءات والمعايير الإسرائيلية.

ويأمل القطاع الخاص الفلسطيني بإتمام المصالحة الفلسطينية الحقيقية وتطبيقها على أرض الواقع وتمكين حكومة الوفاق من إدارة قطاع غزة  لتقوم بدورها الفاعل في إعادة إنعاش القطاع الخاص الذي تضرر بشكل كبير من الانقسام الفلسطيني.

إن حكومة الوفاق مقبلة على العديد من التحديات الاقتصادية، والتى من أهمها الضغط على الجانب الإسرائيلي لرفع الحصار عن قطاع غزة، وفتح كافة المعابر التجارية، وإدخال كافة احتياجاته من الواردات من كافة السلع والبضائع دون التحكم بالنوع والكم ودون قيود أو شروط، وإلغاء قائمة السلع المحظور دخولها إلى قطاع غزة، والسماح بتسويق منتجات قطاع غزة الصناعية والزراعية في أسواق الضفة الغربية، وتصدير تلك المنتجات للعالم الخارجي، والمطالبة بعودة آلاف تصاريح التجار ورجال الأعمال التي سحبتها “إسرائيل” خلال السنوات السابقة.

ومعالجة ازدواجية القرارات والقوانين والتشريعات والإجراءات والضرائب والجمارك بين الضفة الغربية وقطاع غزة، والتي نمت وازدادت خلال فترة الانقسام، وأثرت على القطاع الخاص في قطاع غزة وساهمت في ضعفه وعدم نموه، وكان لها الأثر الأكبر على الشركات الكبرى التي لها علاقة بين الجانبين، مثل المصارف وشركات التأمين والشركات المساهمة العامة وبعض الشركات المساهمة الخصوصية.

كما يجب البدء الفوري بوضع إستراتيجية عاجلة من خلال عقد مؤتمر اقتصادي بمشاركة كافة الأطراف ذات الشأن والعلاقة بالاقتصاد لمعالجة التشوهات في الاقتصاد الفلسطيني، والتى أدت إلى ضعف نموه، وساهمت في انخفاض الناتج المحلى الإجمالي لكافة الأنشطة الاقتصادية، وتسببت في ارتفاع معدلات البطالة والفقر إلى معدلات كارثية، حيث إن تحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وخفض معدلات البطالة والفقر من أهم التحديات التي سوف تواجه الحكومة في المرحلة القادمة.

ولتحقيق ذلك يجب البدء بإطلاق المشاريع الاستثمارية ذات التنمية المستدامة، وبذل الجهود في إعادة النهوض من جديد بكافة الأنشطة الاقتصادية التجارية والصناعية والزراعية والسياحية وغيرها من المشاريع الاستراتيجية وأهمها في قطاع غزة “إعادة بناء مطار غزة الدولي- ميناء غزة البحري ومشروع التنقيب عن الغاز الموجود في شواطئ غزة”.

كما يجب على الحكومة أن تعمل جاهدة وتضع الخطط السريعة لتسريع وتيرة عملية إعادة إعمار قطاع غزة، حيث إنه وحتى هذه اللحظة وبعد مرور ثلاثة أعوام على الحرب الثالثة لم تبدأ عملية إعادة الإعمار الحقيقية وما زالت تسير ببطء شديد كالسلحفاة ومتعثرة، ووفق آخر تقرير للبنك الدولي فإن نسبة ما تم تلبيته من إجمالي احتياجات التعافي في خمسة قطاعات تأثرت بحرب عام 2014 لا تتجاوز 17% ، وفي تقرير حديث للأونكتاد أكدت فيه على أن 84% من احتياجات قطاع غزة بعد الحرب لم تلبَّ.

كما يجب وضع خطه لإعادة إنعاش وتعويض القطاع الاقتصادي؛ حيث إنه مغيب كليا عن عملية إعادة الإعمار، ومجمل ما تم رصده للقطاع الاقتصادي لايتجاوز 6.1% من إجمالي أضراره المباشرة وغير المباشرة، والتي وقدرت خسائرها بحوالي 284 مليون دولار.

وفي النهاية المطلوب من جميع شرائح المجتمع الفلسطيني وبكل أطيافه وخصوصا السياسيين وصناع القرار استغلال الفرصة التاريخية للمصالحة والوقوف صفا واحدا لوضع الآليات الجادة لإنهاء الانقسام، والوصول لحكومة وحدة وطنية، والحفاظ على مقدرات الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية، والعمل على تحقيق الحلم الفلسطيني بقيام دولتنا الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، وتحرير أكثر من 2 مليون مواطن من أكبر سجن في العالم، وإنهاء أسوأ وأطول وأشد حصار يشهده العالم في القرن الواحد والعشرين، وتجنيب قطاع غزة من كارثة اقتصادية، اجتماعية، صحية، بيئية.
………………….
* مدير العلاقات العامة والإعلام بغرفة تجارة وصناعة محافظة غزة

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات