الثلاثاء 21/مايو/2024

انتفاضة الأقصى.. روح الثورة الحاضرة بعد 17 عاما

انتفاضة الأقصى.. روح الثورة الحاضرة بعد 17 عاما

توافق اليوم ذكرى اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000م، والتي شكلت نقطة تحولٍ في مسار القضية الفلسطينية، وقلبت الكثير من التوازنات، وأسست لمرحلة جديدة من التحرير.
 
شرارة الانتفاضة أُوقدت عقب زيارةٍ استفزازية لزعيم حزب الليكود حينها، شارون و6 من أعضاء الكنيست الموالين له، بالإضافة لعشرات المستوطنين وقرابة ألفي جندي، وهو ما شكل استفزازاً وتحدياً لمشاعر الفلسطينيين والمسلمين، لتنطلق حينها صرخة المقاومة في باحات الأقصى، وامتدت على إثرها لكل شبر من فلسطين.
 
وقد امتازت انتفاضة الأقصى، أو ما عرف بالانتفاضة الثانية، بكثرة المواجهات المسلحة وتصاعد وتيرة الأعمال العسكرية بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال، استشهد فيها 4412 فلسطينياً، وأصيب 48322 آخرون، فيما قُتل أكثر من 1000 من جنود الاحتلال ومستوطنيه، وأصيب أكثر من 5000.
 
مراحل تطور المقاومة خلال الانتفاضة
مرت المقاومة الفلسطينية خلال انتفاضة الأقصى بمراحل عديدة، بدأتها بهبة شعبية عارمة جابت المدن والبلدات الفلسطينية، شارك فيها الكل الفلسطيني، لتبدأ تدريجياً مرحلة الاحتكاك المباشر بين الشباب وجنود الاحتلال على مداخل البلدات والمدن، حيث طغت صور المواجهات ورمي الحجارة على المشهد العام، ما أدى لاستشهاد وإصابة العديد من الفلسطينيين في أغلب المحافظات.
 
بدأت عقب ذلك مرحلة الاشتباك العسكري التي تسللت رويداً رويداً، حيث وقعت بعض الاشتباكات العسكرية الفردية من بعض المقاومين، لتدخل بعدها بعض المجموعات العسكرية من الفصائل الفلسطينية، وشكلت تلك المدّة عمليات مد وجزر بين المقاومين وجنود الاحتلال في أماكن محدودة.
 
ومع اتساع رقعة المواجهة، واستشهاد وإصابة العشرات، وتمادي الاحتلال في طغيانه وانتهاكاته بحق الفلسطينيين؛ بدأ الرد الفلسطيني يأخذ في الاتساع، فأصبحت دائرة الاشتباك تطال جنود الاحتلال ومستوطنيه على الحواجز والشوارع الرئيسة للاحتلال، فضلا عن اقتحام المستوطنات وتنفيذ عمليات عسكرية فيها، ما أدى لإدخال الرعب في صفوف الاحتلال عقب الخسائر البشرية التي تلقاها.
 
تطورت المقاومة تدريجياً مع استمرار الانتفاضة، وأصبحت الفصائل الفلسطينية قادرة على تشكيل مجموعات عسكرية في معظم المدن الفلسطينية، وتطور أداؤها وبدأت مرحلة جديدة في الصراع، وهي مرحلة العمليات الاستشهادية التي شكلت الرعب الأكبر للاحتلال، فكانت مشاهد الباصات والمطاعم والفنادق المتفحمة، والأشلاء المتناثرة وأعداد القتلى الكبيرة في صفوف الاحتلال هي السمة الأبرز في تلك المرحلة.
 
امتدت مرحلة الاستشهاديين خلال سنوات الانتفاضة، وكانت حينها قد بدأت مرحلة أخرى بالظهور، وهي مرحلة الصواريخ وقذائف الهاون، وكان أول صاروخ من نوع “قسام” أطلق من غزة باتجاه مستوطنة للاحتلال في السادس والعشرين من شهر أكتوبر عام 2001، وتطورت تباعاً لتصل لجميع المستوطنات المحيطة بقطاع غزة، وهي الآن أكثر ما يقض مضجع الاحتلال.
 
سمات المقاومة
تميزت المقاومة الفلسطينية خلال انتفاضة الأقصى بعدة ميزات فرضتها الوقائع على الأرض، لعل أبرزها تمثل في القيادة من وسط المعركة والإجماع الفلسطيني على النهج المقاوم، فعملت الفصائل الفلسطينية وقادتها في الميدان، وكانت الوحدة الفلسطينية والاجتماع على كلمة المقاومة هي السمة الأبرز بين الكل الفلسطيني.
 
كما امتازت المقاومة بديمومة عطائها على مدى سني الانتفاضة، واعتمدت خلال مدّة المقاومة والتنفيذ على إمكانيات مقاوميها الذين ابتكروا بأنفسهم وسائل وأدوات المقاومة، فكانت مرحلة الاعتماد على الذات إحدى ميزات المقاومة حينها.
 
وشكل رد المقاومة المباشر والقوي على أي انتهاك وعدوان إسرائيلي سمة بارزة في نهج المقاومين، وفرض هذا الأسلوب نوعاً من الردع للاحتلال وعنجهيته.
 
أبرز التداعيات
مع تطور العمليات الاستشهادية وضربها بقوة في عمق الاحتلال، شرعت “إسرائيل” عام 2002 ببناء الجدار الفاصل، للحد من تلك العمليات وتسلل الفلسطينيين والاستشهاديين للقدس والداخل المحتل.
 
كما اتسمت الانتفاضة باغتيال الاحتلال العديد من القادة الفلسطينيين البارزين، على رأسهم مؤسس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الشيخ أحمد ياسين، والقيادي بالحركة عبد العزيز الرنتيسي، إضافة إلى أمين عام الجبهة الشعبية أبو علي مصطفى، وقائد الجناح المسلح لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) رائد الكرمي.
 
ودمر الاحتلال خلال الانتفاضة البنى التحتية الفلسطينية في الضفة الغربية، فيما مني هو الآخر بخسائر فادحة أيضاً، كان أبرزها ضرب قطاع السياحة واقتصاد المستوطنات لسنوات، وسقوط فلسفة الجيش الذي لا يقهر، وانعدام الأمن والاستقرار في مناطق الأرض الفلسطينية كافة، وهو ما استمدته لاحقاً انتفاضة القدس الأخيرة، حيث استفاد المقاومون خلالها من تجربة المقاومة في سنوات الانتفاضة الثانية، ليصبح أمن الاحتلال ومستوطنيه في مهب الريح، وأصبح الفلسطيني لا يهاب الاحتلال ولا جيشه.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات