السبت 25/مايو/2024

انتخابات الخليل.. هل تعود الخدمات المفقودة لأكبر مدن الضفة؟

انتخابات الخليل.. هل تعود الخدمات المفقودة لأكبر مدن الضفة؟

تقع محافظة الخليل إلى الجنوب من مدينة القدس وتبعد عنها 36 كم، وترتفع بعض مناطقها عن سطح البحر الى نحو 1027 مترا ، وهي المحافظة الأكبر في فلسطين جغرافيا وديمغرافيا، والأكثر مساهمة في الاقتصاد الوطني،  مركزها مدينة الخليل التي يعود تاريخها إلى ما يزيد عن 6000 عام، ارتبط اسمها باسم جد الأنبياء إبراهيم الخليل عليه السلام، التي كانت له مسكنا ومدفنا، فحملت اسمه على مر العصور، وأصبحت ثاني أقدس مدينة في فلسطين بعد القدس الشريف.

التعداد السكاني

تعدّ محافظة الخليل الأكبر ديمغرافيا على الصعيد الفلسطيني؛ حيث يبلغ عدد سكانها نحو  750 ألف نسمة، فيما يبلغ عدد سكان المدينة نحو 230 ألف نسمة، حيث تشكل الفئات العمرية ما بين 15-64 عامًا النسبة الأكبر منها بواقع 51% وذلك حسب المركز الفلسطيني للإحصاء، فيما تقدم بلدية الخليل خدماتها الى ما يزيد عن 260.000 مواطن ما بين سكان المدينة نفسها والأحياء المجاورة، وهي النسبة الأعلى من بين مدن وبلديات الضفة الغربية المحتلة.

قلعة اقتصادية

تميزت المدينة منذ القدم بالصناعات اليدوية، حيث اشتهرت بعض أسواقها وحاراتها بتلك الحرف والصناعات، وسميت بأسمائها كحارة القزازين وسوق الإسكافية وسوق الحدادين وسوق اللبن، ومن هذه الصناعات الفخار والخزف والزجاج ودباغة الجلود والتحف والفرو والمطرزات.

تطورت هذه الصناعات بالتطور التكنولوجي حتى أصبح القطاع الصناعي في محافظة الخليل رافدا أساسيا للاقتصاد الفلسطيني، ومحركا رئيسا للتنمية الاقتصادية المحلية والوطنية حتى بلغ عدد المنشئات الصناعية في محافظة الخليل (3200) منشأة صناعية وحرفية، وتعمل هذه المنشآت على تشغيل 28000 من الأيدي العاملة، وذلك حسب ما دراسات وتقارير غرفة تجارة وصناعة الخليل.

وتشكل صادرات محافظة الخليل ما نسبته 27% من إجمالي الصادرات الفلسطينية بناء على إحصائيات جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني وذلك لمختلف الأسواق العالمية، كما أن 45% من القدرة الإنتاجية الصناعية على مستوى فلسطين موجودة في الخليل.

مدينة المقاومة والشهداء

ويعرف عن مدينة الخليل التزامها الديني والخلقي، إضافة إلى أنها قلعة جهادية مقاومة دوما في وجه الاحتلال البريطاني الذي أعدم اثنين من مجاهديها عقب ثورة عام 1929، وهما عطا الزير ومحمد جمجوم، فضلا عن كونها أكثر مدن الضفة الغربية تقديما للشهداء والأسرى خلال انتفاضة القدس الحالية، وهي دائما ما قدمت الكثير من أبنائها شهداء وأسرى في سبيل الدفاع عن قدسهم وشعبهم.

ضرورة المنطقة الصناعية

ويؤكد المهندس جواد السيد مدير عام الغرفة التجارية الصناعية على الأهمية الاقتصادية والخدماتية لهذه المدينة فيقول: رغم كل هذا الزخم والحجم الكبير التي تمثله المدينة من الجانب الاقتصادي؛ إلا أنها تعاني من عدم وجود منطقة صناعية، الأمر الذي يشكل تحديا مستقبليا للواقع الاقتصادي في المدينة، ورغم القطاع الواسع من السكان الذي تتحمل مسؤوليته الخدماتية بلدية الخليل، إلا أن هناك الكثير من المشكلات العالقة والتي تقع في المقام الأول على عاتق رئاسة البلدية. ومن أبرز تلك المشكلات حاجة المدينة لشق وتعبيد الطرق.

أزمة الطرق

وقد أشار رئيس بلدية الخليل الحالي بالوكالة المهندس نادر البيطار إلى نفس المشكلة وأهميتها في حديث خاص لمراسلنا فقال: “هناك حاجة كبيرة لشق طرق وتعبيدها وتوسيعها، كون المدينة متشكلة ومقامة على سلسلة جبلية يخترقها شارعان رئيسيان بشكل طولي، الأمر الذي يجعل هناك حاجة إلى ضرورة وجود مقاطع صغيرة من الطرق توصل بين هذه الجبال أو بين الأحياء داخل المدينة”.

وتطرق المهندس البيطار إلى ما يتعلق بمشكلة الأزمة المرورية التي يعاني منها مدخل المدينة الشمالي؛ حيث يوجد عدة مداخل في المنطقة الشمالية للمدينة، إلا أن أغلب الناس يستعملون مدخل رأس الجورة حيث تعودوا عليه منذ أكثر من عشرين عاما، رغم وجود مدخل فرش الهوا وبيت عنون ومدخل حسكا.
 
وأكد البيطار على أن البلدية تعمل في الوقت الحالي والمستقبلي على توجيه الناس للمرور من تلك الشوارع، وتخفيف الضغط على مدخل راس الجورة.

ورغم حديث الجمهور عن نقص الخدمات في بعض الجوانب مثل المياه وتميزها في جوانب  أخرى مثل الكهرباء، أكد المهندس البيطار على مدينة الخليل تتفوق على جميع مدن الضفة الغربية بشبكات الكهرباء والمياه ومدى أدائها في الظروف الجوية كافة.

وأوضح أنه تم تنفيذ مشروع لتحسين شبكات المياه في المدينة بالتعاون مع وزارة الحكم المحلي والتعاون الايطالي، إلا أن المدينة تعاني من نقص في المياه، حيث أن كمية المياه الموردة إلى المدينة أقل من الحاجة المطلوبة، مما يتسبب في شح للمياه في فصل الصيف، فمدينة الخليل لم تزد حصتها من المياه منذ عشر سنوات ماضية في ظل كونها مدينة متطورة صناعيا وعمرانيا وديمغرافيا.

وأضاف البيطار إنه بشهادة الخبراء كافة، تمتلك مدينة الخليل أفضل شبكة للكهرباء على مستوى فلسطين، حيث أثبت كهرباء الخليل في كافة الظروف الجوية مدى قوة هذه الشبكة واستمرارية التيار فيها، فوصلت نسبة استمراريته إلى 98% .

انعدام التوافق الوطني

وقد عانت بلدية الخليل خلال العشر سنوات السابقة من غياب التوافق والانتخاب الحر لمجلس إدارتها، حيث عُين في عام 2007 رئيس بلديتها المهندس مصطفى النتشة من قبل رئيس السلطة، واستمر في إدارتها دون انتخاب حتى عام 2012، وقد نحي عن الرئاسة بأمر من رئيس السلطة بسبب مرضه، وعين خلفا له الأستاذ خالد العسيلي رئيسا لمدة ثلاثة أعوام، إلى أن تم انتخاب الدكتور الأكاديمي داود الزعتري وفق انتخابات لم يتم التوافق عليها بين أبناء الشعب الفلسطيني حيث قاطعتها حركة حماس وعدد من الفصائل الفلسطينية الأخرى، وكان المجلس البلدي يدار من تنظيم فتح بتفرد عبر مكتبه الحركي داخل مقر البلدية.

ويؤكد الأستاذ فهمي شاهين المتحدث باسم القوى الوطنية في مدينة الخليل أن غياب الوحدة الوطنية والتنسيق الفصائلي والتعاون المشترك في إدارة العمل المؤسساتي أدى إلى حالة من الضعف والترهل في العمل الخدماتي .. وقال في حديث خاص لمراسلنا أن هذا الغياب الجماعي الوطني أدى إلى ترهل عمل بلدية الخليل في مجالات عدة على صعيد شبكات المياه وأزمات التعليم ونقص الغرف الصفية والتدهور في الكثير من الخدمات.

وأضاف شاهين: كنا نطمح دوما بمجلس وطني موحد يضم كافة الفصائل والاتجاهات والكفاءات والتكنوقراط حتى نظفر بمجلس بلدي قوي عتيد بمستوى التحديات التي تواجه المدينة، لكن البعض يصر على التفرد.

التخطيط هو النجاح

وعد الأستاذ عبد الرحمن التميمي مدير مركز الدراسات المجتمعية والحضارية في الخليل أن محافظة الخليل بحاجة إلى خطط ودراسات وخاصة على صعيد المخططات الهيكلية وخاصة لمدينة الخليل التي تعاني من تقسيمها والاستيطان الذي يحيط بها، حيث تفتقد لذلك، فالأبنية عشوائية، والأبراج التي تقام في المدينة بلا تخطيط تصنع حالة من الإرباك.

وأضاف التميمي في حديث خاص لمراسلنا: إن من أخطر ما تعانيه بلدية الخليل التسييس، حيث يتم التنافس على إدارة مجلسها من هذا المنطلق، علما بأن جوهر عمل المجلس البلدي هو خدماتي وليس سياسيا، فيما يتصدر إدارتها التوجهات السياسية وليس الخدماتية، ومن هناك يظهر الفشل ويبرز الخلل، والفشل في الكثير من المشاريع الميدانية التي يتم إعادتها مرة ومرة لقلة الخبرات والكفاءات.

واختتم التميمي حديثه بالقول: الخليل بحاجة إلى مخطط هيكلي للبناء والتوسع، وبحاجة إلى دراسات معمقة لاستيعاب التنامي الديمغرافي وزيادة عدد السكان، كما أنها بحاجة إلى ترتيب وتنظيم للمنشآت التجارية والصناعية وتنظيم الطرق التي باتت لا تتسع للمارة من كثرة ازدحام السيارات والحافلات والبسطات التجارية وسرقة الأرصفة على حساب المواطن.

تلكم هي معاناة مدينة الخليل التي تزدحم بالسكان والتجارة والصناعة، والتي هي اليوم على أبواب مجلس بلدي جديد يسعى للوصول إلى إدارتها في ظل عدم توافق وطني على إجراء هذه الانتخابات، فهل ستبقى خدمة المواطن تراوح مكانها في ظل تخبط إداري وتنظيمي خدماتي، وعفوية مقيتة؟ آما آن الأوان للخروج من هذه الأزمة !.

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات