الأحد 28/أبريل/2024

الكهرباء في قطاع غزة.. أداة ضغط وحلول غير مجدية

الكهرباء في قطاع غزة.. أداة ضغط وحلول غير مجدية

يعاني قطاع غزة من أزمة الكهرباء بشكل متفاقم منذ أن توقفت محطة التوزيع بشكلٍ كاملٍ عن إمداد قطاع غزة بالكهرباء  في الحادي عشر من أكتوبر 2008  ليبلغ عجز الطاقة إلى ما يقارب 70% من مناطق القطاع؛ ما يعني أن معظم سكان القطاع باتت تعيش في ظلام دامس.  

“المركز الفلسطيني للإعلام”، أعد هذه الدراسة، التي تسلط الضوء على مشكلة الكهرباء التي يعاني منها القطاع، نتيجة الأثر الذي تركته على مختلف مناحي الحياة،  وأصبحت أداة للضغط من الاحتلال علي سكانه.

يحصل قطاع غزة على الكهرباء من ثلاثة مصادر وهي: 
• الكهرباء التي تدخل من الجانب المصري: تغذي المناطق المجاورة للحدود المصرية وتمثل خط ونصف وتبلغ 17 ميجا واط وتعدّ غير كافية للسكان في تلك المنطقة وقوة التغذية ضعيفة جداً.

• الكهرباء القادمة من جانب الاحتلال: تبلغ 120 ميجا واط توزع على عشرة خطوط منها ثلاثة خطوط لشمال القطاع وثلاثة خطوط لمدينة غزة وخطين للمحافظة الوسطى وخط لخان يونس وآخر لرفح؛ إلى ذلك فإن خط الكهرباء الواصل إلى منطقة خزاعة شرق خانيونس من الاحتلال ثم فصله بسبب وجود خلل فني لدى الاحتلال الذي يرفض القيام بعمل صيانة له؛ لذلك تحمّل شركة الكهرباء الخطوط على بعضها بحيث تصل الكهرباء إلى كافة مناطق القطاع. 

• محطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة: وتبلغ قدرتها 140 ميجا واط في حال بناء محطة التحويل المدمرة منذ عامين؛ لكن المحطة قدرتها الحالية تبلغ 75 ميجا واط؛ وفي حالة زيادة قدرة المحطة وتوسيعها ستصل قدرتها إلى 210 ميجا واط بدلاً من 140 ميجا واط. 

احتياجات القطاع تبلغ 450 ميغاوات، في حين أن المتوفر من جميع المصادر في حال تشغيل المحطة بكامل طاقتها 250 ميغا وات، وفي حال الإطفاء يتوفر فقط 147 ميغاوات أي أن العجز مع تشغيل المحطة بكامل الطاقة يصل لـ 200 ميغاوات لتكون نسبة العجز 45%، فيما يصل عند إطفاء المحطة لـ 303 ميغا وات، لتصل نسبة العجز لـ 67%، وفي سنة 2016 بلغت نسبة التكلفة لتشغيل ثلاثة مولدات 32 مليون شيكل شهرياً أما في شهر يناير 2017 فقد بلغت النسبة 45 مليون شيكل شهرياً.

مر قطاع غزة بالعديد من التغيرات والأحداث المتسارعة المختلفة التي كان لها تأثير على أزمة الكهرباء، ويمكن إبرازها بالنقاط التالية:
انتفاضة الأقصى في عام 2000.
انسحاب الاحتلال الإسرائيلي أحادي الجانب عام 2005.
استهداف محطة توليد الكهرباء وتدميرها بشكل جزئي من قبل الاحتلال الإسرائيلي في 2006 وبداية ما يسمى بحصار غزة الذي يستمر حتى الوقت الحالي.
الحرب على غزة في أواخر عام 2008.
مشكلة شح الوقود في 2008 وبداية عام 2012.

توقف الدعم الأوروبي
منذ اتفاق الاتحاد الأوروبي مع السلطة الفلسطينية في رام الله، على تحويل تمويل الوقود الصناعي المخصص لمحطة التوليد، والذي تسمح قوات الاحتلال بإدخاله والذي كان يبلغ 2200 كوب أسبوعيًّا، جرى تقليص منتظم لكميات الوقود، وبالتالي أدَّى إلى تعطل عمل المحطة بشكل جزئي.

في البداية تقلصت الكمية إلى 1750 كوبا ثم تقلصت تدريجيًّا إلى 750 كوبًا في الأسبوع فقط، وهي كمية لا تكفي لتشغيل المحطة، حيث إن العجز الآن يصل إلى نحو 50% في كهرباء القطاع؛ والاعتماد بات على خطوط الإمداد القادمة من جهة الاحتلال إلى جانب كمية كهرباء قلصت إلى 16 ميجا تقدم من مصر وتستفيد منها رفح.

وترتكز مسؤولية التوليد في المحطة في الوقت الحالي بعد توقف الدعم من الاتحاد الأوروبي من تحمل نفقات توريد الوقود للمحطة في 2009 على توفير الحكومة ممثلة بسلطة الطاقة الوقود بتكلفة تعادل 2.5 مليون دولار شهريا بالإضافة إلى دفع  سلطة الطاقة مبلغ 2 مليون دولار شهريا مقابل تشغيل المحطة.

تتأثر المحطة بشكل واضح بعدة عوامل توثر على الإنتاج: 

• مدى توفر الوقود حيث تحتاج المحطة من السولار بمعدل يومي ما يعادل 300_500 ألف لتر يوميا مما يحتاج إلى حركة مستمرة على المعابر.

• تكلفة الوقود.

• الصيانة وجاهزية تشغيل المولدات، وقد ارتفعت قيمة الصيانة وإعادة تأهيل مولدات المحطة بشكل كبير بعد استهداف المحطة في 2006 وحتى الآن.

تأثير أزمة الوقود على القطاعات المختلفة

أدت أزمة الوقود في قطاع غزة إلى شل كل مناحي الحياة في المجتمع الفلسطيني، وتعرض حياة المئات من المرضي أصحاب الأمراض المزمنة للموت نتيجة توقف معظم الأجهزة الطبية عن العمل، وإغلاق المصانع وإقفال الورش والمحال التجارية أبوابها وإغلاق المخابز أبوابها، ونقص الخدمات التي تقدمها الجامعات للطلبة مع استمرار إغلاق المعابر التي بدورها تزيد من نسبة العاطلين عن العمل تساعد في تفشي البطالة في المجتمع الفلسطيني وزيادة حالات الفقر، بالإضافة إلى تعطل وتوقف مضخات وشبكات الصرف الصحي مما ينذر بكارثةٍ بيئيةٍ وصحيةٍ لا يحمد عقباها، بالإضافة لتوقف الفقاسات وإغلاق مزارع الدواجن التي تحتاج يومياً وباستمرارٍ للكهرباء. 

• الثروة الحيوانية:
انقطاع الكهرباء وإغلاق المعابر ترك آثاره على الثروة الحيوانية في قطاع غزة حيث يوجد العشرات من الفقاسات التي تعتمد اعتماداً كلياً على الكهرباء توقفت عن العمل، كما وتعتمد المئات من مزارع الدواجن على الكهرباء بشكلٍ يوميٍ وباستمرار خاصة في فصل الشتاء نظراً لانخفاض دراجات الحرارة،  كما تتبع قوات الاحتلال منع إدخال كمية الأعلاف اللازمة لتلبية احتياجات مزارع الـمواشي والدواجن في القطاع، أيضاً فإن نفاد الوقود من القطاع أوقف عمل مئات الصيادين عن العمل حيث منعوا من دخول البحر لعدم وجود الوقود للمركبات الخاصة بالصيد. 

• القطاع الصناعي:
ما يقارب 3900 مصنع متوقفة عن العمل بسبب أزمة الكهرباء وبفعل الحصار في القطاع، حيث يوجد في قطاع غزة ما يقارب 3900 مصنع منها 2400 مصنع مسجلة لدى وزارة الاقتصاد؛ منها 400 مصنعاً خاصة بقطاع الصناعات الإنشائية مثل مصانع الباطون والبلاط والبلوك “الحجارة”، أما المصانع الخاصة  بالملابس تبلغ 950 مصنعاً، أما المصانع الخاصة بقطاع الصناعات المعدنية فقد بلغت 500 مصنعاً، أما بالنسبة للمصانع الخاصة بالصناعات الهندسية والكهربائية والتحويلية مثل المصانع الغذائية ومصانع العصائر قد بلغت 650 مصنعاً، بعض هذه المصانع كانت تعمل بشكلٍ جزئيٍ رغم الحصار؛ إلا إنها سوف تتوقف عن العمل بسبب أزمة الوقود وانقطاع الكهرباء؛ إلى جانب ذلك فإن المئات من المحالات التجارية والورش قد تغلق أبوابها نظراً لانقطاع الكهرباء وشح الوقود.

• القطاع التعليمي:
أثر انقطاع الكهرباء سلباً على سير العملية التعليمية لطلبة المدارس والجامعات التي توجد بها العشرات من المعامل والمختبرات التي يجري الطلبة دراستهم عليها؛ وخاصةً على طلاب المرحلة الثانوية العامة؛ كما أن المولدات الكهربائية في الجامعات توقفت عن العمل بسبب نفاد الوقود. 

القطاع الصحي:
• تضاعف عدد الأجهزة الطبية التي توقفت عن العمل في مستشفيات غزة ثلاث مرات منذ بداية 2012 حتى شهر فبراير من نفس العام. 
• ازداد متوسط الانتظار لإجراء العمليات الاختيارية لجراحة العظام في مستشفى الشفاء في غزة من ثلاثة إلى ستة أشهر.

يمكن توضيح تأثير مشكلة الكهرباء على الوضع الإنساني من خلال ما يلي: 
• تضاعف عدد الأجهزة الطبية التي توقفت عن العمل في مستشفيات غزة ثلاث مرات منذ بداية 2012 حتى شهر فبراير من نفس العام. 

• ازداد متوسط الانتظار لإجراء العمليات الاختيارية لجراحة العظام في مستشفى الشفاء في غزة من ثلاثة إلى ستة أشهر.

• تم تزويد أكثر من 40% من البيوت في غزة بالماء لمدة تتراوح ما بين 6_8 ساعات كل أربعة أيام فقط.

• يصرف يومياً ما يصل إلى 80 مليون لتر من مياه المجاري المعالجة جزئياً في البحر المتوسط.

• انخفض متوسط إنتاج وحدات تحلية المياه بما يقارب 60%.

• فقدت مزارع تربية الأسماك نتيجة الطاقة المخففة لترشيح أو أكسجة المياه بما يزيد عن 16 طناً من الأسماك.

• انقطاع الكهرباء زاد من استخدام المولدات المتحركة التي تقل فيها درجة الأمان وتزداد الخطورة في استخدامها مع تأثير هذه المولدات على تلويث البيئية بالإضافة غلى الإزعاج الضوضائي، كما وأن جزءا كبير من الفقراء لا يستطيعون امتلاك هذه الأجهزة أو توفير الوقود لها بشكل مستمر.

عوامل ساعدت في تفاقم مشكلة الكهرباء: 
• سيطرت قوات الاحتلال “الإسرائيلية “على كل من شبكة الكهرباء الواصلة من الشبكة القطرية والتي بلغت نسبتها في إجمالي الكهرباء الواردة 62.5%  أيضا في المعابر مما يجعلها تشارك في السيطرة على الوقود المورد لمحطة توليد الكهرباء ما يعادل إنتاج 30.8% من الكهرباء .

• التعدي على الكهرباء بغير وجه حق هو جزء من الفاقد في الكهرباء مما يؤثر سلباً عليها.

• انسحاب الاتحاد الأوروبي من دعم السولار لمحطة التوليد، ما زاد من الأعباء في توفير الوقود الخاص بالمحطة.

• مشكلة التداخل الإداري والسياسي في عمل صناعة الكهرباء في قطاع غزة ما بين سلطة الطاقة في رام الله وسلطة الطاقة في غزة مما يجعل هناك تنافساً على أحقية الإنجاز وتهرباً من مسؤوليات الإخفاق.

• تقليل كميات الوقود الواردة إلى محطة توليد الكهرباء.

• منع قوات الاحتلال من السماح بإدخال المعدات اللازمة لصيانة المحطة ودخول الخبراء الفنيين.

• فرض السلطة في رام الله لضريبة “البلو” على شركة الكهرباء قدرها 30 مليون شيكل شهرياً.

ويذكر بأن الحكومة الفلسطينية تدفع شهرياً ما قيمته 40 إلى 45 مليون شيقل ثمنا للتيار الكهربائي المورد إلى قطاع غزة من الشركة الإسرائيلية.

استخدمت سلطات الاحتلال الطاقة الكهربائية لتحقيق الأهداف التالية:
1. جعل الفلسطينيين يعتمدون على الاستهلاك من الشبكة الإسرائيلية.

2. جعل الفلسطينيين تحت رحمه الاحتلال من خلال: 
• أن القرارفي التحكم في الكهرباء يكون في يدها.
• تطبيق سياسة العقوبات الجماعية على أهالي قطاع غزة.
• في حالة حدوث أي طارئ أو مشكلة في التوليد أو التوزيع تقطع الكهرباء.

الحلول المقترحة لحل مشكلة الكهرباء حسب مراقبون:
هناك ثلاثة حلول استراتيجية، وهي:

1- الربط الثماني، ويصطدم بتحدٍّ سياسي مرتبط بموافقة الرئيس عباس ومصر على هذا المشروع.

2- زيادة الطاقة التي يحصل عليها القطاع من الخطوط الإسرائيلية، وهذا الحل الأسهل والأوفر، ولكنه يصطدم بتوافقات سياسية مع الاحتلال.

3- الطاقة المتجددة، ويبدو أن الاحتلال بدأ يدرك أن تلك الثقافة بدأت تنتشر في قطاع غزة، ولذلك منع استيراد القطاع لها، وهذا يدل على وجود أصابع للاحتلال في أزمة انقطاع التيار الكهربائي.

ولما كانت الحلول الاستراتيجية مرتبطة بأبعاد سياسية؛ فهناك ثلاثة خيارات:
– تسليم سلطة الطاقة للسلطة الفلسطينية.

– تحميل الاحتلال مسئولية الأزمة قانونيًّا وسياسيًّا، وما يترتب على

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

اشتباكات ومواجهات مع الاحتلال في الضفة

اشتباكات ومواجهات مع الاحتلال في الضفة

الضفة الغربية- المركز الفلسطيني للإعلامواصلت قوات الاحتلال عمليات الاقتحام والمداهمة لقرى ومدن الضفة الغربية، فجر الأحد، وسط عمليات اعتقالات وتصدي...