السبت 27/أبريل/2024

أحمد شبير.. شهيد أسقط التخابر

أحمد شبير.. شهيد أسقط التخابر

قد يسوغها البعض “إنسانيا” على مضض، ولكنها في قاموس “أحمد شبير” مرفوضة بالكلية، فهو يعدُّها خيانة وانتهاكا لكرامة الحياة.. “صراع الحياة والموت”، كان ذاك الهاجس الذي سيطر على تفكيره طيلة عامين، لكنه في النهاية حسم قراره، بـ”الموت كالأشجار وقوفا”. 

“بابا.. لكي أختصر الموضوع، طلبوا مني التخابر معهم، فقلت لهم، أنا أفضل الموت في غزة، على أن أبيع نفسي رخيصة لكم، أو أن أضر أحداً من أبناء وطني وشعبي”، هي خلاصة (12) ساعة قضاها الشاب أحمد حسن شبير (17 عاماً)، داخل غرفة جهاز المخابرات الصهيونية، يساومونه بين العلاج و”التخابر” أو العودة إلى غزة، والموت فيها.

العملية الجراحية الذي كان يسعى “أحمد” لإجرائها على مدار الأشهر الماضية، تركها وفارق الحياة، ليرسم بقصته لوحة وفاء، عنوانها “حب الوطن”، وليوارى حلمه بـ”تطبيب القلوب” الثرى مرافقاً له، وليلقب بـ “شهيد الحصار”.

قصة شبير
الشاب “شبير” يعاني من تشوهات خلقية في قلبه، منذ ولادته، سافر خلالها للعلاج (40) مرة، إلا أنه في العامين الأخيرين جوبهت محاولات سفره بالرفض صهيونيا، بعد تكسر محاولات الابتزاز بالتخابر أمام صمود “أحمد”، مفضلا العودة إلى غزة دون العلاج على أن يكون عميلا خائنا. 

موقف الابن تكرر مع الأب، فالاحتلال حاول استغلال عاطفة الأبوة، فراوغ وأغرى، إلا أن كل محاولاته باءت بالفشل، ليرد عليهم “حسن”، “أرفض بيع نفسي رخيصة لأضر أبناء شعبي، فكما أنتم حريصون على ما تسمونه دولتكم، أنا حريص على دولتي ووطني”.

وعن تفاصيل استشهاد أحمد، ومرضه، يقول والده حسن شبير، لـ“المركز الفلسطيني للإعلام”، إن ابنه عاش منذ ولادته يعاني من أربعة تشوهات خلقية في قلبه، لكنه كان دائم الصبر والأمل في الشفاء من المرض، صبر وعاش حياته بكل أمل، محتسباً ذلك عند ربه، مشيراً إلى أنه كان يسافر بين فترة وأخرى إلى مستشفيات الداخل المحتل ليتلقى العلاج.

الفحص الأمني

مراحل علاج أحمد خلال 17 عاماً من حياته، كان تمضي على ما يرام دون أي عوائق، إلا أنه في العامين الأخيرين (2015 -2016م)، بدأت مسيرة المعاناة والألم، ومساومة الاحتلال لأحمد وأسرته تنغص عليه حياته، ويوضح الوالد: “أول مرة عرض التخابر الأمني على أحمد ووالدته خلال سفرهما عبر حاجز بيت حانون/ إيرز، في تاريخ 22 مارس من العام 2016 الماضي، ليساومهما الاحتلال (التخابر مقابل العلاج) إلا أنهما رفضا ذلك، وسمح لهما بالسفر، في حينه”. 
 
يتابع الوالد: “بعد عودة أحمد ووالدته، سافرا مرة أخرى بتاريخ 18 أبريل من العام الماضي، وحدد لهما الأطباء موعد عملية قسطرة للقلب بشهر سبتمبر من العام الماضي، وعادا لغزة، وحينما اقترب موعد العلاج، وتقدما بطلب السفر للعلاج، تفاجأ بالرد من الاحتلال،  بأنهما “مرفوضان”.

 المقابلة الأمنية!

في تاريخ 10 أكتوبر من العام الماضي، توجه الوالدان رفقة ابنهما المريض، إلى حاجز بيت حانون، بعد موافقتهم على إجراء مقابلة مع المخابرات الصهيونية، “لتبدأ مرحلة المراوغة والمساومة على العلاج مقابل التعاون الأمني”.

وأثناء المقابلة، التي استمرت من الساعة السابعة صباحاً وحتى الساعة السابعة ليلاً، “أتلف أفراد المخابرات الصهيونية أدوية “أحمد”، مساومة إياه على “التعاون” معها، كما طرحوا عليه أسئلة عن أفراد المقاومة الفلسطينية، وجيرانه وأصدقاء له”، وفق والدته.

وتقول الوالدة الأربعينية لـ“المركز الفلسطيني للإعلام”، والدموع لا تفارق عينيها، إن ابنها رفض عروض وإغراءات كبيرة من ضابط المخابرات، والذي تركه لساعات طويلة لوحده في حالة نفسية، صعبة إلا أنه صبر وسلم أمره لله”.

فيما أوضحت والدته أن ضابط المخابرات استدعاها، وطرح عليها “التخابر”، فرفضت بحزم، قائلة له: “أنا ست بيت ما إلنا في الشغلات هذه، وهمنا معالجة أحمد، والشفاء من مرضه، مثله مثل أي طفل بالعالم”.

وتستذكر والدته حلم ابنها، حين خاطبها قبل منيته بأيام، “أتمني العيش 6 أشهر أخرى للحصول على شهادة الثانوية العامة (التوجيهي)”، وتتابع: “كان يحلم أن يعالج القلوب (يتخصص بجراحة القلب)، إلا أنه وبعد المقابلة الأخيرة، أوصدت الأبواب في وجهه، تدهورت حالته الصحية، حتى فارق الحياة يوم الجمعة الموافق 14 يناير الجاري، بعد أن صلى الفجر في المسجد، وقرأ سورة الكهف، وتسامر معنا، وساعدني بنشر الغسيل”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات