الثلاثاء 21/مايو/2024

تقليصات أونروا.. مالية أم سياسية؟!

د. أيمن أبو ناهية

تفاجئ وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، بين الفينة والأخرى، لاجئيها المشردين في مختلف الدول، بتراجع مساعداتها المالية والعينية، بحجة تراجع دعم الدول المانحة لبرامجها الإغاثية، وهو الأمر الذي يرفضه اللاجئون بخطوات احتجاجية سلمية.

وتزايدت خلال السنوات الأخيرة الماضية، سياسة تقليص المساعدات المالية، والبرامج الإغاثية للاجئين في مناطق تواجدهم داخل الوطن المحتل، أو في مخيمات الشتات بالخارج، بصورة واضحة بسبب تنصل الوكالة الدولية من خدماتها ومسئولياتها الإنسانية التي تكفلت بها والتزمت بتنفيذها وأخذت على عاتقها هذا الواجب الانساني، لكن الوكالة الدولية للأسف تراجعت عن تلك الوعود والعهود. منذ مطلع انتفاضة الأقصى كان اللاجئ الفلسطيني يتلقى شهرياً مساعدة غذائية مباشرة من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، إلا أن هذا الأمر أخذ يختلف بعد ذلك شيئا فشيئا، وتحديداً بعد عام 2007م، عندما أبقت الوكالة على مساعداتها تلك فقط لمن تسميهم بالحالات الاجتماعية الحرجة.

وبذلك تكون “الأونروا” قد حرمت قطاعاً واسعاً من اللاجئين من تلك الخدمات التي شكلت فرجاً لمستلزمات حياتهم الأساسية؛ متذرعة بنقص الميزانيات وتحسن الأوضاع لدى “المغلوبين”!

وأخذ الأمر بالتدحرج إلى أن تفجرت الأزمة مؤخراً عندما رغبت الوكالة في تقليص الخدمات المقدمة عن طريق برنامج الطوارئ، الذي بدأ العمل به مع انطلاق انتفاضة الأقصى، حيث رأت الوكالة أن الحصة التموينية التي تقدمها للاجئين في المخيمات أربع مرات في السنة لن تستمر بذات الكم، كما لن تشمل ذات النوعية من المستحقين لتلك المساعدات.

وفي الوقت الذي كان يحصل فيه كل ثلاثة أشخاص على حصة واحدة، قلّصت الوكالة الكمية إلى حصة واحدة لكل ستة أفراد، وقلّصت عدد مرات التوزيع إلى اثنتين كل عام بدلاً من أربع، مع خفض لمعايير الاستحقاق لتصل نسبة المستحقين كما يرى المراقبون إلى 30% من المستحقين خلال الأعوام السابقة، مخضعةً الطلبات المتعلقة في برنامج تشغيل الطوارئ لمعايير خاصة من قبل القائمين على وكالة الغوث، حيث تشمل الأقلية من بين المستحقين.

من جديد عمّ إضراب شامل في جميع مرافق ومراكز ومكاتب “الأونروا” في الضفة والقطاع ليوم واحد بعد أن تطور من إضراب جزئي احتجاجا على هذه التقليصات المقصودة بدون وجه حق، وكان هذا بمثابة رسالة من موظفيها لإعادة النظر في قراراتها، لكن السؤال هل فهمت الوكالة الرسالة جيدا؟ لم يقف الأمر عند هذا الحد فقط، بل إن الوكالة الدولية واصلت تقليصاتها، وبالأمس هددت بعدم دفع بدل إيجار سكن للمتضررين الذين دمرت منازلهم في الحرب ولا يوجد لهم مأوى، وهذا يعتبر تنصلا واضحا منها إزاء هذه الحالة الانسانية والتي كانت قد وعدتهم بدفع بدل الايجار وتأمين متطلبات الحياة من مأكل ومشرب وملبس وصحة وتعليم.

أعتقد أن كل هذه التقليصات التي عمت كل القطاعات من وكالة الغوث على اعتبار أنها إشكاليات سياسية وليست مالية، وإن كان ظاهرها الميزانيات كما تقول إدارة “الأونروا”.

وحتى لو افترضنا جدلاً أن المشكلة مشكلة ميزانيات، فلماذا يتحمل اللاجئ وأبناؤه والعاملون والمتضررون في إطار الوكالة جريرة التقصير في حشد الميزانيات اللازمة؟ أليست قضية اللاجئين من مسؤولياتها، وبالتالي من واجبها البحث عن الحلول بعيداً عن اللاجئ وقوته؟ أو أن يرجع كل لاجئ إلى بيته وتعويضه عن الأضرار، وعندها نقول للوكالة: الله يعطيك العافية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات