الثلاثاء 30/أبريل/2024

عمر الحلبي.. حلم بالعودة لفلسطين ورحل مغترباً عنها

عمر الحلبي.. حلم بالعودة لفلسطين ورحل مغترباً عنها

ما بين حلم العودة، وتلك المشاعر التي أحسّ بها على سلم الحافلة قبل سفره للمشاركة بمؤتمر “فلسطينيو أوروبا”، تتجسد حكاية الفلسطيني المهندس عمر الحلبي، الذي رحل بصمت بعيدا عن تراب الوطن.

ماجد الزير، رئيس مؤتمر “فلسطينيو أوروبا”، كتب على صفحته ما ردده الحلبي قبل صعوده الحافلة، فيقول أنه أخبره أن “إحساساً غريبا تملكه وهو على سلمها، حيث شعر وكأنه يركب بالحافلة عائداً إلى فلسطين، حتى شعر برعشة داخل جسده”، إلا أن هذه الأمنية التي طالما حلم بمعايشتها واقعا لن تتحقق له، وسينتظر أبناؤه أن يعيشوها ولو بعد حين.

حكاية مهندس العطاء
لم يكن يعرف الكثيرون عمر الحلبي، ابن مدينة غزة التي عاش وتربى فيها ودرس في مدارسها، فهو من الأشخاص العاملين بصمت لقضيته ووطنه، حيث ينحدر من عائلة عريقة تعود بأصولها إلى بلدة المجدل التي هُجروا منها عام 1948.

ولد الحلبي في 22 سبتمبر من العام 1969، وانطلق كأبناء جيله يدرس الابتدائية والإعدادية في مدرسة غزة الجديدة بمخيم الشاطي غرب مدينة غزة، إلى أن حصل على شهادة الثانوية العامة بمعدلٍ متميز في عام 1987.

الطموح وحب المعرفة دفع “أبو سراج” للانتقال إلى ألمانيا ليكمل تعليمه في تخصص الهندسة الكهربائية، ليتخرج مهندساً كهربائياً في عام 1998، وبعد تخرجه اضطر للعمل في الأعمال الحرة ليصبح مديراً عاماً لشركة لوتس للطباعة والخدمات الدعائية في برلين.

تزوج “أبو سراج” في ألمانيا من الفلسطينية رنا صالحة عام 2002، لينجب منها 4 أطفال أكبرهم سارة (12 عاماً)، وحلا (10 أعوام)، داليا (6 أعوام)، محمد (3 أعوام).

بصمة العطاء
كما هو معروف دائماً، كان له بصمة في مجالات عدة، ليكون مثالا للفلسطيني الذي لم ينس وطنه، ويحلم بالعودة إليه، هذا جعله ممن ساهموا مع أبناء الجالية الفلسطينية وحتى العربية في ألمانيا على إبقاء القضية الفلسطينية حاضرة في الكثير من المحافل والمناسبات، فقد وصفه كل من عرفه بأنّه “دينامكي العمل الخيري”؛ حيث كان من أبرز نشطاء العمل الفلسطيني في أوروبا عموماً وفي برلين خصوصاً.

يوم الثلاثاء 10 مايو 2016، كان أبو سراج على موعد مع الرحيل بعدما شارك في مؤتمر “فلسطينيو أوروبا”، الذي يعد أحد مطوّريه، وأحد أركان التجمع الفلسطيني في ألمانيا إضافة لمساهمته المميزة في كثير من المحافل.

في وداع المهندس
وبرحيل المهندس الحلبي، يفقتد المجتمع العربي والمسلم في برلين وألمانيا وفلسطينيو أوروبا أحد وجوه العمل العام الذي عُرف بالتفاني والنشاط الواسع.

فقد نعى التجمع الفلسطيني في ألمانيا الحلبي، أحد قيادات هيئاته التنفيذية والإدارية في ألمانيا وبرلين، وأطلق التجمع برقية تعزية لعموم الشعب الفلسطيني والجاليات العربية في ألمانيا وأوروبا، أعلن من خلالها عن بالغ حزنه وعميق الأسى على رحيل أحد كوادره العاملين المخلصين، وعضو الهيئة الإدارية في منطقة برلين.

وقال رئيس التجمع الدكتور سهيل أبو شمالة، إن الفقيد “تميّز بالخصال الحميدة وكان مثالاً في البذل والتفاني، وتوفرت له محبة الناس وشهادتهم على حسن خلقه”.

كما أوضح أبو شمالة أن عائلة الحلبي “متميزة بالنجاحات الأكاديمية والعملية، فمنهم الأطباء والمهندسين ورجال الأعمال، وهم منخرطون بدافع الوطنية في لب العمل المؤسسي الفلسطيني المتنوع في ألمانيا وأوروبا، سواءً في تجمع الأطباء أو المهندسين أو رابطة المرأة الفلسطينية”.

بدوره، قال فادي الطايش، نائب رئيس التجمع الفلسطيني في ألمانيا، إنّ الفقيد عمر الحلبي “كان يعمل بصمت ثم رحل بصمت دون مقدمات، وكأنها سجية من سجاياه، تمسّك بها في حياته، فكان بين الناس وساعياً في نفعهم ومساعدتهم”.

وأضاف الطايش أنّ آخر محطات الفقيد كانت مشاركته الفاعلة في قيادة قوافل العودة من ألمانيا التي شاركت في مؤتمر فلسطينيي أوروبا الذي انعقد في مدينة مالمو السويدية قبل ثلاثة أيام من وفاته المفاجئة.

وخلال كلمة ألقاها أمام الوفود المعزية في العاصمة الألمانية برلين، قال ممثل التجمع الفلسطيني في منطقة برلين خالد الظاهر “يصعُب علينا أن نتخيل مجلس إدارتنا في برلين دون المهندس عمر الحلبي، فقد كان شعلة نشاط لم تنطفئ حتى لحظة استسلامه إلى كأس الموت الذي سنشرب منه جميعًا دون استثناء”.

وعدّد الظاهر مناقب الفقيد التي اشتهر بها في القارة الأوروبية كلها، والخدمات الجليلة التي قدمها في مجال النفع العام والجهود الإعلامية ولا سيما من خلال مطبعته التي سخرها لخدمة القضية الفلسطينية.

وأصدرت العديد من المؤسسات الفلسطينية والجمعيات العربية والإسلامية برقيات متتابعة عبّرت فيها عن بالغ ألمها بوفاة من عرفته بوصف “رجل المهام الطارئة والمواقف الراسخة”، وهو الذي كان يعمل بصمت ونكران للذات، على حد وصف كثير من أبناء الجالية الفلسطينية والعربية في برلين.

كما قامت المؤسسات الفلسطينية والمراكز الإسلامية في برلين بنعي الحلبي معربة عن تأثرها برحيله، كما نعته المؤسسات العربية والجاليات عموماً ومنها المصرية واليمنية والتونسية والسورية خصوصاً، وشكره معظمهم لما قدّمه من مساهمات جليلة لها.

كما نعت الفقيد مؤسسات على المستويين الألماني والأوروبي، وعلى رأسها مؤسسة مؤتمر فلسطينيي أوروبا، وتجمعات المهندسين والأطباء والمعلمين والعمال والفنانين وتجمع الشباب الفلسطيني ورابطة المرأة الفلسطينية.

وأقام آل الحلبي ممثلون بأشقائه الخمس مجلس عزاء في مسجد دار السلام في العاصمة الألمانية برلين، توافدت عليه  شخصيات ووفود اعتبارية وجماهير غفيرة عبّرت عن بالغ الأسى بفقدانهم الرجل الذي يحظى بحب كبير وتقدير وافر في المجتمع المحلي.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

إصابة مجندة إسرائيلية بعملية دهس في جنين

إصابة مجندة إسرائيلية بعملية دهس في جنين

جنين - المركز الفلسطيني للإعلامأصيبت مجندة إسرائيلية، اليوم الثلاثاء، في عملية دهس قرب بلدة برطعة قضاء جنين شمال الضفة الغربية. وأطلقت قوات الاحتلال...