عاجل

الإثنين 27/مايو/2024

الأسيرات الفلسطينيات.. حوريات في القيد

الأسيرات الفلسطينيات.. حوريات في القيد

وضع الاحتلال الإسرائيلي المرأة الفلسطينية في دائرة الاستهداف المباشر، إما بالقتل أو الأسر أو التشريد والإبعاد، غير مراع أي قوانين دولية أو حقوق إنسان في التعامل مع الإنسان الفلسطيني بشكل عام والمرأة بشكل خاص.

فمنذ الاحتلال الإسرائيلي لفلسطيني عام 1967 وحتى نيسان/ أبريل2011 سجل اعتقال الاحتلال لـ 12 ألف إمرأة فلسطينية، من بينهن 850 امرأة اعتقلن خلال انتفاضة الأقصى (سبتمبر2000 -2005)، بينهن أمهات وفتيات قاصرات تقل أعمارهن عن 18 عاماً، فيما لا تزال تقبع في سجون الاحتلال حتى مطلع العام 2016 نحو 62 أسيرة.

 

* ظروف اعتقالية سيئة 
تعاني الأسيرات في سجون الاحتلال من أوضاع سيئة يتعرضن فيها إلى أصناف من العذاب الجسدي والنفسي تبدأ من لحظة الاعتقال وتستمر طيلة السجن، فعلى الصعيد المعيشي داخل السجن، فإن الأسيرات يعانين من ظروف لا إنسانية قاسية، ويواجهن سياسة مشددة من العقاب والإجراءات. 

والأسيرات يحجزن في أماكن لا تليق بهن، دون مراعاة لاحتياجاتهن الخاصة، ودون توفر حقوقهن الأساسية، التي نصت عليها المواثيق الدولية والإنسانية، ويعشن في ظروف قاسية، ويتعرضن لمعاملة لا إنسانية ومهينة، وتفتيشات استفزازية من قبل السجانين والسجانات، وتوجيه الشتائم لهن والاعتداء عليهن خلال خروجهن للمحاكم والزيارات أو حتى من قسم إلى آخر، أو عبر اقتحام الغرف.

وتمارس مصلحة إدارة سجون الاحتلال انتهاكات عدة بحق الأسيرات، من خلال استخدام الغاز المدمع وتعريضهن للضرب، وفرض العزل الذي قد يصل لشهر على العديد منهن، ومنعهن من الفورة اليومية، بالإضافة للعقوبات الفردية مثل حرمان من زيارات الأهل، وفرض غرامات مالية عليهن قد تصل إلى 400 شيكل تقتطعها الإدارة من حساب الكنتين الخاص بكل أسيرة.

* سياسة العزل
تقبع ست أسيرات فلسطينيات في عزل تفرضه إدارة مصلحة سجون الاحتلال عليهن منذ فترات مختلفة، وهن عرين شعيبات، وسعاد حمد، وسعاد نزال، وهالة جبر، وسعاد نزال، ونسرين أبو زينة، حيث يقبعن في زنازين انفرادية.

* أمهات ينجبن في الأسر
تبرز ضمن معاناة الأسيرات معاناة الأسيرات الحوامل، ومن يضعن أولادهن داخل السجون، حيث تقول الأسيرة سمر صبيح: “كنت أتمنى أن أضع مولودي الأول كأي أم أخرى، وبحضور أحد أقاربي إلى جانبي، ولكن مشيئة الله وقدره فوق كل شيء، وقد تحملت صعوبات الولادة وآثارها النفسية من أجل حياة طفلي، ولكنني كنت قلقة بخصوص حياته؛ حيث إنه اضطر للعيش في غرف رطبة، تنعدم فيها التهوية، ومليئة بالحشرات، ولا يتوفر فيها أي من احتياجات الطفل الأساسية.

* إجراءات تعسفية
وتتعرض الأسيرات بشكل مستمر لإجراءات تعسفية من قبل الاحتلال، من أبرزها عمليات النقل عبر البوسطات من وإلى المحاكم، والتي تستمر لأكثر من 12 ساعة متواصلة دون عرضهن أمام النيابة، الأمر الذي يسبب لهن التعب الجسدي والنفسي والإرهاق دون أن تجري محاكمتهن، وكذلك حرمان عوائلهن من الزيارة المقررة في أوقات محددة دون سبب أو مبرر. بالإضافة إلى عمليات الاقتحام المستمرة والتي ينفذها عناصر شرطة رجال، حيث طالبت الأسيرات بضرورة استبدالهن بعناصر نسائية حفاظاً على الخصوصية، كما أن هناك نقص حاد في الأغطية والملابس الشتوية وأجهزة التدفئة، حيث تحرمهن إدارة السجن من شراء أجهزة التدفئة والأغطية رغم تواجدها.

إضافة لانتهاكات أخرى أهمها:
– الابتعاد عن الأبناء والزوج والبيت وفقدان الإحساس بالأمومة بسبب البعد عن الأبناء.
منع زيارة الأهالي للأسيرات أو التضييق في إجراءاتها.
– حرمان الأسيرات من اللقاء المباشر مع أطفالهن، الذين تزيد أعمارهم عن ست سنوات، والاكتفاء بالزيارة والتحدث من خلف الحواجز.
– منع الأسيرات من زيارة أزواجهن الأسرى، وبذلك تحرم عائلات من الاجتماع لسنوات طويلة، خلافاً لما نصت عليه المادة 82 من معاهدة جنيف الرابعة. 
– التفتيش العاري للنساء الأسيرات عند زيارة الأهل، أو عند زيارة الزوج للمحاكم.
– وجود سجينات يهوديات جنائيات بأقسام قريبة من أقسام الأسيرات الفلسطينيات السياسيات، مما يؤدي إلى ممارسة الجنائيات اليهوديات الاعتداءات المستمرة بحق الأسيرات.

* الإضراب عن الطعام
خاضت الأسيرات سلسلة من الخطوات النضالية مع سائر الحركة الأسيرة في السجون بهدف تحسين أوضاعهن، حيث شاركت الأسيرات بالإضراب المفتوح عن الطعام عام 1984 والذي استمر 18 يوماً، وفي إضراب عام 1992 والذي استمر 15 يوما وفي إضراب عام 1996 والذي استمر 18 يوماً، وكذلك في إضراب عام 1998 والذي استمر 10 أيام إضافة إلى مشاركتهن في سلسلة خطوات احتجاجية جزئية.

وسجل تاريخ الحركة النسوية الأسيرة مواقف أسطورية؛ كما حصل عام 1996 عندما رفضت الأسيرات الإفراج المجزوء عنهن على إثر اتفاق طابا وطالبن بالإفراج الجماعي، ودون ذلك فضلن البقاء في السجن، واستطعن أن يفرضن موقفهن في النهاية ليتم الإفراج عن جميع الأسيرات في بداية عام 1997.

وخاضت الأسيرات معركة الحرية بعد اتفاق أوسلو تحت شعار (لا سلام دون إطلاق سراح جميع الأسرى والأسيرات)، وشاركن في الخطوات النضالية إلى جانب بقية الأسرى في كافة السجون في سبيل تحقيق أهدافهن بالحرية والإفراج.

* شهادة أسيرة 
الأسيرة “قاهرة سعيد السعدي” (27 سنة)، سكان مخيم جنين متزوجة وأم لأربعة أطفال وحكمت (3) مؤبدات و(30) سنة. 

وتفيد الأسيرة أنها ومنذ لحظة اعتقالها تعرضت داخل ناقلة الجنود للشتائم البذيئة والقذرة، وتعرضت للضرب بأعقاب البنادق، وفي سجن المسكوبية تعرضت للتفتيش العاري وللشبح على كرسي مربوطة الأرجل والأيدي، واستمر ذلك لساعات طويلة. 

وأضافت: جاء محقق يدعى أبو يوسف وأحضر كرسيه وألصقه بجانبي، وكان جسمه قريب من جسمي، طلبت منه أن يبتعد فرفض وأخبرني بأن شغله يتطلب ذلك، ولم يكن بإمكاني عمل شيء لأنني مربوطة بالكرسي بإحكام. 

وأشارت الأسيرة السعدي في إفادتها أنها عندما لم تستجب له تم نقلها إلى زنازين تسمى المنفى، وهي تقع تحت الأرض، مليئة بالرطوبة وبدون ضوء، ولا يوجد بها ماء ولا حتى هواء، وتنتشر فيها الصراصير والحشرات. 

وقالت: زنازين المنفى ضيقة جداً،وفيها حفرة بالأرض لقضاء الحاجة، وكانوا يدخلون لها كاس ماء كل ساعة، وتنتشر في الزنزانة روائح كريهة جداً. وقد مكثت فيها 9 أيام متواصلة. 
وقالت السعدي: خلال التحقيق كانوا يصرخون علي ويستفزونني بشدة، وقام المحققون بتهديدي بالاغتصاب عدة مرات، وكنت أجهش بالبكاء خوفاً من ذلك، ولقد سمعت ألفاظاً منهم لم أسمعها طوال حياتي. 

وأشارت السعدي أنها مكثت ثلاثة شهور ونصفا في التحقيق، وقام ضابط يدعى شلومو بضربها ضرباً مبرحاً بحذائه الحديدي لدرجة أن الأسرى الموجودين في المسكوبية قاموا بالإضراب عن الطعام احتجاجاً على ذلك، وقالت إن سبب تعرضها للضرب هو طلبها من الضابط المذكور أن تستحم!. 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات