الأربعاء 22/مايو/2024

لأول مرة منذ 15 عاما.. قمح غزة الحدودي ينتظر الحصاد

لأول مرة منذ 15 عاما.. قمح غزة الحدودي ينتظر الحصاد

قدراً ابتسم المزارع الستيني أبو هاني مهنا، رغم حبات العرق التي رشحت على جبينه الأسمر، وهو يجتهد بكل ما أوتي من قوة أن يعتني بما غرسته يداه في أرضه التي لم يطؤها منذ قرابة الـ15 عاماً!.

نعم؛ منذ عام 2002 لم يتمكن المزارع سلامة مهنا (60عاماً) أن يطأ أرضه الواقعة على الشريط الحدودي شرق القرارة جنوب قطاع غزة، ليؤكد في حديثه لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” أنّ المرة الأولى التي زرع فيها أرضه بالقمح كانت قبل أشهرٍ قليلة، معرباً عن سعادته الكبيرة بهذا الإنجاز.

وهو ما أكّده المهندس نزار الوحيدي مدير عام الإرشاد في وزارة الزراعة لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام”، مبيناً أنّ وزارته تبذل جهودا كبيرة لتطوير الأراضي الزراعية هناك، وتعزيز صمود المزارعين فيها.

سهير زقوت الناطقة الإعلامية باسم الصليب الأحمر، أكّدت في حديثها لـمراسلنا، أنّ “الصليب كان له دور مهم في التنسيق مع الاحتلال الصهيوني من أجل السماح لهؤلاء المزارعين من عبور أراضيهم وتمكينهم من الزراعة فيها بعد غيابٍ طويلٍ هنا”.

وبينت أن الحوارات الثنائية غير المعلنة مع السلطات، التي يعتمدها الصليب كسياسة أساسية مع جميع الجهات بما فيها فصائل المقاومة، تمنح بموجبها الدخول إلى مناطق لا يسمح إلا للصليب الأحمر بدخولها.

خسائر كبيرة
وكما المشتاق لابنه ينتظر المزارع نمر جرادات بلهفة غرس أرضه الواقعة على الحدود في قرية الشوكة أقصى جنوب قطاع غزة، ويؤكد في حديثه لـ“المركز الفلسطيني للإعلام” أنّه للمرة الأولى يتمكن من زراعة أرضه البالغة مساحتها ستة دونمات منذ العام 2006 بالقمح.

ويُقدر المهندس نزار الوحيدي مدير عام الإرشاد في وزارة الزراعة، مساحة الأراضي الزراعية على طول الشريط الحدودي الشرقي لقطاع غزة بـ25 ألف دونم، لافتاً إلى أنّها أراضٍ مستهدفة دائماً من قبل الاحتلال الصهيوني.

ويشكو المزارع الفلسطيني، من تكّبده خسائر كبيرة بسبب ممارسات الاحتلال ومضايقته لهم من جهة، وبسبب شح الماء والموارد الطبيعية، وضعف الأسواق وتدني أسعار الخضروات.

فيما أكّدت زقوت أنهم يحاولون في الصليب الأحمر إمداد المزارعين في المناطق الحدودية بأقل الإمكانات والاحتياجات حتى يستطيعوا أن يستعيدوا عافية أراضيهم، لكنّها أشارت في الوقت ذاته أنّها لا توفر الحلول الكاملة لهؤلاء المزارعين حيث إنّ كل ما يقدمونه لهم هو عبارة عن “ضمانات لتمكينهم من العودة لمهنة الزراعة” كما قالت.

وتشير زقوت، أنّ 10 آلاف و700 دونم تم تأهيلها منذ انتهاء العدوان الصهيوني الأخير على قطاع غزة، وتفيد، بأنّه مؤخراً وزع الصليب الأحمر (4000) من أشتال اللوزيات، على (110) مزارعين جنوب غزة في المناطق الحدودية، تم طلبها من مشتل في الخارج لتحسين نوعيتها لتعيش 3 أضعاف عمر اللوزيات الموجودة في غزة.

ويكشف مدير عام الإرشاد بالزراعة، أنّ الاحتلال لا يسمح بزراعة المحاصيل الطويلة، ويشترط  زراعة الأشتال، التي لا يزيد ارتفاعها عن 25 – 30 سم.

خشية وقلق
ويتحدث الشاب إبراهيم العمور من قرية الفخاري شرق محافظة خان يونس، بألم عن سنوات عمره وعمر والده وأهله التي مضت بلا فائدة – حسب قوله – ذلك لأنه لم يكن يستطيع فيها الوصول إلى أرضه أو استثمارها وزراعتها.

لكن الابتسامة سرعان ما عادت إلى إبراهيم ولسانه لا يتوقف عن الحمد، بأن أعاد الله الحياة لأرضه “كمولودٍ طال انتظاره”، ويخشى العمور من استمرار الاعتداءات الصهيونية على أراضهم (20) دونماً، التي زرعها مؤخراً وللمرة الأولى منذ أعوامٍ طويلة بالقمح واللوزيات.

ويضيف: “نعيش ظروفا صعبة، ونصل لأراضينا وأيدينا على قلوبنا، وندخلها على عاتقنا الشخصي خوفاً من إطلاق النار من قبل الاحتلال في أي لحظة”.

وكان عشرات المزارعين قد تعرضوا لعمليات إطلاق نار مباشرة من قبل الاحتلال فارتقى بعضهم شهيداً فيما بقي الآخر مصاباً يعاني آلامه وجروحه.

وتوضح المتحدثة باسم الصليب الأحمر، أنّ هذه الأراضي كانت محور الصراع؛ حيث تعرضت لثلاثة حروب متتالية في أقل من 7 سنوات، مبينةً أنّها كانت الأكثر عرضة للتدمير والأضرار، لكنها لفتت إلى شيء مهم؛ أن كل ما يفعله الصليب لا يمثل حلولاً جذرية للمزارعين، وقالت: “غزة تحتاج إلى قرارات سياسية من أجل الحصول على حلول جذرية للكثير مما تعانيه من أزمات متفاقمة”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات