الأحد 19/مايو/2024

أزمات كثيرة تواجه حكومة الاحتلال الحالية والمرتقبة

أزمات كثيرة تواجه حكومة الاحتلال الحالية والمرتقبة

عندما سئُل أفيغدور ليبرمان زعيم حزب “إسرائيل بيتنا” اليميني، عن سبب عدم انضمامه للحكومة في ظل العديد من التحديات الأمنية التي تواجهها، أشار إلى أننا “سنشهد انتخابات جديدة في العام القادم فلا داعي لمضيعة الوقت”.

ولم يخف كذلك يائير لبيد زعيم حزب “يوجد مستقبل” ووزير المالية السابق أن الائتلاف الحكومي الحالي هش وضعيف، قائلا: “أعتقد أننا سنشهد جولة جديدة من الانتخابات قريباً”.

ومن المعلوم أن الائتلاف الحكومي اليميني الذي يقوده بنيامين نتنياهو يعتمد فقط على 61 عضو كنيست، وهذه ليست المرة الأولى، التي اعتمدت فيها الائتلافات الحكومية على هذا العدد أو أكثر بقليل، فحكومة رابين قبل اغتياله ضمت فقط 62 عضو كنيست، وكذلك اعتمد مناحم بيجن عندما تزعم الحكومة على 61 عضو كنيست قبل توسيعها.

وفي دراسة أعدها الباحث عماد أبو عواد، الباحث في مركز القدس لدراسة الشأن الصهيوني، يقول: “لم يعد ضيق الائتلاف الحكومي الإسرائيلي الحالي هو السبب الرئيس للقلق والأزمات التي تعانيها الحكومة الإسرائيلية، فأحياناً يكون ضيق الائتلاف مدعاة للتماسك، لكن الحكومة الإسرائيلية الحالية تواجه العديد من الخلافات والأزمات التي قد تقود إلى انهيار الائتلاف الحكومي وفي أي لحظه”.

ووفقا للدراسة فإن أبرز تلك الأزمات يتمثل في:

أولا: خلاف حاد بين الأطراف الحكومية على التعامل مع الملف الأمني في الضفة الغربية والقدس، والتحديات الأمنية التي تواجه الاحتلال بشكل عام، ففي ظل إيمان البيت اليهودي بزعامة بينت على ضرورة توسيع الاستيطان وتحديد حدود المستوطنات وبناء جدر وأسيجة لحماية المستوطنين، وقمع الانتفاضة بيد حديدية أكبر، وتفعيل العقاب الجماعي وقطع الكهرباء والماء عن بعض المدن الفلسطينية، يبدو أن بنيامين نتنياهو غير متشجع لفكرة استمرار الاستيطان بالوتيرة التي يريدها نفتالي بينت زعيم البيت اليهودي، إضافة إلى إدراك نتنياهو أنه يجب عليه الأخذ بعين الاعتبار العلاقة مع الدول الغربية قبل التفكير بفرض العقوبات الجماعية، مما استدعى العديد من أعضاء البيت اليهودي للغياب عن التصويت على بعض قوانين الكنيست التي اقترحتها المعارضة، واستطاعت تمريرها بفعل غيابهم، وقد برر الأعضاء غيابهم من منطلق عدم إيفاء بنيامين نتنياهو بوعوده الاستيطانية التي تعهد بها للبيت اليهودي قبل تشكيل الحكومة الإسرائيلية.

ثانيا: خلافات حادة بين البيت اليهودي والليكود على خلفية اتهام الأخير لزعيم حزب البيت اليهودي نفتالي بينت بأنه يحفر تحت بنيامين نتنياهو من أجل تزعم اليمين، وجاء هذا الكلام على خلفية تصريحات بينت التي انتقد فيها سياسة نتنياهو في التعامل مع الملف الأمني في غزة، خاصة الأنفاق، مما أدى إلى توتير الأجواء بين الرجلين، ووصول حد العلاقة والتواصل إلى أدنى مستوياتها، في ظل فقدان الثقة.

ثالثا: شعور موشيه كحلون وزير المالية وزعيم حزب “كلنا” الإسرائيلي بنوع من الإحباط جراء عدم تحقيقه برنامجه الاجتماعي، حيث عبر عن ذلك قائلا أشعر بالإحباط جراء ما حققناه حتى الآن، ومن المهم ذكره هنا أن كحلون الذي يتزعم ثاني أكبر الأحزاب في الحكومة، جاء ببرنامج اجتماعي قائم على زيادة دخل الطبقات الفقيرة وتقليص الضريبة عن الفئات الأكثر ضعفا، إلا أن الأحداث الأمنية، اضطرته والحكومة إلى تقليص بعض البنود في الميزانية، والتي جاء أغلبها على حساب التعليم والبرنامج الاجتماعي، ليقع كحلون وفق اعتقاد الكثيرين في فخ نتنياهو كما وقع فيه من قبله يائير لبيد زعيم يوجد مستقبل، الذي خرج خالي الوفاض، ولم يحقق إلا القليل من برنامجه الاجتماعي.

رابعا: رفض بنيامين نتنياهو لمشروع وزيرة القضاء شاكيد والتي تريد تغيير المنظومة القضائية بالكامل، فرغم اعتقاد نتنياهو أن المنظومة القضائية بحاجة إلى تغييرات، إلا أنه في نفس الوقت يرفض أن تكون هناك ثورة عارمة قد تؤدي إلى انتقادات محلية وكذلك عالمية وقد انتقدت وقتها الولايات المتحدة نوايا البيت اليهودي في هذا الاتجاه.

خامسا: تحقيق الحريديم لأغلب مطالبهم، حيث يرى بقية أعضاء الائتلاف الحكومي أن الحريديم باتوا الفتى المدلل، في الحكومة الإسرائيلية، حيث اكتملت سيطرتهم على وزارة الأديان، واستطاعوا تأجيل نقاش دخول شباب الحريديم إلى الجيش حتى العام 2020، وهو ما وُضع تحت عنوان إن نتنياهو خضع للحريديم بشكل كامل، مما استدعى غضب بقية الأطراف في الحكومة.

إضافة إلى الخلافات في العديد من الملفات الحكومية التي تتعلق بالساحة الداخلية أو الخارجية، إلا أن هذه الأزمات ورغم عمقها، تتبدد أمام العديد من الحقائق التي قد تسهم في مد عمر الحكومة الإسرائيلية الضيقة، والتي على رأسها:

أولا: إدراك جميع الأطراف أن الحكومة لم يمض عليها وقت طويل، إضافة إلى الواقع الأمني الذي تمر به الدولة، يدفع الأطراف إلى التروي قليلاً في سبيل تحقيق بعض الأهداف المعلنة.

ثانياً: إدراك حزب (كلنا* أنه لا يستطيع حاليا الخروج من الحكومة في ظل عدم تحقيقه شيء يذكر من برنامجه الاجتماعي وفي ظل أن استطلاعات الرأي تعطيه خمسة مقاعد في أي انتخابات برلمانية جديدة، فالاستمرار بالنسبة له أقل الخسائر في ظل صورة الضعف التي يظهر بها الحزب بالإضافة إلى إدراك زعيمه أنه من أصول شرقية تقلل من فرص تحقيقه أفضل من النتائج الحالية.

ثالثا: بالنسبة للبيت اليهودي، فإن انتخابات جديدة معناها قوة جديدة لليكود في ظل الظروف الأمنية المعقدة، إضافة إلى أن البيت اليهودي لن يسمح لنفسه أن يكون خارج الائتلاف الحكومي، لأن ذلك معناه خيانة وطنية من وجهة نظر ناخبيه في حال تأسيس الليكود لأي حكومة في المستقبل وفي ظل إدراك البيت اليهودي أنه لا يمكن أن يكون له فرصة للإطاحة بالليكود في ظل غياب منافس قوي لنتنياهو، إضافة إلى أن البيت اليهودي يؤمن بعدم إعطاء اليسار أي فرصة، لأن انتخابات قريبة قد تقود إلى نزول نسبة التصويت بسبب ظهور اليمين بمظهر العاجز والمشتت وبالتالي إعطاء فرصة جيدة لليسار.

رابعا: فيما يتعلق ببنيامين نتنياهو والليكود، رغم القناعة المترسخة أن ما يجري على الأرض من أحداث فإنه يدعم باتجاه أن يعود الليكود بقوة في أي انتخابات قادمة، إلا أنه في نفس الوقت يؤمن بأن أي انتخابات قد تشهد مفاجآت قد تطيح بحظوظ شركائه الطبيعيين مما يمنح اليسار والمركز فرصة تشكيل الحكومة الإسرائيلية.

خامسا: بالنسبة لأحزاب الحريديم، فهي تمتلك قاعدة تصويتية ثابتة، وتعتبر بيضة القبان في الحكومات الإسرائيلية، فليس لديها مشكلة في أي انتخابات جديدة، أو مع من ستتواجد في الحكومة في ظل أنها تحقق برنامجها الاجتماعي الحريدي، ومنع إجبار شباب الحريديم المتدين من دخول الجيش.

ختاما: استطاع بنيامين نتنياهو أن يتعامل بتسلط كبير وذكاء حاد، في تسيير حكومة الاحتلال وفق رغبات الليكود، فمن صفقة الغاز إلى توزيعه الحقائب الوزارية لصالح الليكود، إلى إقرار الميزانية، ظهرت الهيمنة الواضحة لليكود، وظهرت بقية الأحزاب بصورة العاجزة في الوقوف في وجه الرجل في ظل إدراكها أنه ليس من السهل الانسحاب من الائتلاف والذهاب إلى انتخابات جديدة قد تسهم في مسح بعضهم من الخريطة السياسية (خاصة حزب كلنا الموسمي)، لكن هناك فهم ضمني لدى كافة الأحزاب الائتلافية، أن استبعاد الانتخابات في الفترة الحالية لا يعني إمكانية استمرار الائتلاف الحكومي طيلة فترته القانونية.

ورجح الباحثان في مركز القدس (علاء الريماوي مدير المركز وعماد أبو عواد رئيس قسم دراسات الشأن الإسرائيلي في مركز القدس) أنه في حال عدم حدوث متغيرات مهمة، كتصاعد للانتفاضة الفلسطينية، أو حرب إسرائيلية جديدة على غزة أو مع حزب الله في الجنوب، فإن الأوضاع الداخلية الإسرائيلية تنبئ بحل الكنيست الإسرائيلي مع نهاية هذا العام والذهاب في اتجاه انتخابات جديدة، وأضاف الباحثان إنه ليس من المرجح أن تحدث الانتخابات مفاجئات قد تودي بالإطاحة من اليمين من سدة الحكم.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة

الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة

الضفة الغربية - المركز الفلسطيني للإعلام شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي - فجر الأحد - حملة دهم في أرجاء متفرقة من الضفة الغربية تخللها اقتحام منازل...