السبت 04/مايو/2024

رئيس سلطة جودة البيئة: ارتفاع نسبة الإصابة بمرض السرطان بغزة

رئيس سلطة جودة البيئة: ارتفاع نسبة الإصابة بمرض السرطان بغزة

أكد الدكتور يوسف إبراهيم رئيس سلطة جودة البيئة أن هناك ارتفاعًا في الحالات المصابة بمرض السرطان والفشل الكلوي نتيجة مادتَيْ اليورانيوم والفسفور الأبيض اللتَيْن استخدمتهما قوات الاحتلال الصهيوني خلال الحرب الإجرامية التي شنَّتها على قطاع غزة في العام الماضي.

وأشار إبراهيم في حوارٍ مع “المركز الفلسطيني للإعلام”، إلى أن المواد السامَّة والخطيرة التي استخدمتها قوات الاحتلال في الحرب تسرَّبت إلى التربة الفلسطينية، تمامًا كما تسرَّبت إلى أجساد الجرحى وضحايا العدوان، لافتًا إلى وجود عناصر من اليورانيوم، والزنك، والزئبق، والكوبلت، التي تعتبر من المواد الخطيرة والمسرطنة.

ووجَّه رئيس سلطة البيئة نداءً عاجلاً إلى كل الدول والمنظمات والمؤسسات الدولية والإقليمية بالتدخل الفوري والعاجل؛ من أجل تفادي الآثار التدميرية المستقبلية للبيئة الفلسطينية في قطاع غزة؛ نتيجة العدوان الصهيوني الذي ما زالت آثاره قائمةً حتى الآن.

وفيما يلي نص الحوار:

* سلطات الاحتلال خلال حربها التي شنَّتها على قطاع غزة العام الماضي أوجدت واقعًا بيئيًّا وصحيًّا خطيرًا.. هل يمكن أن توضِّحوا لنا ذلك؟

** نشكر “المركز الفلسطيني للإعلام” على اهتمامه البالغ بهذه القضية الخطيرة والحساسة، ونتمنَّى من كافة وسائل الإعلام الانتباه جيدًا إلى هذه المعلومات، وكذلك يجب العمل على فضح الاحتلال الصهيوني، ونحن بصفتنا الرسمية نؤكد أن قوات الاحتلال الصهيوني استخدمت 35 نوعًا من المعادن السامة في الحرب الإجرامية التي شنَّتها على قطاع غزة، وبطبيعة الحال هذه المواد خطيرة جدًّا على البيئة الفلسطينية في قطاع غزة؛ وذلك في محورين؛ هي: الأسلحة والذخائر المستخدمة في العدوان، والنفايات الصلبة.

ومن خلال استعراض العينات والنتائج التي أعلنت عنها وزارة الصحة في مؤتمرٍ صحفيٍّ عقدته في مقرِّها بغزة؛ نوضَّح أن تسرُّب المواد إلى أجساد الشهداء، وإلى التربة الفلسطينية، والمناخ في قطاع غزة؛ يؤكد خطورة الموقف بشكلٍ كبيرٍ؛ حيث وجدت عناصر من اليورانيوم والزنك، والزئبق والكوبلت، والتي تعتبر من المواد الخطيرة والمسرطنة، وهذا يتطلَّب تحرُّكًا دوليًّا جادًّا وفاعلاً من أجل إنقاذ قطاع غزة من كارثةٍ حقيقيةٍ مستقبليةٍ تهدِّده بشكلٍ مباشرٍ.

* كيف يمكن أن تؤثر تلك المواد السامة والخطيرة في البيئة بقطاع غزة؟

** هذه المواد مثلما تسرَّبت إلى أجساد الشهداء فإنها بالضرورة قد وصلت إلى الأحياء، ومن ثم فإن من المتوقَّع ظهور حالات من أنواع السرطانات المختلفة، وكذلك ظهور أجنة مُشوَّهة في السنوات القادمة، وكذلك تسرُّب هذه المواد السامة إلى التربة الفلسطينية، وانتشارها في الهواء سيعرض المزروعات للخطر.

وأنا أتوقَّع هلاك أنواع من الأشجار، وكذلك فإن تسرُّب هذه المواد السامة إلى الخضروات والفواكه التي يتناولها الإنسان، أمرٌ خطيرٌ ربما يزيد من نسبة ترسيب هذه المواد في جسم الإنسان، وكذلك تسرُّب هذه المواد إلى الخزان الجوفي من خلال كميات الأمطار الساقطة على قطاع غزة العام الماضي، وعلى المباني التي تعرَّضت للإشعاعات، وفي النهاية فإن هذه المواد سوف تتسرَّب في النهاية إلى الخزان الجوفي؛ ما سيضاعف حجم التلوث، ومن هنا نرى أن البشر والحجر والشجر والتربة والمناخ في قطاع غزة يتعرَّض لمخاطر الإشعاع والتلوُّث بهذه المواد؛ الأمر الذي سينعكس على كل البيئة الفلسطينية، وستظهر آثار ذلك في السنوات القليلة القادمة، وعلى المدى البعيد أيضًا.

* هل هذا التلوُّث وهذه الخطورة كانت على مساحةٍ واسعةٍ من الأرض في قطاع غزة؟ وهل لكم أن تعطونا إحصائيات وأرقامًا تترجم لنا هذه الخطورة؟

** لوحظت مستويات مرتفعة من التلوُّث بالمواد السامة والخطيرة في التربة والهواء والمباني التي تمَّ قصفها خلال العدوان الصهيوني؛ ما أدى إلى تضرُّر الأراضي والتربة الزراعية بشكلٍ مباشرٍ؛ حيث لوحظ تعمُّد قوات الاحتلال قصف مساحات واسعة من الأراضي الزراعية وإحداث حفر عميقة فيها؛ ما أدَّى إلى تلوُّث مساحاتٍ واسعةٍ من هذه الأراضي بالمواد السامة، أثبتته الفحوصات المخبرية.

وبالأرقام فإن مساحة الأراضي المجرفة خلال فترة العدوان الصهيوني على قطاع غزة بلغت 18 ألفًا و520 دونمًا، وبلغ عدد الأشجار المجرفة أكثر من 410 آلاف شجرة، بالإضافة إلى حدوث تغيُّرٍ ديموغرافيٍّ واسع النطاق؛ بحيث تمَّ تفريغ المناطق الحدودية من سكانها، كما تم تدمير ما يزيد عن خمسة آلاف وحدة سكنية تدميرًا كاملاً، و50 ألف وحدة سكنية تدميرًا جزئيًّا، وقُدِّرت كميات ركام المنازل والمباني الناتجة من الحرب بحوالي مليون ونصف طن؛ نتجت من هدم المنازل والمنشآت الصناعية والمقارِّ الحكومية والمساجد والمدارس، وتراكم حوالي 20 ألف طن من النفايات الصلبة المنزلية في شوارع قطاع غزة بسبب العدوان وتعطيل خدمة جمع النفايات الحيوية ووقفها بشكلٍ كاملٍ، ووصل حجم المُخلَّفات الخطرة الناتجة من فترة الحرب (8-9) آلاف طن من مختلف أنواع النفايات، وتراكم كميات كبيرة من مخلفات الركام الناتج من تدمير المباني مُلوَّثة بمتبقيات القنابل والذخائر من أنواع متعددة واليورانيوم، وهذا ما شكَّل خطرًا على البيئة بمجمل عناصرها.

* سمعنا مصطلح “سياسة الأرض المحروقة”.. ماذا يعني؟ وهل شكَّلت المواد السامة خطرًا فعليًّا على النباتات كعنصرٍ مهمٍّ من عناصر البيئة؟

** بخصوص سياسة الأرض المحروقة التي اتبعها جيش الاحتلال الصهيوني في الحرب الإجرامية على قطاع غزة أثناء توغُّله البري، فقد كان يخرِّب ويدمِّر كامل المناطق التي يجتاحها، وبالخصوص أي غطاء نباتي أو حجري، كما عمل على تدمير شبكات المياه أثناء مرور الدبابات، وقصف شبكات المياه العادمة ومحطات المعالجة؛ الأمر الذي أدَّى إلى تلويث مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، بالإضافة إلى أن دكَّ التربة بمرور الآليات الثقيلة المتكرر، وحفر المواقع، وشق التربة وقلبها بصورةٍ ضخمةٍ؛ زاد من تدهور التربة وفقْد خصوبتها وتعريتها بسبب الانجراف.

وأنا أؤكد لكم أن القنابل الفسفورية لعبت دورًا كبيرًا في حرْق الغطاء النباتي في المناطق التي تعرَّضت للقصف، وهذا كله أدَّى إلى تدميرٍ كبيرٍ للبيئة الفلسطينية، وكذلك انتشار مادة الفسفور الأبيض واحتراقها أدَّى إلى تدمير النظام البيئي الطبيعي وتلويث المنتجات الزراعية التي يتم تناولها فيما بعد عن طريق السلسلة الغذائية، وكذلك التأثير السلبي في عناصر البيئة كافة من ماءٍ وهواءٍ وترابٍ وكائناتٍ.

* ما الرسالة التي تريدون توجيهها بهذا الشأن؟

** نحن نوجِّه رسالة عاجلة ونداءً عاجلاً إلى كافة المنظمات والمؤسَّسات المعنيَّة بمتابعة القضايا البيئية، وخاصة وزارات البيئة العربية والإسلامية.. ندعوهم إلى ضرورة زيارة قطاع غزة للتعاون من أجل إزالة آثار المواد السامة وتخفيفها، والتي تحتوي على مواد وعناصر مدمرة للبيئة الفلسطينية، كما أريد أن أوجِّه نداءً من خلال سلطة جودة البيئة إلى جامعة الدول العربية والمؤسَّسات المنبثقة عنها، وإلى مراكز البحث العربية والإسلامية والمؤسَّسات الدولية المختصة بالتلوُّث البيئي؛ بضرورة التعاون مع سلطة جودة البيئة من أجل تفادي الكارثة الإنسانية والبيئية التي سيتعرَّض لها قطاع غزة في السنوات القادمة، وكذلك ندعو المؤسَّسات الدولية المعنيَّة بحقوق الإنسان والمؤسَّسات الصحية إلى التوجُّه إلى قطاع غزة للوقوف على خطورة الواقع وتدارك مخاطر هذه المواد السامة والمشعة بعدما بدأت آثار هذه المواد السامة تظهر على الإنسان الفلسطيني من خلال ارتفاع الحالات المصابة بأنواعٍ شتى من السرطانات، وكذلك ارتفاع حالات الفشل الكلوي وظهور حالات من الأجنة المُشوَّهة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات