الإثنين 29/أبريل/2024

الخفش: الاحتلال يعتقل العلماء لدفعهم إلى الهجرة

الخفش: الاحتلال يعتقل العلماء لدفعهم إلى الهجرة

أكد فؤاد الخفش الباحث والمختص في شؤون الأسرى أن قوات الاحتلال الصهيوني تتعمَّد اعتقال العلماء والمفكِّرين الفلسطينيين، في محاولةٍ لإفراغ الساحة الفلسطينية من الكوادر العلمية وجعْل أصحاب العقول يفكِّرون في الهجرة والبقاء بالخارج عن العودة والاعتقال والسجون.

وقال الخفش الذي يدير مركز أحرار لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان، في مقابلةٍ مع “المركز الفلسطيني للإعلام”؛ إن حملة الاعتقالات امتدادٌ لحرب الاغتيالات التي سبق أن نفَّذتها قوات الاحتلال ضد مفكِّرين فلسطينيين وعرب بارزين.

وأشار إلى أن سلطات الاحتلال الصهيوني تتعمَّد بشكلٍ واضحٍ إذلال هؤلاء العلماء كبار السن والرموز من خلال التضييق عليهم ووضعهم في ظروفٍ غير لائقة، وتعريتهم أمام الشباب وتفتيشهم بشكلٍ مهينٍ، وتقصد بذلك ضرب منظومة القيم التي تربَّى عليها الإنسان الفلسطيني.

ولفت إلى وجود ثلاثة علماء بارزين حاليًّا في سجون الاحتلال؛ تبرز من بينهم بشكلٍ خاصٍّ معاناة الدكتور عصام راشد الذي يعمل أستاذًا ومحاضرًا جامعيًّا يدرس مادة الفيزياء، ويعاني من عدة أمراض؛ أبرزها الارتفاع الدائم لضغط الدم، وانسداد بعض الشرايين، وهذه جميعها أسبابٌ تجعل من معاناة المحاضر الجامعي والعالم أكبر بكثير من باقي الأسرى والمعتقلين.

وبشأن الحالات المرضية في السجون أكد الخفش أن هناك أكثر من ألف حالة مرضية بين الأسرى، بينما يوجد ما بين (28 -34) أسيرًا مرضى بشكلٍ دائمٍ في مستشفى سجن الرملة.

وفيما يلي نص المقابلة:

* في إي إطار تضعون إقدام الاحتلال على اعتقال المفكِّرين والعلماء والمُحاضِرين الفلسطينيين والزج بهم في الزنازين؟

** تسعى سلطات الاحتلال الصهيوني من خلال اعتقال العلماء وأصحاب الفكر ومن لهم أي تأثير في الساحة الفلسطينية؛ إلى إفراغ الساحة من أصحاب الأثر والتأثير ومن لهم حضور في الشارع الفلسطيني؛ بقصد إفراغها من العلماء وأصحاب الفكر.

ونرى أن المعتقلات الصهيونية تمتلئ بأصحاب الخبرات وحملة الشهادات العليا وطلاب الدراسات العليا وأساتذة الجامعات في محاولةٍ من الاحتلال لإفراغ الساحة الفلسطينية من الكوادر العلمية وجعْل أصحاب العقول والمفكرين يفضِّلون الهجرة والبقاء بالخارج عن العودة والاعتقال والسجون.

وسلطات الاحتلال الصهيوني لا تقدر العلماء ولا تقدر أصحاب الشهادات العليا، بل تتعمَّد اعتقالهم وإذلالهم وتخضعهم في الغالب للاعتقال الإداري وتزج بهم في سجونها دون محاكمة ولا تهمة؛ كل “جرمهم” أنهم محاضرون في جامعة أو أطباء في مستشفى أو رجال فكر وأصحاب ثقافة عالية وله حضور وتأثير في وسطه ومجتمعه.

وعلينا ألا أننسى أن قوات الاحتلال في مراحل شنَّت حرب اغتيالات على علماء وقيادات فكرية لمجرد أنهم عقول ناضجة وقادرة على صنع تحويل إيجابي في المجتمعات العربية، وعمليات الاعتقال هي امتداد لهذه المرحلة.

* هل تتوفر لديكم إحصائيات عن عدد هؤلاء العلماء ومجالات اختصاصاتهم؟

** في الحقيقة يوجد الآن ثلاثة مُحاضِرين جامعيين في سجون الاحتلال؛ هم: البروفسور عصام راشد دكتور الفيزياء في جامعة النجاح، والدكتور غسان خالد دكتور التربية وعلم النفس في جامعة النجاح، والدكتور محمد صليبي دكتور الشريعة في جامعة النجاح، وقد أفرج قبل فترة بسيطة عن مجموعة كبيرة من حملة شهادة الدكتوراه؛ منهم الدكتور ناصر الشاعر والدكتور ناصر عبد الجواد والدكتور إبراهيم أبو سالم، وغيرهم الكثير؛ بما في ذلك النواب الذين أفرج عن بعضهم ولا يزال آخرون.

معاناة خاصة للأشقر

* من ضمن هؤلاء تبرز معاناة الدكتور عصام الأشقر.. كيف تلخِّصون هذه المعاناة؟

** في الحقيقة إن معاناة الأسير الدكتور عصام راشد تعتبر معاناة كبيرة إذا قورنت بغيرها من باقي قصص الأسرى؛ فالدكتور راشد الذي يعمل أستاذًا ومحاضرًا جامعيًّا يدرِّس مادة الفيزياء يعاني من عدة أمراض؛ أبرزها الارتفاع الدائم لضغط الدم وانسداد بعض الشرايين، وكِبَر عمره، وهذه جميعها أسبابٌ تجعل من معاناة المحاضر الجامعي والعالم أكبر بكثير من باقي الأسرى والمعتقلين.

ومن المهم الإشارة هنا إلى أن هذا العالم أمضى جزءًا كبيرًا من وقته وحياته بين الكتب والمختبرات والبحث العلمي، وكرَّس جُلَّ وقته لهذا المجال، وهو لم يحمل بندقية ولم يتدرَّب في الصفوف الأمامية مع الفدائيين أو المقاومين؛ لذلك طبيعته وتركيبته كلها أمورٌ تجعل من أمر السجن أمرًا صعبًا عليه، وقد يكون أصعب عليه من غيره من باقي أسرى، واعتقاله بهذا الشكل يعني استهداف الاحتلال لهذه العقول.

أمرٌ آخر أن المحاضر والعالم عصام راشد لم يكن هذا الاعتقالُ الأولَ له، بل هو الثالث، وكل مره يعاني من الاعتقال الإداري، ووصل الحد بالاحتلال إلى أن يعتقله مع أدويته وينقله من بيته إلى المستشفى، وأقدم على إحضار قاضٍ عسكريٍّ لتمديد اعتقاله وهو على سرير المرض!.

بالإضافة إلى كل ما يعاني منه المحاضر الجامعي الأشقر تحرمه مصلحة السجون الصهيونية من الزيارة العائلية؛ فتمنع زيارة زوجته وأبنائه له؛ وذلك من اجل الإمعان في الضغط عليه وتحطيم نفسيته ومعنوياته بالذات في هذه الفترة الحساسة من عمر أبنائه؛ حيث رزق بثلاثة أولاد يدرسون في الجامعة.

ونؤكد أن الاعتقال الإداري من أصعب أنواع الاعتقالات وأقساها على الأسير وذويه؛ فلا موعدَ محددًا للإفراج، ويمضي الأسير وذووه الوقت في خوف وقلق وانتظار التمديد أو الإفراج، وقد يأتي موعد التمديد قبل ساعة واحدة من الإفراج عنه.

دور المؤسسات الحقوقية

* وأين دور المؤسسات الحقوقية من هذه المعاناة ومن التحرُّك لإطلاق سراح أمثال هؤلاء؟

** في الحقيقة نحن كمؤسسات حقوقية -وللأسف الشديد- لا نملك إلا المناشدات والاستنكار، وهذه المناشدات أثرها جيد ولكن ليس هو المطلوب.. يجب أن تكون هناك خطوات عملية أكثر فاعلية وجدية.

ونشير إلى أننا في مركز أحرار لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان كنا الجهة الحقوقية الوحيدة التي طالبت وأبرزت وتحدَّثت عن معاناة هذا المحاضِر وغيره من المحاضِرين الجامعيين أمثال الدكتور غسان ذوقان أستاذ التربية بجامعة النجاح، والدكتور محمد صليبي دكتور الشريعة بجامعة النجاح، وأطلقنا حملة تحت عنوان “الإفراج عن العقول والأدمغة المحتجزة في سجون الاحتلال”، ولا نزال نطالب بذلك وراسلنا العديد من الجهات الدولية والمؤسَّسات الحقوقية لتسليط الضوء على معاناة هؤلاء الأسرى، مثل “مدل إيست مونيتور” في بريطانيا وأصدقاء الإنسان الدولية في فينا.

* ماذا يعني أن تعتقل قوات الاحتلال عالمًا؟ وهل أقدمت على اعتقال علماء من قبل؟ وما الهدف من ذلك؟

** قلت فيما مضى إن الاحتلال يسعى إلى سَجْن العقول والكوادر العلمية وكل إنسان من شأنه أن يؤثر بشكل إيجابي في خدمة وطنه، وهي تريد إفراغ الساحة من العقليات العلمية؛ فالمحاضر الجامعي خريج جامعات أمريكا رفض كل العروض التي قدِّمت إليه من أجل البقاء والعمل بالخارج، وأصرَّ على العودة إلى البلاد، وكانت نتيجة كل ذلك أن يُعتقل ويُسجن ويُحال إلى الاعتقال الإداري.

* من خلال اطلاعكم، هل تتعمَّد قوات الاحتلال تعذيب هؤلاء العلماء أو إذلالهم؟

** سلطات الاحتلال الصهيوني تتعمَّد بشكلٍ واضحٍ إلى إذلال هؤلاء العلماء كبار السن والرموز من خلال التضييق عليهم ووضعهم في ظروفٍ غير لائقةٍ وتعريتهم أمام الشباب وتفتيشهم بشكلٍ مهينٍ، وتقصد بذلك إلى ضرب منظومة القيم التي تربَّى عليها الإنسان الفلسطيني؛ فالطالب حين يرى أستاذه عاريًا أمامه ويُشتم ويُهان ويُفتش تختل لديه منظومة القيم التي اعتاد عليها في حياته؛ فللمعلم والمحاضر مكانة مغروسة في عقولنا وتفكيرنا، والاحتلال يسعى إلى خلخلة هذه المنظومة وتدمير هذه القيم.

* الصورة الأخرى لاعتقال العلماء هؤلاء وانعكاس وجودهم على نظرائهم الأسرى من جهة إثراء التجربة الاعتقالية.

** نعم.. في الحقيقة القسم الذي يصل إليه أحد هذه الكوادر العلمية وهذه الكفاءات فإن الحياة فيه تدبُّ وحالة من السرور والراحة تصيب المعتقلين، والبرنامج الثقافي يكون مليئًا وزاخرًا بالعديد من البرامج التي تعود بالفائدة على الشباب.

وعلى سبيل المثال لا الحصر تعقد الآن في أحد أقسام سجن النقب الصحراوي دورات في اللغة الإنجليزية للطلاب يعطيها الوزير المهندس وصفي قبها وزير الأسرى السابق، وهناك دورات عديدة في الفقه والتشريع وكل المجالات يعطيها متخصصون.

* لو انتقلنا إلى الحديث عن معاناة الأسرى المرضى وأعدادهم وأخطر الأمراض التي يعانون منها.

** هناك نوعان من الحالات المرضية: المزمنة، والحالات الأقل خطورة.

عدد الحالات المزمنة التي توجد بشكلٍ دائمٍ في مستشفى سجن الرملة تتراوح بين 28 – 34 حالة، وهناك أكثر من ألف حالة مَرَضية؛ من بينها السكري والضغط والقلب وانسداد الشرايين.

ومن أصعب الحالات المرضية حالة الأسير زهير ليادة من مدينة نابلس الذي يقوم بغسل الكلى بشكلٍ دوريٍّ في مستشفى السجن، والأسير أحمد النجار المصاب بالسرطان في فمه ولا يستطيع الكلام، وكذلك الأسير خالد أبو شاويش الذي يعاني الشلل في الجزء السفلي من جسده، وغيرها من الحالات المَرَضية المزمنة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات