الإثنين 29/أبريل/2024

خاطر: الاحتلال يستغل ضعف المفاوِض لفرض شروطه

خاطر: الاحتلال يستغل ضعف المفاوِض لفرض شروطه

اعتبر سامي خاطر عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” أن الاعتداءات الصهيونية الأخيرة على المقدسات في مدينتَيْ الخليل وبيت لحم، وعمليات التهويد في مدينة القدس المحتلة؛ جزءٌ أساسٌ من سياسة حكومة العدو والائتلاف الحاكم الآن، مؤكدًا أنهم ماضون في التوسُّع في “الاستيطان” والاعتداء على المقدسات الإسلامية والمسيحية ومحاولة السيطرة عليها؛ انسجامًا مع خطتهم التي تهدف في المدى البعيد إلى إفراغ الأراضي الفلسطينية من سكانها ومن شعبها ودفعهم إلى الخروج منها.

وأوضح خاطر، في حوارٍ أجراه معه “المركز الفلسطيني للإعلام” اليوم الثلاثاء (2-3)، أن الطرف الصهيوني بقيادة نتيناهو وباراك وليبرمان يشعر أن أبو مازن بدأ يتراجع عن موقفه وشروطه لاستئناف المفاوضات؛ “ولذلك يريد أن يستغلَّ هذا الضعف والتراجع لكي يمليَ إجراءاتٍ من طرفٍ واحدٍ ويفرض وقائع على الأرض لا يمكن القبول بها من قِبَل أي الأطراف الفلسطينية”.

وحول الجولة التي قامت بها “حماس” عربيًّا ودوليًّا، قال عضو المكتب السياسي لـ”حماس”: “إن التواصل مع المحيط العربي والإسلامي نهجٌ ثابتٌ وأساسيٌّ عندنا في “حماس”، وهذا قائمٌ على فهمنا الأساسي للقضية الفلسطينية بأنها ليست قضية فلسطينية فحسب، وإنما هي قضية عربية وإسلامية.. هذا من حيث المبدأ أو المنهج والأساس”.

وأضاف خاطر أن الزيارة “تأتي من باب القيام بواجبنا في الدفاع عن قضية شعبنا وعن صموده، ومن باب ضرورة رفع الحصار الظالم عنه، وإعادة إعمار ما دمَّرته الحرب الظالمة القاسية على قطاع غزة، لنضع الدول العربية في صورة ما يجري في فلسطين وحجم المأساة التي يتعرَّض لها الشعب الفلسطيني بشكلٍ عامٍّ، وفي قطاع غزة بشكلٍ خاصٍّ بسبب الحصار وعدم إعادة الإعمار”.

وعن موضوع المصالحة الفلسطينية اعتبر خاطر أنها وصلت إلى مأزق، مؤكدًا حرص حركته على وجود حلٍّ لهذا المأزق، “لكن المأزق سببه واضح، كما جاء على لسان أبو مازن الذي قال إن الإدارة الأمريكية طلبت منه عدم التوقيع على الورقة المصرية؛ “فهناك موقف أمريكي صهيوني ضد إنجاز المصالحة الفلسطينية”.

وعن صفقة تبادل الأسرى شدد القيادي في “حماس” على أن حركته لم تجمد على موقف واحد طيلة المفاوضات، وأن هناك قضايا تم التوصُّل فيها إلى حلول وسط، “ولكن هناك قضايا جوهرية لا بد من إنجازها بالتحديد، وثبت لدى من توسُّط في هذا الموضوع أن السبب الأساس لعدم إنجاز الصفقة هو حكومة الاحتلال، وبالطبع لأسباب سياسية داخلية وخارجية، وأحد هذه الأسباب الرغبة الأمريكية في عدم انعكاس ذلك سلبًا على “رئيس السلطة” ودوره التفاوضي”.

وإلى تفاصيل الحوار:

الاحتلال وقرار ضم المسجدَيْن

* نبدأ من الحدث الأبرز، وهو قرار الاحتلال ضم المسجد الإبراهيمي ومسجد بلال بن رباح إلى ما تسمَّى قائمة الآثار الصهيونية.. برأيكم، ما سياق القرار؟

** هذا القرار جزءٌ من سياسات الاحتلال الصهيوني بكل حكوماته المتعاقبة، وهو جزءٌ أساسٌ من سياسة حكومة العدو والائتلاف الحاكم الآن.

هم ماضون في التوسُّع في “الاستيطان” والاعتداء على المقدسات الإسلامية والمسيحية ومحاولة السيطرة عليها انسجامًا مع خطتهم التي تهدف في المدى البعيد إلى إفراغ الأراضي الفلسطينية من سكانها ومن شعبها ودفعهم إلى الخروج منها.

البُعد الآخر لهذا الإجراء يتجلَّى في أزمة هويةٍ وثقافةٍ يعيشها الكيان الصهيوني؛ فقادته دائمًا يبحثون عن أثرٍ يثبت أنهم كان لهم وجود في هذه الأرض المقدسة المباركة، ولكنهم لم يفلحوا في ذلك؛ ما جعلهم يضعون خطة جديدة ضمن خطواتها الاستيلاء على الأماكن المقدسة.

الآن هناك خطة لبلدية القدس تحت شعارٍ يبدو لطيفًا، وهو الحفاظ على المدينة وترميمها وتنظيف شوارعها، لكن حقيقة هذا المشروع هو تهويد المدينة المقدسة، وهم لا يخفون شيئًا؛ فهم يعلنون أنهم بصدد إنشاء حدائق يسمُّونها “حدائق توراتية”، ومن هذه الحدائق ما سيقام على مقابر إسلامية، وكأن التوراة تأمر بإنشاء حدائق على أرض العرب والمسلمين في القدس المحتلة.

* حدِّثنا عن الدلالات الآنيَّة التي دفعت حكومة الاحتلال إلى اتخاذ هذا القرار في هذا الوقت بالذات.

** الخطوة ودلالاتها باختصار تدل على أن حكومة الاحتلال والائتلاف الحاكم بشكلٍ خاصٍّ يشعر أنه حرٌّ طليقٌ في أن يفعل ما يشاء في الأرض الفلسطينية؛ لأنه يجد موقفًا دوليًّا إن لم يكن مساندًا له فهو على الأقل يصمت ويسكت عن هذه الإجراءات.

أما من ناحية الوضع الفلسطيني والعربي فالوضع يبدو أسوأ من سابقه للأسف.. “السلطة الفلسطينية” في أضعف حالاتها، وحصرت خياراتها في المفاوضات، وأن تذهب بشروطٍ أو بدون شروطٍ!، والفكرة الإبداعية التي اخترعها الأمريكان هي فكرة المفاوضات غير المباشرة عن قرب، ثم إن رموز السلطة يؤكدون في كل مرة ردًّا على إجراءات الاحتلال ويقولون: “نحن لا يمكن أن ننجرَّ إلى (العنف)”، كما قال سلام فياض قبل أيام قليلة.. العدو يحتل الأراضي ويدنِّس المقدسات ويهدم المنازل ويقتل ويعتقل ويلاحق، ورموز السلطة في رام الله يعلنون ليل نهار أنه لن ينجرُّوا إلى “العنف”!!، ومن ثم هذا الوضع مريح جدًّا للائتلاف الحاكم في الكيان، وكل ما سبق يأتي في ظل وضعٍ عربيٍّ يكتفي في الغالب بالشجب والإدانة والاستنكار، وذلك أقل مما يمكن اتخاذه بكثيرٍ.

التسوية والمفاوضات.. إلى أين؟

* برأيكم.. هل تستطيع الولايات المتحدة التي “ترعى” التسوية الضغط على الكيان لوقف إجراءاته؟

** الحقيقة المؤسفة أن هذا العدو وهذا الائتلاف الحاكم فرض شروطه؛ ليس على الطرف الفلسطيني فحسب، وإنما فرض شروطه بداية على الإدارة الأمريكية (إدارة أوباما).

أوباما في بداية حكمه أعلن أنه يريد أن يتصالح مع العالم العربي والإسلامي، وآية ذلك -كما قال هو- أنه سيضغط على الكيان للتوصُّل إلى حل ما يُسمَّى “الدولتين”، واستدل على جديته بمطالبته بوقف “الاستيطان” أو تجميده تجميدًا كاملاً، ولكن للأسف مع تعنُّت حكومة نتنياهو تراجع أوباما تراجعًا بيِّنًا وواضحًا، بل على العكس: أصبحت إدارة أوباما تضغط الآن على محمود عباس للعودة إلى المفاوضات في أسرع وقت دون أي شروط مسبقة.

كما علَّقت كلينتون بالأمس القريب على هذه الأحداث وقالت: “لا مفر من استئناف مفاوضات سريعة وجدية”؛ فنتنياهو استطاع أن يفرض أجندته ومشروعه على إدارة أوباما والدولة العظمى؛ فكيف بسلطة تحت الاحتلال أنشئت باتفاق “أوسلو” الذي هو اتفاقٌ أمنيٌّ في المقام الأول؟! أي إن مهمة هذه السلطة -بناءً على اتفاق “أوسلو”- هو حماية الأمن الصهيوني من زاوية، ومن زاوية ثانية إراحة المحتل من استحقاقات الشعب الواقع تحت الاحتلال؛ فحسب القانون الدولي المحتل هو الذي يتحمَّل مسؤولية الناس وأرواحهم الذين يعيشون تحت سيطرته واحتلاله؛ فـ”السلطة الفلسطينية” أراحت المحتل من هذه المهام، وهي من جهة أخرى -وهي الأهم- أخذت على عاتقها الحفاظ على أمن الكيان، وهذا يبدو واضحًا من خلال التنسيق الأمني الذي يديره الجنرال الأمريكي كيث دايتون، والأمريكان يصرِّحون ويمتدحون هذه الأجهزة ليل نهار.

* سبق للطرف الفلسطيني المفاوض أن اشترط وقف “الاستيطان” لاستئناف المفاوضات، واليوم هناك ضغط أمريكي، ومقدِّمات التراجع بدأت تظهر على عباس وفريقه.. ما تأثير هذا التراجع في المشهد العام؟

** الطرف الصهيوني بقيادة نتيناهو وباراك وليبرمان يشعر أن أبو مازن بدأ يتراجع عن موقفه وشروطه باستئناف المفاوضات؛ ولذلك فهو يريد أن يستغل هذا الضعف والتراجع لكي يمليَ إجراءات من طرفٍ واحدٍ ويفرض وقائع على الأرض لا يمكن القبول بها من قِبَل أي الأطراف الفلسطينية.

الطرف الفلسطيني المفاوض المتمثل في أبو مازن وفريقه -وكما نقل لنا كثيرون خلال لقائهم مع أبو مازن وخلال اجتماعات اللجنة التنفيذية لـ”منظمة التحرير الفلسطينية”- يقول: “ماذا باستطاعتنا أن نفعل؟! الإدارة الأمريكية وأوباما يضغط من أجل استئناف المفاوضات”، وهذا السؤال دليلٌ على العجز، وأن أبو مازن يريد أن يتجاوب مع هذه الضغوط، ولكنه يريد غطاءً لذلك من قِبَل أطراف عربية، ولذلك في 2/3/2010 هناك اجتماع لجنة المتابعة العربية، وهذا الاجتماع يعقد بناءً على طلب أبو مازن الذي يأمل أن يأخذ نوعًا من الغطاء والدعم للعودة إلى المفاوضات غير المباشرة التي اقترحها ميتشل.

وللأسف.. بدل أن يتسلَّح عباس بموقفٍ فلسطينيٍّ شعبيٍّ مع فصائل المقاومة الفلسطينية المختلفة بأنه لا يمكن استئناف المفاوضات ما دامت الإجراءات الصهيونية من “استيطان” وتهويد ومصادرة وعدوان بازدياد، وأن يثبت على هذا الموقف.. تراجع واتجه باتجاه استئناف المفاوضات وفقًا للمطالب الأمريكية.

* في ظل هذه المعطيات.. التسوية إلى أين؟

** دعني أؤكد في البداية أن الكيان لا يريد دولتين، ولا دولة فلسطينية.. يريد أن يسيطر على كل الأرض الفلسطينية وتهويدها، وفي ذات الوقت الاحتلال يلقي بالمشكلة الفلسطينية على الأطراف الأخرى؛ ولذلك هم يطرحون بين الحين والآخر ما يسمَّى “الخيار الأردني” أو إسناد مسؤولية القطاع إلى مصر، هذه حقيقة الموقف الصهيوني.

من الواضح أن الإدارة الأمريكية تواجه أزمات متعددة؛ منها ما هو داخليٌّ كالأزمة الاقتصادية وقانون الرعاية الصحية، وكذلك المنافسة بين الجمهوريين والديمقراطيين في الانتخابات النصفية القادمة، والأزمات التي تواجهها في المنطقة، وخاصة في أفغانستان.

إضافةً إلى ذلك أوباما الذي جاء بسياسةٍ مغايرةٍ لسياسة بوش اضطر أن يتبنَّى سياسةٍ تحاكي سياسة بوش، بل زاد عليها وأرسل قوات إضافية إلى أفغانستان، أضيف إليها قوات من حلف الأطلسي، ولكنها مع ذلك تواجه أزمة عظيمة وكبيرة في أفغانستان تكاد تصل بها إلى مرحلة الفشل.

إذن.. الأزمات التي تتعرَّض لها الإدارة الأمريكية تجعل من أوباما يبحث عن إنجازٍ سياسيٍّ يعطيه شعبه، فلم يجد إلا محاولة الضغط لاستئناف المفاوضات، وأنا أقول بكل ثقة إنها مجرد استئنافٍ للمفاوضات، أما أن يكون هناك حل يتوصَّلون إليه في نهاية المفاوضات فأرى أن الطرف الصهيوني غير جاهز لهذا الموضوع، رغم وجود عدة مقترحات وتصوُّرات، ولكن سياق الأمور لا يسير باتجاه التوصل إلى حلٍّ واضحٍ ومحددٍ، والسبب -للأسف- لا يكمن في صلابة الموقف الفلسطيني ولا

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات