الأربعاء 01/مايو/2024

سبعة أقفال تخنق قطاع غزة وتحوّل حياة الفلسطينيين إلى جحيم

سبعة أقفال تخنق قطاع غزة وتحوّل حياة الفلسطينيين إلى جحيم

على الرغم من انسحاب قوات الاحتلال الصهيوني من قطاع غزة في 12 أيلول/ سبتمبر 2005، إلا أنه في حقيقة الأمر لم يتحرر ولم يشعر ساكنوه بالتحرر أو الاستقلال؛ بل تحول إلى سجن كبير تلفه الأسلاك والحواجز من كل الاتجاهات، في ظل واقع يستخدم فيه الاحتلال الإغلاق كسياسة عقاب جماعي تنعدم فيه كل معاني الحرية.

تحيط بقطاع غزة، الذي يقطنه مليون ونصف المليون إنسان فلسطيني، سبعة أقفال مُحكمة الإغلاق، هي ما تسمى “معابر”، مغلقة معظم أيام السنة بسبب السياسة التي يتبعها الاحتلال، حيث لا يدخل القطاع ولا يخرج منه شيء دون المرور بأحدها، وتخضع ستة منها لسيطرة صهيونية كاملة والمعبر الوحيد الخارج عن سيطرة الاحتلال هو معبر رفح الحدودي مع مصر.

هذه المعابر السبعة، مغلقة منذ عامين كاملين، منذ الانتخابات التشريعية الفلسطينية، وبصورة مشددة جداً خلال سنة كاملة من الحصار الخانق المفروض على القطاع، والذي تسبب في وفاة نحو مائتين من المرضى، ووقوع سلسلة كوارث إنسانية وبيئية واقتصادية غير مسبوقة.

معبر المنطار (كارني)

يقع هذا المعبر، الخاضع لسيطرة صهيونية كاملة، إلى الشرق من مدينة غزة، وهو من أهم المعابر في القطاع وأكبرها من حيث عبور السلع التجارية بين القطاع والأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1948.

ويعتبر معبر المنطار من أكثر المعابر إغلاقاً فلم يفتح إلا 150 يوماً طوال سنة 2007، كما أنه أكثر المعابر خضوعا للتفتيش، لا سيما البضائع الفلسطينية. وتشترط السلطات الصهيونية تفتيشاً مزدوجاً لكل ما يمر عبر معبر المنطار (كارني) فيفتشه طرف فلسطيني ثم تقوم شركة صهيونية متخصصة بتفتيشه، بمعنى أن كل حمولة تفرغ وتعبأ مرتين، مما يعرض أي بضاعة لإمكانية التلف فضلاً عن إضاعة الكثير من الوقت.

إلا أنه منذ فرض الحصار الخانق على قطاع غزة؛ أصبحت إجراءات التفتيش في المعبر أكثر تعقيداً. كما أصبحت حركة الشاحنات القادمة من الأراضي المحتلة سنة 1948 والمحملة بالبضائع معدومة، خصوصاً مواد الطحين والقمح ومنتجات الألبان والفواكه ومواد البناء وألعاب الأطفال، وبعض المواد الكيميائية تحت ذريعة إمكانية استخدامها في صناعة المتفجرات. أما البضائع الفلسطينية وخصوصاً التوت الأرضي والورود فقد توقف خروجها من هذا المعبر، الأمر الذي كبّد المزارعين خسائر فادحة، قدّرت بعشرات الملايين.

معبر بيت حانون (إيريز)

هذا المعبر، الذي يقع إلى الشمال من مدينة غزة، مخصص لعبور الحالات المرضية الفلسطينية المطلوب علاجها في الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1948 أو الضفة الغربية أو الأردن أو أي دولة في الخارج. ويمر منه الدبلوماسيون والصحافة والبعثات الأجنبية والعمال وتجار القطاع، كما تمر منه الصحف والمطبوعات.

وبحسب تقارير حقوقية؛ إن سلطات الاحتلال تتعمد إذلال كل فلسطيني عند مروره من معبر بيت حانون حتى ولو كان مريضاً، وذلك بأن يفرض عليه السير على الأقدام مسافة تزيد عن الكيلومتر حتى يتمكن من الوصول إلى الجانب الصهيوني من المعبر. ويبقى الفلسطينيون ساعات طويلة حتى يسمح لهم بالمرور. وجراء هذا الإجراء توفيت الكثير من مرضى قطاع غزة قبل سفرهم للعلاج.

ونظراً لتعقد الإجراءات الصهيونية في معبر بيت حانون والحصار المفروض؛ فإن معدل خمسة إلى عشرة أشخاص فقط يمرون يومياً، مع أن المعبر يمكن أن يسمح يوميا بمرور عشرين ألف شخص.

لكنه هذا الأمر السيئ ازداد سوءاً مع تشديد الحصار؛ فقد أسفر إغلاق هذا المعبر خصوصاً إلى وفاة نحو مائتين من المرضى الفلسطينيين، ومضاعفة معاناة نحو ألف وخمسمائة مريض في غزة ممنوعين من السفر لتلقي العلاج.

معبر العودة (صوفا)

هو معبر صغير، يقع شرق مدينة رفح (جنوب قطاع غزة) وهو مخصص للحركة التجارية، وأغلبها مواد البناء التي تعبر باتجاه قطاع غزة فقط، فلا تعبر منه أي مواد نحو دولة الاحتلال الصهيوني. ويعمل أحيانا عن معبر المنطار (كارني).

وبحسب التقارير الدولية؛ فإنه يكثر إغلاق معبر العودة وخضوعه لمزاج الأمن الصهيوني المرابط به. وإجراءات التفتيش فيه معقدة جداً، فالأمن الصهيوني يتعمد إفراغ الشاحنات القادمة في ساحة كبيرة وتفتشها تفتيشاً يستمر ساعات طويلة قبل إخلاء سبيلها، كما أن المعبر لم يفتح منذ عامين إلى نحو 65 يوماً فقط.

معبر الشجاعية (ناحال عوز)

يقع هذا المعبر في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وهو معبر حساس؛ فمنه يمر الوقود نحو القطاع. ويقع تحت إشراف شركة صهيونية يناط بها توريد الوقود نحو غزة. والمعبر عبارة عن مكان تتصل به من الجانبين أنابيب كبيرة يفرغ فيها الوقود القادم من السلطات الصهيونية، ويكون مدفوع الثمن.

ولقد دأبت سلطات الاحتلال على إغلاق معبر الشجاعية (ناحال عوز) يومين كل أسبوع، مما دفع بالعاملين في محطة توليد الكهرباء بغزة لاقتطاع كميات صغيرة وتخزينها لتغطية اليومين الذين يتوقف فيهما التزويد.

ويلزم محطة غزة كل خمسة أيام حوالي 490 متراً مكعباً لا توفرها السلطات الصهيونية مطلقاً. ويحتاج القطاع يومياً إلى طاقة كهربائية تقدر بحوالي 230 ميغاواط، ولا يصل من شركة الكهرباء الصهيونية للقطاع سوى 120 ميغاواط، وتتولى مصر تزويد القطاع بـ17 ميغاواط، وتنتج محطة التوليد في قطاع غزة حوالي 42 ميغاواط، لا سيما وأنها لا تعمل بطاقتها الكاملة إثر تعرّضها لقصف عنيف. وعليه فإن قطاع غزة يعاني من نقص دائم في كميات الطاقة الكهربائية التي يحتاجها، وتقدر بحوالي 23 في المائة.

 معبر كرم أبو سالم (كيرم شالوم)

هذا المعبر، الواقع على نقطة الحدود المصرية الفلسطينية مع الأراضي داخل الخط الأخضر، مخصص للحركة التجارية بين القطاع وبين الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1948، ويستخدم أحياناً لعبور المساعدات إلى القطاع كما يمر منه بعض الفلسطينيين حين يتعذر عليهم استعمال معبر رفح القريب منه، لكن الفلسطينيين يرفضون ذلك، لا سيما وأن العديد منهم يجري اعتقالهم بدعوى أنهم مطلوبين للاحتلال.

ويخضع الفلسطينيون عند مرورهم من معبر كرم أبو سالم لإذلال وإهانة وتعقيد وابتزاز الأمن والاستخبارات الصهيونية، لا سيما محاولة تجنيد عدد منهم للعمل معهم كعملاء.

معبر القرارة (كيسوفيم)

يقع المعبر بين منطقة خان يونس ودير البلح، وهو مخصص للتحرك العسكري الصهيوني حيث تدخل منه الدبابات والقطع العسكرية كلما قررت سلطات الاحتلال اجتياح القطاع، وقد أغلق بشكل كامل منذ انسحاب القوات الصهيونية من غزة في 2005.

معبر رفح

يعتبر المتنفس العربي الوحيد لقطاع غزة؛ فهو يقع جنوب القطاع وعلى الحدود المصرية الفلسطينية. والسيطرة عليه تكون فلسطينية بالتنسيق مع المصريين وبمراقبة الاتحاد الأوروبي.

واستخدم المعبر وفقاً لاتفاقية المعابر الموقعة بين الصهاينة والسلطة الفلسطينية في تشرين ثاني (نوفمبر) 2005، لعبور كل فلسطيني يحمل هوية فلسطينية.

ويستخدم المعبر لتصدير البضائع الفلسطينية خاصة منها المنتجات الزراعية رغم اعتراض السلطات الصهيونية، والتي تشترط على السلطة الفلسطينية إبلاغها بأسماء كل من يريد استخدام معبر رفح قبل 48 ساعة، لتقرر ما إذا كانت ستسمح له بالعبور أو تمنعه. وكثيراً ما فرضت سلطات الاحتلال إغلاق معبر رفح متذرعة ببند في اتفاقية المعابر لا يسمح بفتح المعبر إلا بوجود البعثة الأوروبية.

اتفاقية المعابر

بعد شهرين تقريباً من المناقشات أعلن عن التوصل إلى اتفاق بين الجانبين الصهيوني والفلسطيني حول حرية التنقل من وإلى قطاع غزة، لا سيما إعادة فتح معبر رفح، ونص الاتفاق على أن يفتح معبر رفح في الخامس والعشرين من شهر تشرين الثاني (نوفمبر) 2005 بإدارة مصرية فلسطينية، وبإشراف الاتحاد الأوروبي الذي يمثل فريقه الطرف الثالث.

ويستخدم المعبر لمرور المواطنين الفلسطينيين، وعلى السلطة بموجب الاتفاق أن تبلغ السلطات الصهيونية بدخول الدبلوماسيين الأجانب أو المستثمرين الأجانب أو الضيوف غير المواطنين. وبموجب الاتفاق فإن “إسرائيل تملك الحق في أن تتحفظ على دخول أي منهم”.

واتُّفِق في حينه على أن يسري الاتفاق الذي أنجزته وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس مدة سنة كاملة.

كما يحق للفريق الأوروبي أن يطلب تفتيشاً إضافياً للمسافرين الفلسطينيين أو حقائبهم، إذا ما رأى حاجة إلى ذلك. وفي المرحلة الأولى لم يسمح الاتفاق بمرور السيارات عن طريق معبر رفح، وإنما عن طريق معبر كرم أبو سالم (كيرم شالوم)، إلى حين اكتمال البنية التحتية التي تسمح بذلك في معبر رفح، وهو ما لم يُنجز.

وبالنسبة لمعبر كرم أبو سالم، يسمح الاتفاق بدخول الحمولات التجارية من سيناء إلى قطاع غزة، عن طريق المسرب الجديد في المعبر، على أن تبقى الترتيبات الجمركية كما كانت في السابق، ويجرى فحص البضائع الفلسطينية بإشراف صهيوني، على أن يقرر الأوروبيون بعد عام واحد ما إذا كان سيستمر العمل بهذه الطريقة أم لا.

أما معبر المنطار فيتم تجميع البضائع فيه ونقلها من معبر بيت حانون ومن معابر الضفة الغربية، ويسمح بدخول 150 شاحنة عن طريقه يومياً، وهو الحد الأدنى من الاحتياجات لضمان سير الاقتصاد الفلسطيني، بناء على تقدير البنك الدولي، وهو ما لا يتم منذ عامين.

وفيما يخص الربط بين الضفة الغربية وقطاع غزة، نصت الاتفاقية على أن تقبل السلطات الصهيونية بالالتزام بتوصية المبعوث الأوروبي للسلام جيمس ولفنسون لتسيير قوافل محروسة للمسافرين حتى 15 كانون الأول/ ديسمبر 2005، والبضائع حتى 15 كانون ثاني (يناير) 2006، عن طريق لجنة مشتركة.

وحول ميناء غزة والمطار، ينص الاتفاق على أن يجري العمل على إقامة ميناء غزة بنفس طريقة الإشراف الأوروبي على معبر رفح، على أن تبدأ عملية إعادة ترميم مطار الدهنية فوراً، وهو ما لم يحدث بل تعرض المطار للقصف أكثر من مرة.

تنكّر صهيوني للبنود

جاءت نتائج تطبيق اتفاقية المعابر مخيبة للآمال. فعلى الرغم من أن الاتفاقية جاءت بهدف “دعم النمو الاقتصادي السلمي، وتحسين الوضع الإنساني على أرض الواقع”، كما جاء في ديباجة الاتفاقية، إلا أن سلطات الاحتلال الصهيوني لم تحترم الالتزامات الواردة فيها؛ بل إن السلطات المحتلة نسفت محتواها كلياً، وأصبحت تكرس السيطرة ال

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات