السبت 27/أبريل/2024

الشعب الفلسطيني .. بين الغلاء الفاحش وتدني الدخل في ظل الاحتلال

الشعب الفلسطيني .. بين الغلاء الفاحش وتدني الدخل في ظل الاحتلال

فاقم ارتفاع الأسعار وموجة الغلاء، التي توسعت لتطال كل شيء في الأراضي الفلسطينية، من الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتدهورة أصلا لكافة شرائح المجتمع الفلسطيني الخاضع تحت الاحتلال الصهيوني.

فقد عبر عدد من المراقبين عن خشيتهم، في حال استمرت موجة الغلاء دون مساندة من الجهات المسؤولة، أن تؤدي بالضرورة إلى المس بأحوال الأغلبية الساحقة من الشعب الفلسطيني، الأمر الذي يضعف من قدرتهم على الصمود والبقاء.

كل شيء يرتفع إلى الدخل

موجة الغلاء كما يظهر آخر تقرير نشره جهاز الإحصاء المركزي شمل كل شي هنا، ارتفاع الأسعار كان في السلع والمواد الغذائية الأساسية والسلع المنزلية وأسعار المواصلات والنقل والملابس والأقمشة والأثاث والمفروشات والمطاعم والمقاهي .. إلخ”.

وبقي شيء واحد ثابت هو الدخل الفردي للمواطن الفلسطيني، فيما يواصل كل شيء ارتفاعه بشكل جنوني وبدون كوابح أو ضوابط.

كان لنا جولة سريعة في سوق رام الله للخضار والفواكه “الحسبة” التي كانت دوماً تعج بالمواطنين من مختلف الفئات لشراء ما تحتاجه الأسر، إلا أن الحال تغير هذه الأيام. فيقول أحد أصحاب البسطات تبادلنا معه أطراف الحديث “انخفضت قدرة الناس على الشراء أكثر من النصف، حتى الذين يدخلون إلى السوق، الذين يسألون عن الأسعار ويذهبون أكثر بأضعاف ممن يشترون”.

جاره أضاف “حتى الذين يشترون يكتفون بالأساسيات وبكميات قليلة. فسألناهم عن السبب؟ كان الإجماع هو ارتفاع الأسعار، “إنه الغلاء الذي لم يترك شيئاً إلا وصل إليه، حتى الطماطم والبطاطا والبصل، وهي خضراوات أساسية في كل بيت”، يقول أشرف صاحب محل داخل السوق.

بطالة وأسعار مرتفعة

الحاجة أم فهمي من القرى الشرقية لرام الله؛ لخّصت حال الناس اليوم عندما قالت “لا يوجد عمل، والأسعار مرتفعة، حتى الناس اليوم لم يعودوا قادرين على شراء الخيار ولا الليمون الحامض، والذي عنده أسرة أعانه الله”. وتتابع “أمر على الحسبة آخر النهار، وأقوم بشراء ما هو متبقي بثمن أقل”.

ويمكن رؤية التصاعد المتواصل في موجات الغلاء التي تعيشها الأراضي الفلسطينية المحتلة من خلال الأرقام بكل سهولة، حيث تشير المعطيات الإحصائية الرسمية بأن أسعار المستهلك للمواد الغذائية في الأراضي الفلسطينية المحتلة قد ارتفعت من بداية كانون ثاني (يناير) 2008 وحتى نيسان (إبريل) 2008 بنسبة 8.5 في المائة.

كما ارتفعت أسعار المستهلك لكافة المواد وللفترة نفسها بنسبة 4 في المائة، أما في قطاع غزة فقد ارتفعت أسعار المستهلك للمواد الغذائية وللفترة ذاتها بنسبة 13 في المائة. وارتفع متوسط أسعار المستهلك للمواد الغذائية بين عامي 2006 و2007 بنسبة 5 في المائة، بعد أن ارتفع بالنسبة نفسها بين عامي 2005 و2006.

60 % نسبة الارتفاع منذ 1997

أما الارتفاع الأكبر في متوسط أسعار المستهلك للمواد الغذائية فقد كان بين عام 2007 والأشهر الأربعة الأولى من عام 2008 حيث زادت نسبة الارتفاع عن 16 في المائة.

وتشير المعطيات الإحصائية بأن الأراضي الفلسطينية قد شهدت تواصلاً في ارتفاعات الأسعار؛ فقد ارتفعت أسعار المستهلك لكافة المواد خلال شهر شباط (فبراير) للفترة بين 2001 – 2008 بنسبة تصل إلى 36 في المائة، ووصلت هذه النسبة خلال شهر شباط (فبراير) للفترة بين عامي 1997-2008 إلى قرابة 60 في المائة. وهذا إلى جانب الانخفاض الكبير في القيمة الشرائية للمداخيل النقدية وانخفاض قيمة العملات المتداولة.

ازدياد معدّل الفقر

وقال الخبير الاقتصادي والقائم على “حملة الدفاع عن الفقراء من موجة الغلاء” في الأراضي الفلسطينية المحتلة صالح إياس “إن التداعيات المترتبة على موجات الغلاء هذه قد أدى إلى تردي وتدهور إضافي في حياة الفلسطينيين، حيث بلغ معدل الفقر بين الأسر الفلسطينية وفقا لأنماط الاستهلاك الحقيقية خلال عام 2007 قرابة 32 في المائة، ووصلت هذه النسبة في قطاع غزة إلى 51.5 في المائة، في حين أن قرابة 60 في المائة من الأسر الفلسطينية يقل دخلها الشهري عن خط الفقر الوطني، وهذه النسبة وصلت في قطاع غزة إلى 80 في المائة.

وتابع “إن هذه الأوضاع بمؤشراتها المرشحة للتصاعد وما يترتب عليها من تدهور اجتماعي وقيمي ونفسي كبير وانعكاسات ذلك على التماسك المجتمعي لشعبنا بفئاته ومكوناته المختلفة، يضع صانعي القرار بمستوياتهم وتصنيفاتهم المختلفة وكافة المؤسسات الحكومية وغير الحكومية أمام مسؤولياتها، كما ويضع السياسات والاستراتيجيات التنموية الوطنية المختلفة أمام تحديات ضرورات المراجعة وإعادة النظر والتصويب وضرورات تفعيل الدور التنموي من اجل الصمود الحقيقي.

انعدام الأمن الغذائي

وتقول “حملة الدفاع عن الفقراء” إن مؤشرات الغلاء في السلع الأساسية وارتفاعها المطرد تكشف عن هشاشة البنية الاقتصادية والتنموية الفلسطينية ومحدودية الأبعاد والآثار التنموية لمشاريع وبرامج وسياسات العديد من المؤسسات الفلسطينية (الحكومية وغير الحكومية)، وعن مستوى وعمق التبعية للأجندات الاقتصادية الخارجية، وتحديداً الأجندة الاقتصادية الصهيونية ومستوى “الاستباحة” التي يعيشها كامل الوطن الفلسطيني حيث وصل مؤشر الانفتاح التجاري الفلسطيني إلى 92 في المائة.

ولعل المستوى الكبير في اعتماد غذائنا على الخارج وزيادة فاتورة الواردات من المواد الغذائية، بحسب الحملة؛ “يؤشر على المدى الكبير في انعدام الأمن الغذائي الأمر الذي يضع علامات تساؤل كبيرة حول استراتيجيات وسياسات الأمن الغذائي المطروحة من قبل العديد من المؤسسات الرسمية والأهلية، وهذا يعكس حقيقة ابتعاد واغتراب الأجندة الاقتصادية والاجتماعية الحكومية عن الأولويات الشعبية والتنموية المتركزة في دعم وتعزيز القدرة الحقيقية على الصمود، كما أن استمرار هذا الوضع من شأنه زيادة حجم وتوسيع مساحة الانكشاف التنموي والاجتماعي والمعيشي الذي تعيشه اغلب الفئات الشعبية الفلسطينية”.

بطالة تفترس الشباب

بجولة سريعة في شوارع رام الله؛ تجد ظاهرة جديدة لم تكن معهودة من قبل، عشرات بل مئات الشباب ينتشرون على الأرصفة المحاذية للشوارع العامة في وسط رام الله بلا عمل، يقضون أوقات فراغهم يراقبون حركة السيارات والمارة على دوار المنارة الذي يعج بالمحلات والمراكز التجارية.

بعضهم يدخن وآخرون منشغلون أو هكذا يظهر بهواتفهم الجوالة، تجمعهم صفة واحدة، عاطلين عن العمل .. ويجهلون ما ينتظرهم في الأيام والسنوات القادمة.

إنها البطالة التي بدأت تفترس طموح وآمال جيل بأكمله من الشعب الفلسطيني، فهو بلا عمل وبلا أمل في المستقبل.

جمال (27 عاماً) جاء من جنين قبل عام إلى مدينة رام الله بحثاً عن عمل، والده مريض بالكلى وغير قادر على العمل ولديه ثلاثة أشقاء في الجامعة وتعول عليه العائلة بعد تخرجه من الجامعة في إدارة الأعمال ليساعدها على تجاوز هذه المحنة الصعبة

يقول جمال “منذ عام وأنا أبحث عن وظيفة دون جدوى، لم أترك باباً إلا وطرقته، في الوزارات والمؤسسات والجمعيات والمراكز والبنوك والشركات طالبا وظيفة، فقررت أن أذهب إلى سوق العمال، فصباح كل يوم أقف على المنارة وسط رام الله بانتظار يوم عمل مقابل مبلغ زهيد أرسله إلى أسرتي”.

مصدر في وزارة المالية في مدينة رام الله قال لنا “إن عدد طلبات التوظيف التي قدمت إلى مختلف الوزارات الحكومية عام 2007 بلغ أكثر من 50 ألف طلب”.

الأسبوع الماضي عقدت وزارة التربية والتعليم في مختلف دوائرها بالضفة الغربية امتحانات القبول للمتقدمين بوظيفة التدريس وصل عددهم في الضفة إلى 26 ألف متقدم منهم 3000 في مدينة رام الله لوحدها.

“أم قصي” واحدة من بين المتقدمات، وهي خريجة من دائرة اللغة الإنجليزية في جامعة القدس المفتوحة بتفوق، تقول “إن مستوى الامتحان والأسئلة كان صعباً للغاية، حتى إن أحد أساتذتي في الجامعة صدم عندما رأى الأسئلة .. هذا أمر مدروس، لا يريدون أن ينجح أحد في الامتحان، لأن النظام ينص على أن من يفشل سينتظر مرة أخرى للعام القادم، هذه سياستهم”، حسب قولها.

وتتابع “انتظرت طويلا ومعي أسرتي تخرجي من الجامعة، الديون تثقل كاهل زوجي الذي يعمل أياماً ويعطل أسابيع، وبيتنا آيل للسقوط، أنا محطمة وفقدت الأمل بالوظيفة، لا اعرف ماذا سأفعل؟ حسبي الله ونعم الوكيل”.

وقد أظهر آخر استطلاع للرأي أجراه مركز الشرق الأدنى للاستطلاعات أن 36 في المائة من الشباب الفلسطيني يفكر في الهجرة بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة، بحثاً عن حياة افضل وفرص عمل.

يفترس الفقر الطفولة في فلسطين أيضاً، فلا تستغرب إذا صادفك طفل لم يتجاوز عمره الـ 12 عاماً يدخل إلى مكتبك أو يوقفك في الشارع العام يبتاع العلكة وما إلى ذلك.

ظاهرة جديدة باتت منتشرة في معظم مدن الضفة الغربية، ففي رام الله تجد أطفالا يعملون في مهن شاقة كالنجارة والحدادة والكراجات مقابل مبالغ زهيدة، وإذا سألته لماذا يقول لك “أريد أن اساعد والدي”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

شهيدان باشتباك مع الاحتلال غربي جنين

شهيدان باشتباك مع الاحتلال غربي جنين

جنين - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد شابان وأصيب آخران، فجر اليوم السبت، برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، قرب حاجز "سالم" العسكري غربي مدينة جنين،...