السبت 27/أبريل/2024

التهدئة أم الحرب؟.. تخبط صهيوني يعكس اضطراب القرارات إزاء غزة

التهدئة أم الحرب؟.. تخبط صهيوني يعكس اضطراب القرارات إزاء غزة
القرار الذي اتخذه ما يسمى بالمجلس الأمني المصغر لحكومة الاحتلال يوم (11/6)، بشأن الجدل الذي كان احتدم على المستويين العسكري والصهيوني في الأسابيع الأخيرة: توجيه ضربة عسكرية لغزة، أو “التهدئة”، بين مؤيد لهذا التوجه أو ذاك أو معارض له، والذي جاء تتويجاً لاجتماعات وزارية سبقته، بعد ترقب وانتظار، هذا القرار جاء غامضاً، ويعبر عن حالة من التخبط والانقسام، والعجز والتخوف من اتخاذ قرارات حاسمة وصارمة إزاء ظاهرة “حماس”، لاعتبارات كثيرة، بحسب مراقبين.

                                   جلعاد شاليط عامل مؤثر!

فالقرار على مستوى الصياغة، لم يلغ العملية أو العمليات العسكرية ضد غزة نهائياً، وإنما تحدث عما اعتبره إعطاء فرصة للجهود المصرية للتهدئة، وإرجاء أي عمليات عسكرية في قطاع غزة، إلى ما بعد استنفاذ كافة الخطوات السياسية للوصول إلى تهدئة.

على المستوى الفعلي، فإن فشل التهدئة وارد جداً، بسبب ما نقلته الإذاعة العبرية الرسمية عن وزراء شاركوا في الاجتماع الوزاري المصغر من أن الكيان الصهيوني ما يزال مصراً على مطالبه المتعلقة بالتهدئة، وهو وقف عمليات تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة، ووقف عمليات إطلاق الصواريخ من قطاع غزة، مع تعهد مصري بوقف تعاظم قوة “حماس”.

ويرى الصحفي الصهيوني آرئيل رينغل هوفمن في صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن السؤال الكبير عن التهدئة أو ما يسميها بـ “اللكمة الأخيرة” لا يزال كما هو منذ عام، حيث يقول في مقاله “ما تبقى هو ما كان قبل نصف سنة، قبل سنة، ما لا يزال موضوعا على طاولة هؤلاء الأشخاص – المسألة الكبرى: ما العمل بغزة – تهدئة أم حملة برية واسعة النطاق؟ ما العمل بجلعاد شاليط الذي ينتظر تحريره، إذ القليل مما نشر عن رسالته الأخيرة إلى عائلته يكفي كي يحطم القلب؟ معضلة آخذة في الاحتدام مع مرور الأيام، لا سيما في ضوء الثمن الدموي في غلاف غزة في الأسابيع الأخيرة، وفي ضوء تقدم المفاوضات غير المباشرة التي تديرها مصر وفي ضوء التقديرات بأن حماس قدمت ردها الايجابي على التسوية”، على حد تعبيره. 

                                        تساؤلات باراك

يبدو أن فرص عملية عسكرية كبيرة وواسعة ضد غزة، مستبعدة جداً، لأكثر من سبب، كما تشير مواقف المسؤولين السياسيين والعسكريين، وتحليلات محللين عسكريين صهاينة، وكل ما يمكن الحديث عنه هو ضربات أو توغلات محدودة، وخاطفة، ومما قيل في هذا الصدد:

ـ الربط بين التهدئة وقضية الإفراج عن شاليط والخوف من تدهور علاقة الكيان الصهيوني بمصر بسبب إفشال مساعيه: فقد كشف المراسل العسكري في التلفزيون العبري ألون بن دافيد بأن وزير الحرب أيهود براك ومصادر أمنية صهيونية مطلعة أوضحت بأن المفاوضات للإفراج عن الجندي الصهيوني الأسير شاليط في غزة تميل إلى المصادقة على قبول اتفاق التهدئة عبر الوساطة المصرية وليس شن عملية عسكرية برية واسعة النطاق في قطاع غزة.

وحسب المراسل بن دافيد؛ فقد قال باراك قبل حضوره جلسة الحكومة “علينا أن نجرب اتفاق التهدئة قبل أن نقرر القيام بعملية عسكرية في غزة” وفي جلسات مغلقه طرح براك علي مقربين منه عدة أسئلة من بينها:

* في حالة قيام الجيش الصهيوني بعمليه واسعة النطاق في غزة، فماذا سيحل بمصير الجندي جلعاد شاليط؟ فهل ستنقطع الاتصالات حوله، وحينها لن يعرف احد مصيره؟

* وهل العملية العسكرية في القطاع ستؤدي إلى تخريب العلاقات الاستراتيجية بين (إسرائيل) ومصر؟

* وهل أن معنى القيام بعملية برية واسعة النطاق في غزة هو بقاء الجيش في القطاع؟

واعتبر مراقبون صهاينة أن توقيت الرسالة التي تسلمتها عائلة الأسير جلعاد شاليط بواسطة الرئيس الأمريكي السابق، يعتبر وسيلة ضغط على الكيان الصهيوني وتذكيرها بأن العمليات العسكرية لم تتمكن في السابق ولن تتمكن مستقبلا من استعادة الأسير. 

                                      تفكيك عجلات التهدئة

ولأنه من الصعب على حكومة الاحتلال  ـ كما يرى محللون صهاينة ـ  التعامل بسلبية مع المبادرة المصرية ورفضها، فإنها تسعى حاليا إلى “تفكيك عجلات مركبة التهدئة”، من خلال وضع شروط، يتم بموجبها إفراغها من محتواها، دون أن ترفضها بشكل صريح.

 

ـ لا يوجد تعليل مقنع للقيام بالعملية العسكرية، وقد ذكرت افتتاحية لصحيفة “هآرتس” العبرية يوم (11/6) في هذا الصدد، أنه “لا يوجد أي تعليل مقنع في صالح عملية عسكرية، باستثناء حقيقة أنه لم يعد ممكناً التسليم باستمرار النار وتسليح حماس. وبالمقابل، توجد سلسلة من التعليلات في صالح وقف النار، مهما كان مؤقتا”.
 
وقالت “التعليل الرئيس هو أنه لا يمكن القضاء على حماس بقدر أكبر مما يمكن تصفية حزب الله، ذلك أن المنظمتين هما قبل كل شيء قوى سياسية وليستا فقط منظمتان إرهابيتان. ولا يمكن أيضا تخريب غزة أكثر مما كان ممكنا تخريب جنوب لبنان”.
 
                                          أخف الأضرار!

ـ الكيان الصهيوني حاليا أقرب إلى المصادقة على وقف النار أكثر من العملية العسكرية في القطاع، وحسب أقوال أمنية وعسكرية صهيونية فحكومة الاحتلال ترى في اتفاق التهدئة الذي تتوسطه مصر البديل الأقل إضرارا لدولتها من بين الخيارين (التهدئة أو العملية العسكرية).

ـ أسباب سياسية داخلية تتعلق بوزير الحرب الصهيوني إيهود باراك (ومن هم على شاكلته من قيادات أركان جيش الاحتلال واستخباراته)، فقد اتهم أحد أعضاء الكنيست الصهيوني عن “كاديما” يقطن في كيبوتس كفار عزا وزير الحرب باراك بعدم الرغبة للقيام بهجوم ضد حماس في غزة لأسباب سياسية داخلية ورغبته في تحقيق انجازات على حساب سكان المغتصبات المحيطة بقطاع غزة، ويرتبط الأمر بمستقبله السياسي، إذ أن أي خسارة في حال شن عملية واسعة على غزة، على شاكلة خسارة جيش الاحتلال في الحرب التي شنها على لبنان صيف عام 2006 ، ستؤثر بكل تأكيد على تطلعات باراك السياسية المستقبلية، لاسيما في هذا الظرف الذي يتوقع فيه إجراء انتخابات مبكرة خلال الأشهر القادمة.

 

                                      الاعتراف بـ”حماس”

أما المسؤولون الصهاينة الذين يطالبون حكومتهم وقواتهم العسكرية بعملية عسكرية كبيرة، في محاولة منهم لاستئصال “حماس”، ووقف إطلاق صواريخ المقاومة، على حد زعمهم، فهم ينطلقون من عدة اعتبارات يدافعون عنها، لأسباب مختلفة وأهمها:

ـ إبرام هدنة مع “حماس” تعني ضمناً اعترافاً بها، مما يفتح الباب لكسر العزلة عنها، ومحاورتها من قبل السلطة الفلسطينية، وأطراف دولية، ومن الذين يتبنون هذا الطرح نائب رئيس الحكومة الصهيونية حاييم رامون، الذي يعتبر عدم شن الحرب سيكون مكلفا بصورة أكبر، وقد تساءل: هل الجيش الكبير (الجيش الصهيوني) لا يمكنه التعامل مع عشرة آلاف مقاتل (مجاهدو حماس) بسلاح أقل تطوراً، في منطقة نسيطر على كافة مواردها. الثمن الذي سندفعه إذا لم نشن الحملة سيكون أكبر، حتى هؤلاء الذين يؤيدون التهدئة يعترفون بأنها لشهر أو شهرين.

ويضيف: “في نهاية المطاف سننفذ الحملة بظروف أسوأ، مشددا على أن “الاعتراف بحماس كدولة في غزة تعني نهاية المفاوضات مع الفلسطينيين، إذا حاورناهم سيحاورهم أبو مازن أيضا، وجهات دولية أخرى، بالرغم من جهودنا من أجل عدم الاعتراف بهم”.

ـ ما يحرض عليه ويدعو إليه رامون، ومن هم على شاكلته من الوزراء والمسؤولين الصهاينة، يأتي بالتنسيق مع إيهود أولمرت رئيس الوزراء الصهيوني، وخدمة له، بحسب مراقبين صهاينة، في محاولة لتوتير الأجواء من أجل إرجاء الحديث حول استبدال أولمرت أو تقديم موعد الانتخابات.

ويشير محللون في الكيان الصهيوني أن التصعيد المتوقع يهدف إلى صرف النظر عن الأزمة الداخلية التي تهدد بالإطاحة برئيس الوزراء أولمرت على خلفية “قضية تالانسكي ومظاريف المال”، من خلال تفادي تقديم اقتراح في الكنيست لحل حكومته في أجواء توتر عسكري.

ـ التلويح بورقة الحرب للضغط على “حماس” وفصائل المقاومة لابتزازها من أجل تحسين ظروف التفاوض معها، سواء بشأن التهدئة أو أطلاق سراح “شاليط”، ولكن هذا التوجه تعرض لنقد من جهة كاتب صهيوني الذي قال “كم هو مفاجئ أن سياسية القوة، هم بالمقابل يستخدمونها معنا، في إشارة إلى إطلاق صواريخ (المقاومة) تجاه المغتصبات الصهيونية المحاذية للشريط الحدودي لغزة.

                                        بديل الضربة الأخيرة

وبسبب الغموض في قرارات حكومة الاحتلال، واستمرار حالة التردد، وخشية من الانزلاق إلى حرب يراها استراتيجيون ومحللون سياسيون صهاينة ليست في مصلحتهم، فقد شددت صحيفة “هآرتس” في اختتام افتتاحية لها على أنه من الأفضل المضي في تجربة التهدئة، ومحاكمة نجاحها بعد زمن ما من تجربة الحرب ومحاكمة نتائجها بعد بضع مئات من القتل.

وقالت “محظور رفض وقف النار برعاية مصرية”، خصوصاً أن أولمرت في نهاية ولايته في الحكومة، في ما قال كاتب صهيوني في ختام مقالة له “الاقتراح بالضربة الأخيرة يجب أن تحل محلها أفكار إبداعية تعيد جلعاد شاليط إلى الديار، وتوسع اتفاق التهدئة بحيث يكون فيه إمكانية لتغيير دراماتيكي في المنطقة”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

شهيدان باشتباك مع الاحتلال غربي جنين

شهيدان باشتباك مع الاحتلال غربي جنين

جنين - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد شابان وأصيب آخران، فجر اليوم السبت، برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، قرب حاجز "سالم" العسكري غربي مدينة جنين،...