السبت 27/أبريل/2024

منازل مدمّرة وأراض مجرفة ودماء تروي حكاية 20 ساعة من العدوان على القرارة

منازل مدمّرة وأراض مجرفة ودماء تروي حكاية 20 ساعة من العدوان على القرارة

ضربت المواطنة الفلسطينية رزقة السميري (50 عاماً) كفاً بكف وهي تنظر إلى منزلها الذي بات كومة من الحجارة بعدما دمرته قوات الاحتلال خلال عملية توغل واسعة انتهت قبيل منتصف ليل الأربعاء/ الخميس في بلدة القرارة شرق خان يونس (جنوب قطاع غزة)، متسائلة عن التهدئة التي يتحدثون عنها في القطاع بعد هذا الدمار.

وقالت السميري، وهي تشير إلى حظيرة مواشي مجاورة تم هدم جز منها، “حتى الحيوانات لم تسلم منه، لقد قتلوا رأسين من الغنم بإطلاق النار”، وأضافت بمرارة وسخرية: “نجحوا في القضاء على مقاومين كبيرين رأسين من الغنم”.

فقدت المأوى ومصدر الرزق

والمواطنة السميري أرملة تعيش مع أبنائها العشرة في منزلها الذي بات عبارة عن كومة من الحجارة وإلى جانبها تمددت أشجار الزيتون التي اقتلعت هي الأخرى من جذورها لتفقد العائلة في لحظة واحدة مأواها ومصدر رزقها.

وأضافت، وهي تشير إلى أحد أبنائها الذي كان يعمل على التقاط ما يمكن التقاطه من الملابس والأغراض من تحت أنقاض المنزل الذي كان مكون من طابق أرضي جزء منه مسقوف بالباطون والجزء الآخر بالأسبست، “أصبحنا مشردين الآن .. لا ندري أين سنذهب؟”.

ولفتت الانتباه إلى أنها كانت قد جهزت لتزويج ابنها البكر، واشترت له غرفة نوم في المنزل نفسه، والآن كل ذلك أصبح مجرد أحلام، وقالت: “أصبحنا في الشارع لا ندري أين سنذهب”.

منزل المواطنة السميري الذي يبعد أكثر من 2500 متر عن تمركز قوات الاحتلال داخل الخط الفاصل بين الأراضي المحتلة منذ عام 1948 وقطاع غزة واحد من سبعة منازل دمرتها قوات الاحتلال ما بين تدمير كلي وجزئي خلال عملية التوغل الواسعة التي نفذتها قوات الاحتلال واستمرت ما يقارب عشرين ساعة في بلدة القرارة شرق خان يونس والتي قتلت خلالها أيضاً ثلاثة مواطنين بينهم مقاومان من “كتائب القسام” و”سرايا القدس” وطفلة في الثامنة عمرها وجرفت مساحات واسعة من الأراضي الزراعية.

تاريخ من الذكريات

وعلى بعد مئات الأمتار من منزل المواطنة السميري، جلس الحاج خليل سرور أبو جامع (76 عاماً) تحت ظلال ما تبقى من بئر المياه في أرضه، وأشار إلى أرضه الكبيرة وهو يمسك بغصن شجرة زيتون وهو يقول بحسرة: “الأمر لا يتعلق بحجارة أو مجرد أشجار .. إنما هو تاريخ من الذكريات .. ذكريات الحزن والفرح التي عشناها في هذا المكان وتحت ظلال هذه الأشجار التي تم اقتلاعها أيضاً”.

وجرفت قوات الاحتلال 34 دونماً من أرض الحاج سرور إضافة إلى خطوط المياه العديدة التي تغذي أراضي جيرانه.

وقال: “اقتلعت الجرافات 360 شجرة زيتون مثمر و120 شجرة نخيل مثمر إضافة إلى أنواع أخرى من الأشجار من داخل الأرض التي كانت غناء وباتت قاحلة”.

وبدا محيط المنطقة حتى السياج الأمني الصهيوني (يبعد نحو 1200 متر) مكشوفاً تماماً بعدما جرفت كافة الأراضي الزراعية في المنطقة التي بدت مقطوعة في المكان.

تجريف 333 دونم و7 منازل

وقال ياسر عبد الغفور الباحث في “المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان” إن حجم التجريف الذي شهدته المنطقة يعتبر من أوسع العمليات التي نفذتها قوات الاحتلال في الآونة الأخيرة.

وذكر أن طواقم المركز وثقت قيام قوات الاحتلال بتجريف 333 دونماً من الأراضي الزراعية غالبيتها مزروعة بأشجار الزيتون المثمر واللوزيات والنخيل فضلاً عن تجريف شبكات الري وتدمير سبعة منازل اثنان منها دمرا بشكل كلي، كما لحقت أضرار بمسجدين نتيجة القصف.

استهداف الأشجار المثمرة

وفي أحد الحقول الزراعية؛ جلس المزارع مازن سليم مهنا داخل أرضه الزراعية التي تبلغ 8 دونمات وجرفتها قوات الاحتلال واقتلعت منها أشجار الزيتون الكبيرة وتجمع حوله عدد من أشقائه وأحفادهم.

وقال مهنا وهو يشير إلى أشجار الزيتون كبيرة الحجم والتي يبدو أنها كانت مثمرة بشكل جيد، عُمر هذه الأشجار يزيد عن 35 عاماً .. تعهدها والدنا بالرعاية ونحن من بعده وعليها نعتمد بعد الله سبحانه وتعالى في رزقنا”.

وأضاف بمرارة “كنا ننتظر موسم جني ثمار الزيتون الذي اقترب لنوفر احتياجاتنا ونسدد الالتزامات”.

وذكر أن قوات الاحتلال جرفت أراضي أشقاءه في المنطقة بما في ذلك أرض شقيقه عاطف الأسير منذ عدة سنوات في سجون الاحتلال والتي تبلغ مساحتها 50 دونماً لتكون بذلك قوات الاحتلال جرفت 200 دونم للعائلة خلال توغلاتها في الآونة الأخيرة.

وكثفت قوات الاحتلال خلال الشهرين الماضيين عميلات التوغل والتجريف التي تنفذها شرق خان يونس حيث طالت عمليات التجريف وفق تقديرات حقوقية نحو 1500 دونم بحيث بات التجريف لا يقتصر على المناطق القريبة من السياج الأمني بل يتجاوزه إلى عمق الأراضي الزراعية.

دماء شاهدة على البطولة والوحدة

وفي منزل أبو عمر السميري كانت دماء الشهيد القسامي إبراهيم المصري شاهدة على البطولة والتضحية فيما كانت آثار القصف الصهيوني للمكان شاهداً على وحشية الاحتلال.

فمنزل أبو عمر وهو قيادي في حركة الجهاد الإسلامي احتضن رجال المقاومة من “كتائب القسام” الذي هبوا لرد الهجمة التي تنفذها قوات الاحتلال، فكان أن نال الشهيد إبراهيم المصري الشهادة وهو على سطح المنزل الذي استهدفته دبابات الاحتلال لتحدث دماراً كبيراً به.

وتجلت أسمى معاني الوحدة صباح الخميس بقيام مجموعة من ناشطي “حماس” بالمساعدة على إزالة آثار الدمار الذي خلفته قوات الاحتلال في المنطقة التي بدأ سكانها لملمة جراحهم والاستعداد ليوم جديد من الجهاد والتضحية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

شهيدان باشتباك مع الاحتلال غربي جنين

شهيدان باشتباك مع الاحتلال غربي جنين

جنين - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد شابان وأصيب آخران، فجر اليوم السبت، برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، قرب حاجز "سالم" العسكري غربي مدينة جنين،...