الخميس 09/مايو/2024

تسونامي الحصار .. ضرب الاقتصاد في غزة وشل الحياة فيها

تسونامي الحصار .. ضرب الاقتصاد في غزة وشل الحياة فيها

لا بد أن يلاحظ من يشاهد أو يقرأ عن آثار الحصار الجائر المفروض على قطاع غزة منذ سنتين، أن القطاع الاقتصادي في غزة، والذي يشكّل عصب الحياة، قد تعرّض ومازال، إلى ما اصطلح البعض على تسميته “تسونامي” الحصار، لا سيما خلال السنة الأخيرة.

وبالمجمل؛ فإن الحصار الخانق، الذي شل الحياة في القطاع بصورة شبه كاملة، كبّد الاقتصاد الفلسطيني في غزة خسائر ضخمة قدّرت بمئات الملايين من الدولارات، وذلك خلال السنة الأخيرة من الحصار فقط، الذي يدخل خلال أيام عامه الثالث على التوالي.

مليار دولار خسائر سنة واحدة

ورصد تقرير إحصائي صادر عن الغرفة التجارية الفلسطينية الخسائر الاقتصادية في قطاع غزة وقدّرها بأنها بأكثر من مليار دولار، بعد أن تكبد خسائر اقتصادية مباشرة في قطاعات الإنتاج والاستثمار والتجارة الخارجية والزراعة والصناعة والعمالة … الخ، “الأمر الذي أثّر سلباً على أداء الاقتصاد ومعدلات نموه، ومضاعفة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والصحية والنفسية والتعليمية”.

وأكد التقرير، الذي يأتي مع قرب إتمام الحصار الظالم على قطاع غزة عامه الثاني، أن الاقتصاد الفلسطيني في القطاع تكبّد جراء إغلاق المعابر التجارية فقط خسائر مباشرة تقدر بحوالي 360 مليون دولار ذلك بالإضافة إلى خسائر القطاعات الاقتصادية الأخرى، في حين أن عداد الخسائر يزداد سرعة في ظل استمرار الحصار.

ويواجه قطاع غزة منذ سنتين حصاراً شاملاً، هدّد ما تبقى للفلسطينيين فيه، من فرص الحياة الإنسانية اللائقة. ومنذ مطلع الصيف الماضي تم تشديد ذلك الحصار المفروض على القطاع ذي المساحة الصغيرة المكتظة بالسكان، فأصبح يضيِّق الخناق على السكان القاطنين هناك بشكل صارخ، ومعظمهم من اللاجئين الذين يعيشون في مخيّمات بائسة.

انهيار كل شيء

التقرير ذاته حذّر من أنه وفي حالة استمرار الحصار وإغلاق المعابر المستمر منذ عام “سوف ينهار كل شيء في قطاع غزة وسوف ينضم جميع سكانه إلى قوافل البطالة والفقر”.

فمع تناقص واختفاء البضائع المختلفة من الأسواق؛ أصبحت مقوّمات الحياة اليومية معدومة وأصبحت

ساعات العِشاء في قطاع غزه تمثل منتصف الليل، حيث تقل حركه المواطنين وتغلق المحال التجارية أبوابها نتيجة الوضع الاقتصادي السيئ وشح البضائع من الأسواق ناهيك عن انقطاع التيار الكهربائي المتكرر جراء نفاد الوقود وتحكم السلطات الصهيونية بالكميات المقلصة التي تدخل القطاع.

وأثر الوضع الاقتصادي والمعيشي الصعب في قطاع غزة على جميع المؤسسات العامة والخاصة ومنها التعليمية، نتيجة النقص الشديد في الكتب المدرسية والجامعية والنقص في المطبوعات والقرطاسية، بل أصبحت العديد من العائلات الفلسطينية لا تستطيع توفير الرسوم الجامعية لأبنائها أو حتى الحقائب المدرسية والزى المدرسي “وهذا من شأنه أن يجر هؤلاء الأبناء والشباب إلى مصير قاتم من العجز واليأس وكسر الإرادة إذا ما حرموا من إكمال تعليمهم الجامعي، وسوف يكون من الصعب حصولهم على فرص عمل في المستقبل مما يزيد من مشكله البطالة”.

قطاع الإنشاءات والمقاولات

سرد تقرير الغرفة التجارية الفلسطينية بالتفصيل آثار الحصار المفروض على غزة على القطاعات المختلفة، فكان منها قطاع الإنشاءات والمقاولات الذي يعتبر من أهم القطاعات الإنتاجية، حيث يشغل ما يقارب (22 في المائة) من الطاقة العاملة في قطاع غزة، كما أن شركات القطاع الخاص تعمل على استيعاب وتشغيل عدد كبير من المهندسين والفنيين.

وبلغ مجموع المشاريع في قطاع البناء والإنشاءات والبنية التحتية التي تم إيقافها وتعطيلها نتيجة عدم توفر المواد الخام بنحو 370 مليون دولار بما فيها مشاريع وكاله الغوث الأونروا وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي والبلديات ومشاريع أخرى للقطاع الخاص.

فقد توقفت جميع مشاريع البناء والتطوير التي تنفذها الأونروا والتي تشكل مصدر دخل لما يزيد عن 121 ألف شخص، وتعتبر مصدراً حيوياً للوظائف في سوق غزة الذي يعاني من البطالة والفقر، وتقدر تكلفة المشاريع التي تم إيقافها بسبب نقص المواد الخام ولوازم البناء من الاسمنت والحديد والحصمة بحوالي 93 مليون دولار.

وتوقفت جميع المشاريع الإنشائية والعمرانية والتطويرية الخاصة والعامة ومشاريع البنية التحتية نتيجة عدم وجود مواد البناء، ولحق الضرر بالصناعات الإنشائية المساندة لقطاع الإنشاءات والمقاولات فتوقفت جميع مصانع البناء والتي تشغل أكثر من 3500 عامل وموظف، كما توقفت شركات المقاولات والإنشاءات العاملة في قطاع غزة والبالغ عددها 220 شركة عن العمل تماماً وتكبدت خسائر فادحة نتيجة تجميد المشاريع قيد الإنشاء وأصاب التلف جميع المعدات والآلات الخاصة بهذه الشركات.

القطاع الصناعي

قطاع الصناعة الفلسطينية يعتبر هو الآخر من القطاعات الهامة التي تساهم مساهمة فاعلة في تشكيل الناتج المحلي الإجمالي، إذ ساهم هذا القطاع بما نستبه 17.4 في المائة في الناتج المحلي الإجمالي خلال العام 1999 ومن ثم تراجعت هذه النسبة لتصل إلى نحو 12 في المائة في العام 2006. واستمرت بالتراجع في عامي 2007- 2008 نتيجة زيادة فترات الإغلاق للمعابر التجارية والقيود المفروضة على حركة الاستيراد والتصدير و الحصار المفروض علي قطاع غزة.

وتأثر القطاع الصناعي بالحصار الخانق حيث حرم من المواد الخام الأولية الضرورية لعملية الإنتاج وحُرم أيضاً من تصدير المنتجات الجاهزة للخارج وأدى ذلك إلى إغلاق 95 في المائة من المنشآت الصناعية، ما يقارب من 3700 مصنعاً من مجموع 3900 منشأة صناعية، وباقي المصانع العاملة تعمل بطاقة إنتاجية لا تزيد عن 15 في المائة.

وتأثرت مبيعات المصانع العاملة بضعف القدرة الشرائية لدي المواطنين وبلغ عدد العاملين في القطاع الصناعي قبل الحصار 35.000 عامل وبعد الحصار انخفض عدد العاملين في القطاع الصناعي ليصل إلى أقل 1500 عامل في مختلف القطاعات الصناعية.

قطاع الخياطة

تدمير ما تبقى من صناعة الخياطة المدمرة فعلياً؛ حيث أن استمرار الإغلاق أدى إلى خسارة فادحة لأصحاب مصانع الخياطة تصل إلى 10 ملايين دولار كقيمة فعلية لنحو مليون قطعة ملابس كانت معدة لموسم صيف 2007 وجاهزة للتصدير، ومما يذكر بأن نحو 600 مصنع خياطة تشغل نحو 25 ألف عامل توقفت عن العمل الكلي.

وتقدر إجمالي الخسائر لقطاع الخياطة خلال الفترة السابقة بحوالي 100 مليون دولار نتيجة لتوقف المصانع عن الإنتاج و إلغاء العقود والصفقات المتفق عليها لمواسم الصيف والشتاء، علماً بأن معدل الإيرادات الشهرية التي كانت تحققها مصانع الخياطة قبل الحصار وإغلاق المعابر بلغت نحو 8 مليون دولار شهرياً.

وسوف يؤدي توقف هذه المصانع عن العمل لفترة أطول إلى تآكل ماكينات الخياطة الأمر الذي من شأنه مضاعفة خسائر هذا القطاع والحد من إمكانية إعادة إنعاشه خاصة في ظل هجرة العديد من أصحاب المصانع إلى الدول المجاورة والخارج.

قطاع الأثاث

تسبب الحصار كذلك، كما يؤكد التقرير الرسمي، في تدمير قطاع صناعة الأثاث والذي يعتبر من القطاعات الصناعية الحيوية في قطاع غزة، وذلك نتيجة لتكدس كميات كبيرة من منتجات الأثاث الجاهزة للتصدير والتي تقدر بحمولة 400 شاحنة تقدر قيمتها بحوالي 8 مليون دولار.

ومما يذكر بأن إنتاج الأثاث انخفض بنسبة 95 في المائة نتيجة عدم توفر المواد الخام الخاصة بصناعة الأثاث مما تسبب بإغلاق 600 مصنع ومنجرة وفقدان أكثر من 6000 عامل إلى عملهم نتيجة توقف هذا القطاع الحيوي عن الإنتاج، وتقدر إجمالي خسائر قطاع الأثاث خلال فترة عام من الحصار بحوالي 36 مليون دولار نتيجة لتوقف المصانع عن الإنتاج وإلغاء العقود والصفقات المتفق عليه للتصدير الخارجي والسوق المحلي، علماً بأن معدل الإيرادات الشهرية التي كان يحققها قطاع الأثاث قبل الحصار وإغلاق المعابر بلغت نحو 3 مليون دولار شهرياً.

وسوف يؤدي توقف مصانع الأثاث والمناجر عن العمل لفترة أطول إلى تآكل ماكينات ومعدات النجارة الأمر الذي من شأنه مضاعفة خسائر هذا القطاع والحد من إمكانية إعادة إنعاشه خاصة في ظل هجرة العديد من أصحاب المصانع إلى الدول المجاورة والخارج.

قطاع الصناعات المعدنية والهندسية

تسبب إغلاق المعابر في تدمير ما تبقى من الصناعات المعدنية والهندسية، فقد تم إغلاق أكثر من 95 في المائة من الورش والمصانع التي تعمل في هذا المجال، وأصبح ما يزيد عن 6000 عامل يعملون في قطاع الصناعات المعدنية والهندسية بدون عمل، وبات هذا القطاع مهدد بالانهيار بسبب عدم توفر المواد الخام، إضافة إلى أن قوات الاحتلال الصهيوني عملت خلال انتفاضة الأقصى علي تدمير مئات المصانع والورش بشكل كامل خلال السنوات الماضية عن طريق القصف والتجريف حيث تم قصف العديد من المنشآت لعدة مرات متتالية.

قطاع المستوردين والتجار

بعد عام من الحصار الخانق وبعد تدمير جميع القطاعات الإنتاجية؛ يحذّر التقرير من أن القطاع التجاري أوشك على الانهيار، وذلك نتيجة للنقص الشديد في البضائع المتوفرة في الأسواق وقد أوشكت المحال التجارية على إغلاق أبوابها وبدأ التجار والمستوردون يشعرون باليأس من وصول بضائعهم المحجوزة في الموانئ الصهيونية، بل وأصبحوا على شفا الإفلاس بسبب الحصار المفروض على قطاع غزة.

علما بأن عدد الأصناف التي ترد إلى قطاع غزة منذ فرض الحصار لا يتجاوز 20 صنف من المواد الغذائية الأساسية جداً والمستلزمات الطبية مقابل ما يزيد عن 9000 صنف كانت ترد عبر المعابر المختلفة قبل فرض الحصار.

ومما يذكر بأن عدد الحاويات الموجودة في الجانب الصهيوني تقدر بحوالي 1500 حاوية موجودة في مخازن الموانئ ومخازن خاصة خارج الموانئ مع العلم بأن بعض البضائع تحمل تاريخ صلاحية وأوشك على الانتهاء وجزء كبير من هذه البضائع أصابه التلف نتيجة سوء التخزين.

قطاع السياحة

التقرير يرصد أيضاً قطاع السياحة؛ فيشير إلى أن هذا القطاع يلعب دوراً مهما وبارزاً في اقتصاديات معظم دول العالم، إذ تعتمد عليها هذه الدول اعتماداً أساسياً كمصدر مهم من مصادر الدخل القومي.

أما في قطاع غزة ونتيجة للحصار؛ فقد أصاب القطاع السياحي شلل كامل وأوشكت ش

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات