الجمعة 10/مايو/2024

جماهير فلسطينية تحتشد في مركز التجارة العالمي بهولندا لإحياء ستينية النكبة (تقري

جماهير فلسطينية تحتشد في مركز التجارة العالمي بهولندا لإحياء ستينية النكبة (تقري

احتشد أكثر من ألف شخص في مقرّ مركز التجارة العالمي في مدينة روتردام الهولندية، لإحياء الذكرى الستين للنكبة الفلسطينية، رافعين شعار “ستون عاماً إلى متى”.

جاء ذلك بدعوة من “المنتدى الفلسطيني للحقوق والتضامن” بهولندا، في مهرجانه السنوي الرابع، الذي حظي بنجاح كبير، خاصة مع تزامنه مع مرور ستين سنة على نكبة الشعب الفلسطيني.

وأقيم المهرجان على امتداد يوم الأحد، الثامن من حزيران (يونيو)، في مركز التجارة العالمي بروتردام، الذي يتبوّا موقعاً حيوياً من المدينة الهولندية الهامّة.

وفي الكلمة الافتتاحية للمهرجان، قالت الشابة الفلسطينية نجمة جاد الله، وهي من الجيل الفلسطيني الثاني في هولندا، إنّ أهمية هذا المهرجان الرابع تكمن في أنه يتزامن مع ذكرى النكبة الستين، وتابعت “نجتمع اليوم لإحياء ذكرى النكبة؛ في الوقت الذي تحتفل فيه الاحتلال الإسرائيلي بالمأساة التي تم إيقاعها على شعبنا”.

احتلال فلسطين .. إلى زوال

وقد استضاف المهرجان القيادي الفلسطيني من الأراضي المحتلة سنة 1948، الشيخ عبد الرحمن أبو الهيجاء، عضو المكتب السياسي للحركة الإسلامية بالداخل الفلسطيني. وأعاد أبو الهيجاء إلى الأذهان المعاناة التي تولّدت عن النكبة الفلسطينية، والواقع المرير الذي وجدت الأجيال الفلسطينية الناشئة داخل “الخط الأخضر” (حدود الأراضي المحتلة سنة 1948) ذاتها فيه، تحت الاحتلال والمشروع الإسرائيلي المتفاقم.

وشدّد الشيخ أبو الهيجاء على أنّ “فلسطين لنا”، معرباً عن ثقته بأنّ المشروع الصهيوني في فلسطين ماضٍ إلى زوال لا محالة.

“تدمير شعب فلسطين”

وتحدّث في المهرجان السنوي الرابع، الذي أقامه “المنتدى الفلسطيني للحقوق والتضامن”، عدد من المتحدثين، من بينهم الكاتب الهولندي روبرت سويتريك، المتخصص في شؤون منطقة الشرق الأوسط.

وتناول سويتريك واقعة تهجير الشعب الفلسطيني بشكل منهجي من أرضه على أيدي العصابات الصهيونية، كما استعرض الوضع الدولي وكيف ترك انعكاساته السلبية على حساب الحقوق الفلسطينية، مؤكداً في الوقت ذاته أنّ تلك الحقوق هي غير قابلة للتصرّف وينبغي إنفاذها.

وعرض سويتريك كتابه الجديد “تدمير شعب فلسطين”، الصادر بالهولندية، والذي خصّص ريعه لصالح دعم القضية الفلسطينية. ويتناول الكتاب المظلمة التاريخية الواقعة على الشعب الفلسطيني، وملابسات النكبة التي وقعت سنة 1948، وما أعقبها من إلغاء الكيانية الفلسطينية على أرضها وتفاقم المشروع الاحتلالي.

وقد خصّص الكاتب والأكاديمي الهولندي، كريس فان در هايدين، مداخلته لاستعراض واقع القضية الفلسطينية وما تتطلبه من إسناد من القوى المدافعة عن الحقوق والحريات في العالم. وتطرّق فان در هايدين، وهو محاضر في جامعة أوتريخت الهولندية، إلى عدّة أبعاد من قضية فلسطين، معتبراً أنّ مرور ستين سنة على النكبة يمثل مناسبة هامة للوعي بحقائق هذه القضية العادلة.

“من جبنهم صنعوا جداراً”

أما الدكتور عزام التميمي، مدير معهد الفكر السياسي الإسلامي بلندن، فألقى كلمة قوية ومؤثرة في المهرجان، استهجن فيها المواقف الرسمية الأوروبية من القضية الفلسطينية، معتبراً أنها تنطوي على ازدواجية في المعايير، خاصة في ظل الحصار المفروض على قطاع غزة، ومن خلال عدم احترام الخيار الديمقراطي للشعب الفلسطيني.

وشدّد التميمي على شرعية الانتخابات الفلسطينية، التي تمّ بموجب نتائجها فرض العقوبات الجماعية على الشعب الفلسطيني، بينما انتقد بقوة الموقف الرسمي العربي من الحصار المتواصل على قطاع غزة، بما في ذلك تطويق الحدود المصرية ـ الفلسطينية بجدار في غضون الشهور القليلة الماضية، بينما يطوِّق الجدار الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1967، وقال “من جبنهم صنعوا جداراً”.

مأساة طفلة .. اسمها آية

وألقى أمين أبو راشد، كلمة المنتدى الفلسطيني للحقوق والتضامن، التي أكد فيها أنه قد “آنَ للضميرِ العالمي أن يستفيق، ففي كل يوم ضحايا جدد”، مشيراً إلى “طفلة اسمها آية، إنها آية النجار، ابنة الأعوام الثمانية. فيوم الخميس اختتمت مدرستها وخرجت لتلهو بجوار منزلها في قطاع غزة، جاءتها “الأباتشي” فوراً وعاجلتها بصاروخ، على مرأى من أمِّها، وتحوّلت آية إلى أشلاء. إنه الحدث اليومي في فلسطين يتواصل دون أن يَعترضَ العالم”.

وركّز أبو راشد كلمته على مسألة الحصار، فقال “إنها غزة، رقعةٌ من الأرض حوّلها الاحتلالُ إلى ساحةٍ للفاقةِ والبُؤس، إلى مرتعٍ للموت الجماعي، إلى مستودعٍ للآلام، إلى مقبرةٍ للمرضى”.

وشدّد أمين أبو راشد على أنّ “هذا ليس حصاراً عادياً؛ بل هو حصارٌ للأطفال وحصارٌ للأمهات. في قطاع غزة مليون طفل وأمّ، هؤلاء يبيتون بلا غذاء، بلا كهرباء، بلا صحة، بلا تعليم، بلا ملاعب”.

وحذّر المتحدث على أنّ “هذا الحصار، بكلِّ قسوته، بكلِّ مظالمه، بكلِّ بشاعته، بكلِّ فظائعه؛ هو وصمةُ عارٍ على المجتمع الدولي، شاهدُ إدانة للدنيا بأسرها”، وقال “علينا أن نسمِّي الأشياء بأسمائها؛ فهناك أيادٍ كثيرة ضالعة في هذا الحصار الجائر، هناك أطرافٌ متورطة في هذه الجريمة بحق الإنسانية، أطرافٌ منها القريب ومنها البعيد”، وتابع “إنّ كلّ من يتوّرط في تمرير كارثة الحصار، يتنكّر لمبادئ الإنسانية ومواثيقها”.

ومضى أمين أبو راشد إلى القول “يمكن لأوروبا أن تنهي مأساة الحصار مباشرة، أوروبا تستطيع إن هي أرادت أن توقف عجلة الموت الجماعي”، لافتاً الانتباه إلى أنّ “أوروبا تخسر كلّ يوم من رصيدها الأخلاقي في العالم باستمرار الحصار، هذا الحصار الذي سيدخل التاريخ في صفحاته السوداء”.

وأعاد أبو راشد إلى الأذهان أنّ “حصار غزة حلقة من حلقات العدوان على فلسطين، هو امتدادٌ للمجازر ومنها مجزرةُ جنين، هو استكمالٌ للعدوان الإسرائيلي في الضفة، هو تعبيرٌ عن نكبةٍ متواصلة منذ ستين سنة”، كما قال.

دعوا غزة تعيش .. دعوها تتنفس

وتابع أبو راشد قوله “دعوا غزة تعيش، دعوا غزة تتنفس، لا تقطعوا شريان الحياة عنها، لا تسدُّوا نوافذَ الأمل أمامها، لا تفرضوا الموتَ عليها”، وأضاف “جئنا لنقول: كفى للمجزرة اليومية بحق الفلسطينيين ، كفى للاستيطان المتفاقم، كفى للجدار العنصري، كفى لابتلاع القدس، كفى للحواجز التي تناهز الستمائة في الضفة ، كفى للحصار الذي يحصد الأرواح في غزة”.

ونادى أبو راشد “المدافعين عن الحرية وأنصار العدالة قائلاً “ارفعوا أصواتكم عالياً؛ فغزة تستحق الحياة، وفلسطين جديرة بالحرية، وعلينا أن نمكِّن معاً للحياة والحرية”.

كما اشتمل المهرجان على فقرة تحدث فيها مسؤولو المؤسسات الهولندية المؤيدة للقضية الفلسطينية، أكدوا فيها استمرارهم في التضامن مع الشعب الفلسطيني حتى تمكنه من انتزاع مطالبه المشروعة وإنهاء الاحتلال الجاثم على أرضه.

ستون بالوناً فلسطينياً في سماء هولندا

وقد شكّلت حشود الجماهير المشاركة في المهرجان، لوحات جماعية تفاعلية. فقد حمل المشاركون والمشاركات من ثلاثة أجيال فلسطينية، ومعهم المتضامنون مع الحق الفلسطيني، أعلاماً فلسطينية لوّحوا بها، تعبيراً عن التمسك بالهوية والحقّ والعودة.

كما خرج الجمهور في منتصف المهرجان، إلى الساحة المقابلة لمركز التجارة العالمي، واحتفوا بإطلاق ستين بالوناً هوائياً يحمل كلّ منها علم فلسطين، للإشارة إلى سنوات النكبة الستين وتجدد الأمل الفلسطيني باستعادة الحقوق السليبة واستئناف الكيانية الفلسطينية على أرضها رغم مضيّ ستة عقود على إنزال هذه المأساة بالشعب الفلسطيني.

وقد توسطت فعالية إطلاق البالونات الفلسطينية، الناشطة الهولندية البارزة خريتا دويزينبرغ، زوجة محافظ البنك المركزي الأوروبي السابق والمعروفة بدفاعها عن الحقوق الفلسطينية.

وقد تجمهر المارّة وعامة المواطنين الهولنديين إزاء هذه اللوحة وتفاعلوا معها، بالإعراب عن التضامن مع الحقوق والتطلعات الفلسطينية المشروعة ونبذ الاحتلال، بينما ردّد الجميع هتاف “تحيا فلسطين”.

ثلاث فرق فنية أنشدت لفلسطين والعودة

وأحيت فقرات المهرجان المتنوِّعة، ثلاث فرق فنية، منها فرقة “الاعتصام” القادمة من كفر كنّا بالداخل الفلسطيني المحتل سنة 1948، والتي لقيت تجاوباً حاراً من الجماهير التي حضرت المهرجان. وأنشدت الفرق الفنية عن النكبة والتمسك بحق العودة، والمخاطر المحدقة بالقدس الشريف والمسجد الأقصى المبارك، فضلاً عن التنديد بالمظالم الواقعة على الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال.

وشهد المهرجان، وهو أكبر فعالية فلسطينية سنوية في هولندا، عرض أفلام وثائقية عن النكبة والأسرى الفلسطينيين، علاوة على إقامة معارض للصور عن القدس الشريف.

وقد تخللت المهرجان كذلك مسابقة ثقافية شارك فيها عامة الجمهور، وربح فيها شاب هولندي من مدينة بريدا الجائزة المتمثلة برحلة إلى فلسطين، لمعاينة الأوضاع المأساوية التي صنعها الاحتلال على الأرض، ولمعايشة معاناة الشعب الفلسطيني.

وحضرت المهرجان الرابع مؤسسات عدة، من بينها “الحملة الأوروبية لرفع الحصار عن غزة”، و”الأمانة العامة لمؤتمر فلسطينيي أوروبا”، خاصة وأنّ مدينة روتردام الهولندية قد احتضنت المؤتمر الخامس لفلسطينيي أوروبا الذي أقيم في أيار (مايو) من العام المنصرم، والذي حقق نجاحاً كبيراًً وحضرته وفود فلسطينية من شتى أرجاء القارة الأوروبية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات