الأربعاء 22/مايو/2024

صواريخ المقاومة وعملياتها النوعية تحطّم آخر قلاع هيبة الردع لجيش الاحتلال

صواريخ المقاومة وعملياتها النوعية تحطّم آخر قلاع هيبة الردع لجيش الاحتلال

أبدت الصحافة الصهيونية قلقها بشأن الخلل المتزايد في فقدان جيش الاحتلال لما أسمته “هيبة الردع” على حدود الكيان الصهيوني الجنوبية (مع قطاع غزة)، ووجهت انتقادات لحكومتها بسبب عجزها عن معالجة هذا القصور، رغم حملاتها وتوغلاتها العسكرية في القطاع، خصوصاً مع إحراز المقاومة اختراقات مهمة في جدار الردع  جراء عملياتها النوعية الجريئة.

وفي مقالة لهما نشرتها صحيفة “هآرتس” العبرية الخميس (10/4)، لفت الكاتبان الصهيونيان عاموس هرئيل وآفي يسسخاروف الأنظار إلى أن العملية التي نفذت في “ناحال عوز” يوم (9/4)، تؤكد على أن “إسرائيل تجد صعوبة في وضع أساس لميزان ردع فاعل” إزاء الفصائل الفلسطينية التي تنطلق من قطاع غزة.

انهيار سور آخر

وبسبب عدم قيامه بالردع الكافي ـ بحسب الكاتبين ـ  فإن جيش الاحتلال يجد صعوبة وبشكل مطلق في منع، التسلل عبر السياج الحدودي، أو تنفيذ عمليات قنص وزرع عبوات ناسفة (من جانب الأذرع العسكرية للفصائل الفلسطينية) بالقرب من نفس السياج.

وخلافاً للوضع على الحدود مع لبنان، منذ الحرب الأخيرة (عام 2006)؛ فإن الساحة الجنوبية (المحاذية للقطاع) لم تشهد يوم هدوء واحد في السنتين الأخيرتين، في إشارة منهما إلى المرحلة التي تلت انسحاب الاحتلال من غزة، والتي ارتبطت بعد ذلك بحكم حركة “حماس” التي تعبر المقاومة خياراً استراتيجياً.

ويرى صحفي آخر “أن تسلل المسلحين الفلسطينيين إلى موقع عسكري، هو تحقيق لكابوس إسرائيلي قديم، وعمل مروّع منذ سنوات السبعينيات، ونسخة منقحة وحديثة، والإحساس الذي سيسود هو انهيار سور آخر من أسوار الردع”، في دلالة واضحة على حالة التدهور والإحباط التي أصيب بها جيش الاحتلال ومستوطنوه جراء تواصل عمليات الاقتحام المتكرر للمواقع العسكرية.

ويضاف إلى ذلك، فشل آخر موضعي وخطير لردع القوات الصهيونية، كما أشار إليه الكاتبان عاموس هرئيل وآفي يسسخاروف، فرغم نظام المراقبة المكلف، والذي نشر على طول الحدود، وخاصة بالقرب من المعابر، فقد تمت معاينة دخول منفذي العملية متأخراً، وتمكن المنفذون الأربعة من عبور السياج بدون أي عائق، وقتل صهيونيين عن طريق إطلاق النار من مسافة قصيرة.

ويؤكد رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الأسبق في دولة الاحتلال “شلومو غازيت” في مقال له على نتيجة مهمة لعمليات إطلاق النار على يد فصائل المقاومة، وتركيزها أكثر فأكثر على الجنود ورجال الأمن الصهاينة، من زواية نجاحها في توجيه ضربة قاسية لما أسماه “كبرياء الجيش الإسرائيلي” ولصورته التي لا تهزم ولقوة ردعه، ويشدد على خطورة استمرار هذه التوجهات من وجهة نظره، لأنها ستؤدي بلا ريب لزيادة جرأة خلايا المقاومة وتماديها، وقد تشجع شبانًا فلسطينيين آخرين على الانضمام لصفوفها، على حد تعبيره.

“الشتاء الساخن” نتيجة معاكسة

وما يزيد من إحباطات الصحافة العبرية أن العمليات العسكرية للجيش الصهيوني لم تفلح في وضع حد لاختراق هيبته، وآخرها عملية “الشتاء الساخن” حيث تواصلت وتيرة إطلاق الصواريخ على المغتصبات المحاذية لقطاع غزة أثناء العملية وبعدها، بل وصلت مديات أبعد، وتمكنت من إصابة مساعد وزير ما يسمى بالأمن الداخلي، وكادت أن تصيب الوزير الصهيوني نفسه والذي نجا منها بأعجوبة، واستطاعت فصائل المقاومة أن تنجح في تنفيذ عدد من العمليات النوعية، والتصدي للتوغلات الصهيونية، وصدها والاشتباك مع قوات الاحتلال، وتكبيدها خسائر في صفوف جنودها.

وفي هذا السياق؛ أشار مقال للكاتب عامير رابابورت نشر في صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية إلى أن أحداث الأسابيع الأخيرة “أثبتت أن الردع الإسرائيلي لم يتحسّن بعد عملية «شتاء ساخن»، وذلك بالرغم من كثرة القتلى (الشهداء) في الجانب الفلسطيني”.

وأكثر من ذلك؛ فإنه يرى بأن جهات كثيرة في المؤسسة الأمنية تعتقد بأن ما حصل قد أدى نتيجة معاكسة. ولشرح هذه النقطة يقول إن وجهة النظر التي بدأت تسود لدى عدد غير قليل من الأجهزة الأمنية في دولته وبشكل متزايد، هي أن “الشتاء الساخن” سبّبت للكيان الصهيوني ضرراً بعيد المدى يقارب ما حصل في الحرب العدوانية الثانية على لبنان (صيف عام 2006)، وربما حتى أكثر، وفقا لما أورده.

تهديدات “أولمرت” الجوفاء

وبتفصيل أكثر؛ يوضح رابابورت أن دولته تلقت في حرب لبنان الثانية آلاف الصواريخ (من طرف حزب الله)، دون أن تنجح في القضاء عليه، وفي “الشتاء ساخن”، فإن إطلاق المقاومة الفلسطينية ـ وفي مقدمتها كتائب القسام ـ عدة مئات من الصواريخ على منطقة صغيرة نسبياً أدت بالاحتلال إلى ما وصفه بـ “الانكفاء” أمام “حماس” والانسحاب من القطاع.
 
ويرى أنه وفقاً للمفهوم الفلسطيني؛ فإن نتيجة ما يحصل على الأرض يوصل رسالة خطيرة، تعزّز المفهوم السائد في العالم العربي، الذي يقول إن “إسرائيل لا تفهم إلا لغة القوة” و”أن الجبهة الداخلية الإسرائيلية حسّاسة جداً”.

وربما لهذه الأسباب أبدى مراقبون في الوسط الصهيوني شكوكهم حيال رسالة التهديد التي أطلقها رئيس حكومة الاحتلال قبل أيام قليلة في اجتماع لحزبه (كاديما) باتجاه قطاع غزة عقب عملية (ناحال عوز)، والتي تضمنت تعهداً منه بالرد على حماس وبحيث “لا تتمكن من مواصلة العمل ضد مواطني إسرائيل مثلما تعمل اليوم”، لأنها وإن نفذت ـ برأيهم ـ  فإنها لن تضيف جديدا يذكر في تحقيق انتصار حاسم أو مؤثر على المقاومة، بناء على المعطيات الميدانية السابقة .

الحسم ضد “حماس” في خبر كان

وبسبب تردي إمكانات الردع لدى قوات الاحتلال؛ فقد أبدت الصحافة العبرية تشاؤمها إزاء إمكانية قدرة الجيش الصهيوني على تحقيق الحسم العسكري ضد حركة “حماس” وفصائل المقاومة، ودعمت تحليلاتها بتصريحات لوزراء في الحكومة العدو، ونقلت “يديعوت أحرونوت” العبرية عن الوزير عامي أيالون إنه “يجب الابتعاد عن مصطلح الحسم”، الذي كان مقبولاً في حروب الماضي، فنحن أمام حماس في غزة نواجه مشكلة من نوع آخر، إذ إن مصطلح “حسم” ليس ذا صلة بها، وذلك لأنّ حماس لا تتطلّع إلى الحسم معنا، بل إلى “الحسم”، على غرار ما فعله حزب الله في حرب تموز/يوليو 2006، على حد تعبيره.

وتساءلت الصحيفة: “هل يمكن انتظار الحسم إلى أن تنهي المؤسسة الأمنية تطوير منظومة “القبة الحديدية” المضادّة للصواريخ (المقاومة)”، وتتابع :” سيمرّ عامين على الأقل، إلى أن ينتهي المشروع”، بحسب التقديرات الصهيونية، وحتى وإن تكلّل المشروع بنجاح ـ كما تقول ـ ، فإنه يمكن لـ “حماس” أن تستنزفنا اقتصادياً: فتكلفة إطلاق كل صاروخ (من جانب حماس) ضئيلة جداً، لكنّ إطلاق كل صاروخ عبر “القبة الحديدية” سيكلّف ما لا يقل عن 80 ألف دولار.

تساؤلات عن “الحزام الأمني”

وعلى نحو متصل؛ تساءلت صحيفة أخرى “هآرتس” عن مصير “الحزام الأمني” الذي يمكن أن يحد من هجمات المقاومة، ويسهم في تطوير قدرة الردع لدى الجيش الصهيوني بقولها: جرت في السابق محاولة للاحتفاظ بـ  “حزام أمني”، يمتد إلى عمق كيلومتر غرب الجدار الحدودي، بحيث يمنع الفلسطينيون من دخوله، ولكن ذلك لم يحصل على أرض الواقع، مذكرة بعدد من العمليات التي حدثت مؤخرا وكان بالإمكان تفاديها، على حد زعمها.

بالمجمل؛ يمكن القول إن “هيبة الردع” لدى جيش الاحتلال، تواصل تحطمها على صخرة المقاومة، وقد بدا ذلك بوضوح منذ عام 2006 وحتى الآن، حيث لم يستطع أن يحمي “الجبهة الداخلية” لدولته من صواريخ فصائل الأذرع المسلحة للفصائل الفلسطينية أو لحزب الله، أو يحد منها، رغم المحرقة التي ارتكبها في قطاع غزة مطلع الشهر الماضي ( آذار/ مارس)، كما لم يستطع منع العمليات النوعية التي استهدفت عقر داره (المعسكرات والثكنات العسكرية) أو وصلت إلى عمق أراضيه، متخطية كل الحواجز والحدود والأسوار والجدران الواقية التي اصطنعها، دون أن تمنح الأمن لمواطنيه.

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات