الأحد 28/أبريل/2024

في ظلال الصواريخ (2)

رشيد ثابت

نواصل الكتابة في ظلال الصواريخ؛ وصفحة السماء الزرقاء لما تزل مزدانة بتوقيع يقول “صاروخ القسام حلق من هنا”! والهواء عبق بنسيم خضرة الربيع الفلسطيني؛ والذي قطعته وشقته رائحة بارود القسام النفاذة وعطره الحادق؛ وأي عطر هو!

قالت حماس – وصدقتنا القول – أن الكرسي لن يغيرها ولا الحكم؛ وأن العمل السياسي ليس إلا عضدا للهدف الأسمى والمشروع الأكبر؛ وجددت حماس لنا في يوم المئوية الصاروخية ميثاقا وعهدا؛ وصدقت الوعد فيما غيرها ينكث ويكذب ويتاجر بالشعارات؛ ويتربح بالوطنية بشقشقة اللسان لا أكثر؛ فكأن الشاعر يعني حماسا من حيث يقول:

وأراك تفعل ما تقول وبعضهم * * * مذق اللسان يقول ما لا يفعل!

فتحطمت أضغاث أحلام المنافقين – ممن أرجفوا وشككوا في الحركة الإسلامية – على صخرة الواقع الحماسي؛ وكأن عمل القسام دواء فيهم وعلاج كمثل عمل القطران في الجربى؛ من حيث قال الأخطل:

أنا القطران والشعراء جربى * * * وفي القطران للجربى شفاء!

لا شك أن القطران السياسي في كلمات الناطقين باسم حماس والكتائب – والذي عززه ملح البارود في القسام – قد كوى جنوب جربى العمل الإسلامي! ولا شك أنه أسقط في أيدي فريق الخوالف من أدعياء النسب في العمل الإسلامي؛ والذين لم يتورعوا يوما عن النهش في لحوم المجاهدين ولو عن طريق الكذب؛ وتطريز هذه الأكاذيب في بيانات يعوزها الطهر!

ثم هم لم يتورعوا عن التحول إلى نصل صغير تافه يزاحم أسياف الصهاينة؛ ورماح الأمريكان؛ ونبال الفريق الخياني على الجسد الإسلامي الجهادي في حماس! هؤلاء الذين هم أشداء على المؤمنين رحماء بالعملاء والكفار – هؤلاء لا يخدعون أحدا؛ ويفشلون في شراء رضا عقل واع واحد؛ فيقبل أن يتعايش مع قعودهم وعدميتهم؛ وجرأتهم مع ذلك على إهلاك الأمة الاسلامية قاطبة بشتم هذا والنيل من ذاك من فصائل العمل الإسلامي!

وسيفضل عن حصة هؤلاء من ضُلال العمل الإسلامي من القطران – سيفضل زِقٌّ يكفي لقتل وساوس من نصب نفسه محصلا للتذاكر في محطة قطارات المواقف؛ والذي زاغ بصره وذهل عقله تبعا لهواه؛ فحسب حماس على قطار السادات؛ مع أن كل قطارات الكرامة والنسب العريق في الجهاد تمر بجنب رصيفها صباح مساء؛ لو كان يعقل!

أما المهانة الحقة؛ فقد كانت من نصيب فريق التخذيل والإرجاف؛ والذي لا يرضى في كل ملمة عن محل الصغار بديلا!

فيصرح الزعيم المسافر؛ في إطار لا يعوزه الخزي؛ ومن بعيد؛ معتذرا عن “سورة غضب” المقاومة؛ ويتعهد أن يكون الهجوم آخر خرق للتهدئة – وكأن الصواريخ أطلقت باسمه وبرأي منه! – و”يبوس التوبة” سياسيا؛ ويكاد يركع بين يدي أولمرت؛ ويقسم بالذي جعل المبادرة العربية سقفا لشرعية الغاصبين أن لا يكون منه إلا ما يرضي الصهاينة؛ بل هو عمليا يمسك بأطراف ثيابهم ويرجوهم أن يضبطوا أنفسهم!

يصنع كل هذا دون أن يكون قد فكر في التعزية بثمانية من الفلسطينيين الذين قضوا شهداء قبل إطلاق الصواريخ بساعات؛ وفي تأكيد مكرر منه على انقطاع أي صلة بينه وبين هذا الشعب ومعاناته وتضحياته!

أما شركاء المهانة الآخرون فقد كانوا في إعلام التضليل المؤيد للفساد والتفريط؛ والذي ألمت به “شيزوفرينيا” حادة ؛ فراح من ناحية يشيد بصواريخ أطلقتها كتائب الأقصى؛ وغض الطرف عن صواريخ حماس؛ ظنا منه أن تجاهله لهذه الحقيقة التي طبقت الآفاق وضوحا وسطوعا كفيل بحجب الأمر عن الناس! وهذا سلوك على أية حال لا يقل عن ذكاء النعامة وفطنتها اذ تدفن رأسها في التراب حذر العدو الداهم؛ فتظن أن العالم كله قد غط معها في سبات عميق وعمي عليه فلم يعد يراها!

وحتى تكتمل” الشيزوفرينيا” والازدواجية فان الإعلام الفتحوي نسب للرئيس أنه قال أن حماس لن تكرر خرق الهدنة كما تقدم أعلاه من كلام الرئيس المعتذر عن الفضيلة! فالحمدلله الذي هدى مسيلمات فتح لتكذيب أنفسهم بأنفسهم: فإن كانت كتائب الأقصى قد ضربت؛ ففيم يكون النهي عن تكرار الخرق موجها لحماس وحدها يا ترى؟

ونحن دون شك نكبر ونجل كل المجاهدين؛ لكننا على يقين أن كتائب شهداء الأقصى المذكورين في مواقع الإعلام الدحلاني هم رجس مُدَّعى؛ ولا صلة لهم بالشرفاء المجاهدين بحق من رجال الكتائب؛ ولا صلة لهم بالجهاد والمقاومة؛ تماما كما أن الذين اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا بدلوا كلام الله؛ فصار الأنبياء والمرسلون بحسب هذا التبديل لصوصا شهوانيين لم يدعوا جريمة إلا وقارفوها! فإن كان المرسلون يقعون في ذلك – وحاش لله أن يصنعوا ذلك – فإن هناك مجاهدين يسرهم أن يكونوا أداة رخيصة يتم توظيفها لرفع خسيسة دحلان؛ وستر عورة من يستشيره في شؤون الأمن!

فمثل هؤلاء يا قسام فافضح؛ وعلى عار هؤلاء أَشْهِد فلسطين والأمة؛ كيف لا والصاروخ أصدق انباء من بيانات المتبطلين؛ وأصدق انباء من أشرطة الذين في قلوبهم غل للذين آمنوا؛ وأصدق انباء من أراجيف المبطلين والمخذلين من حزب الخيانة والتفريط!

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات