الجمعة 03/مايو/2024

نريد أجهزة أمنية بهوية وطنية

سامر أبو شرار

في ظل الحديث عن الخطة الأمنية الفلسطينية الجديدة، والتي ستستغرق 100 يوم كمرحلة مبدئية لضبط الأمن في الشارع الفلسطيني، وذلك حسب ما أعلن وزير الداخلية _هاني القواسمي_ أقول بأن وجود الأجهزة الأمنية في أي دولة في العالم هي ضرورة حتمية لأي دولة سواء في القديم، أو الحديث، وتنبع ضرورة وجودها من ضرورة الأمن نفسه الذي لا غنى عنه في أي وقت، أو مكان، سواء للفرد أو المجتمع ، ويستحيل أن يمارس الناس نشاطهم وحركاتهم اليومية إلا مع تحقيق الأمن.

ولكن واقع الأجهزة الأمنية الفلسطينية يختلف كثيرا عن ذلك، حيث وجود ما يزيد عن 80 ألف منتسب للأجهزة الأمنية، والذي يشكل عبئا على كاهل الميزانية الفلسطينية، وإن وجود مثل هذا العدد الهائل من الأفراد يجب أن يترتب عليه مزيد من الأمن، والهدوء، والاستقرار، ولكن العكس هو الصحيح، حيث انتشار الفوضى وعدم الأمن والهدوء والاستقرار، وذلك يرجع إلى أن أفراد الأجهزة الأمنية هم من يقفون وراء حالة الااستقرار، وحالة الفوضى السائدة في الشارع الفلسطيني، وبدلا من أن يصبح رجل الأمن مرتبطا باسمه توفير الأمن للناس، أصبح عبئا على الشعب والدولة.

فمنذ نشأة الأجهزة الأمنية، أنشئت على أساس حزبي صرف، وبدأت حالة من الصراع بين قيادات الأجهزة الأمنية لسيطرة أحدها على الآخر، وبدأ التنافس بينهما لتكوين أكبر جهاز أمني متسلط، وبدأت حالات الاقتتال بين أفراد الأجهزة الأمنية، واستمرت حالات الفوضى وعدم الاستقرار باستمرار الأعمال العدوانية لتلك الأجهزة.

إن من أهداف ومسؤوليات الأجهزة الأمنية في أي دولة في العالم هي حماية الحدود من أي اعتداء خارجي، وتوفير الأمن والسلامة للمواطنين، ولكن قلبت الصورة لتصبح أجهزة الأمن حامية للاحتلال، فعند حدوث التوغلات والاجتياحات الصهيونية، تبدأ الأجهزة الأمنية بالانسحاب من مواقعها بدلا من التصدي للاحتلال، تاركة وراءها الباب مفتوحا للاحتلال ليفعل ما يشاء، والأدهى من ذلك كله ملاحقتها للمجاهدين والزج بهم في السجون، وتعذيبهم، وما الوثائق التي نشرت عبر وسائل الإعلام إلا خير دليل على تورط بعض الأجهزة الأمنية بجمع المعلومات عن المجاهدين وتقديمها للاحتلال، ولم تكتف تلك الأجهزة بذلك بل تسمح بدخول القوات الصهيونية الخاصة لتغتال الناشطين الفلسطينيين، وما الحادثة التي حدثت في شرق مدينة طولكرم عنا ببعيد، حيث سمحت الأجهزة الأمنية لسيارة تابعة للاستخبارات الصهيونية بالمرور عبر حواجزها بالرغم من أنها تعرف بأن من بداخلها قوات صهيونية خاصة.

وقد قادت الأجهزة الأمنية حربا شرسة على الحكومة الفلسطينية السابقة، والتي شكلتها حركة حماس بعد فوزها في الانتخابات التشريعية، وأيضا ملاحقة أبنائها، واغتيال البعض منهم، وتدمير المؤسسات الوطنية والخاصة، في حين تعجز عن تحرير الصحفي ألان جونسون المخطوف منذ عدة أيام من قبل أفراد معروفين لدى الأجهزة الأمنية، بل وربما منتسبين لتلك الأجهزة، كما وأخفقت في توفير الأمن وإطلاق سراح العديد من الصحفيين والأجانب، وآخرين خطفوا على يد حفنة مرتزقة، وحتى أنها لا تستطيع ضبط الشارع الفلسطيني من حالات الاقتتال الداخلي بين العائلات، وحالات سرقة السيارات، والمحال التجارية والمنازل.

وهنا أتساءل ما هي مهام أجهزة الأمن ، وما هو الهدف من وراء تدريب المئات بل الآلاف من أفرادها في دول العالم في حين أنها لا تستطيع ضبط الأمن داخل الشارع الفلسطيني، وأيضا لا تستطيع ولا تريد أن تحرج نفسها بالتصدي لأي اجتياح للأراضي الفلسطينية من قبل القوات الصهيونية.

وما هو الغرض من وجود أكثر من 80 ألف رجل أمن أو يزيد في حين أن أجهزة الأمن هي نفسها التي تصنع الفوضى والفلتان .

وأين مصير الملايين من الدولارات التي تصرف على الأجهزة الأمنية من أجل تطوير وتحسين أدائها وأين خريجو مواقع التدريب التي تنشأ في أريحا وهنا وهناك.

فهل سترجع الأجهزة الأمنية الفلسطينية إلى حضن الوطن الدافئ لتصبح كما يريدها شعبها؟؟ وهل ستنجح هذه الأجهزة في ظل هذا الخلل والتفتت الموجود بداخلها من إنجاز مهامها؟؟ وإن فشلت الأجهزة الأمنية من توفير الأمن للشعب فهل البديل الآخر هو إعادة صياغة وهيكلة للأجهزة الأمنية من قادة وضباط وجنود، أم بقاؤها على ما هي عليه؟؟

وأخيرا أقول..

نريد أجهزة أمنية قادرة على ضبط الأمن وإعادة الاستقرار…

نريد أجهزة أمنية بعيدة عن الحزبية والفئوية…

نريد أجهزة أمنية تسعى لمصلحة الوطن والمواطن وقادرة على أداء مهامها على أكمل وجه…

نريد أجهزة أمنية بهوية وطنية حقيقية…

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

المقاومة تصدى لتوغل الاحتلال في جنين

المقاومة تصدى لتوغل الاحتلال في جنين

جنين- المركز الفلسطيني للإعلامتصدّت المقاومة لقوات الاحتلال الإسرائيلي صباح اليوم الجمعة، بعد اقتحامها جنين وحصارها منزلا في بلدة جبع جنوبًا، شمال...