السبت 27/أبريل/2024

معلومات جديدة عن التعاون العسكري السويدي الإسرائيلي

معلومات جديدة عن التعاون العسكري السويدي الإسرائيلي

صحيفة القدس العربي اللندنية

تطالعنا وسائل الإعلام السويدية، من حين لآخر، بتسريب بعض المعلومات عن صفقات شراء أو بيع أدوات حربية مع “إسرائيل”. تتبعها تعليقات سلبية من إعلاميين أو سياسيين ومطالبات من تنظيمات غير حكومية وأحزاب لوقف تلك الصفقات ومقاطعة “إسرائيل” في المجالات العسكرية وغيرها.

اثر ذلك قمت بجمع ما استطعت من المقالات والتصريحات الإعلامية إضافة لتقرير فريد أعدته مجموعات أنصار فلسطين في السويد، يتحدث عن التآخي العسكري ما بين “إسرائيل” والسويد، ووزعته لوسائل الإعلام وأدرجته على صفحات موقعها الإلكتروني (انظر أدناه). وهنا لا بد من الإشارة بان كل ما تم جمعه هو من الوثائق التي أفرج عنها ولم تعد تحمل طابع السرية. ويبدو بأن كل ما ظهر حتى الآن لا يعدو كونه الجزء الظاهر من جبل الجليد العائم فوق الماء، وكما يقال فإن المخفي أعظم.

قبل البدء بالدراسة لا بد من ذكر بعض الأمثلة على ما ورد في الأعلام السويدي في السنوات الثلاث الأخيرة:

1- في بداية هذا العام اعترضت عضوة البرلمان السويدي بيرجيتا اولسون وهي من حزب الشعب على صفقة للحكومة السويدية لبيع أدوات عسكرية لدولة الإمارات العربية المتحدة. وقد انتقدت – ضمن مقالتين لي نشرتا على صفحات جريدة أوبسالا نيا تيدنينج السويدية، ومجلة الحرية الأسبوعية العربية – البرلمانية على موقفها وموقف حزبها من التعامل المزدوج، حيث إنها لا تعترض على شراء أو بيع المواد الحربية من وإلى “إسرائيل”.

2- في ربيع العام الفائت أعلن مفتش الطيران الحربي السويدي السيد يان اندرشون بأن السويد لن تشارك في المناورات العسكرية التي ينظمها ويديرها حلف الناتو بالتعاون مع روسيا على الأراضي الايطالية. وأوقف اندرشون مشاركة رجاله المائة والثلاثين وست طائرات (إف 17)، بعد أن أمرته حكومته بعدم المشاركة بسبب مشاركة “إسرائيل” في تلك المناورات. أثار قرار الحكومة السويدية هذا:

أولاً: استغراب وانتقاد رئيس الأركان السويدي السيد هوكان سيرين الذي قام بالتحضير لهذه المناورات خلال ثمانية أشهر.

ثانيا: حنق الإسرائيليين الذين استدعوا السفير السويدي في تل أبيب السيد روبرت ريدباري لتسليمه التنديد. ووصفوا السويد آنذاك وعلى لسان المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية جدعون مير، بأنها (أكثر بلد في أوروبا معاد ل”إسرائيل”). فرد عليه رئيس الوزراء السويدي السابق السيد يوران بارشون – الذي يعتبره الفلسطينيون الأكثر حباً ل”إسرائيل” – بأن الوصف الإسرائيلي للسويد غير منصف ووقح.

طرح على أثرها القسم العربي في الإذاعة السويدية تساؤلاً رفعته لبارشون هو: كيف شاركت السويد في المناورات العسكرية التي جرت عام 2005 على الأراضي الكندية وكانت “إسرائيل” مشاركة فيها آنذاك، بينما ترفض الشيء نفسه هذا العام؟ فأجاب: أن الأمر يتعلق بالجنرالات في وزارة الدفاع وأن مشاركة السويد في كندا كانت خطأ. لكن سكرتير بارشون عاد لينفي وجود أخطاء، وعزا ذلك لعدم اطلاع رئيسه على تفاصيل تفيد بأن المشاركة كانت قد جرت من قبل طيران من نوع المروحيات وطائرات النقل وليس الحربية منها. إلا أن الإذاعة السويدية أضافت في نفس الموضوع في 9/5/2006 بان الطيران الحربي الإسرائيلي كان قد شارك في المناورات الحربية التي جرت في الأجواء وعلى الأراضي الكندية في العام 2005.

3- أظهر ربيع عام 2005 تطوراً هاماً ومفاجئاً وهو قرار الحكومة السويدية باستحداث وظيفة ملحق عسكري سويدي بالسفارة السويدية في تل أبيب. ومنذئذ بدأ اللعب عالمكشوف، مما جعل المهتمين بالسلام عامة ومؤيدي الشعب الفلسطيني والمنتقدين للسياسات الإسرائيلية بشكل خاص يتابعون ما يحصل من تعاون بين السويد و”إسرائيل” في المجالات العسكرية وكان من نتائج هذه المتابعة التقرير المذكور أعلاه. ومن الجدير ذكره هنا أن السويد واحدة من أهم الدول المصنعة والمصدرة للأسلحة المتطورة في العالم كالطائرات الحربية والصواريخ المضادة للطائرات والقطع البحرية والالكترونيات المستخدمة في المجالات العسكرية.

هذا وتخضع السويد في تصديرها للسلاح وأدواته لقوانين ومبادئ صارمة شرعها البرلمان السويدي لتنطبق على الدولة المستوردة للسلاح السويدي من أهمها:

أولاً- ألا تكون في حالة حرب مع غيرها كأمريكا و”إسرائيل” وبريطانيا التي تحتل أراضي أفغانستان وفلسطين والعراق.

ثانياً- أن تطبق النظام الديمقراطي في الحكم.

ثالثاً- أن تدافع عن حقوق الإنسان الأمر الذي تخالفه “إسرائيل” ليل نهار في قتل وسجن وتشريد الفلسطينيين ونهب ثرواتهم وأراضيهم.

رابعاً- ألا تهدر مواردها المالية واقتصادها في سباق التسلح في وقت يعيش شعبها في حالة الفقر والفاقة.

بعد قراءة الوثائق التي أفرجت الدوائر الرسمية السويدية عنها فيما يتعلق بكل أنواع التعاون في المجالات العسكرية بين السويد و”إسرائيل”، يمكننا معرفة أن مجالات التعاون تجاوزت بكثير ما أظهرته وسائل الإعلام وهي:

– إن التعاون العسكري مع “إسرائيل” بدأ يتكثف بعد حرب الخليج الثانية ومخاوف “إسرائيل” من إطلاق صواريخ عراقية تحمل أسلحة بيولوجية أو كيماوية صوبها. عندها حصلت “إسرائيل” على تعاون من مؤسسة أبحاث الدفاع السويدية التي قامت بفحص الأقنعة الواقية من الغازات المصنعة في السويد إضافة لدراسة الكيفية التي يتم التعامل بها مع المصابين بالمواد المذكورة. تبع ذلك تعميق التعاون بين معهد وايزمن الإسرائيلي والمؤسسة السويدية لاختراع أجسام مضادة للأجسام البيولوجية المحتمل استخدامها.

– تبادل زيارات الشخصيات العسكرية وفي مقدمتهم رؤساء أركان البلدين. فقد ظهر في وثائق مصلحة الدولة لشؤون المواد الخاصة بوزارة الدفاع بأنه وعلى الأقل قد قام السويديون ما بين عامي 2000 و2004، بحوالي أربعين زيارة ل”إسرائيل”، من بينها زيارة شركات كينيتيكس ورافائيل إضافة للزيارات التي قامت بها الوفود العسكرية الإسرائيلية لمصانع وقواعد بحرية سويدية.

– تبادل المعلومات العسكرية السرية بما يخص الصناعات العسكرية والخبرات. والمشاركة في الدورات والندوات والبحوث العسكرية التي تفضي لنتائج تستفيد منها الآلتان العسكريتان في البلدين، كذلك التعاون في مجال تحليل المعلومات حول حالة النزاع في الشرق الأوسط، وحضور ندوات إسرائيلية تطرح فيها “إسرائيل” خبرات هامة في التعامل مع الشعب الفلسطيني المقاوم للاحتلال، وتعرض من خلالها رؤيتها للنزاع في الشرق الوسط وما تسميه بحالة التهديد التي تتعرض لها من قبل جيرانها العرب.

– استيراد وتصدير أسلحة ومواد حربية بين الدولتين حيث تبين الوثائق بان السويد قد اشترت من “إسرائيل” ما قيمته 148 مليون كرونه خلال عامي 2003 و2004. كما أن السويد باعت “إسرائيل” أدوات الكترونية للطيران التجسسي. والمشاركة في المعارض لبيع أسلحة تحمل أدوات مصنعة في البلد الآخر، كأدوات التوجيه في الطيران وأجهزة التشويش للرادارات وغيرها، كما حدث في معرض الطيران الحربي الذي أقيم في باريس عام 2004.

– التعاون في مجال البحوث المتعلقة بالطب الحربي. فقد قام الأطباء السويديون الحربيون من خلال مشاركاتهم في “إسرائيل” في دورات تعليمية بما يخص تأثير ما يسميه الإسرائيليون بالرصاص المطاطي علي البشر. وهي رصاصة نواتها كتلة كروية معدنية يغلفها غشاء رقيق من المطاط وهي قاتلة في كثير من الحالات.

– خلق وظيفتي ملحق عسكري في كلا البلدين لتسهيل التعامل في البيع والشراء والزيارات وتبادل المعلومات، بعد أن كان للسويد ملحق عسكري واحد في المنطقة مركزه أنقرة في تركيا كان يقوم سابقاً بتيسير التعامل مع “إسرائيل” أيضاً. وتعرف الباحثة السويدية انيكا المجارت مهام الملحق العسكري بما يلي:

أولاً- أن يتابع ويعطي حكمه على التطورات العسكرية والعامة التي تؤثر في أمر الدفاع بشكل عام.

ثانياً- أن يمثل السلطات السويدية في مسائل الشراء والبيع للمواد والخدمات.

ثالثاً- أن يتعاون في تسهيل عملية الزيارات للسويد من قبل ممثلين للسلطات العسكرية من البلد التي يعمل على أرضها.

رابعاً- أن يحضر ويبلغ معلومات يطلبها رئيس الأركان حسب حاجات استخباراتية.

– وافقت الحكومة السويدية علي منح سلطة الدفاع عقد اتفاقية حماية أمنية دفاعية مشتركة بين البلدين وذلك في شهر أيلول (سبتمبر) عام 2000، الأمر الذي يظهر مدى الثقة العالية بينهما.

استنتاجات:

– القوانين السويدية تتحدث عن منع التصدير فقط لدول مثل “إسرائيل”. أما في مجال الاستيراد من إسرائيل” فيتم تبريره أما بعدم وجود قوانين تمنع ذلك أو أن “إسرائيل” لم تتعرض لعقوبات من المجتمع الدولي تلزم السويد بمعاقبتها!

– التعاون العسكري مع “إسرائيل” يحمل طابع السرية التامة، مما لا يسمح للإعلام، رغم قانون العلنية والشفافية، بمعرفة الحقائق كاملة.

– التناقض في المواقف بسبب عدم الوضوح بين ما يعرفه المسؤولون العسكريون مقارنة بما يعلمه المسؤولون السياسيون إضافة لمواقف المنظمات غير الحكومية في السويد.

– الازدواجية الرسمية في التعامل في المجال العسكري، حيث تسمح الحكومة بالتعاون مثلاً مع “إسرائيل” في البيع والشراء للسلاح ومكوناته، في حين لا تسمح حتى بالتفكير بمثل هذا التعاون مع السلطة الوطنية الفلسطينية.

وهنا يحضرني حوار قصير جرى بيني وبين وزيرة الخارجية السابقة السيدة أنا ليند، حيث انتقدت الوزيرة العمليات الاستشهادية الفلسطينية وأنها تطال مدنيين. فأجبتها: ألا تصيب الضربات الإسرائيلية المدنيين الفلسطينيين!؟ أليس من حق الفلسطينيين الواقعين تحت الاحتلال أن يدافعوا عن أنفسهم بالطرق المتاحة لهم، وهذا ما تبرره القوانين السويدية للسويديين في حال وقعت السويد أو أجزاء منها تحت أي احتلال؟ وهل تجرؤ السويد في هذه الحالة أن تبيع السلاح الدفاعي للفلسطينيين ليقوموا برد الاحتلال عنهم، وعندها لا حاجة للفلسطينيين أن يسافروا إلى تل أبيب لضربها؟ فقالت بأنها لا تعرف بأن السويد تشتري أو تبيع مواد حربية ل”إسرائيل”!!!

– يتم التعاون العسكري السويدي الإسرائيلي أحياناً عبر طرف ثالث مثل فرنسا وألمانيا.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات