الجمعة 10/مايو/2024

السيادة.. خلاصة المشهد المقدسي

السيادة.. خلاصة المشهد المقدسي
يؤكد لنا الباحث المقدسي د. نظمي الجعبة أستاذ التاريخ الفلسطيني “ان الحفريات الاسرائيلية في باب المغاربة انما هي بمثابة إعلان تقاسم السيادة على الحرم القدسي مع المسلمين ، كما يطمح اليهود إلى الكشف عن بوابة باركلي المخبأة تحت التلة المذكورة ، وهي تقود إلى مسجد البراق داخل الحرم على بعد أمتار من باب المغاربة ، وهذه البوابة كما يدعى في التراث اليهودي التوراتي هي إحدى بوابات الهيكل التي تعود حسب اعتقادهم إلى فترة هيرودس وجرى اكتشافها في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ، وقد سميت وقتها باسم القنصل الأميركي في ذلك الوقت ـ عن الايام الفلسطينية 2007 ـ 2 ـ 11”.

لذلك نؤكد بدورنا انه حينما يعلن وزير الامن الداخلي الاسرائيلي آفي ديختر للقناة العاشرة للتلفزيون الاسرائيلي ـ يوم السبت 2007 ـ 2 ـ 10 قائلا: “لا يجب ان نخاف من تهديدات العرب والمسلمين ويجب ان نواصل عمليات الحفر في باب المغاربة ، وعلى العرب ان يعرفوا انهم لا يخيفوننا ، فمجرد ان يشعروا بذلك وانهم قادرون على ردعنا واخافتنا فتلك كارثة لاسرائيل” ، فان هذا التصريح يبلغ ذروة التحدي والاستخفاف بالعرب والمسلمين في كل ما يتعلق بالمدينة المقدسة، وحينما يواصل ديختر مؤكدا :”ان إسرائيل تنفذ أعمالا في منطقة تحت سيادتها ، ولسنا بحاجة للتنسيق مع أحد..وان الرصيف المؤدي الى باب المغاربة هو خارج جبل الهيكل (الحرم القدسي) وان اعمال الحفريات ستستمر لأكثر من عام لأنه حتى الآن نحن في مرحلة التنقيب عن الآثار في الموقع قبل بدء اعمال البناء” ، وحينما يعتبر أولمرت من جهته “ان الأعمال في الحرم القدسي تجرى في منطقة تخضع لسيادة إسرائيلية كاملة.. ـ عن الوكالات وعرب 48 2007 ـ 2 ـ 11” ، فان رسالتهما تكون واضحة تماما بان ما يجري في القدس وتحت الحرم القدسي الشريف انما هي مسألة سيادية اسرائيلية وان لا علاقة للعرب والمسلمين بها، وان القصة في الحصيلة هي قصة صراع على السيادة والسيطرة وليس صراع ولاية دينية فقط على القدس، ولكن ورغم ذلك يبدو أن رسائل الاستغاثة التي ترسلها إدارة المسجد الأقصى ودائرة الأوقاف الإسلامية ومؤسسة الأقصى واهل القدس لم تصل بعد إلى الدول العربية والإسلامية ، فالأخطار ما زالت تحدق بأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.

ونتابع ايضا : وفق احدث المعطيات والتطورات المتسارعة الجارية على ارض المدينة المقدسة فان العناوين الكبيرة للمشهد المقدسي في الآونة الاخيرة هي: ان الاحتلال يشن في هذه الايام اوسع هجوم تهويدي جارف على القدس والمقدسات بغية اقتناص اللحظة الفلسطينية والعربية الراهنة وصولا الى اخراج القدس من كل الحسابات..

وإن ما يجري على أرض المدينة المقدسة انما هو صراع حقيقي ضار ومحموم ليس حول الأرض والمساحات والعقارات والاستيطان والميزان الديموغرافي فقط..
وإنما حول ما يترتب على ذلك في مسألة الهوية والسيادة والمستقبل”..
فالقدس هي التاريخ والتراث والدين والحضارة والسيادة والحاضر والمستقبل.

والواضح الملموس أن سلطات الاحتلال توظف كل طاقاتها وإمكاناتها و أجهزتها وأدواتها وتنظيماتها المحتلة وصلاحياتها الإدارية والسياسية والعسكرية والأمنية في خوض هذه الحرب الدائرة في القدس حول هويتها والسيادة عليها. لقد وصفت مصادر فلسطينية ما يجري على ارض القدس بـ “الحرب على الوجود العربي ـ الاسلامي في القدس”كما وصف مفتي القدس والديار المقدسة ما يجري في القدس بانها مذبحة حضارية مروعة تقترف ضد المدينة المقدسة.

والمؤسف ..المحزن…المؤلم ..المغضب ..ان كل ذلك يجري على مرأى من العالمين العربي والاسلامي دون ان يحرك احد ساكنا في اتجاه التصدي على الاطلاق.

ولعل من اخطر التطورات والاجراءات الاحتلالية التي تشهدها المدينة المقدسة في هذه الايام هي تلك الحفريات العميقة المتشعبة تحت اساسات الحرم القدسي الشريف والتي يزعمون انها تهدف الى اكتشاف مكان الهيكل اليهودي الثاني تمهيدا لبناء الهيكل الثالث ، وهذه التصعيد الاسرائيلي ليس اعلاميا او تكتيكيا او تضليليا وانما يأتي في سياق خطر احتلالية شيطانية تهدف الى احكام السيطرة والهيمنة الالاسرائيلية على المدينة المقدسة الى ابد الآبدين.

إذن ، يتضح تماماً أن كل هذه الاجراءات الاسرائيلية ليست صدفية ، وإنما هي تطبيق لسياسة إسرائيلية احتلالية مبيتة راسخة تكرس واقع الهيمنة والسيادة الإسرائيلية على كامل المدينة المقدسة بما فيها الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية ، وتسعى لاضفاء البعد الديني اليهودي والصبغة الدينية اليهودية على القدس باعتبارها”مدينة الآباء والأجداد”لديهم ، وباعتبارها مدينة يهودية الطابع والواقع … ، وما الحفريات الأثرية المحمومة المسعورة إلا في هذا الإطار وهذا البعد تحديداً.
فهل تحمل كل هذه المعطيات والوقائع معها احتمالية ترجمة النوايا والمخططات الإرهابية اليهودية بهدم الأقصى وبناء الهيكل المزعوم على أنقاضه؟
يمكننا بالتأكيد ليس فقط أن ننفي هذه الاحتمالية ، بل أن نؤكدها استناداً إلى جملة من القرائن والمعطيات الموثقة حتى في مصادرهم.

فاليهود – بأجهزتهم وتنظيماتهم وأطيافهم السياسية المتشددة والعنصرية على وجه التحديد يسابقون الزمن لهدم الأقصى ، إذ”يعتقدون أن دورة جديدة من التاريخ اليهودي على وشك أن تبدأ ، أنها دورة”ملك السلام”الذي سيتخلص من كل أعداء إسرائيل ، وهذا المنتظر من عالم الغيب يستلزم قدومه تهيئة عالم الشهادة مثل إقامة الدولة وقد تم لهم ذلك ، وتوحيد العاصمة وقد حصل ، وتجهيز منبر الدعوة وموضع القبلة وهو ما يجهدون أنفسهم في سبيل تحقيقه باعتباره مهمة الوقت وضرورة العصر – ويقصد الهيكل – صحيفة السبيل الأردنية – “.

في ضوء كل هذه التطورات الخطيرة التي باتت تشكل تهديدا حقيقيا للقدس والاقصى المبارك نتساءل ثانية : هل نرى يا ترى تطوراً في الموقف العربي وعليه الدولي في مسألة القدس؟ وهل يرتقي التعاطي الفلسطيني وبالتالي العربي فالدولي مع ملف وقضية القدس إلى مستوى مكانة المدينة والأخطار الداهمة التي تتهددها باعتبار أنها تتهود يومياً وفي كل ساعة ومعرضة للضياع التاريخي؟

صحيفة الدستور الأردنية 22/2/2007

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

صحة غزة: حصيلة العدوان ترتفع إلى 34943 شهيدًا

صحة غزة: حصيلة العدوان ترتفع إلى 34943 شهيدًا

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قالت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، اليوم الجمعة، إن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب 6 مجازر جديدة ضد العائلات في قطاع...