السبت 27/أبريل/2024

تسارع البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية

تسارع البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية

صحيفة الخليج الإماراتية

في الوقت الذي حلم فيه المسؤولون الفلسطينيون أن تصبح غزة ألدورادو جديداً بعد انسحاب المستوطنين الصهاينة والجيش الصهيوني في صيف 2005، تحولت هذه الأخيرة إلى سجن مكشوف في العراء، ومعزول كلياً عن العالم، بما أن الحدود البحرية والبرية، والجوية، يسيطر عليها الكيان الصهيوني. فالفلسطينيون الذين يعانون من حصار مالي دولي من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على الحكومة الفلسطينية، ومن مخاطر تفجر الصراع بين حركتي فتح وحماس، لا يزالون غير متمتعين بحرية الخروج والدخول من وإلى القطاع باتجاه مصر أو إلى الضفة الغربية حيث العديد من أقاربهم وعائلاتهم وأعمالهم. كما أن الكيان الصهيوني لم يترك المعابر أمام الفلسطينيين، الأمر الذي حول قطاع غزة إلى سجن كبير.

وبالمقابل، استمر الاستيطان على أشدّه في الضفة الغربية، وتكثف أكثر خلال الحرب الصهيونية التدميرية على لبنان صيف هذا العام. وعلى مدى الشهور الستة الأخيرة، كان مستقبل المستوطنات الصهيونية في الضفة الغربية عرضة للتقديرات المتقلبة. فعند انتخابه رئيساً لحزب “كاديما” قبل ستة أشهر، قال إيهود أولمرت، رئيس الوزراء الصهيوني الحالي، إنه سوف يتبع “خطة إعادة تجميع” تسمح له بمواصلة نهج الانسحاب أحادي الجانب الذي تبناه أرييل شارون. ففي شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب، وبينما كانت المعارك مشتعلة بين حزب الله والكيان الصهيوني، واصل المستوطنون الصهاينة تطوير المستوطنات غير المرخصة في الضفة الغربية.

فمن أصل 501 مستوطنة غير مرخصة تم رصدها، شهدت 31 منها أعمالاً تطويرية، لا سيما شق وبناء طرقات، وعمليات حفر لبناء منازل جديدة متحركة أو بنايات قوية. فقد أعطت الحرب في لبنان للحكومة الذريعة التي كانت في حاجة إليها، لكي لا تقوم بإزالة المستوطنات غير المرخصة، وتطور المستوطنات الأخرى.

وحسب هذا التقرير، فإن أكثر من 3525 منزلاً هي الآن قيد البناء في الضفة الغربية، مقابل 4144 منزلاً في العام الماضي خلال الفترة عينها. وتبعاً لإحصائيات نشرتها صحيفة “هاآرتس” نقلاً عن دائرة المسجل العام للسكان، فقد ازداد عدد سكان المستوطنات في الضفة الغربية بنسبة 3.5% خلال الفترة الممتدة ما بين يونيو/حزيران 2005 ويونيو/حزيران 2006، أي ما يقارب 14000 مستوطن، يضاف إليهم 9300 من المولودين الجدد. وحسب إحصائيات وزارة الداخلية الصهيونية المنشورة في نهاية أغسطس/آب الماضي، هناك 260000 صهيوني يعيشون في الضفة الغربية، أي بزيادة 7000 قبل ستة أشهر، وهو ما يعادل زيادة بنحو 7.2%. إلى جانب هؤلاء المستوطنين، يضاف إليهم 190000 مستوطن صهيوني استقروا في القدس الشرقية، التي ضمتها “إسرائيل” في عام 1967، وحيث تستمر فيها مشاريع التوسع للمستوطنات اليهودية.

ومع بداية شهر سبتمبر/أيلول، جرت مناقصات لبناء ما يقارب 700 مسكن في ذلك القطاع، منها 348 مسكناً في معالي أدوميم، شرق المدينة المقدسة، و342 مسكناً في بيتار إليت، قرب بيت لحم. وتضم المدينة الأولى 37000 ساكن، والثانية 27000 ساكن. وفي 21 سبتمبر/أيلول الماضي أعلنت وزارة الإسكان الصهيونية أيضاً عن إجراء مناقصة لبناء 164 مسكناً في الضفة الغربية، منها 88 في آرييل، أهم تجمع استيطاني يقطنه 17000 مستوطن، منغرس بعمق- 25 كيلومتراً- داخل الضفة الغربية، جنوب نابلس. وتقول حركة السلام الآن، إن استدراج العروض بلغ 952 عرضاً، منذ بداية هذه السنة مقابل 235 من الفترة نفسها للسنة الماضية، إذ بلغ المجموع 1184 وحدة سكنية.

ويواجه الكيان الصهيوني تحدياً صعباً. فهناك جيل جديد من الصهاينة نشأ في المستوطنات ويرغب في البقاء فيها. وخلال السنوات ال 58 التي تشكل عمر الكيان، مارست “إسرائيل” السيطرة على الضفة الغربية لمدة أربعة عقود كاملة. وقال شمعون بيريز، نائب رئيس الوزراء الصهيوني وأحد مهندسي اتفاقات أوسلو، إن مشكلة المستوطنات واحدة من أصعب المشاكل التي تواجه رئيس الوزراء أولمرت وإن “من غير الممكن منع أبناء المستوطنين من بناء مساكنهم”.

“إسرائيل” غير مستعدة لإخلاء الضفة الغربية من الاحتلال والمستوطنين، بل إن الاستيطان يتوسع فيها بمعزل عن الوعود الكاذبة للحكومة الصهيونية، وفي انتهاك صارخ ل “خريطة الطريق” المقترحة من قبل الولايات المتحدة والأمم المتحدة وأوروبا وروسيا، والتي كانت تفترض إقامة دولة فلسطينية في عام 2005. ونحن الآن في نهاية 2006 من دون أن يلوح أي أفق حقيقي لهذه الدولة الفلسطينية. ولا تكمن المشكلة في غياب هذا الأفق فقط بل نلاحظ أنه لا أمريكا ولا الاتحاد الأوروبي ولا أي من الأسرة الدولية يمارس الضغوط المطلوبة على الكيان الصهيوني لدفعه للتفاوض من أجل الانسحاب من بقية الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.

وإذا واصلت “إسرائيل” سياسة تشجيع الاستيطان في القدس الشرقية والضفة الغربية، فهذا يعني أن لا أمل في تسوية أو في إقامة دولة فلسطينية، وبالتالي فإن “خريطة الطريق” تصبح خريطة بلا طريق، لأن “إسرائيل” تكون قد ابتلعت الأرض الفلسطينية وما عليها.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات