الثلاثاء 21/مايو/2024

حوارة .. حاجز الموت والإذلال الصهيوني قرب نابلس

حوارة .. حاجز الموت والإذلال الصهيوني قرب نابلس

المرور به يشكل كابوساً مزعجاً لكل فلسطيني عبَره، أو سمع عن تجارب من مرّ من خلاله، وأحياناً تكون رحلة شاقة قد تودي بحياة أو اعتقال من يعبره.

الحديث هنا ليس إلاّ عن حاجز حوارة العسكري الصهيوني المغروس في خاصرة جنوب مدينة نابلس (شمالي الضفة الغربية)، والذي ذاق عنده الفلسطينيون محاولات الإذلال على أيدي جنود الاحتلال. كما فقد العشرات من الفلسطينيين أرواحهم عند ذلك الحاجز، وسرعان ما تكون تهمهم جاهزة من محاولة مهاجمة جندي، أو محاولة طعن مجندة، إلى محاولة تهريب سلاح أو حزام ناسف ومواد متفجرة.

– بوابة الآلام والمتاعب

أمجد الطيراوي (23 عاماً) كان آخر ضحايا هذا الحاجز؛ فقد عاد إلى منزله مساء الأحد (8/10) في مخيم بلاطة للاجئين الفلسطينيين قرب نابلس، وإذ بقوات الاحتلال المتمركزة عند حاجز حواره تمنع الدخول إلى نابلس بحجة الأعياد الصهيونية، فما كان منه إلا أن حاول العبور والذهاب إلى منزله، لتناول وجبة الإفطار في شهر رمضان على مائدة العائلة، عبر طريق التفافي، وهنا لحظه جنود الاحتلال فتم إطلاق النار عليه وإصابته بشكل مباشر نال على إثرها الشهادة.

هذه لم تكن الحادثة الأولى أو الأخيرة لهذا الحاجز، فهو تسبب باستشهاد العشرات من المواطنين، منهم على الحاجز نفسه أو قرب الحاجز، أو على الطرق الالتفافية التي يضطر المواطنون إلى عبورها عند إغلاق الحاجز أو ازدحامه بالمئات وحتى الألوف من المواطنين دون السماح لهم بالمرور.

ويتسبب الحاجز كذلك بوفاة العديد من المرضى بسبب تأخيرهم على الحاجز لتفتيشهم، هذا عدا الحالات المرضية التي تتفاقم. وأحياناً يرتمي المواطنون على الحاجز ويغمى عليهم أو يرتفع ضغطهم، وتتفاقم آلامهم بسبب هذا الحاجز والذي أصبح بحق بوابة الآلام والمتاعب، أو هكذا وصفه عجوز كان يريد العبور ويراقب عن كثب.

– مزاج الجنود المتبدل

في كل يوم يسن جنود الحاجز الصهيوني سيئ السمعة، قوانين جديدة لإذلال الفلسطينيين وامتهان كرامتهم، فتارة يسمح الجنود لمن تقل أعمارهم عن خمسين عاماً بعبور الحاجز، وتارة يخفضون سن العبور إلى أربعين عاماً، وذلك عبر تفتيشهم بشكل أسرع من الشباب الذين يضطرون للانتظار عدة ساعات.

وأحياناً يقوم الجنود بإرجاع النساء وصلبهن تحت أشعة الشمس الحارقة لعدة ساعات، حيث يغمى على الأطفال وتبحث الأمهات عن قارورات الماء لتخفيض حرارتهم، فيما الجنود ينظرون وهم يضحكون. إنها حالة يؤكد الفلسطينيون أنها تنبثق عن نفوس مريضة لا تضاهيها أشد القلوب قساوة وإجراما. بل قد تقوم بعض العجائز المريضات بالتوسل إلى جنود الحاجز للسماح لهن بالمرور ولأحفادهن صغار السن الذين يصطحبنهن، فما يكون من جندي الحاجز إلاّ أن يقول “أخوره” أي ارجعي للخلف.

– كراهية وغضب لا حدود لها

ما من مواطن فلسطيني يمرّ عبر حاجز حوارة، حتى ترتفع جاهزيته وقبوله لأي عمل ضد الصهاينة، حيث يزرع جنود الحاجز الكراهية والغضب لدى كل من يعبر من هذا المكان، فيكون المواطنون ينتظرون أدوارهم للعبور، فيترك جندي الاحتلال الطابور ليتغزل بمجندة تكون معه على التفتيش، أو أحيانا يتحدث مع الشاب الذي له الدور وكأنه يعرفه من زمن بعيد، لإضافة نوع من الحنق والغضب لدى الشباب على الطابور الطويل الذي لا يعرفه إلا من يكابده.

الطالب كمال محمود (23 عاماً)، طالب في جامعة النجاح الوطنية بنابلس، من سكان مدينة سلفيت الواقعة على بعد 15 كيلومتراً من جامعته؛ يقضي إجازته الأسبوعية متنقلاً من حاجز إلى آخر لتأمين الوصول إلى بيته.

يوضح كمال، أنّ في نهاية الدوام الأسبوعي يكون الأربعاء هو الموعد المقرر لعودته إلى البيت بعد أسبوع من الغياب عن الأهل، ورغم أنّ يوم السبت هو اليوم الأول لدوامه في الجامعة؛ إلاّ أنّ الوضع لم يكن كذلك، فيوم الأربعاء غالبا لا يستطيع العبور عن الحاجز خاصة في شهر رمضان، ما يضطره وعدداً من زملائه إلى البقاء في نابلس ومغادرتها يوم الخميس صباحاً ليتمكن من الوصول إلى الأهل قبل موعد الإفطار في شهر رمضان.

وأضاف كما موضحاً، أنه يدرك صعوبة يوم السبت على حاجز “حوارة” مما يضطره للسفر يوم الجمعة مساءً للوصول إلى سكنه، مؤكداً أنّ الوضع غاية في التعقيد والصعوبة وتحديداً على الحاجز المذكور.

ويشير هذا الطالب إلى أنه اضطر في يوم من الأيام إلى الالتفاف على حاجز حوارة، وذلك لكثرة الازدحام والإذلال عنده، فذهب هو وخمسة طلاب آخرين من طريق يمر من بين كروم الزيتون الكثيفة، قرب حاجز عورتا القريب من حاجز حواره.

وعند اقترابهم من الشارع، كما يقول كمال، لاحظهم جنود الحاجز، وتم احتجازهم لساعات، والاعتداء عليهم بالضرب المبرح، ولم يطلقوا سراح الجميع، حيث تم أخذ عدد منهم إلى جهة مجهولة، وتم إطلاق سراح البقية إلى ما بعد أذان المغرب في رمضان.

ويتحدث طالب آخر من بلدة عقربا عن أنه يقوم أحياناً بالالتفاف عن حاجز حواره، ويدفع أضعاف أجرة النقل المتعارف عليها مما يشكل عبئاً مادياً كبيراً على الأهل، ويضطر إلى الاختباء بين أشجار الزيتون وانتظار سيارة أجرة عربية على الشارع الالتفافي، وهو منبطح على بطنه لئلا يراه جنود الاحتلال. ويصف هذا الطالب المنكوب بحواجز الاحتلال العسكرية؛ شعوره لحظتها وكأنه على وشك النزول لعملية ضد الاحتلال، وأنّ الشهادة تنتظره في كل لحظة، كل ذلك لأجل أن يصل إلى منزله بسلام.
 
 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات